استأثر باهتمام الصحف التونسية، الصادرة اليوم الخميس، التشكيلة الحكومية الجديدة، بينما واصلت الصحف الجزائرية إثارة موضوع مشروع مراجعة الدستور الذي أعلنته رئاسة الجمهورية مؤخرا. ففي تونس، توقفت الصحف عند التعديل الحكومي الذي أجراه رئيس الحكومة الحبيب الصيد، أمس، وشمل 13 وزارة ضمنها ثلاث سيادية كوزارات العدل والشؤون الخارجية والداخلية. وفي قراءتها للتشكيلة الجديدة، لاحظت جريدة (الصحافة) أن هذا التعديل "لا يخلو في الواقع من بصمات واضحة لأحزاب الائتلاف، وخاصة حركتي النهضة والنداء، ليصح القول أن هناك توافقا ندائيا - نهضويا" حول عدد من الأسماء. وتابعت أنه ما لم يكن متوقعا في هذا التعديل هو "تنحية" وزير الداخلية، ناجم الغرسلي، الذي سجل في الأشهر الأخيرة نجاحات واضحة خاصة بعد عملية "الكنس" التي أجراها داخل المؤسسة الأمنية، مشيرة إلى أن خروج وزير الشؤون الخارجية الطيب البكوش كان متوقعا "للخيبات الكبيرة والتصريحات المتناقضة والقرارات الاعتباطية التي ميزت عمل الدبلوماسية التونسية منذ توليه الوزارة". وتحت عنوان "وأخيرا جاء التحوير الوزاري الموعود"، كتبت صحيفة (المغرب) أنه بعد حوالي الشهر والنصف من إعلان الحبيب الصيد عن عزمه إجراء تغيير وزاري هام يعيد هيكلة الفريق الحكومي ويعطي نفسا جديدا لعمله، جاء هذا التغيير بعد مفاوضات ومشاورات ماراطونية، بعضها علني وجلها كان خفيا لمراعاة توازنات سياسية معقدة يبدو أن رئيس الجمهورية قد لعب فيها دورا هاما". ولاحظت الصحيفة أنه على مستوى الهندسة، لم يعمد رئيس الحكومة إلى تقليص عدد الحقائب الوزارية كما وعد بذلك، حيث عمل على تقسيم وزارتين (الداخلية والصناعة) لتصبح بدلهما أربع وزارات مع إضافة وزارة جديدة، ليشمل التقليص الذي تحدث عنه الصيد فقط مناصب كتاب الدولة، التي ألغيت، فيما لوحظ، سياسيا، حضور قوي ل(نداء تونس)، خاصة الشق المهيمن داخله. وقالت إن المظهر الإجمالي لهذه الحكومة أنها "أكثر سياسية من التي سبقتها"، ولكن هذا "لن يشفع لها إذ ستكون مطالبة بفاعلية قصوى أمنيا واقتصاديا (...) ولا نعتقد أن أحدا سيغفر لها أخطاءها أو فشلها إن حصل .. الحبيب الصيد يريد نفسا جديدا للعمل الحكومي، واليوم لدينا حكومة جديدة في انتظار النفس". صحيفة (الضمير) سجلت أن التعديل الحكومي شمل كل وزارات السيادة باستثناء وزارة الدفاع، وأن وزارات الداخلية والخارجية والعدل أسندت إلى شخصيات مستقلة لا تنتمي لأي حزب من أحزاب الائتلاف. وجاء في افتتاحية صحيفة (الشروق) أن "التعديل الحكومي كان واقعا لا مفر منه بعد عام من تشكيل حكومة الحبيب الصيد التي حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه في واقع تونسي صعب ووضع إقليمي أصعب (...) حيث لم تحز على الرضا الكامل من الطبقة السياسية (...) خاصة التي تجاهل عدد كبير منها حقيقة ما ورثته الحكومة من وضع كارثي في كل المجالات بعد ثلاث سنوات من الحكم اللامسؤول للترويكا". ورأت أن قضية تونس الكبرى وأزماتها لن تحل بمجرد إقالة وزير أو تعيين آخر "بل نحتاج إلى تعديل وتحوير في عقليتنا بالإقبال على العمل والقطع مع التواكل وابتزاز الدولة والثورجية التافهة والحقد المرضي العقيم والإيمان بثقافة الجمهورية والمواطنة والحداثة والإخلاص لتونس.. وقتها فقط يصبح للتحوير معنى". وعلاقة بالتعديل الحكومي، تناولت الصحف الوضع داخل (نداء تونس) الحاكم بعد إعلان أمينه العام المستقيل محسن مرزوق، أمس ، قراره تشكيل حزب سياسي جديد في مارس المقبل. وتساءلت صحيفة (الصباح) عن "السبب وراء تأجيل مرزوق الإعلان الرسمي لحزبه إلى تاريخ 2 مارس، علما أنه موعد ذو دلالات تاريخية بالنسبة للشق الدستوري على اعتباره تاريخ كشف فيه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عن حزبه الجديد"، مضيفة أن "موعد 2 مارس خيار تعبوي داخل الندائيين أنفسهم أو حتى لا يشاركوا في مؤتمر يناير الجاري (يعقده الشق الآخر في النداء الذي يقوده نجل الجمهورية حافظ قايد السبسي)، بحجة أن كل مشارك فيه هو موافق على تزكية التوريث". وفي الجزائر، تابعت الصحف أصداء كشف رئاسة الجمهورية، أمس الأول، عن مشروع مراجعة الدستور، منها صحيفة (الخبر) التي أوردت أن أمين عام جبهة التحرير الوطني (حزب النظام)، عمار سعداني، مصر على أن مشروع تعديل الدستور "توافقي"، خلافا لما تؤمن به المعارضة، وذكر في هذا السياق أن "المعارضة أعطيت لها الحماية والضمانات الكافية، من خلال منحها حق إخطار المجلس الدستوري، وهو ما حرصنا على إدراجه كمطلب في مشاورات تعديل الدستور وقد تحقق ذلك". ونشرت صحيفة (الشروق) مقالا بعنوان "دستوريون؟ أم في حاجة إلى دستور؟"، كتبت فيه أن "مسألة الدستور في آخر المطاف لها علاقة بالقيم السياسية والأخلاقية السائدة في المجتمع والدولة، أكثر مما لها علاقة بالفقه الدستوري"، مضيفة "لقد عرفنا أكثر من دستور في السابق، هل صنع ذلك منا دستوريين؟ أم معتدين باستمرار على الدستور؟". وتابعت "لطالما تأكد أن مشكلة الجزائر ليست دستورية ولا قانونية ولا حتى اقتصادية أو اجتماعية بقدر ما هي أخلاقية لها علاقة بالقيم. (...) إننا في حاجة إلى تصحيح الواقع الأخلاقي والقيمي السائد بيننا قبل تصحيح الواقع القانوني. إننا لسنا في حاجة إلى سياسيين يõدلون بتصريحات الكل يعلم أنها مجرد قناع يلبسونه لتحقيق مآرب أخرى، بقدر ما نحن في حاجة إلى تصحيح هذا الواقع من خلال تغيير نوعية الرجال والنساء الذين يõمكن أن يكونوا دستوريين بحق، ويكون لديهم التطابق الفعلي بين القول والممارسة، بين ما يõضمöرون وما يعلنون وما يõطبقون". ولاحظت صحيفة (الفجر)، بقلم مديرة نشرها، أن "تصنيف الأمازيغية لغة وطنية ورسمية أهم ما حمله مشروع الدستور(...) وهذا الأمر حتى وإن مر على برلمان فاقد للشرعية، مهم جدا ولن ينتقص من قيمة الإنجاز الذي شئنا أم أبينا سيحسب لصالح بوتفليقة الذي اعترف بشرعية النضال الأمازيغي طوال عقود". وأشارت إلى أن هذا الاعتراف "سيزعج الكثيرين، ومن بينهم من سيرفع يده في البرلمان مصادقة على هذه المادة لأنه لا يمتلك الشجاعة لقول لا"، مضيفة أن الكرة في مرمى حماة الأمازيغية الآن، وعليهم العمل على الدفع بها لتحتل المكانة التي تليق بها.