"المالية" تكشف وضعية سوق غاز البوطان .. والدعم يحافظ على الأسعار    زامير يهدد باغتيال قادة حماس بالخارج    لقاء "الأصدقاء القدامى" في الصين .. خريطة التحالفات العالمية تتغير    أمريكا تدرس خطة للسيطرة على غزة    بنصغير ينضم رسميًا إلى باير ليفركوزن    حادثة سير مأساوية بإقليم ميدلت    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين.. الصحافة الكينية تشيد بأداء أسود الأطلس    المغرب.. مركز استراتيجي لتعافي الشركات الأوروبية بعد الكوارث    هذه حقيقة المغرب أجمل بلد في العالم !    اعتقال 5 نساء ضمن مجموعة "تخريبية" بالدار البيضاء    مع بداية الدخول المدرسي.. تجدد الجدل حول فرض مدارس خاصة بيع الكتب المدرسية مباشرة للأسر    الأمم لا تتقدم بالحجر و إنما بالبشر، اليابان نموذجا..    بلاغة الدعاية الأمريكية الموجهة إلى العرب: من القيم إلى الهيمنة    تقليد جديد سنته بعد انتخاب مكتبها .. الجديد المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تقدّم حصيلة 100 يوم من عملها بعد مؤتمرها الوطني الثاني عشر    رغم الصعوبات التي عاشها قبل وأثناء البطولة .. المنتخب المحلي يكرّس هيمنته على «الشان» بتتويج ثالث تاريخي    «جنان إماس» بخنيفرة: مؤهلات سياحية تواجه وضعية التهميش وقسوة العزلة    بلال الخنوس على أعتاب شتوتغارت الألماني    الأصول الاحتياطية للمغرب ترتفع إلى 409,6 مليار درهم    هل يتحقق هذه السنة حلم تكريم أبو القناطر بأحد أكبر مهرجانات السينما بالمغرب؟    الدورة الثامنة لمهرجان أناروز تحتفي بالهوية الأمازيغية من أعالي تافراوت    الفنان طلال الأزرق.. حين يتحول البحر إلى قصيدة لونية تنبض بالحياة    منع منتجات تجميل تحتوي على مادة TPO السامة    ارتفاع ملء سدود حوض ملوية في الجهة الشرقية    الفقيه بن صالح.. وفاة محتجز أثناء نقله من الحراسة النظرية    أكبر أسطول دولي لكسر الحصار عن غزة ينطلق اليوم الأحد من برشلونة    رسميا.. أوناحي ينتقل إلى جيرونا الإسباني في صفقة ب6 ملايين يورو    انخفاض مرتقب في أسعار المحروقات في محطات الوقود بالمغرب    حموشي يواسي أسرة "شهيد الواجب" الشرطي ضحية اعتداء إيموزار    التتويج الإفريقي ب"الشان" يُرسخ ثقافة الانتصار لدى الأجيال المغربية الناشئة    قانون أوروبي جديد يهدد تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج    باحثون روس يطورون نظاما ذكيا لتعزيز سلامة الطيران    تقرير إخباري: الأحزاب المغربية تقدّم مقترحاتها الانتخابية لوزارة الداخلية استعداداً لاستحقاقات 2026    أبو عبيدة.. صوت المقاومة الملثم الذي أرّق إسرائيل لعقدين    تهمة العشق للوطن حين يُصبح الدفاع عن الوطن ونظامه جريمةً بنظر العابثين    الكاتبة الفرنسية فرانس كول كوغي: مقالات لوموند عن المغرب تحمل إساءة للملك وتفتقد للمصداقية    الجيش المغربي يحبط محاولة تسلل لعناصر من بوليساريو على الحدود الجنوبية ويؤكد جاهزيته الكاملة    الكاتب المغربي بنزين وصاحب مكتبة في غزة.. لا يمكن استعمار المتخيَّل    الملك يتمنى الرخاء للشعب الماليزي    تطوان تحتضن المهرجان الدولي للفن التشكيلي في دورته الخامسة ما بين 5 و7 شتنبر    هجمة شرسة على الفنان الجزائري "خساني" بتحريض من إعلام الكابرانات بسبب "الرقص" في كليب دراكانوف        إضراب وطني لعمال "غلوفو" لمدة 48 ساعة ابتداء من غد الاثنين    ريتشارلسون على بعد خطوة من حمل قميص إشبيلية الإسباني    طقس الأحد.. أجواء حارة نسبياً في السهول والجنوب والشرق    المكتب الشريف للفوسفاط يحقق عائدات قياسية في الربع الثاني من 2025    قرائن إرهابية جديدة تطوق الجبهة الانفصالية و حاضنتها الجزائر :    الداخلة تستقبل القنصل العام لجمهورية ليبيريا في إطار تعزيز الشراكات الإفريقية    مهنيو الصيد وسكان لبويردة يناشدون الأوقاف تعيين خطيب جمعة بالمسجد المحلي    الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.. تشلسي يتعاقد مع غارناتشو من مانشستر يونايتد        جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية تمنع منتجات التجميل المحتوية على أكسيد ثنائي الفينيل ثلاثي ميثيل بنزويل الفوسفين    منظمة الصحة العالمية تحذر من تفشي حاد للكوليرا في العالم    طرح دواء "ليكانيماب" لعلاج الزهايمر في السوق الألمانية    كيف تحوّل "نقش أبرهة" إلى أداة للطعن في قصة "عام الفيل"؟    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادة شخصية بين يدي إمتحان وطني أو عندما يكون الأمل كبيرا
نشر في لكم يوم 24 - 06 - 2013

لي مآخذ كثيرة على تسيير الوزارة الوصية على منظومة التربية و التعليم في بلدي و لي عتابات و انتقادات لا بد أن أوجهها إلى المسؤول الأول عن هذا القطاع ذي الأهمية البالغة , إلا أن كل هذا سأرجؤه إلى وقت لاحق لأن الظرف الحالي هو مناسبة للإحتفال و من عادتنا ترك اللوم إلى ما بعد العيد.
ربما شابت إمتحانات البكالوريا بعض العيوب هذه السنة كذلك , ربما لم نقض تماما على الغش , ربما لازال أمامنا الكثير مما يستوجب التغيير , ربما تكون شهادتي لا تعبر عن المشهد بشمولية و موضوعية , ربما و ربما , غير أنني سأقدم شهادتي يقينا مني أنني لست مسؤولا إلا على ما رأيت بعيني و أن الأمور الجميلة تبدأ صغيرة فتنمو لتصبح غالبة بعد حين كالسيل يبدأ بقطرات و أن الأمور القبيحة تبدأ بدورها صغيرة فتكبر بعد مدة لتصبح جارفة و قاتلة كالحريق ينطلق من شرارة .
ما دفعني إلى تقديم هذه الشهادة هو الكم الهائل للمقالات و الأخبار التي تناولت الغش في الإمتحان و تناولت الوزير بنوع من الإستخفاف أحيانا و بنوع من التحدي أحيانا أخرى حتى أنه يخيل إلي مرات أنها معركة الوزير وحده و ليست معركة أمة بأكملها .
لقد عشت شخصيا أيام الإمتحان كعرس تربوي من أروع ما تكون الأعراس و بدون مبالغة أقول أن الأمر بعث في قلبي أملا لا اشك في تحققه هو أن يتغير حال البلد و نرى جيلا من المغاربة يختلف كلية عما مر فوق هذه الأرض الطيبة من أجيال , رغم كل النعوت التحقيرية التي نصبها صباح مساء على شبابنا و أطفالنا دون أن نفكر في مسؤولياتنا نحوهم و نحو الوطن و نرمي هذا الجيل بالتكاسل و اللامبالاة بينما التهمة لن تجد أجدر بها منا .
لا أريد أن أدخل في الموضوع قبل أن أشكر جميع تلامذتي و جميع المترشحين الذين حرستهم في الإمتحان و أشكر من خلالهم جميع تلامذة المغرب و سأشرح فيما بعد دواعي هذا الشكر .
لن أدخل الموضوع كذلك فبل أن أشكر زملائي الأساتذة و الإداريين الذين اشتركت معهم في العمل خلال هذه الأيام في مركز الإمتحان وكذلك الذين أشترك معم في العمل داخل مؤسستي الأصلية طيلة السنة الدراسية و أشكر من خلالهم جميع نساء التعليم و رجاله عبر جميع ربوع الوطن . و سأشرح فيما بعد دواعي هذا الشكر .
و لقد إعتدت على انتقاد الوزير و سأعود, بكل تأكيد , إلى انتقاده مجددا و لكن بعد مرور العرس التربوي الذي نعيشه هذه الأيام , أما الآن فإني أتقدم إليه بكل الشكر و التقدير على المجهود الجبار الذي حرص على بذله من أجل إنجاح الإمتحان كما أتقدم إليه بالتهنئة الخالصة على نجاحه في بلوغ الغاية . و أشكر من خلاله جميع الإداريين و الأعوان و جميع الموظفين الذين ساهموا في هذا العمل من داخل الوزارة و من خارجها .
لن أنسى بكاء مترشحة في إحدى حصص الإمتحان و كيف هبت الاستاذة التي كنت احرس معها لمساندة هذه التلميذة بكل لطف و رحمة و التخفيف عنها و إعادة التقة إليها و لن أنسى كذلك هبة مترشحة أخرى لتقديم قطعة شوكولاطة علها تنفع صديقتها في تجاوز محنتها و كيف قدمت أخرى قنينة ماء و كل هذه الوقائع استوقفتني و استثارت فكري و انعشت تقديري للمغاربة بصفة عامة و للمرأة المغربية بشكل خاص , هذا من جهة , و من جهة أخرى ذكرني بكاء هذه المترشحة بالألم و الأذي الكبير الذي يلحقه أصحاب التسريبات على الفيسبوك بالممتحنين من حيث يظنون أنهم يساعدونهم و لهذا أراني ملزما بتوجيه جملة أسئلة إلى ضمير هؤلاء :
هل يكفي أن تكون نية الشخص نبيلة ليكون فعله نبيلا أو على الأقل مقبولا ؟
ألم تكن نية الإنتحاريين الذين فجروا أنفسهم في الدار البيضاء بتاريخ 16 ماي الأسود نية " نبيلة" أو هكذا تصوروها هم ؟ ألم يكن قصدهم تغيير " المنكر" ؟ ألم يكن قصد انتحاريي 11 شتنبر بأمريكا قصدا " نبيلا " في نظرهم ؟
ألم يكن قصد بن لادن هو " تحرير جزيرة العرب من أيدي النصارى الصليبيين "؟
ألم يكن قصد مشركي قريش من وراء عبادتهم للأصنام قصدا" نبيلا" ؟ : « أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ "
لهذا يقال :الطريق إلى جهنم مفروش بالنيات الحسنة
فالنية الحسنة شرط أساسي لقبول العمل الصالح عند الله الذي هو العالم الوحيد بنيات خلقه , أما الأعمال السيئة فمرفوضة كيفما كانت النية .
و لو كانت العبرة بالنية لبرر كل مجرم فعلته بنيته السليمة و قصده الشريف بزعمه .
و نفس الكلام يوجه إلى بعض الأساتذة الذين يتغاضون عن حالات الغش في الإمتحان بذرائع الرحمة و الشفقة على التلاميذ .
............. .
و انطلاقا من مقارنة سلوك المترشحين داخل قاعات الإمتحان بسلوك نخبتنا السياسية و الإقتصادية حيال الإشاعات أرى أن الأجيال الجديدة قد تكون أكثر نضجا و أكثر وطنية إن لم نلوثها بأفكارنا العرجاء ووساويسنا المعطلة لكل حركة و أن المستقبل الحقيقي للمغرب لن يبدأ إلا مع هؤلاء الصغار في نظرنا و الكبار في برائتهم .
كما يؤسفني أن ألاحظ كثرة من يربط أشياء مشينة بالدين و يعتبر مساعدته في الغش نوعا من أنواع المعروف و عملا في سبيل الله , ويظهر لي أن ماهية الفساد الذي نتغنى بمحاربته لازال يشوبها الكثير من الغموض , و أن علينا أن نتفق أولا على المفاهيم قبل البحث عن سبل ربطها بالواقع , و ليس مفهوم الفساد هو الوحيد في لائحة المفاهيم المحتاجة إلى نقاش بل جل المفاهيم تقتضي التوقف عندها و تمحيصها و نحن نمر عليها مرور الكرام , فالحرية و الديمقراطية و الأخلاق و الإسلام و العلمانية و مفاهيم و تصورات أخرى أساسية تستحق منا الوقوف عندها مليا قبل إصدار الأحكام و التصرف وفقها .
كان من بين من حرستهم في شعبة الآداب مترشح رسمي يدرس في التعليم العمومي و كانت ملامحه أروبية و استغربت لوجود حرف في نهاية رقم بطاقة تعريفه فأجابني بكونه لا يتوفر على الجنسية المغربية كما كان من بين من حرست في شعبة العلوم الفيزيائية فتاة ذات ملامح اسيوية و تتوفر على بطاقة تعريف تدل على عدم مغربيتها و كل هذا مما يدل على أننا ربما بالغنا في عدم التقة في تعليمنا .
خلال أيام الإمتحان حرست تلامذة الشعبتين الأدبية و العلمية كما حرست الرسمين العموميين و الرسميين من التعليم الخاص و لم أر فرقا بينهما لولا سؤال طرحه زميلي في الحراسة قبيل انتهاء الفترة الزمنية للإمتحان على تلميذة " هل أنتم رسميون أم أحرار " فأجابت مبتسمة " أنا حرة " ثم ضحكت و زادت " إني أمزح فقط أستاذي , فنحن من التعليم الخصوصي " و ضحكنا من إجابتها الذكية و الوجيهة و قلت لها "الله يجعلك ديما حرة يابنتي" و في تلك اللحظة زاد احترامي لهذا الجيل و زاد أملي في غد مشرق و تذكرت قول الله سبحانه و تعالى في كتابه الكريم : » وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُواأَمْثَالَكُم "
أستاذ مبرز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.