يعرف التمثيل الطائفي في السياسة على أنه الحل المستدام و الوصفة "الطبية" الأكثر فعالية لوضع حد للصراعات الطائفية المزمنة في المجتمعات المتعددة الأعراق و التوجهات الدينية و المذهبية. كما يرى فيها أهل الحكمة الملاذ الأخير لتحصين وحدة هذه المجتمعات من التشتت و التناحر, و بالتالي ضمان سيرورة طبيعية لمؤسسات الدولة الحاضنة لهم. و الحقيقة هي أن التمثيل الطائفي في السياسة سواء تحت قبة البرلمان أو على مستوى السلطة التنفيذية ليس إلا مرحلة تمهيدية للوصول إلى حل حقيقي يكون مبنيا على قناعات متطابقة و أسس مشتركة بين الفئات و الجماعات المعنية. و التمثيل الطائفي في عمقه هو أقرب إلى الهدنة منه إلى الحل, باعتبار أن أغلب إن لم يكن جل التسويات التي أفرزت تبني مقاربة التمثيل الطائفي في الماضي تمخضت عن حروب أهلية ضارية و صراعات مستنزفة أجبرت الخائضين فيها إلى القبول بهذا حل, و ذلك بسبب إنسداد الأفق في إنهاء الصراع لصالحهم و غياب التقدم على الأرض. فمنطقي جدا أن يغيب التقدم على الأرض لأن الصراع من بدايته ليس على الارض و لا على الثروات, بل هو صراع أججته الكراهية المستفحلة و أنعدام الثقة المستشري بين الطوائف. و بالتالي هو صراع يحدد عمره بمدى إستطاعة العوامل المحركة له الإنتقال بين الأجيال المتعاقبة. و هو يشبه البركان في طياته, ففي سباته دائم الغليان في الداخل و في إنفجاره يأتي على الأخضر و اليابس, و يعيد العملية السياسية و البلاد برمتها إلى المربع الاول أدرك تمام الإدراك أن حل هذا النوع من الصراعات صعب للغاية, لأن ما يوقده هو الإختلاف في الثوابت, و التي من الصعب جدا تغييرها أو طمسها. فمن المستحيل مثلا أن يطلب من المسيحيين أو الأكراد التخلي عن دينهم أو لغتهم لإرضاء شركائهم في العيش من مسلمين و أتراك و عرب و غيرهم هناك بشكل عام منهجين للتعاطي مع المسألة الطائفية, الأول يعمل على حصر النزيف بينما يركز الثاني على وقفه من المنبع. المنهج الأول هو التمثيل الطائفي في العملية السياسية و هو كما ذكرت من قبل تسوية تصب في خانة أخف الأضرار. كما أن عمره قصيربحسب التجارب السابقة. أما المنهج الثاني فهو تكريس المواطنة, و هو في نظري الحل الدائم و الحقيقي الذي يمكن من وضع حد نهائي لأي صراع طائفي. تجدر الإشارة هنا إلى أن المنهجين المشار إليهما أعلاه متناقضين لأقصى درجة, سواء في وسائل التنفيذ أو في النتائج. كما أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال تبنيهما في نفس الوقت. فالمنهجين مختلفين لدرجة التضاد و كل محاولة لتطبيقهما بالتوازي ستبوء بالفشل الذري