شكلت سنة 2025 محطة مفصلية في مسار التأهيل المجالي لمدينة طنجة، حيث تجاوزت التدخلات طابع الصيانة الاعتيادية لترتقي إلى مستوى الهيكلة الشاملة للبنيات التحتية. وتميزت هذه السنة بتنزيل حزمة من المشاريع المندمجة التي استهدفت تعزيز العرض الطرقي وتحديث الفضاءات العمومية، في سياق يتسم بتسريع وتيرة الإنجاز لردم الهوة بين التوسع العمراني ومتطلبات التنقل السلس. واتسمت المقاربة المعتمدة خلال هذا العام بالجمع بين الوظيفة والجمالية، حيث لم تقتصر الأشغال على توسيع المحاور الطرقية لفك الاختناقات المرورية فحسب، بل واكبتها عمليات تهيئة نوعية للمشهد الحضري والساحات العامة. ويعكس هذا التوجه رغبة واضحة في أنسنة المجال العام وتحسين جودة الحياة الحضرية، عبر تدخلات دقيقة تراعي الخصوصيات المجالية لكل منطقة، بدءا من المحاور الاستراتيجية الكبرى وصولا إلى النسيج العتيق للمدينة. وتكتسي هذه الدينامية المتسارعة بعدا استراتيجيا يرتبط برفع الجاهزية التنافسية لطنجة، استعدادا لاحتضان الاستحقاقات الدولية الكبرى. ولا تقرأ هذه الأوراش كعمليات معزولة، بل كحلقات مترابطة تهدف إلى تعزيز "المناعة الحضرية" للمدينة، وتمكينها من بنية تحتية مرنة قادرة على استيعاب التدفقات البشرية والاقتصادية المتوقعة، مما يرسخ موقعها كقطب حضري ذي جاذبية متجددة. عصرنة الشبكة الطرقية ورقمنة السلامة العامة وتصدرت مشاريع البنية التحتية الطرقية واجهة المشهد الحضري، حيث خضع شارع مولاي رشيد، المصنف كمحور هيكلي في منظومة السير، لعملية تأهيل واسعة النطاق. وشملت الأشغال، التي امتدت على طول يتجاوز ثمانية كيلومترات، إعادة التزفيت وتوسيع الممرات لرفع طاقتها الاستيعابية، فضلا عن تأهيل الأرصفة وتجديد شبكتي الإنارة والتشوير. وتبرز القيمة الوظيفية لهذا المحور في دوره كشريان حيوي يربط بين مدارات حضرية متعددة ومداخل استراتيجية في اتجاه المطار، مما يجعله ركيزة أساسية في ضمان انسيابية الحركة بين مركز المدينة وامتداداتها. ومواكبة لهذا التحديث المادي، تعززت المنظومة الأمنية الحضرية ببرنامج متطور للسلامة العامة، رصدت له كلفة إجمالية ناهزت 56 مليون درهم. ويقوم هذا المشروع، الموازي للأشغال الطرقية، على بنية تحتية رقمية تشمل تثبيت 533 كاميرا مراقبة موزعة بدقة على 111 نقطة تغطية، ومدعومة بشبكة من الألياف البصرية تمتد لأكثر من 20 كيلومترا. ويؤشر هذا الاستثمار على تحول نوعي نحو التدبير الذكي للمجال العام، بما يضمن سرعة الاستجابة ونجاعة المراقبة. وعلى صعيد التخطيط الاستشرافي، كشفت سنة 2025 عن "خريطة تدخلات حضرية" طموحة تهدف إلى إعادة رسم شرايين التنقل بالمدينة. وتضمن البرنامج قرارات لتوسعة محاور رئيسية، من بينها شوارع مولاي يوسف، وطريق المجاهدين، ومنطقة بوخالف، ومحيط سوق الجملة القديم، وشارع حنان الإدريسي. كما شملت الخريطة إحداث مسالك جديدة لفك العزلة عن مناطق التوسع، مثل الطرق المؤدية إلى حديقة العرفان، ومقبرة المجاهدين، وطريق الغولف، ومنطقة كاليفورنيا. وتشير المعطيات المتداولة إعلاميا إلى أن هذه الدينامية تشمل توسعة تسعة طرق رئيسية وإحداث 19 طريقا جديدة، في خطوة استباقية لمواجهة تحديات النمو الديموغرافي. تثمين الفضاء العمومي والارتقاء بالمشهد الحضري وبالموازاة مع ورش الطرق، شهدت الفضاءات العمومية والواجهة البحرية تدخلات نوعية لتعزيز جاذبيتها، حيث خضع كورنيش طنجة لصفقة تهيئة جديدة بميزانية تفوق 35 مليون درهم. واستهدفت الأشغال تجويد البنية التحتية لهذا الفضاء الاستراتيجي عبر صيانة الطرق والأرصفة، وتحديث الإنارة العمومية والتشوير، مع التركيز على جودة التجهيزات الحضرية وإنجاز الدراسات التقنية الضرورية لضمان ديمومتها. ويعكس هذا الورش الأهمية القصوى للكورنيش كمتنفس رئيسي وواجهة سياحية للمدينة تتطلب تأهيلا مستمرا. وفي السياق ذاته، استعادت ساحة "سور المعكازين" (ساحة فارو) رونقها بعد عملية إعادة تهيئة دقيقة استغرقت أكثر من ستة أسابيع. وجاءت هذه الأشغال لتصحيح وضعية سابقة بعد مراجعة مرحلة أولى اعتبرت غير مطابقة للتصميم الهندسي المطلوب. وشملت التدخلات عمليات التبليط، وتنظيم مسارات السير، وتجديد الإنارة والمقاعد، مما مكن من استعادة الطابع الوظيفي والجمالي لهذه الساحة التاريخية المطلة على المضيق، كإحدى أيقونات الذاكرة المحلية. ولم تغفل الرؤية التنموية النسيج العتيق للمدينة، الذي استفاد من برنامج خاص لتهيئة الفضاءات العمومية بكلفة تقديرية بلغت 42.7 مليون درهم. وانصبت الجهود داخل المدينة العتيقة على تبليط الأرصفة وممرات المشاة، وتأهيل الساحات الداخلية، مع تعزيز الإنارة والتشجير. وتتوخى هذه الأشغال الموازنة بين الحفاظ على الهوية التراثية الأصيلة للمدينة، وبين ضرورة توفير شروط الراحة والولوجية للساكنة والزوار، مما يساهم في دمج هذا المكون التاريخي ضمن الدينامية الحضرية الحديثة. وتخلص قراءة حصيلة 2025 إلى أن طنجة تواصل ترسيخ تحولها الحضري عبر مراكمة المنجزات الميدانية بدلا من الاعتماد على الحلول الترقيعية. وتؤكد هذه الأوراش المفتوحة، من الطرق الهيكلية إلى الساحات الرمزية، أن المدينة تسير وفق مخطط واضح المعالم لتعزيز بنياتها التحتية وتجويد مشهدها العام، بما يضمن لها استيعاب التحولات المستقبلية، وتقديم نموذج لمدينة حاضنة تجمع بين كفاءة التنقل وجمالية الاستقرار.