معرض تلاميذي يحاكي أعمال رواد مغاربة    وقفة احتجاجية لشغيلة قطاع الصحة أمام المندوبية الإقليمية للصحة ببني ملال    مجلس حقوق الإنسان يستقبل قدماء المعتقلين الإسلاميين ويبحث مطالبهم الاجتماعية    مطالب نقابية بالتحقيق في شبهات فساد بمندوبية قدماء المقاومين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هل باتت إمدادات القمح بالعالم مهددة؟    تقرير إخباري l أمريكا تُقرر رفع الرسوم الجمركية على واردات "الفوسفاط المغربي" بسبب استفادته من امتيازات حكومية    المعرض الدولي للأركان في دورته الثالثة يفتتح فعالياته وسط موجة غلاء زيته واحتكار المنتوج    ارتفاع أسعار النفط بفضل بيانات صينية قوية وصراع الشرق الأوسط    العثماني يلتقي إسماعيل هنية بقطر    القضاء على عدد من الإرهابيين في غرب النيجر    2900 مظاهرة في مختلف المدن المغربية دعما لغزة منذ 7 أكتوبر    فتيات المغرب يتطلعن لهزم الجزائر في تصفيات المونديال    أيوب الكعبي يواصل تألقه في دوري المؤتمر الأوروبي    القضاء المصري يتخذ قرار جديدا في قضية اعتداء الشحات على الشيبي    إحداث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"    حزب فيدرالية اليسار الديموقراطي بسوق السبت يرفض سرية اجتماعات المجلس البلدي ويدين "منع" المواطنين من حضور دوراته    الدمليج يقدم "بوريوس" في المهرجان الوطني الرابع لهواة المسرح بمراكش    الحسين حنين رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام: يتعهد بالدفاع عن المهنيين وتعزيز الإنتاج الوطني    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    المجلس الاقتصادي يوصي بإنشاء نظام معلوماتي وطني لرصد الشباب وتتبع مساراتهم    محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق وحماس تقول إن "الكرة بالكامل في ملعب إسرائيل"    تشاد.. رئيس المجلس العسكري يفوز بالانتخابات الرئاسية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    النادي الثقافي ينظم ورشة في الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية/ عرباوة    طانطان.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل 38 مرشحا للهجرة غير النظامية    في 5 دقائق.. 3 زلازل تضرب دولة جديدة    اختتام القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بمشاركة المغرب    أصالة نصري تنفي الشائعات    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    بيليغريني يفاجئ الزلزولي بتصريح مثير    حكم قاس على يوسف الحيرش بسنة ونصف حبسا نافذا بسبب تدوينات    الصين تطلق قمرا اصطناعيا جديدا    شركات عالمية تتوجه نحو منع "النقاشات السياسية" في العمل    بعد محاولة اغتياله.. زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي    حراس خواص يشتكون غياب الأجور    حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    تخصيص غلاف مالي بقيمة 98 مليون درهم لتأهيل المباني الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة لطنجة    بركان تؤمن بالحظوظ في "كأس الكاف" .. ورئيس الزمالك يؤكد صعوبة المقابلة    منتخب فتيات الجزائر يتجنب الإعلام    سعار عضال.. خيال مخابرات الجزائر في مقال    صدمة أوناحي وحارث القوية في الدوري الأوروبي    هل جامعات المغرب مستعدة لتعليق تعاونها مع إسرائيل كما أعربت جامعات إسبانيا؟    موسيقى نساء تطوان بين الماضي والحاضر (1)    المحكمة الإدارية تقضي بأداء وزارة الصحة تعويضا لمتضررة من لقاح كورونا    الكعبي هداف دوري المؤتمر الأوروبي    الإيسيسكو تنظم أكثر من 60 نشاطا بجناحها في الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    بوريطة: الأمن الغذائي، أولوية استراتيجية ضمن السياسة الإفريقية لجلالة الملك    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    بايتاس… عدد الطلبات المتعلقة بالدعم المباشر للسكن تناهز 64 ألف طلب    الحكومة ترد على جدل أسترازينيكا.. اللقاحات في المغرب لا يتم العمل بها إلا بعد الترخيص    245 ألف ليلة مبيت سياحية بوجهة طنجة    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    بعد اعترافها بآثاره الجانبية المميتة.. هيئة أوروبية تسحب ترخيص لقاح كورونا من أسترازينيكا    الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (593)    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقيه البصري.. "ذاكرة الوطن المجروح"؛ عاش ومات فقيرا
نشر في هسبريس يوم 17 - 06 - 2013

سنوات طويلة من العيش وحيدا في المنفى، متنقلا بين مجموعة من العواصم العربية والدولية، ليستقر به الحال بفرنسا، المكان الذي عرف اغتيال رفيق دربه المهدي بنبركة، والذي عَرف كذلك مفاوضات شاقة بينه وبين وزير داخلية كان يحمل اسمه العائلي بالصدفة، من أجل أن يعود للوطن، إلا أن الرجل، كان يربط عودته بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين والسماح لجميع المنفيين بالعودة، فلم يثبت أبدا أن فَكّر الفقيه البصري بضمير "أنا"، بقدر ما كان يتحدث دائما بضمير "نحن".
سنة 1995، تَعْرف عودة الرجل إلى المغرب بعد أن غاب عنه لقرابة ثلاثين سنة، أي منذ أن تم الإفراج عنه في العفو الملكي بعد أحداث 23 مارس الدامية لسنة 65، مفاوضاته مع وزير الداخلية إدريس البصري والاتحادي عبد الرحمن اليوسفي تكللت بالنجاح، لتطأ أقدامه مطار محمد الخامس بالرباط، وتشرئب عينيه نحو صور الحسن الثاني التي كانت تزين بعض أركان المطار، من كان يعتقد أن الرجل الذي حاول اغتيال الملك 18 مرة سيتصالح معه وسيعود إلى بلده الأم؟
عودة الفقيه البصري إلى وطنه لم تأت كاستراحة محارب وصل إلى سنه السبعين، لأن الرجل لم يكن ليستريح وهو يرى حزبا ساهم في تأسيسه يدخل أهم تجربة سياسية في كل تاريخه، وهي تجربة التناوب التوافقي، تلك التجربة التي يقال إنها أدخلت المغرب عهدا سياسيا جديدا، ويقال كذلك إنها قتلت حزبا اسمه الاتحاد الاشتراكي.
ما بين عودته إلى المغرب، ووفاته سنة 2003، ترحل بكم هسبريس في عمق ثماني سنوات غيّرت الكثير من المعادلات في السياسة المغربية عموما، وبالأخص في حزب القوات الشعبية.
العودة إلى أحضان الحزب
انطلقت المفاوضات بين الحسن الثاني والفقيه البصري من أجل العودة نهاية الثمانينات، وصارت أكثر جدية سنة 93 عندما شارك فيها عبد الرحمن اليوسفي الكاتب العام للاتحاد الاشتراكي، إلا أن تَدّخل الداخلية في انتخابات تلك السنة، واعتزال اليوسفي للعمل السياسي، أجّلتا قصة الرجوع إلى سنة 95، بعدما اقترب اليوسفي من العودة إلى موقعه داخل الحزب، ليتم تنظيم حفل استقبال كبير للفقيه بمطار محمد الخامس.
يتحدث هنا الاتحادي حسن نجمي، عن أن الكثير من قادة الحزب كانوا يرفضون عودة الفقيه خوفا على مناصبهم:" صاحب الدار عاد، ومن اكتراها خاف على مكانه"، يقول نجمي، مشيرا إلى أنه لولا الشبيبة الاتحادية التي كانت تكن احتراما كبيرا للراحل، لما وقع ذلك الاستقبال المهيب.
بعد عودته، لم يشر الفقيه البصري إلى أنه تصالح بشكل نهائي مع الحزب بالنظر إلى أن اختياراته الثورية في السابق جعلت رفاقه يقطعون علاقتهم به ابتداء من سنة 74، وهي السنة التي عرفت انشقاق الحزب الحالي عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، خاصة وأن الفقيه، ومباشرة بعد عودته، أكد على ضرورة طرد مجموعة من العناصر المنحرفة داخل الحزب قبل أي إجراء، إلا أن هذا التحفظ، لم يمنع الفقيه من الانتساب إلى الحزب ولو لم ينطق بها، فقد كان يحمل الاتحاد الاشتراكي بين ضلوعه كما يؤكد على ذلك صديقه عبد القادر الحضري.
سنة 97، أو سنة البيعة الاتحادية للفقيه كما يسميها نجمي، اجتمع في مدينة خريبكة حوالي 12 ألف مُنتسب للاتحاد الاشتراكي، يريدون اكتشاف أول تجربة لقاء مباشر مع رجل الكثير منهم سمعوا به ولم يلتقوا به مباشرة، محمد عابد الجابري يكتب خطابا للفقيه من أجل أن يلقيه أمام الحاضرين، يوافق الفقيه في البداية، لكنه بمجرد صعود المنصة، يضع الورقة جانبا، ويرتجل خطابا يقول فيه إنه يرفض أن يدخل الحزب إلى الحكومة المغربية في ظل هذه الظروف السياسية التي لا تقدم أية ضمانات، بل أنه رفض حتى الدخول إلى معترك قيادة الحزب.
"لُمناه كثيرا على رفضه القيادة، وقد أدينا جميعا ثمن هذا الرفض" يتحدث نجمي بحسرة عن أن البصري أخطأ عندما رفض القيادة، وأن ترّدده جعل جميع الاتحاديين يقتنعون أن الرجل يريد أن يبقى مستقلا".
تجربة التناوب..ونهاية علاقته باليوسفي
كان الفقيه البصري على علاقة جيدة مع اليوسفي منذ فجر الاستقلال المغربي، بل أن الفقيه اعترف في تلك الرسالة المثيرة للجدل سنة 2000، بأن اليوسفي وبوعبيد تعاونا معه ومع أوفقير من أجل الإطاحة بالملك الراحل سنة 72، وما يزيد من فرضية العلاقة الجيدة بين الاثنين، هو إصرار اليوسفي على عودة الفقيه رغم الموقف السلبي للحسن الثاني من الفقيه، ورغم معارضة الكثير من قيادات الاتحاد الاشتراكي، لدرجة أن بعضهم كان ينظر إلى الفقيه بأنه لا يؤتمن.
إلا أن بداية التنافر والخلاف بين الرجلين، بدأت مع تصويت الاتحاد الاشتراكي بالموافقة على دستور سنة 96، وكما يؤكد على ذلك صديق البصري وكاتم سره أحمد ويحمان، ففي ذلك اليوم الذي عرف الموافقة، كان الفقيه بتجمع خطابي بمدينة تازة، قال فيه إنه ضد الحكم الفردي وضد دستور لا يطور الحياة السياسية، إلا أنه، ومباشرة بعد نزوله من المنصة، عَلِم بأمر الموافقة، فغضب وانفعل كثيرا على هذا الموقف.
التوافق بين البصري واليوسفي انتهى نهائيا بعد قبول هذا الأخير الدخول في تجربة التناوب، وهو ما غضب عليه البصري الذي اعتبر حسب تصريحات الحضري دخول الحزب إلى الحكومة بعد عقود طويلة من النضال، وقبوله بالاشتغال دون صلاحيات حقيقية، أمر خاطئ سيكلف حزب بنبركة سمعته وقوته، ليقع تنافر كبير بين الرجلين، ويختار كل منهما وجهته، بل أن التنافر بلغ مداه بالنظر إلى تلك الرسالة المنشورة سنة 2000، والتي رفض البصري تكذيب مضمونها.
"عليك أن تكون صريحا مع الملك، وأن تكتب استقالتك قبل مباشرتك لمهامك، وتقول للملك، إذا لم يعجبك أدائي، سأقرأها أمام الملأ، شرط أن تتركني أشتغل، فالملك ليس له بد غير التعاون مع الحزب، وعليك أن تبني الثقة بيننا وبينه، وبيننا وبين الشعب، أما إذا ضعفت أمامه سنفقد قيمتنا" تلك كانت رسالة البصري إلى اليوسفي قبل أن يقبل هذا الأخير بتجربة التناوب.
إن كانت علاقة البصري باليوسفي طبعها الود قبل أن يطبعها التنافر، فعلاقته مع محمد اليازغي طبعتها العداوة منذ بدايتها ولو من طرف واحد، يتذكر نجمي كيف أن اليازغي كان يُحرّض الاتحاديين على عدم الحضور إلى المطار لاستقبال الرجل، وهو ما يؤكده القيادي الاتحادي محمد الحبابي عندما ذكر أن اليازغي كان يريد منصب الكتابة العامة بعد قرار اليوسفي الاستقالة، وكان ينظر إلى الفقيه كخصم له، ورغم عودة اليوسفي إلى موقعه، فقد قرر اليازغي الذي تسلم إدارة جريدة الاتحاد الاشتراكي دون إذن من المكتب السياسي، مهاجمة الفقيه بمجموعة من المقالات، دفعت محمد عابد الجابري إلى التوسط لإنهاء هذا الشرخ بين الاتحاديين.
سنة الرحيل..
هل كان الرجل على حق عندما انتفض ضد تجربة التناوب التي انتهت دراماتيكيا بانتخاب وزير أول تكنوقراطي سنة 2002 من خارج الأحزاب السياسية؟ وهل لاَم اليوسفي نفسه عندما لم ينصت للفقيه بضرورة تجنب تسلم حكومة دون حكم؟ عموما فسنة 2003 عرفت حدثين كبيرين في تاريخ الاتحاد الاشتراكي تمثل بفقدان رجلين: اليوسفي من الحياة السياسية، والفقيه من الحياة المادية.
في تلك السنة التي عرفت كذلك الغزو الأمريكي للعراق، سافر البصري مرارا وتكرارا، في اتصالات متكررة بينه وبين أصدقاءه من النظام البعثي، حيث كان صديقا لصدام حسين بالنظر إلى عداوة الرجل العراقي لإسرائيل التي كان البصري يراها سرطانا استعمر المنطقة العربية، هكذا يخبرنا الحضري، مضيفا أن البصري سافر إلى العراق من أجل مساندة أصدقاءه، وفي تنقلاته من باريس، دمشق، بغداد، بذل جهدا مضاعفا، عَجّل بانهياره في منزل صديق له بالعاصمة الفرنسية.
أصيب البصري بجلطة دموية، وفقد ذاكرته لوقت معين، وفي تلك الأثناء، تكلف الملك محمد السادس بجميع مصاريف علاجه بأحد مستشفيات باريس، قبل أن يعود للمغرب، وبالتحديد مدينة طنجة، حيث نسق الحضري مع ويحمان لاستقباله بمطار طنجة، ثم اصطحابه إلى منزل الحضري بشفشاون.
عاش البصري بعد عودته فقط أربعة أيام، لكن لا أحد كان يعتقد أنه سيرحل بهذه السرعة، يحكي لنا ويحمان كيف كان الفقيه يجلس مع عمر الخطابي على سطح إحدى مقاهي فندق يطل على مقبرة بشفشاون يومين قبل وفاته:" اثنان في الأعلى، يطلان على اثنين في الأسفل، أتحدث هنا عن أن الفقيه والخطابي، كانا يطلان على قبري محمد أمقران، والوافي الكويرة، شريكيهما في الانقلاب العسكري الفاشل لسنة 72".
"لم يكن يعتقد أنه سيموت بهذه السرعة، فقد كان يظن أن عمره ليس له حدود، وكان متشبثا بالحياة ليناضل من أجل الآخرين" يستعيد الحضري تلك اللحظات الصعبة عندما أصر البصري على الحديث عن السياسة وفتح مجموعة من الملفات معهما رغم طلبهما له بالراحة التامة، قبل أن تستفيق شفشاون في صبيحة الخامس عشر من أكتوبر على فاجعة انتقال الرجل إلى الرفيق الأعلى.
اعتزاز الكثير من ساكنة شفشاون بالرجل، جعلهم يصرون على أن يدفن بمدينتهم، إلا أنه رفاقه بالاتحاد الاشتراكي قرروا نقل الجثمان إلى الدار البيضاء، حيث جرت مراسيم جنازته في جو حزين حضرته كبار الشخصيات في الدولة، ورغم هذا، فقد أحيى له أهالي شفشاون بعد وفاته بأربعين يوما حفلا تأبينيا وُصّف بأنه أكبر تكريم مرَّ في حياة البصري.
عاش فقيرا..ومات فقيرا..
"الرجل كان بالكاد يسد رمقه" يقول لنا الحضري مكذبا كل تلك الروايات التي تحدثت عن أموال كثيرة اكتنزها الراحل من بعض الأنظمة العربية التي كانت تربطه بها علاقات صداقة، أما ويحمان فيؤكد أن البصري كان يتلقى بعض الدعم المالي عندما كان بالمنفى، لكنه دعم لأجل الاستمرار على قيد الحياة وليس لبناء القصور كما يعتقد البعض، خاصة وأن البصري لم يكن له شغل قار بالمنفى.
رحل البصري تاركا وراءه زوجة لا زالت ترثيه في كل مناسبة، وثلاث بنات: اثنتين متزوجتين في القاهرة من فلسطينيين، وواحدة تزوجت داخل المغرب، يقول عنه الحضري:"هذا الرجل غُبن وظُلم كثيرا"، والحبابي:"رجل كان يحب وطنه لدرجة أنه قد يضحي بنفسه في سبيل تطويره"، أما ويحمان فقد كتب عنه ذات يوم بمجلة وجهة نظر:" لقد عاش الفقيه ثائرا ضد الظلم والمهانة والاستعمار. عاش وقدم تضحيات جسام، لم تستمله الإغراءات الكثيرة ولم تنل منه التهديدات الأكثر ولا التنكيل الفظيع الذي كان عرضة له".
رحل الفقيه تاركا وراءه حلم أن يدخل المغرب والجزائر في وئام ووفاق بدل التغني بالانتصارات الوهمية أو اجترار أخطاء الماضي، رحل الفقيه والاتحاد الاشتراكي خرج مطأطأ الرأس من تجربة التناوب التي هوت كثيرا بأسهم الحزب الاشتراكي، رحل البصري وهو يوصي المغاربة أجمعين: "احذروا من تكرار أخطائنا"، لكن وللأسف، الكثير من الأخطاء تكرّرت من جديد.
كانت هذه لمحات من تاريخ الرجل الثائر، من المستحيل أن تتم لملمة جميع تفاصيل مواطن مغربي مرَّ من جيش التحرير، الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الاتحاد الاشتراكي، المنفى، قصص صراعه مع الحسن الثاني، صداقته مع الأنظمة القومية..فالفقيه ليس مجرد مناضل وَهَب حياته لهذا الوطن، بل هو ذاكرة حية لجراح المغاربة، ومعاركهم من أجل بناء مغرب الكرامة، حيث يسود الحق والقانون على الواقع، بدل أن يبقيا كشعار في البروتوكولات السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.