لم تعد الاجتماعات الدّورية مع النّقابات المركزية تُغري حكومة "العثماني" التي يبدو أنّها أصبحت "مكبّلة" بأجندات حزبية وسياسية مرتبطة بالاستعداد للانتخابات التّشريعية المقبلة، والحفاظ على النسيج الحكومي الحاليّ في أفق الموعد الانتخابي. وكانت آخر جلسة عقدتها الحكومة مع النّقابات تعود إلى أكثر من أربعة أسابيع، تمحورت حول قانون "الإضراب" الذي ما زال يثير الكثير من الجدل في صفوف المهنيين، الذين يصفونه ب"الرّجعي" وبأنّه يضرب الحرّيات النّقابية ويكبّل يدَ المهنيين والعمّال. وستكون السّنة المقبلة سنة 'انتخابية' بامتياز؛ وهو ما يجعلُ أجندات الحكومة تضيقُ بسبب التزامات الأحزاب في هذا الموعد الانتخابي، وهو ما سيدخل الحوار الاجتماعي في "عطالة" طويلة الأمد، على الرغم من تشبّث النّقابات بضرورة التّوافق مع الحكومة للنّظر في الملفات العالقة. ويقول القيادي النّقابي عبد الحميد الفاتحي إنّ "الحكومة لم تعقد، منذ اتفاق 25 أبريل 2019، أيّ حوار مع النّقابات ولم تجرِ أيّ اتصالات للاتفاق حول النقاط العالقة"، مبرزاً أنّ "النقابات لم تحقق مجموعة من المطالب، أبرزها زيادة % 5 في الحد الأدنى من الأجور". واعتبر النقابي في الفيدرالية الديمقراطية للشّغل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "الحكومة استقالت من الحوار النّقابي ولم تعد هناك أيّة قناة رسمية يمكن فتح باب الحوار معها"، مبرزاً أنّ "الوضعية الوبائية زادت الوضع تأزما، حيث إنّه ليس هناك توظيف ما عدا في القطاعات الحيوية مثل الصّحة والتعليم والداخلية". وزاد الفاعل النّقابي ذاته "لقد عملت الحكومة على تسريح عدد كبير من الموظفين والعمال، وليس هناك أفق واضح للعمل والتعاون مع حكومة "العثماني"، مؤكدا أنّه "كان مفروض أن تصاغ لجنة اجتماعية تضم كافة الفرقاء الاجتماعيين والحكومة من أجل مناقشة ما تبقّى من الملفات العالقة". وعبّر النقابي عن استغرابه من عدم فتح الحكومة للحوار مع النقابات المركزية، مؤكداً أنّ "الحكومة استغلت ظروف الجائحة وتراجع النقابات وعدم استخدامها لورقة الشّارع وتمادت في المساس بحقوق العمال ومكتسباتهم، مثل الترقية والتوظيف العمومي". وكان مشروع القانون الجديد قد خلق نقاشا واسعا وخلافات حادة مع النقابات، خصوصا فيما يتعلق بتحديد الولايات في القانون الأساسي والذي سينهي خلود زعامة القياديين، وإخضاع مالية النقابات على غرار الأحزاب لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات، بالإضافة إلى تحديد التمثيلية النقابية عِوَض ترك المجال مفتوحا كما حاليا.