يُتابع المغاربة عن كثب التطورات المتسارعة بين واشنطن وطهران، بعد اغتيال الولاياتالمتحدة للجنرال قاسم سليماني، أحد أبرز القادة العسكريين في إيران ومهندس النفوذ الإيراني إقليمياً، وهو ما يُنذر بحرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط. وبلغت حرب التصريحات بين البلدين أشدها كمؤشر وفق العديد من الباحثين على اندلاع حرب عالمية ثالثة، خصوصا بعد تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولاياتالمتحدة حددت 52 موقعا إيرانيا ستضربها إذا هاجمت إيران أي أمريكيين أو أي أصول أمريكية ردا على قتل سليماني، في مقابل إصرار إيراني على الانتقام بشدة وبخيارات واسعة. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية مع بداية التوتر المتصاعد قررت تغيير وجهة بارجة حربية من المغرب إلى الشرق الأوسط، كان من المقرر أن تشارك في مناورات مشتركة مع القوات المغربية ضمن عملية "الأسد الإفريقي". وفي ظل التحذير من جر المنطقة إلى حرب محتملة قد تكون عواقبها وخيمة على استقرار وأمن البلدان، بدت تظهر معالم الاصطفافات الدولية في حالة وقوع حرب بين أمريكاوإيران. ورغم أن المغرب يُعتبر فاعلاً محورياً في عملية استقرار الشرق الأوسط من خلال تبنيه عدة مواقف دولية تحرص على توحيد صفوف بلدان مجلس التعاون الخليجي، إلا أن سيناريو الحرب في المنطقة، إذا وقع، سيكون تأثيره لا محال على مصالح المملكة، رغم البعد الجغرافي، وهو ما قد يدفع الرباط إلى إعلان مواقف جديدة في سياساتها الخارجية. المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية تجمعهما علاقات تاريخية وثنائية قوية، ولديهما اهتمامات مشتركة في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما على مستوى التنسيق لمحاربة النفوذ الإيراني بأرجاء عدّة، بما في ذلك شمال غرب إفريقيا. في المقابل قطع المغرب علاقاته مع إيران سنة 2018، بعد اتهامها وحزب الله بدعم جبهة البوليساريو وتدريب وتسليح مقاتليها. ويرى الموساوي العجلاوي، الأستاذ بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، أن المغرب لم يصدر أي موقف رسمي تجاه التطورات الأمريكيةالإيرانية لأنه غير معني بشكل مباشر بها؛ مستدركا بأن المملكة جزء من العالم العربي الذي يمكن أن يكون بؤرة للصراع المقبل بين إيرانوالولاياتالمتحدةالأمريكية. وأوضح العجلاوي، في حديث مع هسبريس، أن المغرب لديه علاقات إستراتيجية مع دول الخليج والشرق الأوسط، وهو ما يطرح تساؤلاًت أبرزها "هل ستمس مصالح الرباط في حالة نشوب حرب حقيقية بالمنطقة؟ وهل سيسترجع المغرب كل المغاربة المقيمين في دول الخليج، خصوصا المتواجدون في دول بالقرب من الحدود الإيرانية؟". ونبه الباحث المغربي بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات إلى خطورة التغيرات التي تجري في كل من العراق وليبيا وعدد من دول المنطقة بصفة عامة؛ "وهو ما قد يدفع إيران إلى التفكير في حرب اقتصادية بتعطيل شحنات النفط عبر مضيق هرمز، ما يعني إشراك العديد من الدول المجاورة وأمريكا في مرحلة استنزاف تزامنا مع قرب انتهاء الفترة الرئاسية لترامب". ووقف العجلاوي أيضا على سيناريو تأثير تدهور الوضع الأمني في المنطقة على عودة التنظيمات الإرهابية إلى الواجهة، موردا أن "انسحاب القاعدة الأمريكية التي توجد على بعد مائة كيلومتر من شمال بغداد ينذر بعودة "داعش" والقاعدة، وهي تنظيمات لها امتدادات إثنية وتستقر في التصدعات والحروب". ولفت الخبير الانتباه إلى انعكاسات التطورات كذلك في ليبيا التي تمس دولا مجاورة للمغرب، خصوصا كل من الجزائر وتونس؛ "الأمر الذي قد يدفع الدبلوماسية المغربية إلى رسم سياسة خارجية جديدة تجاه هذه التحولات الجيوستراتيجية السريعة".