الملك يهنئ رئيس القمر بالعيد الوطني            مشروع طرقي ضخم لتحسين الوصول إلى ملعب الحسن الثاني ببنسليمان    الدوحة تستضيف "حماس" وإسرائيل    الحوثيون يقصفون مطار "بن غوريون" في إسرائيل    حكيمي يواصل التألق بمونديال الأندية    درجات الحرارة تواصل ارتفاعها بالمنطقة الشرقية اليوم الأحد    احتفالات عاشوراء تحول ساحات وشوارع سلا والدار البيضاء إلى مظاهر فوضى واشتباكات مع الأمن(فيديو)        الملك يهنئ رئيس الرأس الأخضر ويؤكد حرصه على تعزيز التعاون الثنائي    ميسي يقود إنتر ميامي إلى فوز كبير في عودته إلى الدوري الأميركي    باتريس موتسيبي: نسخة المغرب 2024 من كأس إفريقيا للسيدات ستبقى خالدة في الذاكرة    منتج الكبّار .. تعاونيات تبدع طرقا جديدة للتثمين وأقاليم تتلمّس الطريق    50 قتيلا بفيضانات تكساس وعمليات بحث عن 27 فتاة مفقودة    "حزب الله" يرفض التخلي عن السلاح    احتفالات عاشوراء تتحول إلى ساحة شغب ومواجهات مع القوات العمومية    "حزب سانشيز" يمنع أعضاءه من الاستعانة بخدمات بائعات الهوى    "الطعريجة".. رمز متجذر في احتفالات المغاربة بعاشوراء    القمة السابعة عشرة لدول البريكس: تكتل متنامٍ وخيار بديل    المغرب يراهن على مليون سائح صيني بحلول 2030    في حوار مع الدار.. الخبير الدولي الصيني برنارد سوك: الصحراء أرض مغربية    إشهار ترويجي لشركة المراهنات "1xBet" يُظهر خريطة المغرب مبتورة على القناة الرياضية يثير الجدل (صورة)    تخريب شبكة المياه يتسبب في احتمال إغلاق المسبح البلدي بمكناس    المؤسسات والمقاولات العمومية.. زغنون يدعو إلى حوار إستراتيجي بين القطاعين العام والخاص    فيلدا: واجهنا منتخبا قويا يضم لاعبات متميزات وسنعمل على تصحيح بعض الأخطاء    القهوة تكشف سرا جديدا.. "إكسير الشباب" يعزز صحة الأمعاء ببكتيريا نافعة    وزارة الشباب تؤكد ضمان صحة وتغذية آلاف المستفيدين من مخيمات الصيف    بومداسة يوقع "إثنوغرافيا الدرازة الوزانية"    الهيمنة المسمومة .. كيف دفعت الصين ثمناً باهضاً للسيطرة على المعادن النادرة    شجار بين سكارى داخل محل خمور يُفجر غضب سكان حي بشارع مولاي الرشيد بطنجة    كارثة رقمية محتملة .. ثغرة خطيرة تهدد آلاف المواقع المغربية    مدينة الحاجب تحتفي بعيد العرش في سهرة فنية بمشاركة Mos Kadiri    مؤشر مازي يسجل ربحا بنسبة 0,94 في المئة    باريس سان جرمان يهزم بايرن ميونيخ ويبلغ نصف نهائي مونديال الأندية رغم النقص العددي    كأس إفريقيا للسيدات (المغرب 2024).. تعادل مثير بين المنتخب المغربي ونظيره الزامبي (2-2)    رفع اللواء الأزرق بميناء مارينا سمير وأربعة شواطئ تابعة لعمالة المضيق-الفنيدق    بيان تضامني مع المعتقلة سعيدة العلمي صادر عن هيئات ومنظمات حقوقية وسياسية في أوروبا الغربية    نداء من أجل تأسيس مجلس مغاربي للثقافة موجه إلى وزراء الثقافة المغاربيين        الوعي الزائف:رسالة إلى امرأة تسكنها الأوهام!    إخلاء طائرة رايان إير في مايوركا بسبب إنذار كاذب وإصابات طفيفة بين الركاب    غويركات يرثي محمد بهضوض.. "الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم"        عبد الله العروي: اسْتِبانَة    "الحرب بوسائل أخرى": رواية عن السلطة والحب والإدمان    السلطات تمنع عروض الهواء الطلق في "الليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان" وتثير استياء المنظمين    الملك يبعث تهنئة إلى الرأس الأخضر    جامعة محمد السادس تشارك في ابتكار جهاز ينتج المياه العذبة من الهواء دون مصدر طاقة خارجي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزلزال السياسي للملكية الثانية
نشر في هسبريس يوم 30 - 10 - 2017

بإعفاء الملك محمد السادس لعدد من الوزراء والمسؤولين السامين والسياسيين الذين أينعت رؤوسهم في تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمالية وحان قطافها في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، في سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ السياسي المغربي، تكون دولة القانون والمؤسسات قد صكت شهادة ميلادها الديمقراطية والحقوقية في ظل الملكية الثانية التي يختلف نمط وأسلوب تدبيرها للحكم عن الملكية الأولى، سواء على مستوى تدبير السياسات العمومية أو على مستوى التواصل السياسي بينها وبين المواطنين. وعلى هذا الأساس استطاع النهج الملكي الجديد أن يوازن بين المقبول والمنطقي من المحاولات النظرية لعلم السياسة والدين والفلسفة والاقتصاد والتدبير، ثم الممارسة اليومية لنظام الحكم طبقا لجوهر الحكامة الديمقراطية الجيدة والتدبير العمومي الرشيد.
إن مسألة الإعفاء هاته هي جوهر نظرية المفهوم الجديد لربط المسؤولية بالمحاسبة التي أراد من خلالها الجالس على العرش توطيد ركائز الدولة المدنية الحديثة القوية بسيادة الحق والقانون، ما يعطي للملكية في المغرب دلالة جديدة تنسجم مع طموحات الشعب عبر الانتقال من الممارسات التقليدية الكلاسيكية إلى التفاعل مع المستجدات ومتطلبات التغيير؛ فالمقاربة الجديدة التي تبناها الملك حول ربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال الإطاحة برؤوس كبيرة قامت على أسس قانونية ودستورية في احترام تام لضوابط الوثيقة الدستورية التي أجمع المغاربة على اعتمادها وتبنيها في تدبير الشأن العام الوطني؛ كما قامت على تخطيطات واقعية وأبحاث دقيقة وتحقيقات ميدانية قامت بإنجازها مؤسسات دستورية مشهود لها بالخبرة والكفاءة والمهنية، وهي عملية ديمقراطية متأصلة في التدبير تؤسس لثقافة جديدة هدفها الأساس التجاوب أكثر مع نبض الشارع وطموحات الشعب والإنصات لهمومه وقضاياه، ثم إشراكه في التدبير طبقا للمقاربات المعترف بها دوليا في هذا المجال.
فالملك مسؤول أمام الله وأمام التاريخ عن هذا الشعب الذي أجمع كله على التشبث بالمقدسات الوطنية والتضحية في سبيلها، والمجسدة لشعار الله الوطن الملك. ومن ثمة فتأهيل القوانين والمؤسسات وحماية الأمة وصون حقوقها وكرامتها من لصوص المال العام وعبث العابثين يرتبط وجوبا بتغيير سلوك وعقلية الحاكم لبلوغ الأهداف وتحقيق الغايات التي ينشدها المجتمع المغربي. والحقيقة بالنسبة لنا كجيل عاش بداية زلزال سياسي غير مسبوق في عهد حكم ملك يشهد على جرأته وحكمته الجميع هي أن عملية الإطاحة بمسؤولي تدبير الشأن العام الوطني توثق لنقطة تحول كبيرة في تاريخ المغرب السياسي، عناوينها البارزة الجدية والحزم والعزم وفرض المزيد من الصرامة للقطع مع أساليب التهاون والتلاعب بمصالح المواطنين وهمومهم، والتأسيس لأسلوب جديد للانخراط في الجهود الوطنية التنموية بكل صدق ومسؤولية لتغيير هذا الوضع.
بعيدا عن الاعتبارات السياسوية أو الحزبية اللقيطة فالوطن ملك للجميع ومن حق كل المغاربة أن يستفيدوا من التقدم ومن ثمار النمو.. إنه موقف شجاع وقرار جريء من ملك أراد لوطنه ومواطنيه التجرد من الذاتية الضيقة والأنانية الحزبية وخدمة الصالح العام وسيادة القانون والمؤسسات، بإعلان مسيرة جديدة وفق إستراتيجية محكمة قوامها الحكامة الدستورية والسياسية والحكامة الترابية وتدعيم اللامركزية والنهوض بقضايا الأمة والدفاع عن حوزتها في دائرة حدودها الحقة، مع إعادة إحياء الروابط الاجتماعية بين الدولة والمجتمع. إنها ثورة هادئة وطموحة لبلد اسمه المغرب وملك اسمه محمد السادس الذي تنبأ بثورته وزلزاله السياسي الوزير الأول في حكومة التناوب التوافقي في حوار أجرته معه جريدة لوفيكارو الفرنسية عندما قال: "...إن هذا الملك يعرف أكثر من غيره قيمة وطنه..إن هذا الملك الشاب سيفاجئكم، سوف ترون".
*أستاذ جامعي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.