قال القيادي اليساري محمد الساسي إن حزب "العدالة والتنمية" انتصر على النظام في 2011 والأخير انتصر عليه في 2021، مشيرا أن التصور السائد الذي كان، هو أن "البيجيدي" هو الحزب المنظم الوحيد في المغرب، ينتسب له 40 ألف شخص ولأعضائه انخراط حقيقي وحمية عليه. وأشار الساسي في الندوة التي نظمها معهد "بروميثيوس"، أمس الأحد، حول حصيلة "العمل التشريعي بالمغرب في ضوء 10 سنوات من الممارسة الدستورية والسياسية"، أن تحليل فوز حزب "التجمع الوطني للأحرار" أسهل من تحليل خسارة "العدالة والتنمية"، مؤكدا أن كلمة خسارة يجب أن توضع بين قوسين. وأوضح أن أعضاء "العدالة والتنمية" يفسرون هذه "الخسارة" بخمسة أمور أساسية، أولها السلاح التشريعي، والسلاح الإعلامي الذي يرادف التشهير، والسلاح المالي بالإلقاء بأموال طائلة في سوق الانتخابات، وسلاح لوائح التسجيل المفاجئ لرقم ضخم من المسجلين الجدد، والسلاح الخامس هو الضغط المباشر على مرشحيه خاصة في العالم القروي. الضبط الانتخابي وأبرز أنه ينبغي أن نتساءل هل الوسائل القديمة للضبط الانتخابي أضيفت لها وسائل جديدة؟ وإن كانت هذه الوسائل فعالة اليوم لماذا لم تكن كذلك في الماضي أي في 2015 و 2016؟. وأضاف " هذا يحيل إلى التفكير في آليات الضبط الانتخابي والتحكم في الخرائط الانتخابية"، مشيرا أنه سبق وأن كتب عن هذا الموضوع وعدد آليات الضبط التي تسبق الاقتراع، ومنها الضبط الحزبي وصنع الأحزاب، والضبط الإعلامي عبر الامتياز السمعي البصري، وضبط المرشحين عبر حرمانهم من الترشيح، والضبط المالي عبر تمكين جهات من أموال هائلة، وضبط التقطيع وترييف الدوائر، وضبط اللوائح (الإنزال)، وضبط البطائق (التفييض)، والدعاية المباشرة (المقدمون والشيوخ). واعتبر الساسي أن هناك خمس آليات أخرى للضبط الانتخابي خلال الاقتراع وبعده عبر ضبط المكاتب وتعسير المراقبة، والردم وهو تدفق المصوتين في اللحظات الأخيرة، والحياد السلبي (التجاوز عن التجاوزات)، وتغيير النتائج والإعلان عن أرقام مخالفة لما أثبته الفرز، واقتصار مراقبة القضاء على المحاضر فقط. وأرجع نفس المتحدث أسباب خسارة "العدالة والتنمية في الانتخابات لأسباب متعددة، أولها غياب عبد الإله بنكيران، وجائحة كورونا التي كانت لصالح بعض الأحزاب، وغياب خصم للمواجهة، ووجود آليات تنافس "البيجيدي" في آليات اشتغاله من قبيل جمعية "جود"، ثم التضييق على جمعيات الحزب والحركة، وانسحاب محيط "العدل والإحسان". وأكد الساسي أن الأعضاء القارين لجماعة "العدل والإحسان" لا يصوتون على "العدالة والتنمية" لكن محيط الجماعة يستثمره "البيجيدي" لصالحه في الانتخابات. شرخ البنية الانتخابية وشدد على أن ما يمتاز به الإسلاميون عادة هو التماسك، وناخبو العدالة والتنمية يتكون من ثلاث طبقات، أعضاء الحزب والحركة، والجمعيات المرتبطة بهما، وجزء من الطبقة المتوسطة التي يستهويها شعار الإصلاح في ظل الاستقرار، متسائلا هل وقع شرخ داخل هذه المكونات؟. وتابع " هناك من اعتبر أن أساس الهوية عند العدالة والتنمية قد مس، وهناك من اعتبر أن السردية الإسلامية واعتبارها التزام أخلاقي أكثر من أي شيء آخر، تحولت إلى سردية غير ملزمة في نظر قادة الحزب خاصة أنهم يستعملونها ولا يلتزمون بها". وأشار أن الحزب الرابح أي "التجمع الوطني للأحرار" هو حزب إداري المنشأ والامتداد، والسؤال هنا هو كيف يقاطع أعضاء من الشعب بضائع رئيس هذا الحزب وأنشطته الاقتصادية ثم يصوتون عليه؟ فهل من قاطع أخنوش ثم صوت عليه شعب آخر؟. تطور الأحزاب الإدارية وأوضح أن ما راج هو أن ورقة أخنوش بعد المقاطعة احترقت، لكن الحاصل أنه وقع تقدم في بنية الأحزاب الإدارية وحزب "التجمع الوطني للأحرار" نموذج صارخ لهذا التطور. ولفت إلى أنه من بين أساسيات هذا التطور، هو عدم اقتصار المال على شراء الناخبين بل اعتماده أيضا في شراء الخبرة، واستعارة جزء من أساليب الإسلاميين ولو بشكل مخالف. وأبرز أن الملاحظ هو أن حزب "التجمع الوطني للأحرار" استخدم السلاح الذي ضرب به في المقاطعة، وهو السلاح الرقمي، كما أنه اتجه لتنظيم هياكله وخلق قطاعات ومراكز بحث موازية، وإعطاء الأهمية للجانب التقني في برنامجه، والاستثمار الهائل في الإعلام الرقمي، واستقطاب رموز المجتمع والفنانين والرياضيين. وتساءل الساسي هل ستتحول الأحزاب الإدارية إلى أحزاب ليبرالية حقيقية؟، قائلا" أنا شخصيا الذين يتمنون لو تم هذا التحول لكن هذا غير متحقق الآن، لأنه بالرغم من تطورها تقنيا لازالت هذه الأحزاب تفتقد إلى استقلالية القرار". وأكمل بالقول " حزب العدالة والتنمية متوافق مع الدولة في نفس الأيديولوجيا لكن قراراه التنظيمي يعود لأجهزته وبرلمانه"، مؤكدا أنه يجب التمييز بين الأحزاب الإدارية المنشأ، والأحزاب الإدارية الامتداد، فكثير من الأحزاب التي كانت تسمى تاريخية لم تكن أحزاب إدارية المنشأ لكنها تحولت إلى أحزاب إدارية المآل والامتداد.