وجه الكاتب الإسرائيلي التقدمي ألون مزراحي انتقادات لاذعة للسياسات الأمريكية تجاه إسرائيل، مؤكدا أن الدعم غير المشروط لإسرائيل من قبل الولاياتالمتحدة، خاصة خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ساهم في خلق "كارثة سياسية وإنسانية في قطاع غزة". وأضاف أن هذا الدعم كان له تأثيرات عميقة على الساحة الفلسطينية والعالم العربي، وزاد من تعقيد الأوضاع في المنطقة. أشار مزراحي، في مقطع مصور نشر على موقع يوتيوب، إلى أن السياسات الأمريكية تجاه إسرائيل قد تسببت في مزيد من التصعيد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كان هذا التصعيد جليا في التحركات التي قامت بها إدارة ترامب، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017، ونقل السفارة الأمريكية إليها، بالإضافة إلى تجاهل متعمد لحقوق الفلسطينيين. هذه القرارات، حسب مزراحي، كانت بمثابة إشارة خضراء لإسرائيل لمواصلة ممارساتها العسكرية والإستيطانية في الأراضي الفلسطينية.
في رأي مزراحي، كانت هذه القرارات تساهم في دعم إسرائيل دبلوماسيا وعسكريا بشكل غير مسبوق، مما خلق فجوة كبيرة في إمكانية تحقيق حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وأضاف مزراحي أن الدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل ساهم في تغطية الأعمال الوحشية التي ترتكب ضد الفلسطينيين في غزةوالضفة الغربية، وكان بمثابة تبرير ضمني للعدوان الإسرائيلي، خاصة عندما تعلق الأمر بالحملات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين. ويتابع مزراحي حديثه عن الوضع في غزة، مشيرا إلى أن القطاع يعاني من حصار مستمر وتدمير متزايد. ورأى أن ما يحدث في غزة ليس حربا بالمعنى التقليدي، بل هو تدمير منهجي لشعب أعزل. وفي إشارة إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع، قال مزراحي إن "العدوان الإسرائيلي لا يقتصر على قتل المدنيين، بل يمتد إلى تدمير كل مقومات الحياة في غزة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والبنية التحتية". وأضاف أن الولاياتالمتحدة بدعمها التام لإسرائيل، أصبحت تشارك في هذا التدمير المباشر، من خلال تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية التي تُستخدم في الحروب على غزة. هذا الدعم يبعث برسالة قوية للعالم، مفادها أن حقوق الفلسطينيين غير معترف بها في السياسة الدولية، وأن معاناتهم ليست ذات أهمية لدى القوى الكبرى مثل الولاياتالمتحدة. لكن مزراحي لم يتوقف عند الانتقاد للسياسات الأمريكية فحسب، بل أشار أيضا إلى دور الأنظمة العربية في استمرار هذا الوضع. واعتبر أن التواطؤ العربي، سواء بالتحالفات السياسية أو الاقتصادية مع إسرائيل، يعمق الأزمة. ففي الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني في غزة من الحصار والعدوان، تقيم بعض الأنظمة العربية علاقات سياسية وثيقة مع إسرائيل، وتستمر في التطبيع مع الدولة العبرية. ووفقا لمزراحي، فإن هذا الصمت العربي أو التواطؤ مع إسرائيل يساهم في إضفاء شرعية على الاحتلال، ويزيد من عزلة الفلسطينيين في محيطهم العربي. وقال: "لقد أصبحنا في وضع لا يحسد عليه، حيث نرى بعض الأنظمة العربية تتعاون مع إسرائيل في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من القتل والدمار". وأضاف أن "التواطؤ العربي، سواء من خلال الزيارة العلنية لزعماء عرب إلى إسرائيل أو من خلال الدعم غير المباشر لبعض السياسات الإسرائيلية، يساهم في قتل كل فرصة لتحقيق السلام العادل". أوضح مزراحي أيضا أن الاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد احتلال عسكري، بل هو نظام سياسي عنصري يهدف إلى تدمير الهوية الفلسطينية و فرض السيطرة على الأرض الفلسطينية. وذكر أن العدوان الإسرائيلي على غزة هو جزء من سياسة إبادة جماعية مستمرة منذ عقود، تستهدف الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو داخل أراضي 48. وأضاف مزراحي أن هذه السياسات تمثل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي، وأن استمرارها سيؤدي إلى زيادة الاستقطاب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما يهدد استقرار المنطقة بشكل عام. وأكد أن الدعم الأمريكي لإسرائيل يعزز من هذا النظام العنصري ويدفع بالمنطقة إلى مزيد من الانقسام والفوضى. ودعا ألون مزراحي إلى ضرورة إيجاد حلول واقعية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، محذرا من أن الوضع الحالي لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف والكراهية في المنطقة. وقال إن الضغط الدولي على إسرائيل وحلفائها، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، هو السبيل الوحيد لتحقيق حل عادل يضمن حقوق الفلسطينيين ويؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وحث المجتمع الدولي على أن يتحمل مسؤولياته في الضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال والاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. كما طالب بوقف الدعم الأمريكي لإسرائيل طالما استمرت في ممارساتها القمعية تجاه الفلسطينيين، داعيا إلى سياسة دولية تساهم في تحقيق السلام بدلا من إدامة الصراع. تصريحات مزراحي، التي تُعد بمثابة صرخة مدوية من داخل إسرائيل، تمثل صوتا مختلفا عن التيار السائد في المجتمع الإسرائيلي، وتسلط الضوء على تزايد الوعي داخل الأوساط الفكرية والسياسية الإسرائيلية بضرورة تغيير السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. ويدعو هذا الكاتب الإسرائيلي التقدمي إلى مصالحة تاريخية حقيقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما يتطلب إعادة تقييم شاملة للسياسات الخارجية والداخلية للدولة العبرية.