ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس مأدبة غداء أقامها جلالة الملك بمناسبة الذكرى ال 69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    الفلسطينيون يحيون الذكرى 77 للنكبة وسط مخاوف من تكرار التاريخ    في الجزائر الانفعال سياسة دولة    بعد 3 أشهر من وضعه.. إزالة السوار الإلكتروني عن نيكولا ساركوزي وإفراج مشروط عنه    مشجعو الكوكب المراكشي يحتفلون بعودة الفريق إلى القسم الأول من البطولة الاحترافية    160 مليون درهم لمكافحة حرائق 2025.. المغرب يعزز جهوزيته لحماية الغابات    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تم توقيفه في باب مليلية.. خمسيني يحاول تهريب الشيرا في بطنه    قضية مبديع.. متهم أمام هيئة المحكمة باستئنافية الدار البيضاء: لم أتلقَ أي تعليمات بشأن الصفقات    الغلوسي بخصوص المصادقة على مشروع القانون المسطرة: "هناك من يسعى لحماية المفسدين من المساءلة"    قبل استئناف تصفيات المونديال "فيفا" يُعيد خصم "أسود الأطلس" إلى المنافسة    أخنوش يستعرض الإصلاحات التعليمية    الوكالة المغربية للدم تطلق جولتها الوطنية من طنجة لتعزيز السيادة الصحية    ترامب: قطر ستستثمر في قاعدة العديد    الملك محمد السادس يهنئ باراغواي    محكمة العرائش ترفض دعوى زوج الوزيرة المنصوري وتُمهّد لاسترجاع عقارات جماعية    محطة تقوي الماء الشروب في 4 مدن    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي لتعزيز الإبداع والتعليم الفني بالمغرب    تنسيقية المسرحيين البيضاويين تطالب بعقد لقاء مع والي جهة الدار البيضاء سطات    أخبار الساحة    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    تزايد عدد المشردين يقلص الدخول إلى مطار مدريد    ابتلاع الطفل لأجسام غريبة .. أخطار وإسعافات أولية    ارتفاع الضغط يطال 1,2 مليون مغربي    باب برج مراكش يفتح ذراعيه لتيار تشكيلي مغربي يسعى لكتابة اسمه عالميًا    الأمن الوطني يحتفل بالذكرى ال69 لتأسيسه: وفاء للمسؤولية.. تحديث مستمر.. وخدمة مواطنة متجددة    زيان يطعن في حكم الاستئناف رغم أن القرار يترتب عنه تمديد فترة سجنه    الشرطة القضائية تستدعي من جديد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    قيوح: قطاع النقل واللوجستيك يضطلع بدور استراتيجي في تعزيز التنافسية الاقتصادية للمغرب    فيدرالية الدواجن تفنّد شائعة الحظر الصيني وتؤكد سلامة الإنتاج الوطني    كأس الكونفدرالية... ملعب أمان بزنجبار يحتضن النهائي بين نهضة بركان وسيمبا التنزاني    بنيعيش يفتتح مهرجان الموكار طانطان لحماية وصون تراث الصحراء    أشبال المغرب في مواجهة حاسمة أمام مصر بنصف نهائي كأس إفريقيا    توقيع مذكرة تفاهم بين المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات ومركز ديفاك إنفست أفريكا للنهوض بالتنمية بإفريقيا    الموت يغيب الرابور "مول العافية"    إدريس الروخ يكشف كواليس تصوير "BAG" قبل العرض الأول    الوزيرة السغروشني تترأس مراسيم تسليم السلط بين المدير العام السابق لوكالة التنمية الرقمية وخلفه أمين المزواغي    في خطوة لدعم العالم القروي: سند مستدام ثان لبنك المغرب من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية    إحياء النادي السينمائي بمدينة مشرع بلقصيري    بريطانيا تعتزم السماح للمستثمرين الأجانب بتملك حصة 15 في المائة من الصحف    تقرير أمريكي يصنف المغرب كأفضل وجهة إفريقية لرجال الأعمال الأجانب    الاتحاد البحر الأبيض المتوسط لرياضات الكيك بوكسينغ ينتخب السيد عبد الفتاح بوهلال عضوا ضمن مكتبه التنفيذي    بولونيا بطلا لكأس إيطاليا على حساب ميلان    أسعار النفط تتراجع بعد ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية    ترامب: أمريكا تقترب جدا من إبرام اتفاق نووي مع إيران    ثلاث ميداليات للمغرب خلال بطولة العالم للتايكوندو للفتيان / الفجيرة 2025 منها ميدالية ذهبية ثمينة :    من طنجة إلى بكين: كتاب "هكذا عرفتُ الصين" يكشف عمق الروابط التاريخية بين المغرب والصين    مشروع صيني مغربي جديد لتحلية مياه البحر يدشّن مرحلة متقدمة من التعاون البيئي    أسعار العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    الكرملين يكشف عن تشكيلة وفده للمفاوضات مع أوكرانيا في إسطنبول    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    بقلم الدكتور سفيان الشاط: أوقفوا العاهات السلبيين على وسائل التواصل الاجتماعي    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"التعليم عن بعد: أي تقييم لأية حصيلة؟"
نشر في لكم يوم 20 - 05 - 2020

كما هو معلوم أقدمت وزارة التربية الوطنية على توقيف الدراسة وإبقاء المتعلمات والمتعلمين بمنازلهم حفاظا على سلامتهم وحماية لصحة ذويهم من العدوى وتفادي تفشي انتشار الفيروس. لكن بقدر ما شكل هذا التعليم عن بعد إجراء وقائيا منطقيا لفرض التباعد الاجتماعي وبديلا بيداغوجيا عن الدروس الحضورية المتوقفة وآلية لضمان الاستمرارية البيداغوجية، إلا أنه أضحى تعليما عن قرب بالنسبة للأمهات والآباء والأولياء. تعليما يقض مضاجع الأسر خاصة المعوزة منها التي أصبحت مدعوة وملزمة بالانخراط في هذه العملية التعليمية المستجدة بما أوتيت وما لم تِؤت من إمكانيات لمواكبة تعليم أبنائها وتوفير الظروف المواتية لهم، مما زاد من الأعباء والنفقات الملقاة على كاهلها في ظل ظروف الحجر الصحي المتسمة بالكساد والعسر. وهنا لا يسع المرء إلا أن يشد بحرارة على أيدي الأمهات والأباء والأولياء على سمو وعيهم بخطورة الوضع وتفهمهم للتدابير الاحترازية المتخذة وانخراطهم في إنجاحها لاحتواء تداعيات هذا الطارئ الصحي وتجنيب بلادنا الأسوأ. لكن إغلاق المدارس لمدة طويلة وسد فجوة توقف الدراسة بالاعتماد على تقنيات التواصل الحديثة غير المتاحة للجميع، شكل الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لعموم العائلات خاصة وأن السنة الدراسية تشرف على نهايتها. وبالتالي لا يخفى على الجميع الاضطراب الذي عاشته الأسر المغربية والذي تزايدت حدته مع اقتراب مواعد الامتحان، كفترة من الفترات الحرجة التي يعيشها المتعلمات والمتعلمون، بحيث تجتاح موجة عارمة من القلق والتوتر قلوبهم، إذ غالبا ما يقع هؤلاء في هذه الفترة بين سندان ضغط الامتحانات المرتقبة ومطرقة الرغبة في النجاح، وهي الحالة التي تمتد أثارها وانعكاساتها إلى داخل البيوت فيزداد الضغط النفسي والإجتماعي لدى عائلاتهم.
فإذا كان واقع الحال بهذه الصورة في الفترات العادية، فكيف يمكن تصوره في ظل الطوارئ الصحية الحالية وما رافقها من ترقب وانتظار وجهل تام لما تعتزم الوزارة القيام به قبل أن يعلن وزير التربية الوطنية عن عدم استئناف الدراسة الحضورية إلى غاية الموسم الدراسي المقبل، والاقتصار على إجراء الامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة الباكالوريا خلال شهر يوليوز، والامتحان الجهوي الموحد للسنة الأولى بكالوريا خلال شهر شتنبر 2020. كما سيتم حصر مواضيع امتحان السنتين الأولى والثانية بكالوريا في الدروس المنجزة حضوريا قبل تعليق الدراسة.
وإزاء غياب أية معلومة قبل هذا الإعلان الذي قطع الشك باليقين، عن مآل السنة الدراسية الجارية وآفاق إجراء الامتحانات، وأمام تناسل الإشاعات وتضارب الأخبار غير المعروف الزائف والحقيقي منها، فقد كان من الطبيعي أن تزداد درجة القلق والاضطراب والحيرة ارتفاعا لدى الأسر المغربية بشكل رهيب، لأن الأمر يتعلق بالمصير الدراسي المجهول لفلذات أكبادهم، بل إن منسوب القلق والتوتر أصبح مضاعفا بسبب الظروف التي يمر منها التعليم عن بعد، وما يعتريه من غياب لتكافؤ الفرص بين المجالين الحضري والقروي، وبين التعليم العمومي والخصوصي، ومن تباين بين الوضع الاجتماعي للأسر وتفاوت ثقافي بينها على مستوى مواكبة أبنائها لمتابعة دراستهم بانتظام… وهو ما أثار مخاوف كثيرة حول مصير المتعلمات والمتعلمين الذين لم يسايروا دراستهم عبر هذا التعليم المستجد، بسبب عدم توفر مناطقهم على الربط بشبكة الأنترنيت أو لضعف صبيبها، أو لافتقارهم للإمكانيات المادية لعملية التواصل والوسائل التقنية التواصلية من حاسوب ولوحة إلكترونية وهاتف ذكي أوعدم قدرتهم على الاقتناء شبه اليومي لبطاقات التعبئة، أو لعدم إستئناسهم على هذا النمط الجديد من التعليم حتى يتسنى لهم المواظبة على حصص أساتذتهم، أو لعدم تمكنهم من الالتحاق والتسجيل بالمنصات الرقيمة للأقسام الافتراضية خاصة في غياب جهاز إداري خاص بمتابعة نظام تلك الأقسام ومواكبة انخراط المدرسين والمتعلمين في عملية التعليم عن بعد، إلى غير ذلك من الأسباب. ولعلى عدم إدماج الدروس المنجزة خلال فترة التعليم عن بعد ضمن مواضيع الامتحانات، يعد الجواب الأمثل على تلك المخاوف وحلا نسبيا لإعمال مبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق نوع من الإنصاف والمساواة بين جميع المترشحات والمترشحين لاجتياز الامتحانين المذكورين.
هذا، وإذا كان جواب وزير التربية الوطنية أمام مجلس المستشارين قد أدخل نوع من الارتياح في نفوس العائلات بخصوص مآل الموسم الدراسي الجاري، فإن إجراء الامتحان الوطني والجهوي للباكالوريا لا يزال مرتبط طبعا بتطور مؤشر الحالة الوبائية ببلادنا، وبالتالي فإن الهاجس الصحي الوقائي سيبقى مطروحا لدى الرأي العام الوطني ما لم تكشف الوزارة عن أدق تفاصيل الخطة الإجرائية للتدبير الوقائي والاحترازي داخل فضاءات المؤسسات التعليمية، وكذا مختلف التدابير الصحية الميدانية الصارمة المزمع القيام بها لحماية التلاميذ والتلميذات وكافة الأطر الإدارية والتربوية وتجعلهم في مأمن تام من الإصابة بالفيروس، كأولوية فوق كل اعتبار، حتى تتم جميع العمليات المرتبطة بتنظيم الاستحقاقين المذكورين في أجواء من الطمأنينة والأمان والسلامة.
وبالعودة إلى الأسلوب التعليمي الجديد السالف الذكر والمعتمد لكي لا تتحول المؤسسات التعليمية إلى بؤر أخرى لانتشار وباء كورونا، فقد تابع المجتمع المغربي بكل شرائحه جهود نساء التعليم ورجاله وهم يرابطون خلف الشاشات والمواقع التعليمية لإنتاج موارد رقمية ودروس مصورة وأخرى مستنسخة وتسخيرهم لإمكانياتهم الذاتية، لإبداع آليات للتواصل عن بعد، وقيامهم بمبادرات قد يكون من شأنها ضمان، ولو هامش معين، من تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمات والمتعلمين عبر الوطن، لتمكينهم من مواصلة تحصيلهم الدراسي، والتقليص من تأثير تداعيات هذه الظرفية الاستثنائية العصيبة على حقهم في استكمال مجزوءاتهم وتأمين زمنهم المدرسي، والتخفيف من منسوب الهدر المدرسي الإضافي الذي قد ينتج عن توقف الدروس الحضورية وعدم مسايرة أفواج من المتمدرسين لدراستهم عبر هذه التقنية المستجدة. وبذلك جسد المدرسون والمدرسات مرة أخرى إيمانهم العميق بقداسة رسالة التعليم وجسامة المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقهم تجاه أجيال هذا الوطن.
وبالتالي فإنه من العبث أن لا يتم استثمار المجهودات المبذولة من طرف جميع الأطقم التربوية والإدارية وتضحياتها الجسيمة، وأن تذهب في مهب الريح دون إخضاعها لتقييم واقعي وموضوعي قصد الوقوف من خلالها على حصيلة التعليم عن بعد وما رافقه من اختلالات وإشكالات ومعيقات للأقسام الافتراضية مع إبراز كذلك مميزات هذا النوع الجديد من الأقسام ومزاياها في إسناد التعليم الحضوري وتحسين مردوديته، إلى غير ذلك من الاستنتاجات التي قد تبرهن على المستوى الحقيقي والفعلي الذي بلغته ما يصطلح عليها بالاستمرارية البيداغوجية. وهو التقييم الذي يكتسي أهمية بالغة لكونه سيعتبر أساسا لتطوير هذا النمط التعليمي الإلكتروني الجديد وتجويده، وإطارا لوضع خارطة طريق تروم إدماجه في المنظومة التربوية كمكمل للتعلم الحضوري ومعزز له وليس بديلا عنه.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى ما أفرزته كورونا من تداعيات على العديد من القطاعات الاستراتيجية والحيوية وضمنها قطاع التعليم، والتي تفرض تبني سياسة تعليمية تنبني أسسها انطلاقا من دروس هذه الأزمة الصحية المفاجئة، حيث تأكدت بالملموس، لمن لازال في حاجة إلى تأكيد، ضرورة القطع النهائي مع اختيارات ظل هاجسها لعقود من الزمن هو التخلص من التعليم كخدمة عمومية بمنظور تقنوقراطي مالي ضيق، خضوعا لإملاءات الدوائر المالية الدولية وضغوطاتها القاضية بتقليص الاعتمادات المتعلقة بالقطاعات الاجتماعية، وفي مقدمتها قطاع التعليم. وهي الضرورة الرامية إلى جعل التعليم والبحث العلمي مركز كل السياسات العمومية، وذلك لما يشكله العلم والتعلم من قاطرة للتنمية والتقدم والازدهار الاقتصادي والاجتماعي. وحتى يرقى إلى مستوى هذا الدور، فإن الأمر يقتضي أيضا الرفع من ميزانيته وتدارك الخصاص المهول في الأطر واللوجستيك والتجهيزات العلمية والعدة البيداغوجية، وبالاستثمار في تكنولوجيا الإعلام والاتصال والنظم المعلوماتية وفي إحداث مختبرات للابتكار وإنتاج الموارد الرقمية، وتكوين مختصين في هذا المجال وتطوير وسائط التدريس والتعلم للنهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها، وإدماج تكنولوجيا المعلومات والتعليم الإلكتروني والرقمي في المنظومة التربوية، وتعميمه وتوفير المستلزمات التقنية للتواصل بالنسبة للمتعلمين المنحدرين من الأوساط الهشة والفقيرة لضمان المساواة وتكافؤ الفرص لجميع التلميذات والتلاميذ بالمدن والأرياف وعلى اختلاف انتمائهم الطبقي، وإعداد الموارد البشرية والكفاءات العلمية والتقنية القادرة على التأقلم مع المستجدات المفاجئة، وتأهيلها لتدبير الطوارئ غير المسبوقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.