الجزائر والتطبيع الصامت... حين تنطق البيانات بما لا تقوله الشعارات: تبون يعترف ضمنيا بإسرائيل        واردات المغرب من الغازوال والبنزين بلغت 12 مليار درهم خلال الفصل الأول من 2025    طقس الجمعة: ارتفاع ملحوظ لدرجات الحرارة ونزول قطرات مطرية        طنجة.. نقل قاصر إلى المستشفى إثر تعرضه للسعة عقرب بطريق المنار    ماكرون يعلن أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين    قيوح:المكتب الوطني للمطارات يطمح لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات إلى 80 مليون مسافر في أفق 2030    مسؤول بوزارة العدل: 35 ألف سجين سيستفيدون من العقوبات البديلة    لماذا لا تصل إلى الغزيين مساعدات يحتاجون إليها بشدة؟        ماكرون: فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    عدد البطاقات البنكية المتداولة في المغرب بلغ 22,6 مليون بطاقة سنة 2024    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. تعيين الناميبية أنسينو توانانيكوا لإدارة المباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    انقطاع مفاجئ للكهرباء يُغرق إمزورن وبوكيدان في الظلام ويثير استياء السكان    وسيط المملكة حسن طارق يقدم تقريره السنوي: تزايد التظلمات ومطالب بتجويد البرامج العمومية    المدرسة الوطنية العليا للإدارة: بوابة المغرب لتعزيز الشراكة الأكاديمية مع الصين    سيارة الدولة في خدمة السنبلة.. أوزين يرد على موجة الغضب الرقمي    وزيرة الاقتصاد تكشف التوقعات المالية للسنوات الثلاث المقبلة… نمو ب4.5% وعجز 3%    خريطة تدعم صادرات الصناعة التقليدية    "مجموعة العمل": الضم الصهيوني للضفة المحتلة جريمة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية    المنصوري تقاضي مروجي "تسريبات"    من دخل "سور المعكازين" فهو آمن!            افتتاح ناجح لمهرجان إفران الدولي .. أحيدوس وفنانون كبار في أولى سهراته    نادية فتاح .. الحكومة عازمة على مواصلة تنزيل برنامجها الإصلاحي    ميلان الإيطالي يتعاقد مع الدولي الإكوادوري بيرفيس إستوبينيان    الحكومة تصادق على مرسوم تنظيم نشاط الإنتاج السينمائي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    الرادارات الروسية تفقد طائرة ركاب    حماس ترد على مقترح الهدنة في غزة    "غوغل" تعلن عن أرباح فوق سقف التوقعات    نتائج إيجابية في "اتصالات المغرب"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    القنيطرة.. تفكيك شبكة لتصوير ونشر محتويات إباحية مقابل تحويلات مالية    نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    صاحب أغنية "مهبول أنا" يفتتح غدا فعاليات الدورة ال11 للمهرجان المتوسطي للناظور    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف    28 لاعبا لخوض نهائيات أمم إفريقيا للاعبين المحليين    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة سيدات.. الكوكب المراكشي يتوج باللقب عقب فوزه على اتحاد طنجة    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    البرلمان البريطاني يقضي على دوري السوبر    من الأمومة إلى الأضواء.. "غالي" يعيد ماريا نديم للواجهة    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة        زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء عند حسن الظن
نشر في هسبريس يوم 21 - 10 - 2012

مثل العديد من مشاهدي التلفزيون العربي، أجد نفسي من حين لآخر مشدودة لمشهد أولئك النساء الجميلات اللواتي "يسهرن" على تقديم البرامج أو الربط فيما بينها، أولئك النساء المطلاّت علينا بابتساماتهن بين الفينة و الأخرى، من داخل المربع السحري للتلفزة: صحفيات، مذيعات أو منشطات برامج: جيش من الكائنات الجميلة والأنيقة و الأقل جمالا وأناقة.. كذلك.
فبين "المحجبة جدا" و"المكشوفة جدا" تتنوع الأزياء و"اللوكات" و تتباين، تعانق التقليعات أو تمرّ بمحاذاتها، تنسلخ عن الموضة أو تنغمس فيها، في إطار سياسة إعلامية ترى ربّما، في مظهر المذيعة الخارجي شأنا عاما يتجاوز اختياراتها الشخصية ليصبح أحد الأوجه العاكسة لتوجه القناة الإديولوجي ككلّ. و هنا يمكن أن نتذكر مثلا، كيف حققت قناة الجزيرة القطرية "السكوب" الصحفي في سباق المذيعات العربيات نحو التحوّل إلى الحجاب وكيف أثار اختيار المذيعة الجزائرية "خديجة بنت قنة" للحجاب(مع مباركة صريحة من طرف القناة) نقاشا واسعا بالإضافة إلى الترحاب الذي استقبل به هذا التحوّل من قبل عدد من "المشاهدين". كما لا زلنا نتذكر حدثا آخر سوف تعرفه نفس القناة بعد ذلك، عندما ستعلن بعض الصحفيات استقالتهن من القناة على إثر "المضايقات" التي كانت تستهدفهن بسبب مظهرهن الخارجي و عدم ارتدائهن الحجاب. ولن يفوتني في هذا الإطار الوقوف أيضا عند مخلصي (حتى لا أقول مدمني) هذه القناة من الرجال باختلاف أعمارهم و مستواهم الدراسي وعلاقة هذا "الاهتمام" الشديد ليس فقط بخط ّ الجزيرة الإعلامي بل أيضا بطلعة أولئك الحسناوات الذكيات والمحترمات اللواتي يشرقن من حين لآخر على شاشتها الفضية (ولا يمكنني أن أنسى بالتأكيد رجلا عربيا كان اسمه معمر القذافي تجاسر ذات يوم على التغزل مباشرة على الهواء بإحداهن).
بعيدا عن "التربصات" غير البريئة للمشاهدين الذكور و بعيدا عن ذوق المذيعات وملابسهن وتدخل مشغليهن المباشر و غير المباشر في هذا الذوق، لا بد أن بيننا كثيرين ممن قد يثير انتباههم منظر بعضهن و هن يأخذن شكل دمى حية جميلة يكاد يخيل لنا أنها موجهة "بريموت كونترول" الكاميرا و الأضواء و نحن نتابع تحركهن المحسوب بدقة متناهية، و حرصهن على تجسيد التعابير المطلوبة والمنسجمة مع موضوع البرنامج، بحيث يمكننا أن نرى كيف تأخذ ملامحهن أشكالا تتراوح بين الحزن و الفرح مرورا بالانزعاج الزائف أو الدهشة الكاذبة في قالب مسرحي يرتفع إلى درجة الرصانة الثقيلة و ينخفض إلى درجة الدلع السخيف. كل هذا وسط مهرجان من الألوان مع طبقات سميكة من المساحيق و الحلي الغالية الثمن والمبالغ في حجمها و شكلها مع رسم ابتسامات واسعة.. لا يصدقها أحد.
لا مجال بطبيعة الحال، للمقارنة بين مذيعات القنوات الاجنبية بابتساماتهن التلقائية وبساطة مظهرهن، بخلو وجوههن من الماكياج وذكائهن وخفة دمهن مع خبرتهن الكبيرة في إدارة الحوار وتعميق النقاش.. و بين بعض مذيعاتنا (هناك استثناءات بكلّ تأكيد أكثر من مشرفة) اللواتي يبدو أنّ لهن خبرة و مهارة في صبغ وجوههن ما يكفي حتى تختفي ملامحهن تماما خلف أقنعة الألوان الفاقعة. كأنّها حاجة حيوية عامة عند النساء في المجتمعات الذكورية "للاختفاء" و التواري عن الأنظار (بقدر ما تبدو ظاهرة الإقبال الشديد على المساحيق كأنّها رغبة في الظهور بدافع الغواية، بقدر ما تدلّ في العمق على حاجة نفسية لإخفاء الذات وستر الحقيقة ) فبين الحجاب و الأصباغ والابتسامات الزائفة بالإضافة إلى ميوعة الحركة وسخافة الكلمة، تغيب الذات و تحلّ محلّها صورة مشوهة بمقاييس جمال "عاهر" لا تبتعد كثيرا عن المعايير التقليدية التي تختصر المرأة في بعدها كجسد، بُعدٌ لا يستطيع أن ينظر إليها خارج سياق كونها موضوعا جنسيا.
التلفزيون صورة حية تعكس حقيقة ما وصلت إليه الشعوب.
قل لي كيف هي تلفزتك أقول لك من أنت. ثم قل لي كيف هي صورة المرأة في تلفزتك أقول لك كيف هو وضع النساء في مجتمعك. إنه عالم الفرجة الذي يدخل بيوتنا و الذي لا يستطيع إلاّ أن يشبهنا. فرجة تستجيب في المقام الأول بالتأكيد، لمدى تحضرنا أو بداوتنا لكنها تخضع بالضرورة لسلطة من سيدفع أكثر فلا صوت يرتفع فوق صوت المال. و إذا تصادف تحالف المال و البداوة داخل قناة تلفزية بعينها فالنتيجة الحتمية:
مذيعات عند حسن الظن..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.