حل تييري دو مونتبريال، المؤسس والمدير العام للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، ضيفاً على المندوبية السامية للتخطيط، اليوم الاثنين، في إطار لقاء نظمه مركز الأبحاث التابع للمجمع الشريف للفوسفاط، من أجل تقديم تفاصيل التقرير السنوي حول النظام الاقتصادي والإستراتيجيات لسنة 2018، المعروف اختصاراً بRAMSES. ويقدم هذا التقرير بشكل سنوي منذ ثمانينيات القرن الماضي، ويوفر للجمهور الواسع عبر العالم المفاتيح اللازمة لفك التطورات التي يشهدها العالم، ويناقش بشكل خاص مستجدات العلاقات الدولية وشرحها ومناقشها، ويقدم أفكاراً للمساعدة على فهم أفضل وأعمق للتغيرات العالمية الجارية. واختير موضوع هذه السنة حول "حرب المعلومات"؛ وذلك بناء على تحليل التطورات الدولية في الأشهر الماضية، بناءً على معالجة ثلاثة تحديات رئيسية لعام 2018، أولها الاضطراب الذي يشهده العالم وما إذا كان سيؤدي إلى إنتاج تركيبة جديدة من القوى. أما القضية الثانية فتسائل الوزن الحقيقي الذي باتت عليه روسيا اليوم بعدما عادت إلى مسرح الصراع دولياً، إضافة إلى سؤال حول ما إذا كانت المعلومة في يومنا هذا تشكل إطاراً مرجعياً للعلاقات الدولية، والتي تنتج تحديات ومواجهات جديدة. وقال تييري دو مونتبريال، في تصريح لهسبريس، إن هذا التقرير يلامس أحوال العالم في مختلف الجوانب الجيوسياسية والاقتصادية والسياسية والإستراتيجية، وأشار إلى أن حضوره لتقديم هذا التقرير في المغرب يدخل في إطار شراكة تجمع المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية مع مركز الأبحاث التابع للمجمع الشريف للفوسفاط المعروف بOCP POLICY CENTER. وأضاف تييري دو مونتبريال، في التصريح ذاته، أن تقرير RAMSES يتناول عدداً من القضايا الدولية، أهمها التعاظم المتزايد لدور روسيا دولياً، إضافة إلى ما يشهده الشرق الأوسط من تطورات مهمة ومتسارعة، ومواضيع تهم التكنولوجيات الحديثة التي غيرت بشكل كبير نظم العالم وأثرت على العلاقات الدولية. من جهته، قال فتح الله ولعلو، الباحث الاقتصادي وعضو مركز الأبحاث والدراسات التابع للمجمع الشريف للفوسفاط، إن هذا التقرير يبتكر سنوياً عدداً من الأفكار، وأشار إلى أن فكرة النسخة الجديد من هذا التقرير تتمحور حول فكرة "العالم المتقلب" الذي فقد بعض التوجهات التي كان يتحكم فيها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وأضاف الوزير الاتحادي الأسبق أن هذا التقلب يتجلى في ما يحدث في عدة مناطق من العالم، سواء في آسيا أو الشرق الأوسط، وما يحدث أيضاً في المجال الاقتصادي، وخاصة ظهور إمكانيات للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية التي عرفها العالم سنة 2008. وزاد ولعلو: "طبعاً نحن كبلد مغربي، مغاربي ومتوسطي ولديه جذور إفريقية، معنيون، لأننا مساءلين من طرف الجميع أمام كل هذه التحولات، وخاصة نقط الاستفهام الكثيرة حول العالم، وهو ما يحاول التقرير السنوي الإجابة عنه"، وقال إن المغرب مطالب أمام هذا الأمر بتقوية مواقعه إفريقياً ومتوسطياً لكي تكون لنا القدرة على التأقلم وعلى استيعاب التحولات الجارية حالياً في إطار اللااستقرار. من جملة الأفكار التي أوردها تييري دو مونتبريال من خلال تقديمه للتقرير إشارته إلى أن ما يشهد العالم حالياً تغير مثل الذي عاشه العالم نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين، خصوصاً تأكيد الصين كقوة وصية من خلال مواردها التمويلية الضخمة، من قبيل مشروع طريق الحرير الجديدة، ما يجعل الولاياتالمتحدةالأمريكية تعيد النظر في مواقفها وعلاقاتها مع العالم، وتعاظم دور روسيا على الساحة الدولية وبروز ظاهرة ترامب على رأس الإدارة الأمريكية. أما بخصوص موضوع حرب المعلومة وكيفية مساهمتها في إعادة تركيب العلاقات الدولية، فيشير التقرير إلى أن الإنترنيت يعزز عدم اليقين في العالم المعاصر، إذ قال إن المراقبة الشديدة للاتصالات الخاصة والهجمات الإلكترونية على الشركات ونشر الأخبار الزائفة والخوف من التلاعب في نتائج الانتخابات كلها أمور تساهم في عدم اليقين. تحديات كثيرة رصدها التقرير لمجموعة من الدول من بينها المغرب، إذ أشار إلى أن إفريقيا أصبحت هدفاً للمملكة، وهي مساهمة للباحث في الاقتصاد العالمي الجزائري أكرم بلقايد. كما يسائل التقرير علاقة دونالد ترامب مع دول الشرق الأوسط وإيران، ومستقبل تركيا بناء على مآل سوريا، إضافة إلى هشاشة كردستان العراق الساعي إلى الانفصال.