فيديوهات خلقت جوًّا من الهلع وسط المواطنين.. أمن طنجة يوقف سيدة نشرت ادعاءات كاذبة عن اختطاف الأطفال    العثور على جثث 13 عاملا بالبيرو    طنجة.. حملات أمنية متواصلة لمكافحة الدراجات النارية المخالفة والمعدّلة    ريال مدريد ينجو من ريمونتادا سيلتا فيغو    كأس أمم إفريقيا U20 .. المغرب يتعادل مع نيجيريا    الاحتفاء بالموسيقى الكلاسيكية خلال مسابقة دولية للبيانو بمراكش    احتفاء فريد من نوعه: مهرجان التوائم الدولي يجمع أكثر من ألف مشارك في جنوب غربي الصين    المغرب التطواني يحقق فوزًا ثمينًا على نهضة الزمامرة ويبتعد عن منطقة الخطر    شبكة نصب لتأشيرات الحج والعمرة    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة: تعادل سلبي بين المغرب ونيجيريا في قمة حذرة يحسم صدارة المجموعة الثانية مؤقتًا    اتهامات بالمحاباة والإقصاء تُفجّر جدل مباراة داخلية بمكتب الاستثمار الفلاحي للوكوس    تطوان تحتضن النسخة 16 من الأيام التجارية الجهوية لتعزيز الانفتاح والدينامية الاقتصادية بشمال المملكة    الدوري الألماني.. بايرن ميونخ يضمن اللقب ال34 في تاريخه بعد تعادل منافسه ليفركوزن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    جريمة بيئية مزعومة تثير جدلاً بمرتيل... ومستشار يراسل وزير الداخلية    طنجة تحتضن اللقاء الإقليمي التأسيسي لمنظمة النساء الاتحاديات    ملتقى بالقدس يشيد بجهود الملك    تحالف مغربي-صيني يفوز بعقد إنشاء نفق السكك الفائقة السرعة في قلب العاصمة الرباط    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين في محطات الوقود    وزيرة تكشف عن مستجدات بشأن الانقطاع الكهربائي الذي عرفته إسبانيا    شركة بريطانية تطالب المغرب بتعويض ضخم بقيمة 2.2 مليار دولار    المغرب يتصدر قائمة مورّدي الأسمدة إلى الأرجنتين متفوقًا على قوى اقتصادية كبرى    الأميرة لالة حسناء تشارك كضيفة شرف في مهرجان السجاد الدولي بباكو... تجسيد حي للدبلوماسية الثقافية المغربية    الفن التشكلي يجمع طلاب بجامعة مولاي إسماعيل في رحلة إبداعية بمكناس    الخيط الناظم في لعبة بنكيران في البحث عن التفاوض مع الدولة: الهجوم على «تازة قبل غزة».. وإيمانويل ماكرون ودونالد ترامب!    الطالبي العلمي يمثل الملك محمد السادس في حفل تنصيب بريس كلوتير أوليغي نغيما رئيسا لجمهورية الغابون (صورة)    "البيجيدي" يؤكد انخراطه إلى جانب المعارضة في ملتمس "الرقابة" ضد حكومة أخنوش    المغرب يطلق برنامجًا وطنيًا بأكثر من 100 مليون دولار للحد من ظاهرة الكلاب الضالة بطريقة إنسانية    الناخب الوطني يعلن عن تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة لمواجهة نيجيريا    الشرطة البرازيلية تحبط هجوما بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا في ريو دي جانيرو    إسبانيا: تحديد أسباب انقطاع الكهرباء يتطلب "عدة أيام"    المغرب يجذب الاستثمارات الصينية: "سنتوري تاير" تتخلى عن إسبانيا وتضاعف رهانها على طنجة    مصادر جزائرية: النيجر تتراجع عن استكمال دراسات أنبوب الغاز العابر للصحراء    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي جديد على غزة    الحارس الأسبق للملك محمد السادس يقاضي هشام جيراندو    العداء الجزائري للإمارات تصعيد غير محسوب في زمن التحولات الجيوسياسية    معهد الموسيقى بتمارة يطلق الدورة السادسة لملتقى "أوتار"    بريطانيا تطلق رسمياً لقاح جديد واعد ضد السرطان    توقيف 17 شخصا على خلفية أعمال شغب بمحيط مباراة الوداد والجيش الملكي    حريق بمسجد "حمزة" يستنفر سلطات بركان    "الأونروا": الحصار الإسرائيلي الشامل يدفع غزة نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة    علماء يطورون طلاء للأسنان يحمي من التسوس    المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين يعبر عن دعمه للوحدة الترابية للمغرب    نجم الراب "50 سنت" يغني في الرباط    من المثقف البروليتاري إلى الكأسمالي !    الداخلة.. أخنوش: حزب التجمع الوطني للأحرار ملتزم بتسريع تنزيل الأوراش الملكية وترسيخ أسس الدولة الاجتماعية    الشرطة البريطانية تعتقل خمسة أشخاص بينهم أربعة إيرانيين بشبهة التحضير لهجوم إرهابي    الجمعية المغربية لطب الأسرة تعقد مؤتمرها العاشر في دكار    دراسة: الشخير الليلي المتكرر قد يكون إنذارا مبكرا لارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب    وهبي: مهمة "أشبال الأطلس" معقدة    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعا عن التعليم الخصوصي
نشر في هسبريس يوم 23 - 04 - 2020

أغلبية المرتبطين بالتعليم الخصوصي في المغرب، سواء كانوا مؤسسات أو جمعيات، تعتقد أن الأغلبية الساحقة من المتحدثين عن التعليم الخصوصي يتكلمون أو يكتبون بدون معطيات، وبدون حقائق وبدون أرقام، وكذلك بدون الاستماع إلى أصحاب الشأن، بل هناك من يكتب بحقد وكراهية وبغض، هكذا لوجه الله.
وفي أحسن الأحوال، هناك من يجترّ ويعيد ترديد ما يُكتب وما يقال هنا وهناك، بدون تمحيص وبدون تحليل أو بحث أو استقراء.
المرتبطون بالتعليم الخصوصي يعتقدون أن الأغلبية الساحقة مما يكتب عن التعليم الخصوصي ينطلق من الهوى ومن النفس التي غالبا ما تكون أمارة بالسوء.
أول ما يجب الانطلاق منه، في كل تحليل سليم أو رؤية موضوعية للتعليم الخصوصي، هو استحالة اعتباره كتلة واحدة أو صنفًا واحدًا أو نوعًا واحدًا.
قبل ذلك يجب التمييز الأولي والإجباري بين مؤسسات التعليم ومؤسسات التكوين، لأن هناك من لا يميز بين التعليمين ويتحدث عن الموضوع باعتبار التعليمين شيئًا واحدًا، هذا في الوقت الذي توجد بينهمارفوارق جوهرية وعميقة، سواء في الخلق أو الانتساب أو الدراسة أو الشواهد.
محدد آخر يجب الانطلاق منه، هو أن مؤسسات التعليم الخصوصي في كليتها تتأرجح بين المدارس الكبرى، وهي قليلة معدودة، والمدارس المتوسطة، وهي مرتبة ثانية من حيث الكم والكيف، ومدارس صغيرة، وهي الأغلبية الساحقة من مدارس التعليم الخصوصي في المغرب.
إن كل تحليل أو رؤية أو دراسة أو موقف لا يعتمد على هذا الإجراء التصنيفي الأولي سيكون ناقصًا مبتورًا في أحس الأحوال، وفي أسوئها
سيكون تعديًا وإساءة للتعليم الخصوصي بدون بينة وبدون علم.
كل ذي عقل سليم يستطيع، أو هو ملزم بضرورة تصنيف المدارس في نوعين:
_ المدارس المصنفة، وهي التي بنيت على شكل مؤسسات تعليمية، وهي الأخرى فيها أصناف، من 5 نجوم إلى نجمة واحدة، المهم أنها مصنفة.
_ المدارس غير المصنفة، وهي الأخرى درجات، وإن كان هناك محدد واحد يجمعها هو البساطة، سواء في شكل البنايات أو العدة البيداغوجية أو عدد التلاميذ ونوعيتهم.
إضافة إلى هذا، تصنيف مؤسسات التعليم الخصوصي يعتمد كذلك على القدر المالي الشهري لكل مدرسة، ولوازم التسجيل والنقل المدرسي والإطعام وغير ذلك، إذ ليس هناك مقياسا واحدا يلزم سائر المؤسسات، وبالتالي تحديد هذه السومة يخضع لقوانين أخرى يختلط فيها التربوي بالبيداغوجي بالتجاري، ويحددها قانون العرض والطلب و(زوق تبيع) في بعض الأحيان.
وزيادة في توضيح الفارق الصارخ بين المؤسسات، يتحدد الواجب المالي إجمالا، لمؤسسات التعليم الخصوصي، وليس التكوين، في المغرب بين 400 درهم و4000 درهم، ولنا أن نتخيل الفرق والفارق الشاسع بين هذه المؤسسات إذا كنا نخضعها لمنطق واحد، ونضعها كلها في سلة واحدة.
ليس يخفى على المتتبعين أن وجود مؤسسات التعليم الخصوصي في المجتمع المغربي مر بعدة مراحل، وانتقل من مستويات ومراتب عدة، في غالبيتها لم تخرج عن الارتباط بالتربية والتعليم، وحتى ( أصحاب الشكارة) الذين حاولوا استغلال طفرة التعليم الخصوصي لم يستطيعوا الاستمرارية في هذا القطاع، لعدم ارتباطهم بالتعليم أو لعدم قدرتهم على التكيف مع الوسط الاجتماعي الذي يتحرك داخله القطاع.
ربما لذلك ظل نجاح التعليم الخصوصي رهين الارتباط بالتعليم بدرجة أولى، وليس بالاستثمار التجاري، مع الاعتراف بوجود تداخل بينهما، هذا النجاح مرده إلى، إما الانتساب إلى التعليم في مرحلة من المراحل، أو بالإيمان به كرسالة مجتمعية، أو الاقتناع به كمشروع تجاري نظيف، الاجتهاد والنية فيه لهما أجر واحد على الأقل.
لا يخفى على أحد كذلك، أن طفرة التعليم الخصوصي في 20 سنة الأخيرة جعل بعض المتابعين للمتغيرات المجتمعية والاجتماعية في المغرب يلتفتون إليه، إما بنقاش وتحليل ومساءلة نقدية لحاله وأحواله، أو باستقصاده وتبخيس عمله واحتقاره.
هذا مع العلم أن كل طرف من الأطراف المتابعة والمتناولة للتعليم الخصوصي تعترف بوجوده وتطوره، وتعتبر وجود تجاوزات وأخطاء وهفوات ممكنة في ممارساته، ناتجة عن الواقع الذي يوجد فيه، أو مرتبطة بعقليات وثقافة وفكر ورؤية وفلسفة أصحاب المؤسسات، والتي غالبا ما تعتبر هي المفصل في تقييم المؤسسات ونقدها وانتقادها.
اليوم، ومع بروز آفة كورونا، طفت إلى السطح قضية التعليم الخصوصي، وأصبح حديث الساعة بالنسبة للعديد من الفاعلين السياسيين والإعلاميين والفايسبوكيين، وذلك بسبب رسالة أرسلتها إحدى الجمعيات المنظمة للتعليم الخصوصي إلى رئيس الوزراء المغربي، تطلب منه الأخذ بعين الاعتبار الوضعية العامة للتعليم الخصوصي والتي تؤشر إلى وجود أزمة داخل القطاع يجب الانتباه إليها.
هذه الرسالة، بغض النظر عن وجاهتها أو اختيار التوقيت المناسب لإرسالها، أو السلطة التقديرية لكاتبها، أو استشارة المؤسسات التعليمية الخصوصية من عدمه، هذه الرسالة أحدثت زلزالا في الحقل التداولي الذي يتحرك فيه قطاع التعليم الخصوصي، وخلفت رجة عنيفة في الصورة الاعتبارية للتعليم الخصوصي داخل المجتمع، بالرغم من حسن نية الجهة التي كتبت الرسالة، وبالرغم من الاجتهادات التي تلت الرسالة، كالمساهمة في الصندوق الوطني للوباء ب 200 مليون سنتيم، جمعت من تبرعات مؤسسات التعليم الخصوصي.
في ذروة اشتعال معركة الرسالة المعلومة، تشتعل معركة أخرى، هي معركة تعويضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
في بداية الأحداث، كان هناك خلط وسوء فهم للأمور، فبلاغ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم يكن واضحا، والدولة، من خلال وسائل التوضيح والتبيين، لم تشرح الأمر للمتعلقين بالموضوع، وكل مؤسسات التعليم الخصوصي اعتقدت أنها معنية بأمر التعويض، لأنها سدت أبوابها، وبالتالي صرحت بالعاملين فيها من أجل التعويض، عن حسن نية.
التناولات التالية لهذا الموضوع، من قبل بعض المسؤولين الحكوميين المغاربة زادت في تأجيج الوضع، عندما اتهمت مؤسسات التعليم الخصوصية بتزوير تصريحات الصندوق، وأنها تطمع في أموال ليست من حقها، مفردة أرقامًا وحيثيات، بدون تمحيص أو تدقيق أو تحليل.
تصريحات المسؤولين الحكوميين هذه، حتى وهي تتراجع عن بعضها، لم تستطع الإجابة عن السؤال:
لماذا صرح التعليم الخصوصي بالعاملين فيه؟
وهل بالفعل هناك أجراء متوقفين عن العمل في التعليم الخصوصي؟
وإذا كان هناك تصريح بأساتذة التعليم عن بعد، هل يعتبر هدا جريمة تستوجب العقاب؟
الخطير في الأمر أن تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين أعطت الانطباع بأن مؤسسات التعليم الخصوصي أخذت تعويضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بغير وجه حق، لأنها استفادت من أداءات شهر مارس بدون الإعلان عن ذلك، الأمر الذي جعل المجتمع المدني والإعلام والسياسيين ينظرون إلى التعليم الخصوصي باعتباره وباء وعلة وعالة على المجتمع.
هذا في الوقت الذي لم تستفد مؤسسات التعليم الخصوصي ولم بدرهم واحد من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبشكل عام ومطلق.
لم ينتبه المتناولون لقضية التعويض، أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نبه المرتبطين به إلى أن التعليم الخصوصي غير معني بأمر التعويض، لأن العاملين فيه لم ينقطعوا عن العمل، وأنهم لازالوا يمارسون عملهم بالتدريس عن بعد.
في نفس الوقت لم ينتبه الصندوق الوطني ولا المسؤولون الحكوميون إلى أن مؤسسات التعليم الخصوصي ليست أساتذة فقط.
مؤسسات التعليم الخصوصي فهمت الرسالة، واعتبرت هذا الإجراء دعوة لها لتحمل مسؤوليتها، وأن علاقاتها المالية لها ارتباط بأولياء الأمور وليس مع صندوق الضمان.
وهذا هو الذي أدى بكثير من المؤسسات إلى مطالبة الأولياء بالأداء على اعتبار أن الصندوق لم يؤدي لمستخدميه شيئًا، وعلى اعتبار أن الأساتذة لازالوا يقومون بمهمة التدريس عن بعد.
هنا ظهر التمايز بين المؤسسات، وكل مؤسسة مارست سلطتها التقديرية مع الوضع الذي هو استثنائي بكل المقاييس، فهناك مؤسسات تعاملت بمرونة وحكمة وهناك مؤسسات تعاملت بنوع من الصرامة الزائدة الشيء الذي أدى إلى التصادم والصدام، واستغلال منصات ومجموعات التعليم عن بعد كوسيلة للمفاصلة والتهديد، إن لم يكن الابتزاز، فكانت البلبلة مع أولياء الأمور ومع الجهات المتعلقة، لتأخذ أزمة التعليم الخصوصي مجرى آخر، ولتجد المؤسسات نفسها وجها لوجه مع أولياء الأمور بدون وسيط وبدون تدخل من الدولة، في مرحلة هي استثنائية بكل المقاييس.
بناء عليه، يمكن اعتبار أصل المشكل بين الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبين مؤسسات التعليم الخصوصي هو في اعتبارها مقاولات أو شركات لا يسري عليها قانون التوقف عن العمل، الجزئي أو الكلي.
السؤال الذي يجب طرحه، بكل التجرد والموضوعية الممكنين، هو :
هل العمل توقف في مؤسسات التعليم الخصوصي أم لا؟
الجواب، نعم، توقف، ومن يعتبر أن التعليم عن بعد هو دليل على عدم التوقف تنقصه المعطيات.
وهذه بعض التوجيهات العملية التي يمكن أن تفيد في هذا المجال.
الإطار الوظيفي العام الذي تعتمد عليه أغلبية مؤسسات التعليم الخصوص يتكون من مراتب تنظم كل العاملين فيها؛
_ الإدارة (المدراء، الحراس العامون، المعيدون).
_المحاسبة.
_التدريس.
_ النظافة.
_الحراسة
_النقل المدرسي.
_ الإطعام المدرسي.
الآن، أين هم هؤلاء العاملين في مؤسسات التعليم الخصوصي؟
بدون مبالغة، وأخذا بعين الاعتبار التمايز بين المؤسسات، بين 50% و 70٪؜ من هؤلاء توقفوا عن العمل، لأن التدريس عن بعد خاص بالأساتذة وبعض الإداريين فقط.
الباقي لا يزاول أي عمل في هذه المرحلة، وهو بالتالي في عداد المتوقفين عن العمل، على الأقل بشكل مؤقت.
ننتقل إلى مسألة أخرى تتعلق بمبررات عدم التعويض، وهي أن المؤسسات الخصوصية استفادت من أداءات شهر مارس.
فيما يتعلق بهذا الموضوع، تناول هذه الجزئية يحتاج هو الآخر إلى معطيات ومعرفة بالسير العادي للمؤسسات، والعلاقة التواصلية التي تجمع إداراتها مع أولياء الأمور.
هل هناك نموذج تواصلي واحد يحدد العلاقة بين إدارة المؤسسات وبين أولياء الأمور؟
بالتأكيد، لا
لذلك يبقى التواصل مبنيًا على مزاج ولي الأمر وطبعه وثقافته ووعيه، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار منهجية عمل كل مدرسة وقانونها الداخلي الذي غالبًا ما يصطدم مع الواقع، وبالتالي تبرز تناقضات وصراعات بين إدارة المؤسسات وأولياء الأمور، تحتاج لحنكة ودراية واجتهاد للخروج بأقل الخسائر الممكنة، هذه الصراعات تصل شظاياها في بعض المناسبات إلى المديريات والأكاديميات وردهات المحاكم.
بناء على هذا التفصيل البسيط، أداء الواجب المالي لا يوجد أي محدد ينظمه، وبالتالي هو يخضع لمزاجية وظروف ولي الأمر، مهما كانت صرامة القانون الداخلي للمؤسسات.
هل هناك مدة زمنية محددة لأداء الواجب المالي الشهري؟
نعم، يوجد، ولكن السؤال الذي يجب طرحه هو، هل يحترم ولي الأمر الزمن المحدد لأداء الواجب الشهري؟
وكم هو عدد أولياء الأمور الذين يحترمون الزمن المحدد للأداء؟
حقيقة، ليس هناك معيارا محددا في هذا المجال، ولكن يمكن التأكيد أن القلة هي من تحترم المدة المحددة، الشيء الذي يجعل آجال الأداء مفتوحة طيلة الشهر.
هذا مع الأخذ بعين الاعتبار التفاوت والتمايز الممكن بين المؤسسات في هذا المجال، والتي تنبني على تصنيفها، كبيرة أو صغيرة، غنية أو فقيرة، في مدينة كبيرة أو مدينة صغيرة، وهل تؤدى الواجب المالي بالشهر أم بالدورة أمربالسنة، وكذلك على تصنيف أولياء الأمور، إلى أي طبقة اجتماعية ينتمون.
نرجع إلى السؤال المحوري.
هل أدى أولياء الأمور في المدارس الخصوصية واجبات شهر مارس؟
ليس هناك تدقيق محدد في الرقم، ولكن بإطلاقية شديدة، واعتمادا على محددات العلاقة التواصلية التي تحدثنا عنها، لا يمكن أن تصل نسبة الأداء إلى 50 في المائة، في أحسن الحالات.
في هذا السياق لابد مع الأخذ بعين الاعتبار أن الدراسة عن بعد لم تنقطع في كل مؤسسات التعليم الخصوصي، بغض النظر عن نسبة جودتها، وكذلك احترام هذه المؤسسات للمذكرات الوزارية التنظيمية المختصة بالتدريس عن بعد، وخضوعها للمراقبة من طرف المديريات الإقليمية ومطالبتها بتقارير أسبوعية إجبارية.
بعد كل هذا، الأسئلة التي لها راهنينها، والتي يجب أن تطرح هي:
أمام تنصل الدولة من مسؤوليتها اتجاه التعليم الخصوصي كشركات ومقاولات، بغض النظر عن التصنيف، أي باب يمكن أن تطرقه هذه المؤسسات؟
أمام رفض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إدخال مؤسسات التعليم الخصوصي ضمن منظومة المقولات المتضررة، ما هو مصدر دخل المؤسسات للحفاظ على وجودها؟
هل من حق العاملين في مؤسسات التعليم الخصوصي التعويض إذا كانوا مسجلين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟
ما هو المانع الذي يمنعهم من التعويض إذا كان المحدد هو الانقطاع عن العمل، دائما أم مؤقتا؟
هل المانع هو انتماؤهم للتعليم الخصوصي؟
ثم، هل سيؤدي أولياء الأمور الواجب المالي لشهر أبريل وشهر مارس إذا كان لايزال في ذمتهم؟
وإذا أدى بعض الأولياء واجباتهم، هل سيكفي ذلك لاستمرار تقديم خدمات الدراسة عن بعد؟
الكثير من الأسئلة التي يمكن أن تطرح في هذا الإطار، ولكن أغلبيتها سيظل معلقا إلى حين.
ولكن، المؤكد أن واقع التعليم الخصوصي على كف عفريت، أمام ضبابية عودة التلاميذ إلى المؤسسات.
وكل المؤشرات تسير في اتجاه غلق أبواب العديد من المدارس وإفلاسها التام إذا استمرت الأزمة.
يبقى السؤال عن مصير العدد الكبير من العاملين في مؤسسات التعليم الخصوصي، وعن مصير التلاميذ الذي هو رهين بتوقيت العودة إلى المؤسسات، ويكفي أن نعرف أن عدد العاملين في التعليم الخصوصي يبلغ ما يناهز 136 ألف عامل ينتمي لقطاع الخدمات، نسبة كبيرة جدا منهم مسجلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأن عدد تلاميذ القطاع الخاص يبلغ في مجمله ما يناهز مليون و45 ألف تلميذ، هل تستطيع الدولة التكفل بأغلبيتهم.
أين سيذهب هذا الجيش من العاملين والتلاميذ المنتمين لقطاع التعليم الخصوصي في حالة إفلاس مؤسساتهم؟
الذي يمكنه أن يلعب دور المنقذ هو الدولة، ماعداها سيكون انتظارًا لموت محقق سيصيب الأغلبية الساحقة من مؤسسات التعليم الخصوصي.
هل ستتدخل الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
الكثير من المستبصرين يعتقدون أن الوضعية العامة التي أحدثها فيروس كورونا هي مناسبة للتخلص من العبء الاجتماعي الذي أضحى يمثله التعليم الخصوصي.
وأن مناعة القطيع، لابأس عن تعم التعليم الخصوصي كذلك، وبالتالي من يستحق البقاء هو من له مناعة قوية، ويستطيع المقاومة من أجل البقاء.
هل حتى في مؤسسات التعليم الخصوصي ستطبق مقولة (البقاء للأقوى)؟
هل هذا المنطق سليم في طرحه؟
الله أعلم، أما المؤسسات وجمعيات التعليم الخصوصي، فما هي إلا مسببات، لا تعرف ماذا تخبئه لها الأقدار، ومن خلالها كورونا.
يجب أن يعترف الجميع، التعليم الخصوصي في أزمة، وأزمته حقيقة وكبيرة تحتاج لتدخل عاجل من طرف واحد هو الدولة.
غير هذا سيكون تضحية مجانية بقطاع تعليمي قدمت كثيرا من مؤسساته الوطنية الصادقة، الكثير لهذا الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.