مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون مالية 2026 والنصوص المرتبطة به    مبعوث ترامب: واشنطن تعمل على اتفاق سلام بين المغرب والجزائر خلال 60 يوما    جلسة عمومية لمجلسي البرلمان اليوم الاثنين لتقديم مشروع قانون المالية    انتخاب طالع السعود الأطلسي نائبا لرئيس منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية    ترأسه جلالة الملك .. المجلس الوزاري يرسم خارطة الطريق المالية 2026 : الحكومة تعد ب 4.8% هدفا للنمو وبالتحكم في التضخم تحت 1.1%    بين التوظيف والاستثمار.. ميزانة 2026 ترفع مخصصات التعليم والصحة بنحو 15%    الذهب يرتفع قليلا بعد تراجعه من أعلى مستوياته القياسية    المغرب يتوقع نموا ب4.6% وعجزا في الميزانية عند 3% سنة 2026    الخطوط الملكية المغربية وChina Eastern Airlines توقعان على اتفاق شراكة إستراتيجية لربط الصين بالقارة الإفريقية    تشديد أمني في مطار بفلوريدا بعد رصد برج مشبوه قرب طائرة ترامب    جلالة الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة بمناسبة التتويج العالمي    في إنجاز غير مسبوق .. أشبال الأطلس يكتبون التاريخ بالشيلي ويصعدون إلى قمة العالم    بعد الفوز التاريخي.. الصحافة الأرجنتينية تشيد بفوز المغرب وتصفه ب"الإعصار الإفريقي"    أخبار نهائيات كأس العالم لكرة القدم (الشيلي 2025)    توقيع مؤلفات جديدة في فعاليات ملتقى سينما المجتمع التاسع ببئر مزوي    هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي    التشكيلي المنصوري الإدريسي يمسك ب «الزمن المنفلت»    علاج رقمي أم عزلة جديدة؟    وهبي يثمن تعاون المغرب وموريتانيا    "مشروع المالية" يخطط لإحداث قرابة 37 ألف منصب شغل في الإدارات    بورصة البيضاء تغلق بحصيلة إيجابية    صندوق جديد بمقاربة مندمجة .. الحكومة تخطط لإعادة هيكلة التنمية المجالية    "مالية 2026" تكشف رؤية استراتيجية لترسيخ السيادة الدفاعية والرقمية    "قتالية الأشبال" تبهر الإعلام الأجنبي    في موسم التحالفات الكبرى    اليوم الثالث من فعاليات المهرجان الوطني للفيلم يتميز بالمرأة والحرية والخيال    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    من سانتياغو إلى الرباط... المغرب يغني للنصر ويرقص على إيقاع المجد    وفاة أم وابنها وإصابة آخرين في حادثة سير خطيرة ضواحي الجديدة    مرتيل.. مصرع طالبة واختناق أخرى بسبب تسرب غاز البوتان    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية لتشجيع الرضاعة الطبيعية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    فرنسا..استمرار إغلاق متحف اللوفر عقب عملية سطو    لقاء حصري مع عبد الرحمان الصروخ يكشف تفاصيل صادمة حول نزاع عائلي دموي بدوار الرملة ببني جرفط    خامنئي: اعتقاد ترامب أنه دمّر المنشآت النووية الإيرانية "وهم"    لقجع: "التتويج باللقب العالمي جاء بفضل الرؤية الشاملة للملك محمد السادس والرهان على الكفاءة المغربية"    سرقة في اللوفر.. نحو 60 محققا يلاحقون اللصوص والمتحف يمدد إغلاق أبوابه    وزارة الانتقال الطاقي تكشف عن مشاريع لتأهيل وتدبير النفايات المنزلية بإقليم الجديدة    الكاف يشيد بالتتويج المستحق للمغرب بكأس العالم تحت 20 سنة    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يحقق المجد العالمي.. تصريحات مؤثرة للاعبين بعد التتويج التاريخي بكأس العالم في الشيلي    العيون تحتفي بإنجاز "أشبال الأطلس"    بعد 20 سنة من النجاح.. دي جي كور يستعيد وهج "راي أند بي فيفر"    احتجاجات "لا ملوك" في مدن أمريكا تستقطب حشودا كبيرة للتنديد بترامب    "حماس": ملتزمون باتفاق غزة بينما إسرائيل تواصل خرقه    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. التاريخ في مرآة السينما ووجع المجتمع    لا شرقية ولا غربية... وإنما وسطية    سرقة مجوهرات في متحف اللوفر بباريس    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    حسن واكريم.. الفنان المغربي الذي دمج أحواش والجاز في نيويورك    ارتفاع مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي ب 64 في المائة عند متم شتنبر في ميناء طانطان    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول التحالف الحكومي الحالي
نشر في هسبريس يوم 22 - 10 - 2012

نريد أن نوضح منذ البداية أن الأمر لا يتعلق بتحالف سياسي متين مبني على عقيدة سياسية مشتركة أو على تقارب إيديولوجي كبير أو حتى على تصور برنامجي موحد، بقدر ما يتعلق بائتلاف حكومي فرضته ظروف سياسية معينة على رأسها نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011.
فطبقا لأحكام الدستور لا يمكن للحكومة أن تعتبر منصبة إلا بعد مصادقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب على برنامجها الحكومي، وهو ما يعني أن الحكومة ينبغي أن تتمتع بالأغلبية البرلمانية.
ولأن أي حزب سياسي لم يحظ بأغلبية المقاعد النيابية فإن تشكيل الحكومة كان يقتضي بالضرورة بناء ائتلاف حكومي مشكل من عدة أحزاب سياسية حتى ولو لم يكن يجمعها رابط إيديولوجي أو سياسي، ولكنها يمكن أن تلتقي على أرضية برنامج سياسي متوافق حوله.
وقد تم بناء الائتلاف الحكومي بعد مسلسل من المشاورات التي باشرها رئيس الحكومة المعين مع مجموع الأحزاب السياسية تبعا لنتائج الانتخابات وأخذا بعين الاعتبار درجة القرب أو البعد من الحزب الذي يمثله، وهكذا تم الوصول إلى ائتلاف حكومي (نفضل استخدام عبارة ائتلاف حكومي عوض تحالف حكومي) مشكل من أربعة أحزاب سياسية مختلفة من حيث المرجعية السياسية والفكرية ومن حيث مسارها السياسي ومن حيث طبيعة نشأتها، فحزب الاستقلال ينحدر من الحركة الوطنية ومرجعيته السياسية تنهل من الإسلام الشعبي ويحتفظ بعلاقات تاريخية مع القصر رغم مروره بفترات من المعارضة البرلمانية، وحصل في الانتخابات الأخيرة على 60 مقعدا في مجلس النواب، بينما حزب الحركة الشعبية الذي نشأ في السنوات الأولى للاستقلال يقدم نفسه كمدافع عن العالم القروي وعن مصالح الفلاحين، وقد نشأ في ظرفية سياسية كانت المؤسسة الملكية في حاجة ماسة لخلق توازن معين في وجه الأحزاب المنحدرة من الحركة الوطنية وخاصة حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المعارضين آنذاك، حصل في الانتخابات التشريعية الأخيرة على 32 مقعدا في مجلس النواب. أما حزب التقدم والاشتراكية فهو امتداد للحزب الشيوعي المغربي الذي تم حل في بداية الستينيات من القرن الماضي وهو حزب يتبنى مرجعية اشتراكية معتدلة، وظل يشارك في الحكومات الثلاث الأخيرة ويتعايش مع مكوناتها رغم تواضع وزنه من الناحية السياسية، حصل في الانتخابات الأخيرة على 18 مقعدا، وقد قوبلت مشاركته في الحكومة الحالية بانتقادات لاذعة من طرف أحزاب اليسار الاشتراكي بمختلف تياراتها السياسية. أما حزب العدالة والتنمية فرافده الأساسي فهو ينحدر من الحركة الإسلامية (حركة التوحيد والإصلاح)، كما يرتبط برافد الحركة الوطنية من خلال الدور الأساسي الذي قام به المرحوم الدكتور عبد الكريم الخطيب في تأسيس الحزب بعدما رفضت السلطات السماح بتأسيس حزب التجديد الوطني وحزب الوحدة والتنمية، وقد حصل حزب العدالة والتنمية على 107 مقعد في مجلس النواب بعد الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011.
خلال عملية تشكيل الائتلاف الحكومي سجل المراقبون بإيجابية مستوى التقدم الحاصل في منهجية إدارة المفاوضات بين رئيس الحكومة وبين باقي الأطراف السياسية سواء تعلق الأمر بالأحزاب السياسية أو بالمؤسسة الملكية ، وقد تجسد ذلك في التواصل المستمر مع الرأي العام وإطلاعه على جميع المستجدات المرتبطة بالمفاوضات الجارية مع الأحزاب المعنية.
كما اعتمد رئيس الحكومة ثلاثة مراحل لإدارة مفاوضاته مع الأحزاب التي شكلت الائتلاف:
مرحلة الحسم في مبدأ المشاركة الحكومية، وقد تم ذلك عن طريق اجتماع الهيئات التقريرية لكل حزب والتصويت على قرار المشاركة الحكومية.
مرحلة الحسم في هيكلة الحكومة، على أساس توزيع القطاعات الحكومية على أقطاب كبرى (قطب الإصلاح المؤسساتي وتعزيز الحكامة،القطب الاقتصادي، القطب الاجتماعي).
مرحلة توزيع الحقائب الوزارية على الأحزاب المشاركة في الحكومة، على أساس مراعاة الأوزان الانتخابية والسياسية لكل حزب.
وقد استغرقت هذه المشاورات 31 يوما قبل الإعلان عن التشكيلة النهائية للحكومة.
وبالموازاة مع المشاورات التي كانت جارية لتشكيل الحكومة، تشكلت لجنتين من قيادات الأحزاب المتحالفة، إحداهما لصياغة مشروع البرنامج الحكومي الذي عرض على مجلس النواب مباشرة بعد تعيين الحكومة، والثانية اشتغلت على ميثاق الأغلبية الذي حدد ضوابط وأخلاقيات العمل بين الأحزاب الأربعة.
وقد وقعت أحزاب التحالف الحكومي الأربعة، مساء الجمعة 16 دجنبر 2011، على ميثاق الأغلبية بحضور الأمناء العامين لهذه الأحزاب.
ويرتكز الميثاق على أربع مرتكزات أساسية وهي: التشارك في العمل و الفعالية في الإنجاز و الشفافية في التدبير و التضامن في المسؤولية، وتتضمن مقدمة الميثاق مساندة الأغلبية لرئيس الحكومة المكلف، مع الإشارة إلى أن الميثاق يشكل وثيقة تعاقدية و مرجع مشترك، وأساس لالتزام أحزاب التحالف الواضح أمام المواطنات والمواطنين.
ويتضمن الميثاق 10 أهداف ستسعى الأغلبية الحكومية لتحقيقها، على رأسها تفعيل مقتضيات الدستور الجديد لبناء الدولة الديموقراطية وتحقيق المزيد من الإصلاحات، فيما وضع الميثاق أربعة آليات لتحقيق تلك الأهداف و هي رئاسة التحالف المكونة من الأمناء العامون للأحزاب المتحالفة و التحالف على مستوى مجلسي النواب و المستشارين والاعتماد على منهجية عمل بخصوص مقترحات القوانين و التصويت والتعديلات و ومناقشة مشاريع القوانين.
كما يلزم الميثاق رئاسة التحالف بإعداد تقرير سنوي يضع المواطنين والمواطنات في صورة التقدم الحاصل في عمل الأغلبية وآفاقها المستقبلية.
الملاحظة الأساسية التي يمكن تسجيلها على ميثاق الأغلبية هو صياغته بلغة محايدة ابتعدت كثيرا عن أي مرجعية إيديولوجية واكتفت بالإحالة على الدستور كمرجعية ملزمة لجميع الأطراف، والإحالة على البرنامج الحكومي لتأطير العمل البرنامجي لمختلف القطاعات الحكومية، دون أن تشير ولو بالتلميح إلى مرجعيات الأحزاب المشكلة للحكومة.
وهو ما يمكن أن نعتبره تطورا نوعيا في الثقافة السياسية الحزبية، التي أضحت تعطي الأولوية للجانب البرنامجي ولم تعد تضع الاتفاقات الإيديولوجية كشرط لبناء "تحالفات سياسية"، وخاصة بين الحساسية الاشتراكية والحساسية الإسلامية التي عاشت على إيقاع صراعات إيديولوجية قوية ولم يسبق لهما العمل معا فيما سبق.
وفي هذا السياق، من المفيد أن نثير الانتباه إلى أن هناك أطرافا معينة لا يروقها التحول الذي حصل في المغرب، وهناك أطراف كثيرة من ذوي النفوذ وأصحاب المصالح لها تجربة سابقة في عرقلة الإصلاح وسبق لها أن لعبت دورا أساسيا في إعاقة التحول الديموقراطي مع تجربة التناوب الأولى بقيادة رمز الاشتراكيين عبد الرحمن اليوسفي، وليس من المتوقع أن تتراجع بسهولة عن منطقها اللاديموقراطي، وإن كانت رياح الربيع العربي قد حدت من شراستها وأثرت في فعاليتها، لكنها لازالت تقوم بعدة محاولات لإعادة التموقع في الساحة وتنظيم صفوفها من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.