أخنوش يكسر صمت الحكومة... حصيلة بالأرقام ورسائل بين السطور        معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة: اجمالي استثمارات متوقعة بأكثر من 90 مليار دولار    الرئيس الإماراتي ونظيره الفرنسي يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية        كيوسك الجمعة | مسطرة جديدة لتدبير وصرف المنح لفائدة متدربي التكوين المهني    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب                عزل عامل إنزكان أيت ملول على خلفية ملف تفويت عقار عمومي    بوفال يضع حدا لشائعة وفاة والدته: "كفاكم كذبا واحترموا حياتنا الخاصة"    فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح        الكسريوي يكشف عن توسيع شبكة "مؤسسات الريادة" بتطوان    افتتاح المحطة السككية الجديدة لمدينة تازة المنجزة باستثمار إجمالي يناهز 50 مليون درهم    ناصر بوريطة يؤكد موقف الملك الثابت ضد ترحيل الفلسطينيين واحتلال غزة    بوفال يفند مزاعم وفاة والدته    ضابط مخابرات عسكرية أمريكي سابق: أمريكا لا تملك حلفاء بل دول تابعة لها وخاضعة لهيمنتها (فيديو)    الهجوم الإسرائيلي.. مجلس الأمن الدولي يؤكد دعمه لسيادة قطر    رصاص الأمن ينهي حياة شخص عرض المواطنين والشرطة لاعتداء خطير    طنجة.. الأمن يفتح تحقيقاً في زيادات غير قانونية بسيارات الأجرة مستندة إلى وثيقة مزورة        تقرير: المغرب يستورد سلعا إسرائيلية تتجاوز قيمتها 177 مليون دولار خلال عام واحد        ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده        أخنوش: الحكومة حققت حصيلة إيجابية في سياق دولي مضطرب وفي ظل ظروف مناخية صعبة    قيوح يدشن محطة قطار مدينة تازة    مجلس الحكومة يهتم بحماية النباتات    نهضة بركان أمام الوافد الجديد أولمبيك الدشيرة، وقمة الرجاء ضد الفتح، والوداد يستقبل الكوكب المراكشي .. اليوم تنطلق البطولة الإحترافية بمواجهات تجمع بين خبرة الكبار وحماس الصاعدين    قبل الجمع العام لعصبة الشمال لكرة القدم.. 17 سؤالاً محرجاً ينتظر رئيس عصبة الشمال        يبلغ ثمنها ابتداء من 60 دولارا أمريكيا افتتاح مرحلة ما قبل البيع لتذاكر مونديال 2026    توصية فرنسية بحظر استخدام المنصات الاجتماعية للأطفال دون 15 عاما    صلاحيات أوسع لمندوبية حقوق الإنسان    بوريطة: غزة تسائل الضمير الإنساني.. وإسرائيل تُقوض عقودا من جهود السلام    المغرب يطور منصة للذكاء الاصطناعي    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بالأخضر    الدخول الاجتماعي يجدد التنبيهات النقابية للحكومة من تغول الفساد وتنامي منسوب الاحتقان    التقدم والاشتراكية يطالب وزير الداخلية بالتصدي الحازم لاستعمال المال في الانتخابات    ناشط مؤيد لإسرائيل يقتل في جامعة أمريكية    والدة مبابي: "ابني كان يحلم بالجنسية البرتغالية بسبب رونالدو"    إدريس الروخ يحذر جمهوره من شخص ينتحل اسمه وصورته    جولة فنية مرتقبة لدنيا بطمة بعدة مدن مغربية    72 في المائة من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية)    دعوة إلى الكنوبس لمراجعة إجراءاته الخاصة بمرضى السرطان    الكتابة والاستضافة        بطولة انجلترا: الاصابة تبعد الدولي المصري مرموش عن ديربي مانشستر    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري        188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤولية الكاتب
نشر في لكم يوم 20 - 09 - 2019

أثناء توقيع كتابي الأخير " صانع الزمن " حاولت في كلمتي أن أتفادى الحديث ، عن هندسة الكتاب، وخلفيته الثقافية، وتركت ذلك للقارئ ومهاراته وأفقه المعرفي، وحتى لا أضيع الفرصة من يدي حاولت أن أتحدث عن دور الكاتب في التغيير، واتخذت الكاتب الروسي فيودور دوسوتفسكي نموذجا، مع سبق الإصرار والترصد، لسببين : الأول : أنه كان يكتب وهو يعلم يقينا أنه يمكن أن يحول أشياء ذات بعد اجتماعي قاهر إلى أشياء ذات حمولة أدبية وإنسانية للإنسان الروسي، وثانيا : كان يؤمن إيمانا راسخا بأن روسيا عيها أن تتحول إلى بلاد المعجزات..
لماذا دوستوفسكي ؟
بالصدفة أعدت قراءة أشهر أعمال دوستويفسكي ، ومنها الإخوان كارامازوف، الأبله، المقامر، مذكرات قبو، الشياطين ، اللائحة طويلة، لكن أكثر ما شدني في أعمال هذا الكاتب الروسي هو كيف اعتمد على نماذج معينة من المجتمع وفي أغلب الميادين والقطاعات وحاول أن ينقل إلينا بأمانة حالة المجتمع المرضية وكيف بلغ المرض إلى أقصاه وذلك بتصوير غاية في الدقة والمسؤولية والأمانة، ما يلاحظ أنه كان يكتب على شخوصه التائهة، المتقلبة، الحائرة وهو يُكن ُ لهم كل الحب والتقدير، مع دوستويفسكي، لايمكن أن تكون كاتبا حقيقيا دون أن يُحِبوكَ مرضاك حبا حقيقا.
إن تواضع الشخوص في تفكيرهم، حبهم لله، حبهم للخير والعدل، والتغيير وغيرها من الخصال الرفيعة جعل الكاتب في كل أعماله أن يكون عميقا، مرنا، بسيطا في عرض وتقديم الأسباب والنتائج، لم يكن في لحظة من اللحظات منظرا، ولم يلعب في فترة ما دور الحكيم، أو المفكر أو الفيلسوف، بل كان الرجل المناسب في السوق " مثل سوق العلف " في مدينة سانبترسبورغ " في رواية " الجريمة والعقاب " وكان السجين، والمحامي والطالب، والمقامر وغيرها من الشخوص التي تتحرك على الأرض وهي لا تعرف وجهتها الحقيقية، وحده دوستويفسكي بعبقريته الفنية يستطيع كيف يُلبِسُ شخوصه اللباس المناسب لها، فالراهب قد يطلب من الله الرحمة والفلاح للجميع ولكن هل فعلا إيمانه حقيقي بما يكفي ليتحقق هذا الدعاء من الأرض إلى السماء ؟
هنا تكمن خطورة دوستويفسكي، في نقل الجانب الخفي لدى شخصياته، هوسهم بالجنس، بالثروة ، بالسلطة، بالتفوق، بالتميز، بالمعرفة والنسب، ميزات كثيرة تحفر في عمق أعماق الشخصيات المريضة، هل هي فعلا مريضة ؟
تعالوا نحفر قليلا في رواية الجريمة والعقاب وننظر بعين المتفائل كيف نقل الكاتب صورة المجتمع الروسي في تلك الحقبة لتي عاشها عن قرب بكل محاسنها ومساوئها.
باختصار شديد، نجح فيودور دوستويفسكي في نقل الواقع الطبقي ببراعة، وكيف أثر هذا التباين المفزع على نفسية المواطن الروسي، مجتمع يحلم بتغيير واقع مرير، لكن هناك مجموعة من العوائق النفسية والتاريخية والثقافية تقف في تحقيق هذا الحلم. ماذا سينتج عن هذا الوضع التراجيدي ؟ هو التعلق بالموت أكثر من الحياة، هذا هو الخلاص الوحيد من هذا الانحباس وهذا السجن الكبير.
السؤال الكبير هو : ماهو دور الكاتب عندما يشعر المجتمع ويبلغ هذا الإحساس الرهيب ؟
إن الكاتب وأي كاتب ، يعرف جيدا ما معنى المسؤولية التاريخية، يعرف جيدا، شرف الكتابة، مثل دوستويفسكي الذي دفع باستماتة إلى توريط نفسه بقصد أو غير قصد للرفع من وثيرة الجنون، جنون الإبداع، جنون الكتابة بدون توقف في الدفاع عن حق المواطن في الحياة، حق المواطن في الأمل في المستقبل، إنه في لحظة الحكم على الجميع بالموت، يتحمل مسؤوليته ويتحول إلى محامي الطبقات المجروحة، فيكتب بالنار وبالورود وبالرصاص، إنها معركة الوجود لفئة فقدت الصلة بهذا الوجود الطبقي ولو أدى به الأمر إلى الحكم بالإعدام الذي نجا منه بأعجوبة، ونجت معه روسيا التي أصبحت تلقب بعد سنوات من وفاته بروسيا العظيمة.
ان الكاتب الحقيقي، مهما يكن سواء ملاكا او شيطانا كما يحب للبعض تصويره، عليه ان يكون منسجما مع ذاته، مع مواقفه، عليه أن يدافع عن قضيته، واذا تبت ولم تكن له قضية، فليكتب مايشاء…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.