بنسعيد: تعديلات "نظام الصحافيين" ترتقي بالمهنة وتتصدى لانتحال الصفة            بورصة البيضاء تنهي التداولات بالأحمر            إسرائيل تنفذ عملية برية بجنوب لبنان    اليونان توقف طلبات اللجوء للأفارقة    سفيرة موريتانيا تنفي "تقارير التطبيع"    محكمة إسبانية تدين أنشيلوتي بالحبس        نتائج التشريح الطبي لجثة "طفل بومية"    21 قتيلا و2931 جريحا بحوادث السير    الحسيمة.. سقوط سيارة في منحدر بجماعة أجدير    المغرب يفتح باب المشاركة بالأوسكار    موجة الحر في أوروبا أودت بحياة 2300 شخص    "مجرم حرب يدعم تاجر سلاح".. بوريل ينتقد ترشيح نتنياهو لترامب لجائزة نوبل    ورش التأمين الصحي الإجباري يدخل مرحلة الحسم بمصادقة تشريعية مفصلية    كان السيدات- المغرب 2024: لبؤات الأطلس في اختبار حاسم أمام الكونغو الديمقراطية        هذه توقعات أحوال الطقس بالريف واجهة الشرقية اليوم الأربعاء    نشرة إنذارية تحذر من زخات رعدية قوية بالجهة الشرقية اليوم الأربعاء    قادمة من فرنسا.. إفشال محاولة إدخال أقراص طبية مخدرة بميناء بني أنصار    الغرفة الثانية تصادق على مشروع قانون المسطرة المدنية    أصيلة تحتضن الدورة الخامسة للأكاديمية المتوسّطية للشباب من 11 إلى 19 يوليوز    الخلفي: "مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة نكسة دستورية وتراجع عن التنظيم الديمقراطي للمهنة"    بنسعيد يقدم شروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة ويعلن رفع تمثيلية "الناشرين"    بنك المغرب: 58% من المغاربة يمتلكون حسابات بنكية بنهاية 2024    نسبة تقدم أشغال إنجاز سد الرتبة بإقليم تاونات تصل إلى حوالي 30 في المائة (وزير)    يوم تواصلي حول المشاريع العملية المقترحة لتأهيل مركز جماعة تنقوب ودوار الزاوية    الحسابات الوطنية توضح المسيرة الإيجابية للاقتصاد الوطني    المغرب يستقبل الجميع بحفاوة والجزائر ترد بالتجاهل والمراهقة الدبلوماسية في كان السيدات    مقررة أممية تطالب 3 دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالا جويا آمنا لنتنياهو المطلوب بتهم جرائم حرب    رياض: "أبذل قصارى جهدي للعودة للميادين وهدفي هو المشاركة في "الكان"    الصين تعتزم توسيع شبكة السكك الحديدية فائقة السرعة لتصل إلى 50 ألف كيلومتر بنهاية 2025    تجدد الدعوات لمقاطعة المنتدى العالمي لعلم الاجتماع بالرباط بسبب مشاركة إسرائيل    أسعار النفط تتراجع وسط تقييم اقتصادي لتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة    سايس يعود إلى التداريب بعد غياب دام لأربعة أشهر بسبب الإصابة    عندما ينقلب "الحياد الأكسيولوجي" إلى سلسلة ثنائيات شاردة!    كاظم جهاد: جاك ديريدا والمسألة الفلسطينية    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    أكثر من مليون متابع لفرقة تولّد موسيقاها بالذكاء الاصطناعي    الدوري الإنجليزي لكرة القدم.. سندرلاند يضم الظهير الأيسر رينيلدو ماندافا قادما من أتلتيكو مدريد الإسباني    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. تشلسي يحجز بطاقة النهائي بتغلبه على فلوميننسي (2-0)    من أين جاءت هذه الصور الجديدة؟ .. الجواب داخل واتساب    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    الطالبة ماجدة بن علي تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة مشرف جدا        ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعاء الدماء
نشر في هوية بريس يوم 28 - 08 - 2013


هوية بريس – الأربعاء 28 غشت 2013م
يوم الأربعاء في غشت 2013م يوم الدماء تجري، يوم ثمن الربيع العربي. فيوم الأربعاء 14غشت 2013م هو يوم فض الاعتصامات، هو يوم رابعة العدوية، أو رابعة الدموية، هو يوم المجازر بميدان النهضة..
يوم الأربعاء، يوم الرصاص الحي على العزل يطلق، هو يوم الجثث تداس وتحرق؛ يوم إجرام العسكر والأمن والبلطجية، يوم حدث مالم يكن بالحسبان..
يوم الأربعاء دفع الشعب المصري ضريبة دفاعه عن ثورته وكرامته وحريته، وكانت رسالة العسكر واضحة جلية في الحفاظ على حاجز الخوف، واستعباد الشعب وتركيعه؛ وكأنها تقول له هذا جزاء من أراد الثورة في وجه أسياده، هذا ثمن من حاول الخروج عن خريطة الطريق التي ترسم له، هذا نصيب من فكر في التمرد عن الاستعباد للسادة الساسة. حيث قوبل الربيع العربي المزهر، بأربعاء بشار والعسكر، بالدماء تجري كماء منهمر.
وما أن أقبل صباح أربعاء 21 غشت 2013م، حتى أقبل بشار الجزار بخيله وجنده، وحاله يقول للسيسي أنا أكثر منك دموية، أنا أكثر منك وحشية وتفننا في القتل وإراقة للدماء؛ فأرسل جنوده صواريخ تحمل رؤوسا كيماوية لم تترك ريف دمشق حتى غطت "الغوطة" بالغاز الكيماوي، الذي لم يترك وليدا ولا رضيعا، ولا طفلا صغيرا، ولا شيخا كبيرا.. استنشق الغاز الكيماوي حتى فارق الحياة اختناقا وضيقا.
وإذا الصورة متكاملة واضحة متشابهة، من الأربعاء إلى الأربعاء، من القاهرة إلى ريف دمشق، عشرات بل مئات بل آلاف من الموتى والجثث المكفنة والمكشوفة المصفوفة صفوفا متتابعة متتالية. وإذا الكاميرات تسجل بالصورة الناطقة تلكم الجثث، وتلك الصفوف للموتى، والتي تسجل بدورها صدق ظن الملائكة لما قالت : {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30)}، فإذا صدق ظن الملائكة في بشار وشبيحته وجنده، والسيسي وبلطجيته وعسكره، فإنهم جميعا يقدمون شهادة حية على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ" قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْقَتْلُ الْقَتْلُ.
وفي حديث آخر قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ. وَلَا يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ".
ولنا في التاريخ الإنساني عبرة مع أول قطرة، أول قطرة دم تسيل على الأرض، قطرة ابن آدم هابيل لما قتله قابيل. وكلاهما رسم طريقا لمن بعدهما. فالقاتل سنّ القتل وسفك الدماء: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)}.
والثاني سنّ منهج الصبر والمصابرة والسلم والسلمية، لما قال لأخيه: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)}؛ فالمشكلة إذن كامنة في القتل وسفك الدماء، لأن سفك الدم البريء قمة الفساد والإفساد في الأرض بعد الشرك بالله تعالى، قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.
فكل أنواع الفساد والجرائم التي مارسها الطغاة في مصر وسوريا لم تذكر ولم تحسب أمام سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، كما أنهم لا يعتبرون الفساد فسادا، فهم على شاكلة فرعون القائل: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ}؛ إذن سفك الدماء عندهم مباح حلال، قصد الحفاظ على دينهم، دين القتل والإرهاب؛ وهو أسلوبهم في ضمان البقاء والاستمرار، وطريقتهم في التغيير والحوار؛ وهذا عين الفشل والانحراف والزيغ والبعد عن الرشاد، وسبب العجز والضعف والتخبط والتيه عن طريق الرشد والصواب.
وفي الجهة المقابلة من يتعرض للقتل والتعنيف والتعذيب، ويده بيضاء نقية، طاهرة سلمية على نهج :{لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)} يكون ناجحا متفوقا، مرتاحا مطمئنا ناجحا، لأن دمه الطاهر بمثابة ماء الحياة، الذي يبعث في النفوس روح الأمل والتفاؤل لمستقبل مشرق زاهر، والذي يغذي شجرة الكرامة والحرية.
ومطمئنا لأنه واثق من النصر مادام على نهج الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)}، وقد قال رسول الله لأسرة ياسر: "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة" وهم تحت السياط والتعذيب، والاضطهاد والتعنيف.
من هنا نقول للشعوب الإسلامية التواقة لغد أفضل صبرا صبرا. صبرا على الأذية وعدم اللجوء إلى رد الأذية بالأذية، هذا هو منهج المرسلين ومنهج النبوة الخاتمة: {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}.
إن التزام السلمية في دفع العنف والإرهاب والأذية، قوة لا تقهر، وصلابة لا تكسر، وإيمان لا يهتز ولا يكفر، وطريق لنطق صمت الصامتين، إذ هناك فئة ثالثة من الناس، تراقب الوضع صامتة متفرجة، حتى إذا اشتدت وحشية المتعطشين للدماء، واستحر القتل في أصحاب السلمية، استبان الحق من الباطل، واتضح الأبيض من الأسود، والظالم من المظلوم، عندها يصدق قول الحق تعالى: { قد تبين الرشد من الغي}، وعند ذلك تندفع الشعوب للدفاع عن الشرعية والسلمية، ومواجهة الوحشية الفاشية.
وهذا ما يزلزل عروش دعاة العنف والإرهاب، وقبل ذلك يبعث في قلوبهم الخوف والرعب والاضطراب والقلق، لأن العنف والإرهاب لا يخشى شيئا كما يخشى يقظة الشعوب، وصحوة القلوب، وتمييز العقول للرشد من الغي، والزائف من الحقيقي.
كما لا يكره الطغاة والمفسدون وأصحاب نهج سفك الدماء شيئا كما يكرهون الداعين إلى الوعي واليقظة، الداعين إلى نور العلم والمعرفة، الداعين إلى السلمية والشرعية، الداعين إلى الصلاح والإصلاح، الداعين إلى سبيل الرشاد دون سبيل الفساد.
كما لا ينقم المفسدون الطغاة على أحد كما ينقمون على من يهزون الضمائر الغافية، الذين يحركون القلوب الجافية، ويوقظون الأعين النائمة حتى تبصر طريق الحق والحقيقة، فتسير عليه نحو كرامتها وحريتها وحقوقها. فصبرا أيها الشعب المصري، ويا أيها الشعب السوري فالحقيقة واضحة بينة، والنصر قريب قريب، كما قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.