سويسرا تُعري ادعاءات البوليساريو: لا وجود لتمثيلية رسمية للكيان الانفصالي    رئيس مجلس المستشارين يجري مباحثات مع رئيس المجلس الوطني السويسري    المغرب ورومانيا يحتفلان بعلاقاتهما الأخوية بإصدار خاص لطابعين بريديين مشتركين    بن عبد الله: حكومة أخنوش غير معنية بتوطيد الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان    الأميرة للا حسناء تترأس مجلس إدارة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة    انعقاد مجلس للحكومة بعد غد الخميس    مؤشر التضخم الأساسي في المغرب يواصل مسار الانخفاض    يامال يتفوق على الخنوس بخصوص جائزة أفضل لاعب شاب في الدوريات الأوروبية    21 قتيلا و2808 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    الشامي يقول إن "الفقيه مصطفى بنحمزة" صوت لفائدة رأي المجلس الاقتصادي بمنع تزويج القاصرات    كريم خان: تلقيت تهديدات وزعماء أبلغوني أن الجنائية الدولية أُنشئت لأفريقيا وبلطجية مثل بوتين وليس للغرب وحلفائه    واشنطن ترفض اتهامها بالتسبب في مقتل الرئيس الإيراني    ألف درهم للتذكرة.. نفاذ جميع تذاكر حفل أم كلثوم بمهرجان موازين    محاكمة أمير ألماني وعسكريين سابقين بتهمة التخطيط لانقلاب    ارتفاع ب 18 بالمائة في أبريل الماضي بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء    تصريحات عدائية ترسخ عقدة رموز النظام العسكري الجزائري من النجاحات المغربية    وزارة الإقتصاد والمالية… فائض في الميزانية بقيمة 6,1 مليار درهم    عملية مرحبا 2024 : اجتماع بطنجة للجنة المغربية – الإسبانية المشتركة    إدانة نائب رئيس جماعة تطوان بالحبس النافذ        "مايكروسوفت" تستعين بالذكاء الاصطناعي في أجهزة الكومبيوتر الشخصية    الدولار يتأرجح والعملات المشفرة ترتفع    الرباط: افتتاح الموقع الأثري لشالة أمام الزوار    الجائزة الكبرى لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم لكرة المضرب .. إقصاء المغربية آية العوني من الدور الأول    الاتحاك الإفريقي يدين الأحداث التي أعقبت لقاء نهضة بركان والزمالك    الحكومة تتوقع استيراد 600 ألف رأس من الأغنام الموجهة لعيد الأضحى    والدة كليان مبابي تخرج عن صمتها بخصوص مستقبل إبنها    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    نجم ريال مدريد يعلن اعتزاله اللعب نهائيا بعد كأس أوروبا 2024    أكثر من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    أزيد من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بأكادير تحطم الرقم القياسي في عدد الزوار قبل اختتامها    اجتماع تنسيقي لتأمين احترام الأسعار المحددة لبيع قنينات غاز البوتان    إميل حبيبي    مسرحية "أدجون" تختتم ملتقى أمزيان للمسرح الأمازيغي بالناظور    تصفيات المونديال: المنتخب المغربي النسوي يواجه زامبيا في الدور الأخير المؤهل للنهائيات    في مسيرة احتجاجية.. مناهضو التطبيع يستنكرون إدانة الناشط مصطفى دكار ويطالبون بسراحه    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: أكنسوس المؤرخ والعالم الموسوعي    صدور كتاب "ندوات أسرى يكتبون"    بلاغ صحافي: احتفاء الإيسيسكو برواية "طيف سبيبة" للأديبة المغربية لطيفة لبصير    هاشم بسطاوي: مرضت نفسيا بسبب غيابي عن البوز!!    غير مسبوقة منذ 40 سنة.. 49 هزة أرضية تثير الذعر في إيطاليا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    نقاد وباحثون وإعلاميون يناقشون حصيلة النشر والكتاب بالمغرب    رئاسة النظام السوري تعلن إصابة زوجة بشار الأسد بمرض خطير    "الفاو"‬ ‬تفوز ‬بجائزة ‬الحسن ‬الثاني ‬العالمية ‬الكبرى ‬للماء ..‬    49 هزة أرضية تضرب جنوب إيطاليا    صلاح يلمّح إلى بقائه مع ليفربول "سنقاتل بكل قوّتنا"    رغم خسارة لقب الكونفدرالية.. نهضة بركان يحصل على مكافأة مالية    تفاصيل التصريحات السرية بين عبدالمجيد تبون وعمدة مرسيليا    أكاديميون يخضعون دعاوى الطاعنين في السنة النبوية لميزان النقد العلمي    الأمثال العامية بتطوان... (603)    تحقيق يتهم سلطات بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوث أودت بنحو 3000 شخص    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة الاتباع في فكر الإمام مالك
نشر في هوية بريس يوم 02 - 03 - 2017


هوية بريس – ذ. طارق الحمودي
كل من تدارس كتاب الموطأ للإمام مالك رحمه الله، معلما أو متعلما، سيلاحظ ولابد -إن كانت مدارسته عن نظر وتأمل وملاحظة- أن للموطأ شأنا عجيبا من ثلاث جهات، الجهة الأولى جهة مضمونه، فهو كتاب جامع بين الحديث وتفسيره -كما هو اصطلاح الإمام مالك فيه- وأصول الفقه وفروعه، والثانية جهة المنهج الذي سلكه فيه صاحبه في تبويبه وترتيبه، والثالثة أنه مدخل للتعرف على فكر الإمام مالك في أرقى تجلياته، وهو أكثر ما أثار انتباهي واهتمامي.
فقد دفعني ذلك إلى محاولة مجالسة الإمام بحسن الإنصات إليه، والتأمل في كلامه، فوجدته أكثر مما وصفوه لنا، وأعلى شأنا مما عرض علينا، فقد وجدته فقيه نفس، غائصا على المعاني، عالما بالمباني، يحاور المخالف فينصف، ويعرض الحكم فيفصح، يمارس العقل في أدق صوره، فيقيس الشيء على نظيره، وقد يستعمل المنطق في تقريره، مع سلفية في الاتباع، وارتباط قوي بالصحابة والأتباع، واعتماد على الحديث والسنة، واستشهاد بمذاهب العلماء الأئمة، في أمور أخرى يعجب لها الباحث الناظر، ويطرب لها القلب والخاطر، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
يعد موطأ مالك من أوائل كتب السنة المصنفة على الأبواب، وقد كان معدودا أصح كتاب بعد القرآن كما قال الشافعي رحمه الله، وما صحيح البخاري منه إلا امتداد واستمداد، شكلا ومضمونا، وقد ناله نصيب وافر من المدارسة والتفسير، وشرحه كبارٌ ذوو شأن كبير، كابن عبد البر في الاستذكار في مذاهب علماء الأمصار، والتمهيد في معاني الآثار، والمنتقى لأبي الوليد الباجي، والقبس والمسالك لابن العربي، وقد تعلقت به دراسات قديمة وحديثة، عن منهج صاحبه وطريقته، وشرح ألفاظه وغرائبه، فكان الموطأ من زينة الدهر وجماله، نفعنا الله بموضوعه، ويسر لنا الاستفادة من محموله.
من الأمور اللافتة لنظر القارئ للموطأ، رجوع مالك فيه إلى ما كان عليه العمل، ويقصد بذلك عمل أهل المدينة، أي الأمر الذي لم يزل عليه العلماء فيها سنة ماضية، ولذلك كان يحيل على الفقهاء السبعة كثيرا، وقبلهم من بقي فيها من الصحابة على رأسهم ابن عمر، وكان يزين فقهه فيه بنقل مسائل الناس للأئمة كابن شهاب الزهري وابن القاسم، ويبدو أنها كانت طريقة قديمة، ويشهد لذلك أن الأمر في ذلك تجاوز التابعين إلى الصحابة الكرام كابن عمر، وقد مارس مالك نفس الأمر.
فقد كان يحيى بن يحيى الليثي ينقل في روايته للموطأ ما كان يُسأله مالك مع أجوبته، وكان مالك كثيرا ما ينص على اختيارات علماء المدينة، فتارة يسميهم، وتارة يبهمهم، ويحكي في ذلك البلاغات والمتصلات، كما كان صريحا في الإنكار على من يخرج على الشريعة بحجة المخالفة لما عليه سنة المسلمين، فيرمي الفعل المخالف أحيانا بالبدعة، ولعل من أكثر ما يثير الانتباه في طريقة مالك وفلسفته الاتباعية أنه كان ينص على دليله في اختياراته نصا، قرآنا وسنة، فيقول: "ولذلك قال تعالى.."، أو "لأن النبي صلى الله عليه وسلم..".
كما لم يهمل مالك طريقة الجدل والحوار، كما فعل تلميذه الشافعي في الرسالة، فيذكر مذهب المخالف بقوله "فإن قيل…" ثم يرد عليه، ويبين سبب استعماله للجدل في أن ذلك مما يعين على التصور والتصديق، بل إنه مارس القياس المنطقي، فيذكر المقدمة الكبرى والصغرى، ويصدر النتيجة قبل ذلك، ولم تخل الممارسة الفكرية لمالك في الموطأ من البعد الأخلاقي، فكان يؤثر استعمال عبارات كالكراهة والحب والجواز، ويحملها رأيه رادا كل ذلك إلى علم الله تعالى
لقد كان مالك يمارس نوعا أخص من فقه الاتباع لم أره عند غيره، ولم أجد له مثيلا فيما قرأته عند أقرانه وأصحابه، فحري بالباحثين أن يقرؤوا الموطأ بعد هذا قراءة مختلفة، تتجاوز اعتباره مصنفا في ترتيب الأحاديث تحت أبواب، أو أقوال له ينقلها الليثي عنه، بل يجب النظر إليه بنظرة التدقيق والتحقيق، بالتأمل في تصرفاته وتأصيلاته وتخريجاته، فتحت الكتاب فلسفة اتباع تحتاج إلى استنباط وعرض ومدارسة، ثمَّ فكر ينبغي تحليله وتركيبه، وما لم أذكره عن الموطأ وفلسفة مالك في الاتباع فيه أكثر مما ذكرته، فثمَّ فلسفة متكاملة تحتاج إلى استخراج لجعلها طريقا على سبيل التجديد والإصلاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.