فرنسا تصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد ومسؤولين سابقين لاتهامهم باستهداف صحفيين عام 2012    تصفيات المونديال.. "تيفو" مرتقب لمجموعة "السبوعة" خلال أول مباراة للمغرب في مركب مولاي عبد الله    هدية غير متوقعة من عابر سبيل        ترامب يتهم الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالتآمر ضد أمريكا    جدعون ليفي: الاعتراف بدولة فلسطين يفضح خوف أوروبا من إسرائيل ويمنحها غطاءً لمواصلة الحرب والاستيطان (نص المقال)    عزل رئيسة جماعة بإقليم بنسليمان                        توقيفات أمنية بوزان في ظروف خطيرة لمروجين لمخدرات ومؤثرات عقلية وكحول فاسدة            نحو مدونة سلوك أخلاقية للانتخابات: استعادة الرمزية السياسية في مواجهة تسليع الاقتراع    تصفيات مونديال 2026.. المنتخب المغربي يواصل تحضيراته بواقع حصتين في اليوم استعدادا لملاقاة النيجر    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    "معطلون" بالناظور يعتصمون أمام مقر العمالة احتجاجا على غياب فرص الشغل    الدار البيضاء تحتضن الدورة ال23 لمهرجان "البولفار" بمشاركة 37 فرقة موسيقية من المغرب والخارج    بريطانيا تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    اسرائيل تطلق قمرا تجسسيا جديدا قالت إنه "رسالة إلى أعدائها"    ماكرون يحذر إسرائيل بخصوص حركة الاعتراف بفلسطين    في سابقة من نوعها بالمغرب والعالم العربي... الاستقلال يعلن عن تأسيس معهد وطني للتطوع    خربوشي ومحاح في تجمع إعدادي بكيغالي استعدادا لبطولة العالم للدراجات على الطريق    اخشيشن يتباحث بالرباط مع رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشيوخ الفرنسي    الرئيس الصيني: لا سلام عالمي دون اقتلاع جذور الحروب وبناء علاقات متوازنة    كيوسك الأربعاء | إطلاق 694 مشروعا جديدا لتعزيز خدمات الصرف الصحى    كشك بساحة إيبيريا.. كان الأجدر أن يستفيد منه شاب يبحث عن فرصة شغل لا علامة تجارية تملك القدرة على الكراء    بشرى للساكنة والزوار والسياح.. جماعة تطوان تتهيئ للمصادقة على تثبيت مراحيض عمومية    الصين تسجل "الصيف الأكثر حراً" منذ بدء رصد البيانات    جبل جليدي عملاق عمره 39 عاما يذوب بعيدا عن القطب الجنوبي    جماعة إيحدادن بالناظور تودع السيدة ثريثماس سقالي فداش إلى مثواها الأخير    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر            الولايات المتحدة تعلن تحييد "قارب مخدرات" قادم من فنزويلا    "الإصلاح" تتضامن مع ضحايا الكوارث    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    غموض مستقبل حمدالله بعد رغبته في الرحيل عن الشباب السعودي    رئيس النادي القنيطري يرد على "الاتهامات الكاذبة" ويؤكد عزمه الاستقالة بعد الصعود -فيديو-    تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    أثافي الشعرية الأمازيغية من خلال كتاب «الشعرية الأمازيغية الحديثة» للناقد الأمازيغي مبارك أباعزي    الدورة الثانية لمهرجان «سينما الشاطئ» تحط الرحال بالصويرة    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    سماعة طبية معززة بالذكاء الاصطناعي تكتشف أمراض القلب في 15 ثانية        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربح البيع .. المرشد الشهيد مهدي عاكف
نشر في هسبريس يوم 28 - 09 - 2017

وخسر قتلته، وخسئ جلادوه ، وخاب خونة مصر الذين سطوا على إرادة الشعب المصري واغتصبوا كلمته، ووضعوا شرفاءه ونزهاءه والمخلصين من قادته ورواده في أغلال السجون.
ولم تستح ضمائرهم، وهم الفاقدون للضمير، أن تمتد أيديهم إلى واحد من أشرف المناضلين في مصر من أجل مصر وشعب مصر، وقد بلغ من العمر عتيا، واحترق جسده تفانيا في خدمة أنبل الغايات.
ذلكم المرشد الشهيد محمد مهدي عاكف الذي أسلم روحه لبارئها، في الفاتح من محرم الحرام، شاهدا على ظلم الغصبة، غصبة الأمة، وعلى جور الفسدة، فسدة البلاد، شهيدا قد أوفى واستوفى عهده مع الله، فحق له وعد الله الذي اشترى منه روحه. "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (111) التوبة.
مات سجينا، قد منع عنه الدواء، وهبها كانت القاضية، فكل الناس يموتون، ولكنه استشهد فارتقى وارتفع سموا وشرفا، ورفع الله له ذكره في السماء والأرض، ومات قتلته بغيظهم، وارتد عليهم كيدهم، حينما طمسهم غباؤهم وحقدهم وخوفهم، فلم يفرجوا عنه ليموت على فراش بيته، فأشرق اسمه شمسا سطعت في كل الأصقاع، وصلت عليه العرب والعجم وبكل اللغات في كل أرض الله، صلاة الغائب، وترددت كلمة الإخوان المسلمين من جديد، بكل فخارها وعزها، وبكل لغات الأرض، كما لم تذكر كلمة مثلها من قبل ولا من بعد. وانهالت اللعنات على قتلته وسجانيه، من كل أنحاء المعمور، بما سوف تظل مطاردة لهم، ما داموا فوق هذه الأرض، بل ما دامت السماوات والأرض، وإلى يوم الدين، يوم يعرضون على ربهم لا تخفى منهم خافية، وقد أحاطت بهم خطيئاتهم، ولاحقتهم الدماء التي سفكوها بالآلاف، أبرياء أصحابها وعزل مسالمون.
أسدا ضرغاما كان في حياته، وأسدا ظل إلى حين مماته، فلم يعط الدنية في دينه، ولا في وطنيته، قاتل صهاينة إسرائيل سنة 1948، عند بدء بغيهم، وتأسيس دولة بغيهم، وربى الشباب على مقاتلتهم، وقاتل الإنجليز الاستعماريين، وروّع عساكرهم في ثكناتهم، وربّى الشباب على مقاتلتهم، ودرّب طلاب مصر في معسكرات التجنيد، إلى أن اندحر المحتل وجلا عن أرض مصر، وكافح ضد الطغيان، مؤازرا ومدعما الحركة العسكرية التي لم يكن ضباطها سوى غمرا مغمورين لا يعرفهم أحد، فأصبحوا بفضل مهدي عاكف وإخوانه ورجاله، أبطال ثورة 23 يوليو 1952، عندما كان هو المسؤول عن طلاب الإخوان المسلمين، وكان هؤلاء الطلاب والشباب هم عصب حركة الإخوان الذين حموا حركة الضباط الأحرار، حتى لا ينقلب عليهم الشعب في الشوارع، وما كان أسهل من ذلك ولا أيسر، ورجال فاروق كانوا لا يزالون على تنفذهم في البلاد.
هذا الذي كافح وطنيا من أجل تحرر مصر ورفعتها، وكافح قوميا عربيا، من أجل خلاص العالم العربي، وكافح إسلاميا، ينشر لواء الحركة الإسلامية في أقطار العالم، من أجل قوة العالم الإسلامي ووحدته، هو الذي عرفته كل العهود الحاكمة في مصر سجينا صامدا، فقد ابتلعته سجون الملك فاروق مثلما ابتلعته سجون عبد الناصر والسادات رفيقيه السابقين في التنظيم الخاص للإخوان المسلمين، وكذا سجون مبارك، ثم سجون الانقلابيين الجدد على إرادة الشعب المصري وديمقراطيته الوليدة، كنقطة ضوء تلألأت في بحر السبعة الاف سنة من عمر مصر.
في حياته لم يكن المرحوم مهدي عاكف رجل نظم الأقوال ونسج الأفكار بقدر ما كان رجل المواقف ومهندس الميدان، بالحنكة في التنظيم والتأطير والتدريب، وخصوصا في أوساط الشباب، فتلك صنعته التي أتقنها دون منازع، ومهارته التي حازها عن موهبة، من يوم أن ولاّه مسؤوليتها إياها المرشد المؤسس حسن البنا، بعد أن اكتشفه بثاقب نظره، فوجّهه من تلقي علوم الفلسفة إلى تلقي علوم الرياضة.
بحنكته التنظيمية، سهر على حماية تنظيم الإخوان في السجون بهيكلته وإدارته طيلة 20 سنة من مكوثه بها، ثم ولما أفرج عنه سنة 1974، ابتعث التنظيم من جديد حتى أصبح في قوته كأن لم يضرب من قبل، بل إنه هو من أشرف على تمديد حركة الإخوان المسلمين عبر العالم، وفي القارات الخمس، بإقامة المعسكرات الشبابية والروابط والمؤتمرات، بعيدا عن التوتر السياسي مع الأنظمة وبعيدا عن التشنج المذهبي، وهو النهج التربوي الذي سار علي عليه حتى إنه قد جهز عشرة آلاف الشباب للذهاب إلى لبنان سنة 2006 لدعم حزب الله في رد العدوان الإسرائيلي المدمر لبيروت، معرضا عن تحامل كثير من الأصوات لوصم المعركة بمذهبيتها الشيعية.
رحم الله المرشد الشهيد، الذي تذكر وفاته باستشهاد القائد المفكر سيد قطب، حينما أراد قاتله عبد الناصر إقباره وأفكاره بإعدامه، فانقلب العدوان على صاحبه، إذ سطع نجم سيد قطب، وعاشت أفكاره، وعلا ذكره، بينما أفل نجم عبد الناصر وانهزم جيشه وباد نظامه، وعلى الطريق نفسها تتوهج من جديد دعوة الإخوان المسلمين بتوهج روح قائدها مشعة في الآفاق والآماد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.