قال أحمد مفيد، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن "التقرير الصادر عن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد يندرج في إطار التصورات ذات الطبيعة الإستراتيجية، نظرا إلى المدة الزمنية المستهدفة ومحاوره وشموليته؛ لكن ذلك يسائل الإضافة الرئيسية لهذا التقرير بالمقارنة مع التقارير السابقة". وأضاف مفيد، خلال ندوة تفاعلية من تنظيم المدرسة المواطنة للدراسات السياسية حول التحولات المنتظرة لإنجاح "نموذج التنمية"، مساء السبت، أن "تقرير الخمسينية تضمن تشخيصا دقيقا للواقع المغربي، وتضمن كذلك مقترحات عملية للتغيير، إلى جانب تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة الذي وضع خارطة طريق للإصلاحات الدستورية والتشريعية لجبر الضرر الفردي والجماعي في إطار مصالحة المغاربة مع تاريخهم". وتساءل الأستاذ الجامعي، في هذا السياق، عن مدى تفعيل مضامين تلك التقارير، ليؤكد أن "تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد كان عليه الوقوف على هذه النقطة؛ لكنه يبقى، مع ذلك، تقريرا مهما للغاية، لأنه وقف على محاور كبرى في نطاق التشخيص وحاول تلخيص أهم الإشكالات المطروحة على البلد". وأشار الباحث إلى أن "التقرير توقف عند أربعة إشكالات حقيقية؛ هي: غياب الانسجام، وبطء التحول الهيكلي، ومحدودية القطاع العام، والشعور بضعف الحماية القضائية"، ثم زاد: "المشكل لدينا لا يتمثل في السياسات العمومية، بل يتجسد في مردوديتها ووقعها على التراب الوطني بشكل عام". وشدد المتدخل على "وجود إشكال حقيقي في ما يتعلق بمنظومة الحكامة التي لم تحقق النتائج المتوخاة من السياسات العمومية"، ليتساءل كذلك عن أدوار الفاعلين السياسيين في تنفيذ مخرجات التقرير بقوله: "هناك لبس حول مدى إلزامية تنفيذ مخرجات التقرير من طرف الفعاليات السياسية". من جهته، عبر كمال الحبيب، رئيس منتدى بدائل المغرب، عن الواقع الحالي للمجتمع المدني بلهجة حادة: "المجتمع المدني، الآن، مَطْحُونْ ومَقْمُوعْ"، مبرزا أن "العملية البشرية أنتجت، إلى حدود الساعة، نظامين هما: النظام الاشتراكي المتطور والنظام الرأسمالي المتطور؛ لكن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد لم توضح لنا طبيعة النظام السياسي المطلوب في نموذج التنمية". ويرى الحبيب أن "المغرب عليه الحفاظ على التوازنات داخل المجتمع دون الميل إلى طرف معين، من خلال حماية الطبقات الهشة والفقيرة بالأساس، ما من شأنه إحقاق المساواة بين الجميع؛ لكن ذلك غير قائم بطبيعة الحال، لأن النموذج التنموي يحمي مصالح الساهرين على تسيير الدولة". ونبّه الفاعل الجمعوي إلى "التدخل العنيف ضد الحركات الاحتجاجية وكل من تخول له نفسه انتقاد الدولة، حيث يوجد عشرات المعتقلين بالسجون؛ لأنهم عبروا فقط عن آراء تخالف المواقف الرسمية"، داعيا إلى "توفير الشغل للشباب، وتعميم التغطية الاجتماعية، والتطبيق الصارم لفصل السلط، وتفعيل الديمقراطية التشاركية"، ليخلص إلى أن "اللجنة تدفع باتجاه تقوية السلطوية والإدارة".