جيل Z المغربي يصرخ... ووزير التواصل المهدي بنسعيد يختفي وراء كرة القدم    تعزيز الثقة والتعاون والشراكة الاستراتيجية: سفيرة مفوضة فوق العادة لجمهورية الصين تبدأ مهمتها في المغرب    الإفراج عن دفعات جديدة من معتقلي "جيل Z" بالرباط بعد أداء غرامات مالية    السلطات تعلن إيقاف 24 شخصا من جيل "Z" وتحيل 18 منهم على التحقيق بتهم جنائية    حموشي يزور منزل أسرة شهيد الواجب مقدم الشرطة محسن صادق الذي توفي في حادث سير أثناء مزاولة مهامه        دول عربية وإسلامية تصدر بيانا حول إنهاء الحرب في غزة وتتمسك بدولة فلسطينية    صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال 16 لمعرض الفرس للجديدة        المغرب يسجل نموا اقتصاديا بنسبة 5.5 % في الفصل الثاني من 2025    المخابرات الجزائرية وفضيحة قرصنة "GenZ212": حرب قذرة عبر الفضاء الرقمي            بتعاون من المديرية العامة للأمن الوطني المغربية: الأمن الإسباني يحجز ما يزيد على 11 طنا من الحشيش    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: رحلة محمد بن عيسى مع التنوير الفكري والتحديث الثقافي    الرجاء والوداد يوقعان على الصحوة على حساب الدفاع الجديدي ونهضة الزمامرة    حين تساءل المؤسسات عن الحصيلة!    الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تدين "العنف" ضد مسيرات "جيل Z" وتدعو إلى الحوار    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين "قمع الاحتجاجات السلمية" وتعلن فتح مشاورات مع قوى ديمقراطية    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    الأداء السلبي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "أسطول الصمود" يقترب من منطقة خطر الاعتراض الإسرائيلي    مارسيل خليفة يهدي تكريم مهرجان وجدة السينمائي إلى غزة    وزارة ‬الخارجية ‬الأمريكية ‬تبرز ‬مؤهلات ‬المغرب ‬ك»قطب ‬استراتيجي‮»‬ ‬للأعمال ‬والصناعة    "فيفا" يعاقب جنوب إفريقيا ويعتبره خاسراً أمام ليسوتو بسبب إشراك لاعب غير مؤهل    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    "كولومبيا U20" تفوز على السعودية    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات                        القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقرب
نشر في هسبريس يوم 02 - 06 - 2008

صباح آخر.صباح شبيه بكل الصباحات التي مرت، و سيشبه ما سيأتي. الدنيا مشمسة و الجو صحو ويمكن أن تتخيل واحدا من المشاهد التي تملأ كتب القراءة للأطفال، لأنه ببساطة يصف الأمر كما ينبغي. ""
أنظر جهة المطبخ فلا أجد أثرا لإفطار ما. أخرج إلى الشاعر متثاقلا. الناس أصبحوا يتشابهون. الوقت مجرد جثة متعفنة لا تعني لي شيئا، أتجه إلى مقهى "الحافة" حيث ألقي هناك بجثته على قارعة الملل. إسبانيا تبدو من هنا أقرب مما هي عليه في الحقيقة.
تدعو – بصمت - أبناء هذه القارة البائسة لركوب الموت للوصول إليها. حيلة أخرى من حيل القارة العجوز لتجعلك وجبة دسمة لأسماك المتوسط. حيلة لم تعد تنفع معي.
تائه و محطم وبائس، لكنني لا أرغب في الموت بهذه الطريقة.
الفراغ مزعج جدا، مثل ثؤلل يقع في أعلى فمك. تحاول أن تتجاهله فتفشل. تحاول أن تعالجه فيتمنع مثل فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تدرك أن الرؤوس تستدير إليها أينما ذهبت.
يأتي البعض – وهم قليل - ليتبادلوا معي أطراف الحديث. لايهمهم ما أقوله. يتطلعون بشوق إلى شفتاي متمنين اللحظة التي تنطبق فيها ليبدأوا حديثهم عن أنفسهم. نفس ما يحدث في الندوات الثقافية التي يحلو لي أن أتسلى بحضورها. الجميع يتثاءبون و يتطلعون إلى ساعاتهم. عندما يأتي دورهم في الكلام تعود الحياة إليهم.
لا أحد يستمع إلى أحد.
أنت هناك لأن الآخرين ينتظرون أن تنتهي.
أسمع جلبة ورائي فأستدير و أنا أتحسس مقبض السكين الذي أضعه تحت الجورب. لا أمان في عالم الشوارع. البقاء للأقوى و الأكثر قسوة. الجرسون يعاتب أحدهم لأنه لم يؤد ما عليه من دين منذ شهور. أشعر بالكلام موجها نحوي أيضا فأدفن رأسي في كأس الشاي و أتظاهر بالانهماك في إخراج شيء ما منه. أعرف أن منير يستحيي أن يطلب مني ما علي من دين. ابن الحي هو، ويعرف الوضعية تماما. لهذا – وبتواطؤ إنساني جميل – يحضر لي كأس الشاي اليومي ويمضي في صمت. أرتشفه أنا و أمضي الساعات جالسا ثم أغادر. لا يطلب مني الثمن و لا أعتذر منه أنا.
الاعتذار يصبح سبابا فظا أحيانا.
اخفض رأسك و انسحب في صمت، و أسد للعالم معروفا بأن تكون المتحضر الحقيقي فيه.
الرابعة مساء الآن. طبعا هذا لا يعني لي شيئا. فلتكن السابعة أو العاشرة. إن هي إلا أسماء سميناها. الوقت عدوي الحقيقي. لا أفهم لماذا يمضي بكل هذا البطء.
لا أدري في الحقيقة إن كان يبطئ أم يسرع.
بطء... سرعة.
بطء...سرعة.
كلاب الحي تحفظني جيدا. أنا أيضا أقمت علاقة ألفة معها. البعض يقولون أنني أألف و أؤلف. يبدو أن الكلاب أيضا توافق على هذا. أعدائي أصبحوا كثيرين منذ قررت أن وقت الصمت قد انتهى.
قليلون جدا هم من يحبونني. أنا أكتفي بهم، لأنهم من نجحوا فعلا في الاقتراب ورؤية حقيقتي كما هي.
كاره أنا للرياء.كاره لفكرة الشخصيات المتعددة و النصائح المتذاكية:
كن ودودا مع أصحاب المال.
قل للكلب "سيدي" حتى تعبر الوادي.
الصمت سلامة.
كلام مراوغ لا يناسبني و يبدو ضيقا علي.أنا هو أنا كما خلقني الله.
مرحبا بكم في ضيافة الحقيقة الفجة الصادمة.
يلقبونني ب"العقرب". أعترف هنا أن الأمر يحتمل بعض المتعة. العقرب يعني السم الزعاف. يعني خطر الاقتراب. يعني أنني من الممكن أن أبقى لوحدي لساعات طوال أحادثها حتى أمل. لكن هذا قلما يحدث. منذ مدة وأنا أعتبر الوحدة رفيقا رائعا ينصت لي و لا يتحدث مطلقا إلا لو لاحظ سأمي فيسعفني برجع صدى، لا أقل و لا أكثر.
أومأت برأسي إيجابا. أحب حماس سعيد ابن الثلاثة عشر ربيعا. يذكرني بشدة في أيام الدراسة حيث كنت أتخيل نفسي دائما دكتورا يلبس معطفا أبيض و يضع كفيه في الجيبين. مبتسما، متفائلا، حكيما، محط إعجاب كل فتاة في العالم. الصورة أصابها العطب فتلوت كأفعى وتشوهت.
لغة وحيدة موحدة في العالم يأبي الكثيرون أن يعترفوا بها: المال.
كن ابن من شئت و اكتسب مالا.
يغنيك كثيره عن النصب.
شخصيا لا أحقد على أصحاب ملاعق الذهب الذين فوجئوا بها في أفواههم وهم يولدون. لكل حي نصيب. ما نتج عن هذا كان هو الأفظع :
أناس يبللون المارة بسياراتهم في الأيام الماطرة.
شباب يملئون رؤوسهم بالمرهم و يتخيلون العالم منحصرا في كلمتين: موسيقى ورقص.
نظرة فوقية أحطمها كلما لاحت لي الفرصة. أتذكر جيدا ذلك الشاب الذي أرغمته على التهام التراب. الأحمق ترك كل نساء الدنيا و اتجه نحو أختي ليغازلها. سيتذكر ذلك اليوم طويلا. بالتأكيد هو لا يذكر سوى أنه وجد نفسه ووجهه إلى الأرض وأنا أدس التراب في فمه.
أرخيت قبضتي فانطلق كعداء يسابق نفسه. قبلت رأس أختي وواصلنا الطريق. لا أحد يقترب من طريق العقرب إلا إن كان يجهل من هو.
هذه طريقتي الوحيدة للحياة في عالم الشوارع. لديك خياران:
إما أن تحيا هكذا.
أو تكون صبيا يحضر لفائف الحشيش للأسياد.
لكل عالم أسياده و عبيده. غوغاؤه و جبابرته. الاختيارات قليلة وأنا تعودت أن أكون سيد نفسي على الأقل.
* مقطع من رواية قادمة للكاتب تحمل عنوان : "العقرب"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.