قال تقرير جديد صادر عن البنك الدولي إن المملكة المغربية ستخسر نصف إمكانياتها الاقتصادية في المستقبل بسبب عدم فعالية أو ضُعف الاستثمار في مواطنيها، خصوصاً الأطفال؛ ما جعلها تحتل مرتبة متأخرة في مؤشر رأس المال البشري. وحل المغرب في هذا المؤشر الجديد للبنك الدولي في المرتبة 98 عالمياً من أصل 157 دولة، بأداء ب0.50 نقطة من أصل 1، وهي النقطة التي تعني، حسب التقرير، أن البلد بأسره يخسر نصف إمكانياته الاقتصادية في المستقبل. واعتمد البنك الدولي في قياس مؤشر الدول في رأس المال البشري على مقدار ما يمكن لطفل يولد اليوم أن يتوقع اكتسابه ببلوغه سن 18 عاماً، ويشتمل هذا القياس على البقاء على قيد الحياة، ومراحل التعليم التي سيكملها، ومقدار ما سيتعلمه، ومدى إمكانية إنهائه لدراسته وهو بصحة جيدة، ومدى استعداده لمواصلة التعلم أو العمل. وإذا ما احتسب هذا الأداء الذي حصلت عليه المملكة المغربية على مدى 50 عاماً، فإنه يترجم إلى خسارة اقتصادية كبيرة تُقدر سنوياً بحوالي 1.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وفي ما يخص احتمال البقاء حتى سن الخامسة، حصل المغرب على 0.98 نقطة، و10.6 سنوات محتملة من الدراسة. وتذيلت التشاد أسفل الترتيب في هذا المؤشر، تلتها جنوب السودان، ثم النيجر ومالي وليبيريا ونيجيريا وسيراليون وموريتانيا، فيما جاءت سنغافورة في المقدمة، متبوعة بكوريا الجنوبية، ثم اليابان وهونغ جونغ وفنلندا وإيرلندا وأستراليا، ثم السويد. واحتلت كل من تونس والجزائر مراتب أفضل من المغرب، حيث جاءت على التوالي في المرتبتين 96 و93، والشيء نفسه بالنسبة للسعودية (73)، وإيران (71)، وقطر (60)، والإمارات (49)، فيما جاءت البحرين في المرتبة 47 عالمياً الأولى عربياً. ويتألف رأس المال البشري، حسب الدراسة التي أُطلِقت خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في ماليزيا، من المعارف والمهارات والقدرات الصحية التي تتراكم لدى الأشخاص على مدار حياتهم بما يمكنهم من استغلال إمكاناتهم كأفراد منتجين في المجتمع. ويؤكد البنك الدولي في هذه الدراسة أن "إنهاء الفقر المدقع وبناء مجتمعات أكثر شمولاً من خلال تنمية رأس المال البشري يتطلب الاستثمار في البشر عن طريق توفير التغذية، والرعاية الصحية، والتعليم الجيد، والوظائف، وبناء المهارات". لكن المؤشرات العالمية مقلقة في هذا الصدد، فحوالي 56 في المائة من الأطفال الذين يولدون اليوم في أنحاء العالم سيخسرون أكثر من نصف الدخل الذي يمكنهم تحقيقه طوال حياتهم لأن الحكومات لا تقوم حالياً باستثمارات فاعلة في شعوبها لضمان أن يتمتع السكان بموفور الصحة والتعليم والقدرة على مواجهة التحديات والأزمات والاستعداد لتلبية متطلبات سوق العمل في المستقبل. وأوضحت الدراسة أن رأس المال البشري كان عاملاً رئيسياً في معدلات النمو الاقتصادي والحد من الفقر التي حققتها الكثير من البلدان في القرن العشرين على نحو مستدام، خصوصاً في شرق آسيا، وذلك جلي من احتلال عدد من دولها مراتب متقدمة. وشددت الدراسة على أهمية رأسمال المال البشري، واعتبره محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي المستدام الشامل للجميع، وأن الاستثمار في صحة الناس ومستويات تعليمهم يخلق خطاً مباشراً بين تحسين النواتج الصحية والتعليمية من جهة، والإنتاجية والنمو الاقتصادي من جهة أخرى.