قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان و العلاقات مع البرلمان، أن ظاهرة زواج القاصرات، ككل الظواهر الاجتماعية، لا تعالج من خلال مقتضيات القانون وحده والا كانت عملية المعالجة والمحاصرة سهلة. ودعا الرميد، أثناء مداخلته بالندوة الوطنية حول موضوع ” زواج القاصرات في ضوء المادة 20 مدونة الأسرة “، التي نظمتها جمعية التواصل المهني للمحاماة بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان و العلاقات مع البرلمان، يوم الجمعة 18 اكتوبر 2019 بمدينة الدارالبيضاء، إلى اعتماد مقاربات مختلفة لظاهرة زواج القاصرات، من قبيل: المقاربة التوعوية التثقيفية بالرفع من مستوى وعي الفئات المعنية بخطورة زواج لم يحل أجله بعد، ولم تتوفر لطرفيه أو لأحد منهما الشروط الفيسيولوجية والنفسية الضرورية، وكذا المقاربة التعليمية والتكوينية والتي من شأنها أن تجعل الطفلة ترفع من سقف اهتماماتها ومستوى انشغالاتها إلى غاية وصولها إلى العمر الملائم لتحمل أعباء ومسؤولية مؤسسة الزواج، ثم المقاربة التنموية وذلك بالرفع من المستوى الاقتصادي والاجتماعي لعموم الأسر، خاصة منها الفقيرة وذات الأوضاع الهشة والتي ستأنف أي زواج مبكر لبناتها، وترى فيه حلا مناسبا للتخلص من أعباء تحمل مسؤولية الانفاق على الطفلة، والرمي بها في أحضان زواج غير آمن. وأوضح المتحدث، أن مشكل زواج القاصر ليس مشكلا خاصا بالمغرب وانما هو مشكل عالمي، ومرد ذلك أساسا إلى أن القانون ليس بإمكانه وحده أن يؤطر المجتمعات تأطيرا مطلقا ما لم تتوفر الشروط الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الضرورية. وفي هذا الصدد، ذكر الرميد أنه بإمكان المشرع اليوم أن يعيد النظر في المادة 20 من مدونة الأسرة ويؤسس لتحديد السن الأدنى للزواج في 18 سنة دون إمكانية النزول عن هذا السن، لكن المجتمع لن ينضبط لهذا المقتضى وبالتالي ستؤول الأمور الى انفلات يجسده اعتماد بعض الأسر على صيغة زواج “الفاتحة”. وأشار الرميد إلى أن إحدى الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين، لم يسميها، سبق لها أن تقدمت بطرح مقترح قانون ينص على تعديل المادة 20 من مدونة الأسرة، وتفاعلت الحكومة معه بشكل إيجابي، حيث تم التوصل بعد مناقشات مطولة الى صيغة لتعديل المادة 20 حظيت بإجماع لجنة العدل والتشريع بنفس المجلس جاء فيها ما يلي“لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه، على أن لا يقل سن المأذون له عن ست عشر سنة (16) سنة”. وأضاف الرميد أن هذا المقترح مازال ينتظر المصادقة من قبل مجلس النواب، بعد مرور عدة سنوات، بالنظر إلى الخلاف الذي انصب حوله داخل الأغلبية والمعارضة على حد السواء. ووقف وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان عند معطى تراجع معدلات زواج القاصر، حيث إن الأرقام المسجلة بلغت سنة 2011 ما مجموعه 39031 عقدا بنسبة بلغت 12% من مجموع عقود الزواج التي تم تسجيلها خلال نفس السنة، ليستقر سنة 2018 عند 25514 عقدا بنسبة بلغت 9.13% من مجموع العقود المسجلة خلال نفس السنة، وذلك بفضل تنصيص مدونة الأسرة الجديدة في المادة 19 على المساواة في سن الزواج بالنسبة للفتى والفتاة وذلك في سن 18 سنة.