ترك صلاح الدين بصير، بصماته واضحة في تاريخ كرة القدم المغربية، فبعدما تألق إبن الدارالبيضاء في عش نسور الرجاء، قرر ذات يوم حزم حقائبه للإحتراف في السعودية، قبل أن يمارس عليه داخلها كل أنواع الضغط النفسي من قبل مسؤولي فريق الهلال. ومن السعودية قرر بصير الرحيل صوب أوروبا بحثا عن آفاق أرحب ، وحرية مفقودة وجدها داخل بيت ديبوتيفو لاكورونيا الذي تألق في صفوفه، ليخوض بعدها تجربة قصيرة مع ليل الفرنسي.
وفي اليونان التي انتقل للعب فيها سيقرر بصير وضع حد لمسيرته الكروية تحت ضغط الإصابات التي تعرض لها وهو ما زال في أوج عطائه. شهرة مع الرجاء أظهر صلاح الدين بصير تعلقه بالكرة وهو صغير السن، لكنه إصطدم برغبة أسرته في أن يتبع طريق التحصيل العلمي، ما دام أن كرة القدم مسلك قد لايقوده لبر الأمان، في فترة كانت فيه الهواية تطغى على الكثير من الأندية المغربية، حيث قد يكسب لاعب كرة القدم شهرة كبيرة، لكن مستقبله قد يضيع ويكون عرضة للتهميش، وهو المشكل الذي سقط فيه الكثير من اللاعبين لذين لم يكتب لهم النجاح. في 5 شتنبر 1972، إزداد صلاح الدين بمدينة الدارالبيضاء، واقتصر عشقه للكرة على لعبها مع أبناء درب غلف بالعاصمة الإقتصادية، قبل أن يشتد عوده ويصبح حديث العديد من عشاق المستديرة ويقرر الإلتحاق بالفريق الأخضر، الذي قضى رفقه ست سنوات ، صنع فيها لنفسه مجدا خاصا مع في عش النسور. وداخل فريق الرجاء سيذيع صيت اللاعب قصير القامة، البارع في التقنيات والذي لايخسى المدافعين، ويرعب أمهر حراس المرمى ، وهو المعطى الذي أدخله تاريخ الرجاء التي مازالت جماهيرها تتغتى به في “المكانا” معقل أنصار الخضر في مركب محمد الخامس في كل المباريات. أول محطة للإحتراف لم يكن للأداء الرائع الذي خطف به بصير الأنظار مع الرجاء، أن يمر دون أن تسعى العديد من الأندية الخليجية والأوروبية إلى ضمه في صفوفها، ليقرر سنة 1996 حزم حقائبه والسفر لخوض غمار تجربة جديدة في البطولة السعودية مع الهلال. وصل صلاح الدين ليلعب مع الأزرق السعودي، فقط 24 مباراة سجل فيها 14 هدفا ، لكنه عانى الكثير مع مسؤولي الفريق السعودي ، الذين ظلوا يعرقلون مسيرته في كل مناسبة، يتوصل فيها بدعوة من جامعة الكرة المغربية للعب مع المنتخب المغربي، حيث عاش ضغطا رهيبا لثنيه عن تمثيل بلاده، مخافة أن يتعرض للإصابة في خرق لقوانين الإتحاد الدولي لكرة القدم. ومع الترهيب الذي عاشه بصير في السعودية، من طرف مسؤولي الهلال طالب اللاعب المغربي بالرحيل ، وترك الجمل بما حمل من ملايين ، ليعلن رغبته في الرحيل من الخليج مقررا دخول تجربة الإحتراف في أوروبا. تجربة “الليغا” الإسبانية حقق صلاح الدين بصير حلمه باللعب في “الليغا الإسبانية”، التي إنتقل إليها سنة 1997 ليغادرها عام 2001، بعدما جاور ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني في عز توهجه، حيث لعب إلى صفوف مواطنيه نورالدين نيبت ومصطفى حجي. توج بصير مع “الديبور” بلقب البطولة الإسبانية، وكان واحدا من النجوم الذين ساهموا في بسط هيمة فريق منطقة غاليسيا على “الليغا”، معتمدا على ذكائه في اللعب وتقنياته، رغم المعاناة التي كان دوما يواجهها أمام مدافعين من جنسيات مختلفة يعتمدون على الإندفاع البدني، حيث ركز دوما على سرعته للتفوق عليهم ، ماجعله يحظى دوما بإعجاب الإعلام الإسباني الذي كان دائم الثناء عليه، لحرصه الشديد على التفاني في التداريب وتقديم الأفضل في المباريات مع فريقه بالموازاه مع ماكان يقدمه مع “أسود الأطلس”، حيث ظلت الجماهير المغربية وعلى مر سنوات تتغنى به في المدرجات بلازمة “بصير بصير هو هو”. موسم قصير في شمال فرنسا بعد تجربة اللعب في إسبانيا، توصل صلاح الدين بصير بعرض بنادي يمثل الشمال الفرنسي، ويتعلق الأمر بفريق ليل الذي لعب معه موسم 2001-2002، حيث خاض معه 33 مباراة في الليغ 1، لكنه لم يسجل سوى هدفين ، جعلته يفكر في ترك بلاد الفرنسيين، للرجيل صوب اليونان بلاد الحكمة ، موقعا صفقة إنتقال حر رفقة أريس سالونيك اليوناني لموسم واحد خاض فيه نهائي الكأس سنة 2003. مع أريس أصابت لعنه الإصابة الأسد الأطلسي بصير في أكثر من مناسبة، ليقرر اللاعب التفكير في مغادرة الملاعب بشكل نهائي، ووضع نهاية لمسيرة حافلة ، رسم فيها أحلى الإبداعات سواء مع الأندية التي جاورها أو رفقة المنتخب المغربي الذي كان واحدا من أبرز نجومه في نهائيات كأس العالم 1998 بفرنسا، حيث مازال الجماهير المغربية تتذكر هدفيه في شباك إسكتلندا، قبل أن يترك الكرة لبعض السنوات، ويعود للظهور كمسؤول داخل الرجاء البيضاوي على عهد الرئييس محمد بودريقة الذي دخل معه في خلاف عقب نهائيات كأس العالم للأندية التي إستضافها المغرب، ليقرر ترك سفينة الرجاء والإستفادة من تزكية جامعة الكرة لنيل شهادة التسيير والتدبير الرياضي رفقة مجمموعة من اللاعبين القدامى للمنتخب المغربي.