ندوة « إفريقيا: تحديات التنمية والأجندة الجيوسياسية»: الإرث الاستعماري بإفريقيا عمق أزماتها ورهن مستقبلها للصراعات    "حالة استعجال قصوى" تدفع الحكومة لمنح ترخيص استثنائي لإصلاح المستشفيات    انطلاق الموسم الفلاحي وشبح الجفاف .. المؤشرات المائية تنذر بعام صعب    سرقة مجوهرات في متحف اللوفر بباريس    احتجاجات حاشدة ضد الرئيس الأمريكي    تصعيد واتهامات متبادلة بخرق الاتفاق .. هدنة غزة على حافة الانهيار    ندوة «فلسطين ما بعد اتفاق السلام» : أحمد مجدلاني: خطة ترامب خطة اعتراضية لإفشال المسار الدولي الذي أعلن عنه مؤتمر نيويورك    المنتخب النسوي يواجه اسكتلندا وهايتي    "باليستينو" يهدي قميصا للمدرب وهبي    ولي العهد يترأس جائزة لونجين الكبرى    لصوص يقتحمون متحف اللوفر ويسرقون مجوهرات ملكية فرنسية نادرة    "إجراءات مُهينة" بمطارات تركيا تدفع مغاربة إلى طلب تدخل وزارة الخارجية    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. التاريخ في مرآة السينما ووجع المجتمع    لا شرقية ولا غربية... وإنما وسطية    سرقة مجوهرات نابوليون بونابرت وزوجته من متحف "اللوفر"    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    إسرائيل تتهم حماس بانتهاك وقف إطلاق النار والحركة تؤكد "التزامها" بالاتفاق    تقرير يضع المغرب ضمن أكثر الدول يسود فيها الغضب في العالم    موتسيبي يشيد بالمنتخب المغربي لأقل من 20 سنة: "لقد جعلتمونا نشعر بالفخر"    إطلاق خط بحري جديد لنقل البضائع بين طنجة وهويلفا    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    ضبط شحنة من المخدرات معدة للتهريب بساحل الحسيمة    كانت تحاول الهجرة إلى سبتة سباحة.. العثور على القاصر "جنات" بعد اختفائها    تأخر التساقطات المطرية يثير مخاوف الفلاحين المغاربة    جيبوتي تتخذ المغرب نموذجا في نشر القوانين وتعتبر تجربته رائدة    الناجي: "الاتحاد الاشتراكي" أصبح يتيما بعد وفاة الحسن الثاني وأُصيب بفراغ فكري ونرجسية سياسية عطّلت قدرته على التجديد    شبكة صحية: المصحات الخاصة تبتلع ميزانية "أمو تضامن" وتهدد استمرارية المستشفى العمومي    بعد صدور حكم بالبراءة لصالحها.. سيدة الأعمال الملقبة ب"حاكمة عين الذياب" تلجأ للقضاء الإداري للمطالبة بوقف قرار الهدم لمطعمها    5 سنوات لزعيم شبكة القروض بالجديدة .. أفرادها استغلوا هويات موظفين بالعمالة قبل حصولهم على 72 مليونا    "أشبال الأطلس" على بعد خطوة من معانقة اللقب العالمي    المدرب الأرجنتيني :نهائي مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة .."المنتخب المغربي خصم قوي وما حققه في البطولة لم يكن بالأمر الهين "    تونس توضح حقيقة منع تصدير التمور إلى المغرب    التعاضدية العامة تعتمد برنامج عمل لتقويم الأداء والرفع من المردودية    حسن واكريم.. الفنان المغربي الذي دمج أحواش والجاز في نيويورك    نهائي مونديال الشيلي.. جيسيم: "عازمون على انتزاع اللقب العالمي"    استدعاء كاتب فرع حزب فدرالية اليسار بتاونات بسبب تدوينة فايسبوكية    الجيل الرقمي المغربي، قراءة سوسيولوجية في تحولات الحراك الإفتراضي وإستشراف مآلاته المستقبلية.    نتانياهو يعلن عزمه الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    ارتفاع مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي ب 64 في المائة عند متم شتنبر في ميناء طانطان    باكستان/أفغانستان: اتفاق على "وقف فوري لاطلاق النار" بعد محادثات في الدوحة    "مرحبا بيك".. إينيز وريم تضعان بصمتهما الفنية في كأس العالم النسوية بالمغرب    بعد توقف ثمانية أيام.. حركة "جيل زد" تستأنف احتجاجاتها في أكثر من مدينة وسط أجواء سلمية    الصحافة الأرجنتينية: قيمة فريق "التانغو" تفوق خمس مرات "أشبال الأطلس".. لكن الحسم سيكون فوق العشب    نتنياهو: معبر رفح بين غزة ومصر سيظل مغلقا حتى إشعار آخر    انتقادات تطال وزيرة المالية وسط صمت حكومي وتأخر في عرض مشروع قانون المالية على الملك    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    انتقاء أفلام المهرجان الوطني للفيلم.. جدلية الاستقلالية والتمويل في السينما    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    ارتفاع المداخيل الجبائية إلى 258 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما غيّر أينشتاين نظرة الإنسانية إلى الكون قبل 111 سنة
نشر في هسبريس يوم 24 - 07 - 2016

يحكى أن العالم ألبرت آينشتاين عندما قابل الممثل الكوميدي شارلي شابلن، قال: "إن أكثر شيء أحبه في فنك أنه فن عالمي يمكن لكل العالم أن يفهمك دون أن تقول كلمة واحدة"، فرد شابلن: "هذا صحيح، لكن شهرتك أعظم، فكل العالم يحبك، رغم أنه لا أحد يفهمك"!
لعل أغلب قراء هسبريس سمعوا بألبرت أينشتاين، لكن قليل من يعرف لمَ هذا العالم دون باقي العلماء اكتسحت شهرته جميع الأوساط حتى تلك غير المهتمة بالفيزياء. في هذا المقال سنحاول تقريب القراء الكرام من فهم الأفكار التي حولت شابا ألمانيا من موظف بسيط في مكتب تسجيل براءة الاختراعات السويسري إلى أشهر عالم عرفه تاريخ البشرية.
1905 كانت سنة خالدة في تاريخ الفيزياء وفي حياة الشاب ذي الست وعشرين ربيعا ألبرت أينشتاين، ففي هذه السنة نشر هذا الشاب أربع مقالات غيّرت فهمنا للكون، وأتبث بما لا يدع مجالا للشك أنه لا حدود للتفكير البشري. واليوم وبعد 111 سنة، وبعد تطور التكنولوجيا، مازال العلماء ينبهرون بالتوافق المتناهي الدقة لنظريات أينشتاين مع التجارب والاكتشافات، وآخرها اكتشاف الأمواج الثقالية.
الضوء موجة وجزيء في الوقت نفسه
كانت طبيعة الضوء وغموضه من الأشياء التي أبهرت العالم الشاب وهو ما دفع به إلى التفكير ومحاولة فك أسراره. فقبل نشره لمقاله الأول، كان العلماء يعتقدون بأن الضوء يعتبر موجة نظرا لسلوكه الموجي، لكن أينشتاين في مقاله الأول غيّر هذا التصور بصفة نهائية وأتبث أن الضوء يتصرف كجزيء وموجة في الوقت نفسه. اكتشاف أينشتاين المثير هذا مكن من تفسير ظاهرة انبعاث الإلكترونات من المادة عند تعرضها للضوء، أو ما يسمى ظاهرة المفعول الكهروضوئي (Effet photoélectrique)، واستغرق المجتمع العلمي آنداك ما يقارب 20 سنة لفهم هذه الفكرة. أما اليوم، فاعتبار الضوء موجة وجزيء هو أساس الفيزياء الكمية.
المادة تتكون من الذرات
كون كل شيء في الكون يتكون من ذرات يعتبر اليوم حقيقة بديهية ولا يمكن أن يختلف عليها عاقلان، لكن قبل 1905 لم تكن كذلك، فسؤال وجود الذرات آنذاك كان أحد أكثر الأسئلة المحيرة، وكان بعض العلماء يؤمنون بأن المادة تتكون من جزيئات صغيرة غير قابلة للتقسيم، ولكن لكون هذه النظرية ضعيفة البرهان كان أغلب المجتمع العلمي لا يتبناها، فكان لمقال أينشتاين الثاني الذي نشر في ماي 1905 كلمة الفصل، فأثبت بشكل قاطع كون كل شيء في الوجود يتكون من ذرات متناهية الصغر، وفسر بذلك التجربة البراونية؛ وهي تجربة قام بها عالم النباتات الاسكتلندي روبرت براون عام 1827، وذلك بوضع جزيئات رحيق الأزهار في الماء وقام بملاحظتها بالمجهر، فتبين له أنها تقوم بحركة عشوائية متواصلة، سميت هذه الحركة بعد ذلك بالحركة البراونية (Mouvement brownien) وبقيت بدون تفسير 78 سنة إلى أن قام أينشتاين بدراستها رياضيا ووضع لها معادلات تصف حركة الجسيمات البراونية.
سرعة الضوء ثابتة
تواصلت مفاجئات العالم الشاب ألبرت، فظهر مقاله الثالث في يونيو من السنة نفسها، والذي عالج فيه اللاتوافق (Incompatibilité) الموجود بين مبدأين فيزيائيين:
قانون الحركة لغاليلي الذي يعتبر أن الحركة المطلقة لا يمكن أن يكون لها وجود وأن حركة الأشياء تتعلق بالموضع الذي نلاحظها منه، فمثلا قطار يتحرك بسرعة 100 كيلومتر في الساعة بالنسبة لواقف في المحطة، لا يتحرك بالنسبة لراكب فيه ولن يحس أن القطار يتحرك إلا إذا نظر من النافذة، أما بالنسبة لراكب يتحرك داخل القطار بسرعة 5 كيلومتر في الساعة، سيراه الشخص الواقف في المحطة يتحرك بسرعة 105 كيلومترات في الساعة، وهذا ما يسمى قاعدة جمع السرعات (La règle d'addition des vitesses).
لكن في المقابل هناك النظرية الكهرومغناطيسية (La théorie électromagnétique) لماكسويل التي تصف تحرك الشحنات الكهربائية والمغناطيسية، والتي تؤكد أن هذه الشحنات تتحرك بالسرعة نفسها مهما كان موضع الملاحظ، وهذا ما شكل تناقضا بين مبدأين حير العلماء. وكان الحل الوحيد الذي سيحل الإشكال بالنسبة لأينشتاين هو اعتبار سرعة الضوء ثابتة ومطلقة مهما كان موضع الملاحظ. هذا يعني أنه لو افترضنا أن قطارا يتحرك بسرعة الضوء وبداخله راكب يتحرك بسرعة 5 كيلومترات في الساعة، فان الملاحظ الواقف في المحطة سيرى أن الراكب يتحرك بسرعة الضوء وليس بسرعة الضوء زائد 5 كيلومترات في الساعة. هذا ما بنيت عليه النسبية الخاصة أو المقيدة (Relativité restreinte). واليوم يستعمل اكتشاف أينشتاين في عدة مجالات من مسرعات الجزيئات إلى نظام تحديد المواقع العالمي "GPS". نتجت عن نظرية النسبية الخاصة نتائج غير بديهية وصعبة الاستيعاب بالنسبة لمعظم الناس وتم التحقق منها تجريبياً، مثل تقلص الأطوال، والإبطاء الزمني، ونسبية التزامن…سنقوم بشرح هاته المفاهيم بطريقة مبسطة في مقالات قادمة.
الكتلة والطاقة هما شيئان متوافقان
لا أحد قبل 1905 كان يتصور أن الكتلة والطاقة شيئان متوافقان وأن أحدهما المادي ينتج الآخر غير المادي والعكس صحيح، لكن معادلة أينشتاين التي نشرها في مقاله الرابع جعلت المسألة بديهية اليوم.
الطاقة تساوي الكتلة ضارب مربع سرعة الضوء E=MC^2 هي المعادلة الأشهر في تاريخ الفيزياء، والتي فسرت مثلا كيف يمكن للشمس أن تنتج الكم الهائل من الطاقة الذي تنتجه، وبينت أنه يمكن للإنسان، من جهة، أن ينتج طاقة هائلة من كتلة قليلة من المادة، ومن جهة أخرى، أن بمقدوره صنع سلاح يفني الحياة على وجه الأرض.
في هذا المقال حاولنا بطريقة مبسطة وغير مفصلة شرح الأفكار الرئيسية التي نشرت عام 1905 من طرف العالم الألماني ذي الأصول اليهودية ألبرت أينشتاين، بالطبع قام بعد ذلك بنشر مقالات أخرى وأتى بمفاهيم فيزيائية جديدة ومبهرة قد نقوم بالحديث عنها في مقالات قادمة. جدير بالذكر أن جائزة نوبل لم تمنح للعالم الشاب حتى عام 1921 لأبحاثه حول المفعول الكهروضوئي.
ملاحظة: سرعة الضوء تساوي 299.792 كيلومتر في الثانية.
*متخصص في هندسة الأنظمة المعلوماتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.