طنجة.. سكير من ذوي السوابق يهين شرطية ويثير الفوضى قرب محطة وقود    تعيين الكولونيل ماجور عبد المجيد الملكوني قائداً جهوياً للدرك الملكي بطنجة    الجديدة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان اليقطين احتفاء ب''ڭرعة دكالة''    الركراكي يكشف الخميس المقبل عن قائمة الأسود لمواجهتي النيجر وزامبيا    السكتيوي: لاعبو المنتخب الوطني برهنوا أن العزيمة والإصرار طريق لتجاوز كل الصعاب    "خذينا جوج بطولات ودبا مهددين بالفورفي".. دموع أبرون تجذب تعاطفا وطنيا مع المغرب التطواني    موعد مباراة المنتخب المغربي والسنغال في نصف نهائي كأس إفريقيا للمحليين    توقيف مختل عقلي تسبب قتل موظف شرطة    طنجة.. توقيف شخصين يشتبه في تورطهما في قضية تتعلق بترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    وزارة الأوقاف: يوم الإثنين فاتح شهر ربيع الأول 1447 وذكرى المولد النبوي يوم 5 شتنبر    اندلاع حريق بشاحنة بالقرب من ميناء طنجة المتوسط            أكثر من 126 جهة و100 متحدث في مؤتمر ومعرض إدارة المرافق الدولي بالرياض    الهلال الأحمر الفلسطيني يشيد بإرسال المغرب للمزيد من المساعدات الإنسانية لغزة    رحيمي والبركاوي يسجلان بالإمارات    تحذير من العلاجات المعجزة    قانون العقوبات البديلة يفتح الباب لمراجعة الأحكام بالحبس وتحويلها إلى عقوبات بديلة بشروط    توجيه تهمة "التمييز" لمدير متنزه في فرنسا رفض استقبال إسرائيليين    بمشاركة عدة دول إفريقية.. المغرب ضيف شرف المعرض الوطني للصناعة التقليدية في البنين    النقيب كمال مهدي يعلن دعمه لأبرون: ليس من غيره الآن مؤهل لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة    أمريكا: تسجيل إصابة بمرض الطاعون وإخضاع المصاب للحجر الصحي    الجفاف يحاصر تركيا... شهر يوليوز الأشد جفافا في إسطنبول منذ 65 عاما    طقس السبت.. انخفاض في درجة الحرارة وامطار رعدية    سعيدة شرف تحيي سهرة فنية ببن جرير احتفالا بعيد الشباب    المغرب.. الضرائب تتجاوز 201 مليار درهم عند متم يوليوز    المغرب يختبر صواريخ EXTRA في مناورة عسكرية بالشرق    الصين تكتشف احتياطيات الغاز الصخري    قصف إسرائيلي يقتل 39 فلسطينيا        مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    تغيير المنزل واغتراب الكتب    فرض "البوانتاج" الرقمي على الأساتذة!    الريسوني: الأمة الإسلامية تواجه زحفا استئصاليا احتلاليا من قبل الكيان الصهيوني    سائق يفقد عمله بعد رفضه الفحص الطبي والمحكمة تنصف الشركة    نادي باريس سان جرمان يودع حارسه الايطالي دوناروما بتكريم مؤثر    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب غزة    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب    الاتحاد الأوروبي يفتح باب المشاورات حول استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات    المغرب يبرم اتفاقية استشارية لفضح البوليساريو وتعزيز علاقاته بواشنطن    برلمانية: الخلاف بين أخنوش ووزير النقل حول الدراجات النارية كشف هشاشة الانسجام الحكومي        المغرب يتصدر قائمة مستوردي التمور التونسية    الأنشوجة المغربية .. سمكة صغيرة تصنع ريادة كبرى في القارة الأفريقية    المغرب بين الحقيقة والدعاية: استخبارات منسجمة وتجربة أمنية رائدة تعزز الاستقرار    "تيك توك" توكل الإشراف على المحتوى في بريطانيا للذكاء الاصطناعي    احتفاء خاص بالباحث اليزيد الدريوش في حفل ثقافي بالناظور    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراكش... والمؤامرة !!
نشر في لكم يوم 01 - 02 - 2013


مراكش تفقد عمرانها:
سنة 2007، كتبت مقالة تحت عنوان:"مراكش تستغيث" حينما أصبحت المنازل العتيقة والرياضات الكبيرة تباع للأجانب بالجملة ويطرد سكانها الأصليون من مدينة عرفت بالأمس برجالاتها وصلاحها وأحيائها المحرمة على غير المسلمين والمستباحة اليوم لكل أنواع التهجير والطرد.أحياء المدينة تدمي جراح الموتى وتدوس على الذاكرة الممتنعة قديما على الانجراف وراء الفساد. مؤامرة لم يشارك فيها عمدة المدينة فقط لاستقطاب المستثمرين، ولا سماسرة العقار الذين وفدوا من كل صوب وحدب لتقطيع الأرض على مقاس نزوات الغزاة الجدد، ولكن تكالبت عليها فلول من الرعاع بوعي أو غير وعي، بقصد أو غير قصد، لكن النتيجة واحدة: المؤامرة ثابثة.
كنت أظن يومها أن صرختي تلك سوف تجد آذانا صاغية من الغيورين على هذا الوطن الحبيب، خاصة ممن أسندت إليهم مسؤولية حماية البلاد ورعاية العباد، لكنها كانت صرخة في وادي، ولا مجيب...
مراكش تفقد إنسانها
ظن كثير من الناس، أن صعود الإسلاميين إلى الحكم في انتخابات نونبر2011، سوف يحقق للشعب المغربي الأساس من برنامجهم الانتخابي، ثم ينعم المواطنون تحت ظلال الحكومة الملتحية، باختفاء مظاهر الفساد الأخلاقي والحد من الاستثمار في البلاد بما يصطلح عليه بالسياحة الجنسية.
فجأة تطل علينا قناة تلفزية أجنبية، ببرنامج تم بثه مؤخرا حول السياحة الجنسية في مراكش، وتحديدا الجنس الرخيص على أطفال مغاربة.
بث هذا "البرنامج- القنبلة" في وقت تحتفل فيه الحكومة بحصيلتها السنوية، حيث يقوم السياسيون أداءها وقيمتها المضافة في المشهد السياسي المغربي.
انفعلت كثيرا بعد مشاهدة هذا البرنامج الذي يوثق بالصوت والصورة لما يقع في مدينتي مراكش. هذا الريبورتاج الذي أنجزه صحافيون اسبان حول السياحة الجنسية في المدينة الحمراء التي يفد إليها آلاف السياح الأجانب قصد ممارسة الجنس الرخيص مع أطفال قاصرين.
مراكش المغرب أضحت مثل بانكوك تايلاند، فهي "مكة سياحة الجنس مع الأطفال".
أرسل إلي أحد الأصدقاء رسالة، بعدما مشاهدته بدوره للريبورتاج- الفضيحة، وقال لي:"انظر ما يقع في مدينة الأولياء..."
أحسست حينئذ بغضب شديد، عندما رأيت ما يدمي القلب وتدمع له العين وتضطرب له الجوارح، خاصة عندما ذكر المحلل أن ما يقع في مراكش يتم تحت أعين رجال السلطة: تجارة جنسية يذهب ضحيتها فتيان وفتيات في زهرة العمر مقابل دريهمات قصد كسر لوعة جوع البطن. أطفال وشباب من الذكور والإناث، يزج بهم في دهاليز الرياضات الشيطانية والشقق التي جهزت لاغتصاب طفولة جانحة، في وقت يجب أن يكون ضحايا هذه الجرائم الخطيرة في الفصول الدراسية وفي أحضان أمهاتهم وآبائهم الذين غيبهم الفقر عن محاضنهم، وسقطت البراءة في أحضان الشياطين الذين يتلذذون بكل شيء ووقعوا بين مخالب الصقور المتوحشة التي تقطع الأجساد وتترك الجروح عميقة ومتعفنة.
امتلكت غضبي، وانتظرت رد فعل من وزيرنا في الإعلام ليؤكد الخبر أو ينفيه... وانتظرت امتعاض وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية لتنتصر لحق الطفولة المغتصبة والأم التي تتاجر في عرض ابنتها التي لم تتجاوز الإحدى عشر سنة في ساحة جامع الفنا التي لا تقوم بتقديم التسلية فحسب، ولكن أيضا أضحت تعد مركز استقطاب كبير للسياحة الجنسية... وانتظرت تدخل وزير العدل حتى يكون لجنة تقصي ليضرب على يد المجرمين الحقيقيين من حديد... وانتظرت غيرة من وزيرنا في التربية والتعليم للدفاع عن فلذات أكبادنا وما تخرجه المدرسة المغربية من كفاءات مستقبلية... كما توقعت تدخلا لطيفا من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ليدق ناقوس الخطر على ما يهدد أخلاق أبنائنا وبناتنا... كما كنت أظن أن وزيرنا الأول سوف يكفي الجميع بتدخل تلقائي ليغضب بدل غضبي !!
لكن التماسيح والعفاريت والأجانب مصالحهم محفوظة ونزواتهم مدرة للعملة الصعبة تساهم في إنعاش البلاد والعباد.لذا وجب الصمت الرسمي، وفي أحسن الأحوال تنظم حملات تمشيطية لدور الدعارة ومقاهي الشيشا والعلب الليلية والجري الموسمي وراء بائعات الهوى لإخفائهم عن الأنظار وإيهام الناس بأن السلطة تقوم بالواجب...
أيام قليلة بعد حملة التمشيط الوهمية، تعود مراكش إلى ما كانت عليه:مدينة "البهجة" و"النشاط" و"التقيتقات" والأضواء البراقة، والأصوات الصاخبة في الملاهي الليلية والمسابح الحمراء والرياضات العتيقة وقصور مدينة النخيل.
وما أثار انتباهي صمت من يعنيهم الأمر من المسؤولين والعلماء والنخب...وغيرة أمثال "ستان ميوسن"، مدير مكتب الدفاع عن الأطفال، الذي استنكر مثل هذه الأعمال، واعتبرها انتهاكا خطيرا لحقوق الأطفال، فضلا عن كونها "أنانية واستغلال للطرف الآخر حيث يستطيع الغني شراء كل شيء من محيط الفقير".كما رصد هذا الباحث الحقوقي العوامل الحاسمة في جعل مراكش أرضا خصبة لتفشي الجنس الرخيص مع الأطفال القاصرين، ومن ذلك "اتساع الهوة بين طبقة الأغنياء والفقراء، وانعدام تنظيم الشرطة وأجهزة الدولة وضعف القوانين وعدم احترام حقوق الطفل".
من المسؤول؟
ممر النخيل، القصبة، سيدي عبد العزيز، مول القصور...مواقع تاريخية، وأسماء سبعة رجال سميت بها أحياء ودروب المدينة العتيقة ، تشهد على أن مدينة مراكش كانت مدينة العلم والجهاد، لكن مدينة العلم والرباط أصبحت اليوم مفسقة للمستعمر- الجديد باسم التسامح وتبادل الحضارات.
غير صحيح أن نلقي باللوم على المواطن البائع المتمتع – مؤقتا- بدراهم بيعه، المطرود من فسيح رياضه ودفء شمس المدينة القديمة إلى ضيق شقة مظلمة في مدينة جديدة.
غير صحيح أن نلقي باللوم على أم ألقت بابنتها إلى الدعارة مقابل مبلغ زهيد لتؤدي فاتورة الماء والكهرباء الباهضة والتي أشعلت فتيل أزمة في الأحياء المهمشة.
غير صحيح أن نلقي باللوم على أطفال حرموا من التعليم والتربية في المدرسة ولجئوا للشوارع عرضة لكل الأوبئة العضوية والنفسية.
الكل يعلم الواقع الاقتصادي الذي يعرفه المغرب عموما ومراكش خصوصا، سيما وأن فرص الشغل محدودة ومجالاتها خدمة سياسة أرادت أساسا خدمة السائح.
الدولة وسياستها التي تبحث عن جلب المستثمر السياحي بأي ثمن تنصب شراك استقطاب هذه الفئة المهووسة بجمال مراكش وجمال أحيائها العتيقة ومقر بساتينها وأبوابها المنقوشة والمزخرفة التي تأخذ الألباب وتسيل اللعاب، كما أنها تمنح جميع التسهيلات لكل من هب ودب دون مراعاة قيم المجتمع وضمان حصانة شبابه، مصدر المظاهر السلبية التي أصبحت متفشية في أزقتنا ودروبنا وأحيائنا.
كيف فكرت أجهزة الدولة بهذا التفكير الساذج، واعتبروا جلب الأجانب مفيدا لاقتصاد البلاد والعباد؟
صحيح أن السياسي لا يهمه سوى توفير فرص الشغل والتخفيف من حدة البطالة، ليحظى برقم ترتيبي غير متأخر من بين الدول المتخلفة اقتصاديا واجتماعيا، ولو تجاهل القرار السياسي البعد التربوي والأخلاقي لبناء المجتمع.
لكن بيع مراكش ليس هو الحل للمشاكل الاقتصادية التي تعرفها المدينة. بيع مراكش لا تبرره المشاريع السياحية. بيع مراكش يدخل في نطاق الاستيطان العولمي. بيع مراكش يعني بكل بساطة بيع الإنسان المغربي: حرماته، أخلاقه، تقاليده وكل قيمه...
أقول هذا، وأنا حفيد مقاوم سالت دماؤه من أجل حرمة الدين والوطن، بحرقة وبدلائل ثابتة في تاريخ هذا الوطن.
لا يمكن للسياسي أن يكون جاهلا بالتاريخ، لأن التاريخ مدرسة سجلت بمداد فخر مقاومة الحركة الوطنية لطغيان المحتل الغاشم.
فمن أصدر الأوامر أو منح التسهيلات لبيع عمران وإنسان مراكش؛ فهو إما جاهل بتاريخ وطنه أو متجاهل لما تراه الأعين وتسمعه الآذان وتسيل لمرارته دموع الوطنيين الغيورين.
مراكش تستغيث من جديد
مراكش يتيمة بمؤسساتها الحالية ورجالها المعاصرين المنبطحين أمام تفوق الغزاة المستكبرين. لكن البنايات الشامخة والآثار الباقية شاهدة على العز التليد والرشد الرصين لكنها عاجزة على مواجهة الغزو المقيت بتآمر أشباه رجال ولا رجال.
من يرغم اليوم أصحاب القرار على بيع المغرب بالتقسيط بهذه السهولة؟
أين هي عيون المخزن أمام ما يقع من فواحش في واضحة النهار في "الرياضات" وحمامات السباحة والعلب الليلية؟
من جر علماء البلاد ومؤسساتهم إلى الانبطاح أمام قوة ومكر المتفوق المستهتر بكل القيم والمتعالي على من دونه كفاءة وقدرة وعزة؟
أليس من علمائنا راشدون يعتزون على الأقل بما تركه الأسلاف إن لم يستطيعوا بناء أمجاد يذكرهم بها الأحفاد؟
من يهب لنصرة الأطفال والفتيان والفتيات؟
من يحصن آثار المدينة ومآثرها؟
من يحيي أمجادها في نفوس شبابها قتلت فيهم الشهامة والعزة والكرامة، وانجرفوا وراء السراب والوهم والضياع؟
من يرفع النداء ضد الخطر المحدق بأناس ناموا على أنغام غطيط قادهم إلى الفساد والإفساد؟
مراكش تصرخ بلسان حالها: وايوسفاه...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.