في فبراير الماضي، قال امحند العنصر، الأمين العام الحالي لحزب الحركة الشعبية، إنه لن يترشح نهائياً لولاية جديدة على رأس "السنبلة"، ولو تم تغيير القانون الداخلي أو تعديله على مقاسه للخلود في مقعده، معللاً ذلك بالقول: "الحركة تتوفر اليوم على طاقات كثيرة ويُمكن للحركيين أن يجدوا بسهولة بديلاً عني"؛ بل إنه رفض حتى تسيير الحزب لفترة مؤقتة إلى حين التوافق على زعيم جديد. لكن الرجل سرعان ما خالف وعده. إعلان ترشح رئيس جهة فاسمكناس لولاية تاسعة جديدة خلال المؤتمر الوطني ال13 للحركة الشعبية نهاية الأسبوع الجاري خلف موجة سخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب؛ حيث استغرب الجميع من الخطوة التي أقدم عليها العنصر الذي بلغ 76 سنة، وبعد رئاسته للحزب لثلاثة عقود، بالضبط منذ سنة 1986. واعتبر متتبعون أن العنصر تجاهل توجيهات الملك محمد السادس الذي دعا في خطاب العرش الأخير قيادات الأحزاب المغربية إلى ضخّ دماء جديدة في هياكلها، لتطوير أدائها، باستقطاب نُخب جديدة وتعبئة الشباب للانخراط في العمَل السياسي. وعاتب ملك البلاد، في خطابه، شيوخ الأحزاب قائلاً: "يتعين استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي؛ لأن أبناء اليوم هم الذين يعرفون مشاكل ومتطلبات اليوم". لكن العنصر يرى أن المغاربة فهموا هذا الخطاب الملكي بشكل خاطئ؛ إذ قال في تصريح صحافي يبعث على الاستغراب: "صحيح أن جلالة الملك دعا بالحرف في خطابه إلى استقطاب النخب وإلى الانفتاح على الشباب، لكن إذا فهمنا أن الانفتاح على الشباب مرتبط فقط بمنصب الأمين العام فأعتقد أننا أخطأنا فهم الخطاب الملكي"، بتعبيره. المحلل السياسي إدريس الكنبوري قال إن إصرار العنصر على الاستمرار على رأس حزب الحركة الشعبية للمرة العاشرة ليس فيه ما يثير المفاجأة إطلاقا، موردا: "أن نقول إن بقاء "الزعماء" على رأس الأحزاب في المغرب دليل على غياب الديمقراطية كلام لا يستقيم. ما يجب قوله هو أن هذه الأحزاب هي أحزاب قومية، خاصة بقوم معينين، وأن هؤلاء القوم لديهم رئيسهم. معنى هذا أن هذه الأحزاب عندما تشارك في الانتخابات لا تمثل أحدا، ولكن تمثل نفسها". وكتب الكنبوري: "ما عدا حزبين أو ثلاثة في المغرب، تنظم مؤتمرات حقيقية وتتم فيها انتخابات أقرب إلى الديمقراطية أقول أقرب لا توجد أحزاب حقيقية. معنى هذا حسابيا أن أكثر من 30 هيئة تفتقد صفة الحزب السياسي". وأضاف الباحث: "عندما يدعو ملك البلاد إلى تشبيب الأحزاب، ورد الاعتبار إلى الشباب، والمسؤولية الوطنية، ثم نرى هذه السلوكات لا نملك إلا الأسف"، قبل أن يؤكد أن "نسبة 90 في المائة من أوراق الأزمة بيد "النخبة" و10 في المائة بيد الدولة. الجميع يتكلم ولكن لا أحد يساعد".