فجّرت فعاليات المجتمع المدني بجهة كلميم وادنون جدلا واسعا حول طريقة تدبير دعم المشاريع الثقافية برسم سنة 2025، ووصفت العملية بأنها شابتها "خروقات صارخة" حوّلت الدعم العمومي من رافعة للتنمية الثقافية إلى أداة لتغذية الولاءات السياسية والحزبية في سياق يطبعه القلق من تعثر السياسات الثقافية وغياب آليات الدعم الشفاف. وجّه بيان صادر عن عدد من الجمعيات الثقافية بالجهة اتهامات مباشرة لمجلس الجهة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، باتهامهما بالتلاعب في دفتر التحملات وتفصيله لصالح جمعيات موالية لجهات سياسية بعينها. معتبرا هذه الممارسات ضربا لمبدأ تكافؤ الفرص ومساسا بقيم المواطنة والعدل الثقافي.
إقصاء ممنهج وتمييز سياسي وأشار البيان الاستنكاري إلى أن "شروط طلب عروض المشاريع جاءت "انتقائية ومخالفة لمقتضيات القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر"، متهما القائمين على البرنامج بتوظيف الدعم كأداة ل"الإقصاء الممنهج" في حق جمعيات ثقافية جادة، وبتغليب منطق المحاباة والولاء السياسي. كما انتقد الموقعون اعتماد توقيت إداري صارم (الرابعة والنصف مساء) كموعد نهائي لتقديم الطلبات، ونشر ذلك في صفحة رقمية غير رسمية، في خرق للقوانين المنظمة للصفقات العمومية، مما خلق ارتباكا واستياء واسعا في أوساط الفاعلين. ولم يفت الموقعين الاستشهاد بخطابات ملكية اعتبروها تؤسس لمرجعية واضحة في دعم المشاركة المدنية والعدالة في تدبير الشأن الثقافي، مشيرين إلى ما جاء في خطاب العرش لسنة 2017 حول "ضعف الإدارة العمومية" و"سوء الحكامة"، واعتبارهم أن تدبير القطاع الثقافي بالجهة أصبح نموذجًا لهذه الأعطاب. كما ذكّروا بمضامين خطاب 30 يوليوز 2007، حيث أكد الملك محمد السادس ضرورة استكمال الديمقراطية التمثيلية بأشكال تشاركية حديثة تُشرك المجتمع المدني باعتباره قوة اقتراحية وتنموية. مطالب بالتحقيق ولم يفت موقعي البيان الاستنكاري تشبت هيئاته ب"فتح تحقيق رسمي وعاجل حول طريقة تدبير الدعم الثقافي بالجهة، مع إعادة صياغة دفتر التحملات في إطار تشاركي، يراعي خصوصيات المجالات الثقافية المتنوعة، وينشر المعايير المعتمدة وأسماء الجمعيات المستفيدة، وقيمة الدعم المخصص لكل مشروع". كما عبّرت الجمعيات عن رفضها لإقصاء المشاريع "بدواعٍ تقنية متجاوزة"، مستنكرة التوزيع "غير العادل" الذي اعتمدته الجهة، ومؤكدة عزمها سلوك المساطر القانونية لمواجهة ما وصفته ب"الإقصاء الممنهج"، في مسعى لتكريس دولة الحق والقانون. وخلص البيان بتوجيه نداء موجه للسلطات الجهوية والوطنية، دعا فيه إلى التدخل العاجل لإيقاف ما وصف ب"العبث"، وضمان احترام الضوابط القانونية التي تؤطر الدعم العمومي، بما يعزز استقلالية الفعل الثقافي وشفافيته، ويضمن تكافؤ الفرص لجميع الجمعيات، بعيدًا عن منطق الريع والزبونية"، وفق تعبيره.