أمير المؤمنين الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الأضحى في تطوان    أداء "بورصة البيضاء" يواصل التقدم    هولندا.. إغلاق مجزرة سرية وحجز عشرات الخراف خلال عيد الأضحى    اطلاق مشروع لغرس 110 هكتار من اشجار الزيتون باقليم الحسيمة    غارات تقتل عشرات الفلسطينيين بغزة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من خادم الحرمين الشريفين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    تونس مصيرها الجلوس    رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا يأمر بفتح تحقيق "فوري وشامل" في أحداث مدينة صبراتة    سجل يا تاريخ !    اليوم العالمي لسلامة الأغذية نحو غذاء آمن وصحة أفضل    وليد الركراكي يرسم ملامح منتخب متجدد ويقترب من رقم تاريخي    السفينة "مادلين" تقترب من غزة والساعات القادمة حرجة    برشلونة تدعم مغربية الصحراء وتبرز جدية مقترح الحكم الذاتي    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الأضحى في تطوان    1526 شخصا يستفيدون من عفو ملكي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    متفوقاً على لامين ومبابي.. رافينيا أفضل لاعب في الدوري الإسباني    سوء التنظيم يفسد أجواء مباراة المغرب وتونس الودية: جماهير تقتني التذاكر وتمنع من الدخول        في أجواء روحانية بالمصلى.. هكذا عبّر المواطنون عن فرحتهم بعيد الأضحى (فيديو)    نجاح مسؤولة أمنية مغربية.. يصيب هشام جيراندو بالسعار    قتلى وجرحى في حادثة سير ضواحي أزمور        صراع علني بين ترامب وإيلون ماسك... اتهامات متبادلة وتهديدات سياسية واقتصادية    عيد الأضحى في إندونيسيا: مظاهر احتفالية روحانية في أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان    أول أيام التشريق.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات الثلاث    زلزال بقوة 6,4 درجات يضرب شمال الشيلي    جوكوفيتش يلمح أنه ربما خاض آخر مباراة له في رولان غاروس    وزارة التربية تمدد آجال طلب المنح    الملك محمد السادس يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    الإصابة تُغيّب ديمبيليه وباركولا عن مواجهة ألمانيا في الأمم الأوروبية    تقنيات الذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل مباريات كأس العالم للأندية 2025″    اكتشاف مومياوات نادرة في البيرو تعود لحضارات ما قبل الإنكا        كارثة عمرانية بسور المعكازين بطنجة.. ومطالب بمحاسبة الشركة المشرفة على الفضيحة!    باريس ومونتريال ونيويورك تحتضن فعاليات يوم الأمة القبائلية: دعوة مفتوحة من الحكومة المنفية لإحياء الذاكرة وتأكيد خيار الاستقلال    المنتخب الوطني يفوز على نظيره التونسي في مباراة ودية بهدفين نظيفين    الأسود تزأر مرتين ضد تونس في فاس    رفع عدد الرحلات الجوية بين طنجة ومالقا خلال صيف 2025    قناة إيطالية تشيد بالوثائقي المغربي "إشعاع مملكة" الذي تنتجه شركة "Monafrique Prodcom"    على هامش غياب الكاتب حسونة المصباحي    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    طوابير الحجاج في مكة لحلاقة الشعر يوم عيد الأضحى    متجاوزا التوقعات.. النمو الاقتصادي الوطني لسنة 2024 يسجل تحسنا بلغ 3,8%    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    الحجاج يودعون "عرفات" متوجهين إلى مشعر مزدلفة    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأصول الباطنية للموسيقى
نشر في هوية بريس يوم 06 - 02 - 2017


هوية بريس – ذ. طارق الحمودي
قد يستغرب من هذا الإقحام غير المعهود لأحد الفنون "الجميلة"! في مبحث متعلق بالفكر والعقائد، خاصة الباطنية منها، وهو أمر متوقع لعدم وضوح وجه أو أوجه الترابط أو التداخل بينهما على المستوى الظاهر على الأقل، لكن التاريخ الفكري يكشف عن علاقة خاصة بين الجهتين، ويفصح عن تداخل وارتباط فكري واضح بين العلمين.
هل للموسيقى تأثير مباشر على تصرفات المستمع؟
سؤال ثقيل، وموضوع نقاش مفتوح مشهود بين الباحثين الأكاديميين والمسؤولين السياسيين وشخصيات من المجتمع للمدني، سؤال ينبغي أن يوضع على طريق تحقيق الدور الذي تستطيع الموسيقى القيام به في نشر الأفكار الباطنية كما في كتاب "Le Satanisme"[1] الصادر عن "Mission Inteministérielle de Vigilance et de Lutte contre les Dérives Sectaires"، بل هل يمكن أن يكون هذا النوع من الموسيقى محرضا على ممارسة العنف الذي يصل إلى القتل[2]؟
علم الموسيقى كما عرفه الفارابي الفيلسوف «معناه الألحان، واسم اللحن قد يقع عل جماعة نغم رتبت ترتيبا محدودا وقد يقع أيضا على جماعة نغم ألفت تأليفا محدودا وقرنت بها الحروف التي تركب منها الألف»[3]، وعند ابن عبد البر المحدث والفقيه المالكي «تأليف اللحون وتعديل الأصوات ورن الأنقار وأحكام صنوف الملاهي»[4]، ولابن خلدون كلمة فيه في المقدمة.
سيختفي مستوى هذا الاستغراب حينما يستعرض الباحث أمام عينيه حقيقة اشتغال كثير من الفلاسفة بها، باعتبارها منتمية إلى العلم الأوسط مع الحساب والتنجيم والطب بدءاً باليونان، وعلى قول الفارابي، فهي صناعة منسوبة إلى القدماء[5].
فقد ذكر ابن صاعد أن فيثاغورس استخرج بذكائه علم الألحان وتأليف النغم[6] على قواعد الحساب، وكان للموسيقى محل في نظرية التطهير الغنوصي عنده، وهي واسطة لتحصيل التوافق مع الكون، ويوافقه إخوان الصفا الشيعة الباطنية على ذلك، وأنه سمع بصفاء جوهر نفسه وذكاء قلبه نغمات حركات الأفلاك والكواكب، فاستخرج بجودة فكره أصول الموسيقى ونغمات الألحان، وكانت الموسيقى عنده موضوعة على أساس التوافق القديم للكون[7]، ثم أخذ سر هذا العلم بعده سنقوماخس وبطليموس وأقليدس وغيرهم من الحكماء، وكان الغرض من هذه استعمالها في الهياكل والمعابد[8]، وكانت الموسيقى من الطقوس المستعملة في العبادة المانوية[9]، بل كانت الديانات البابلية تقوم على اعتقاد أن الآلهة محبة للرقص وسماع الموسيقى[10]، وجعل ابن عربي علم الموسيقى من علوم "بدل" الإقليم الرابع[11]!
وسيوجد هذا في بلاد المسلمين عند الفلاسفة المشارقة والمغاربة تأليفا وعزفا، ولعل أشهر المشارقة في هذا الفارابي والذي ألف كتابا في الموسيقى جعله بعضهم سببا لتلقيبه بالمعلم الثاني، ولن يكون الغرب الإسلامي بمعزل عن هذه الحقيقة من جهتين، جهة أصالة وجهة استيراد، وقد صارت بذلك جزءا من العلوم الفلسفية كما فعل أبو سليمان المنطقي كما في الإمتاع والمؤانسة، وكان ابن صاعد يذكر مؤلفاتها ضمن مصنفات من يترجم لهم من المشتغلين بالحكمة والعلوم القديمة في الأندلس، وهذا أمر نبه عليه ابن عبد البر في الجامع، فوفق ما ذكره، فإن علم الموسيقى معدود مع التنجيم والطب وعلم الحساب.
أما الأولى فقد ذكرت كتب التراجم الأندلسية خاصة عددا من الفلاسفة الذي عرف عنهم التأليف في الموسيقى على رأسهم ابن باجة وأبو عثمان الحمار السرقسطي[12] وأبو الصلت أمية بن عبد العزيز الإشبيلي (520 أو 528 ه) والذي كان أمتن علومه الفلسفة والطب والتلحين، وهو الذي لحن الأغاني الإفريقية[13]، وأحمد بن الحسن القضاعي ( 598 أو599 ه)، وله تلخيص لكتاب الفارابي[14] وغيرهم.
وأما الاستيراد فأشهر شيء في ذلك قدوم زرياب الموسيقي إلى الأندلس، وكان قد برز في صناعتها وتقدم فيها ونهض بها، وله طرائق تنسب إليه[15]، وقد كان زرياب عالما أيضا بالنجوم والفلسفة[16]، وقد جمع أغانيه أسلم بن أحمد بن سعيد[17].
كانت الموسيقى على شاكلة التنجيم والفلسفة من العلوم المهجورة عند علماء الشريعة، فقال ابن عبد البر: «وأما علم الموسيقى واللهو فمطرح منبوذ عند جميع أهل الأديان على شرائط العلم والإيمان»[18]، ولا زالت ملامح الباطنية في الموسيقى قائمة، فاليوم تعزف مقطوعات لكل كوكب، ويدمج بين الرياضيات والفلسفة والموسيقى كما هو حال (mamuphi)!
[1] P91.
[2] Histoire et Achialité p44.
[3] كتاب الموسيقى الكبير ص47.
[4] الجامع ص295.
[5] كتاب الموسيقى الكبير ص35.
[6] طبقات صاعد س22.
[7] Histoire critique du gnosticisme-t1-p50
[8] رسائل إخوان الصفا (1/103).
[9] المعتقدات الدينية لدى الشعوب ص102.
[10] موسوعة ميثولوجيا ص76.
[11] الفتوحات المكية (2/377).
[12] طبقات صاعد ص68.
[13] نفح الطيب (2/105و106).
[14] الذيل والتكملة (1/90).
[15] بغية الملتمس (1/294)
[16] نفح الطيب (3/127)
[17] بغية الملتمس (1/294)
[18] جامع بيان العلم ص295.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.