لم يكن مستغرباً أن تفرز موجة التطبيع مع إسرائيل مواقف وكتابات تجرؤ على المسّ بسيادة المغرب ووحدته الترابية، فها هو محلل سياسي إسرائيلي من أصول يهودية مغربية، رافائيل كاسترو، ينشر مقالاً يقترح فيه إعادة توطين سكان غزة في إقليم الصحراء باعتبارها "أرضاً شاسعة وقليلة السكان" تصلح – في نظره – لتكون حلاً دائماً للصراع الفلسطيني. إن إعادة نشر مضمون هذا المقال لا تهدف إلى الترويج لأفكاره الخطيرة بقدر ما ترمي إلى تنبيه الرأي العام وصناع القرار في المغرب إلى ما بات يترتب عن التطبيع من جرأة غير مسبوقة على الطعن في سيادة المغرب ومصالحها العليا، دون أن يصدر للأسف أي موقف رسمي مغربي يستنكر أو يندد بمثل هذه الطروحات التي تضرب في العمق القضية التي يعتبرها المغاربة قضيتهم الوطنية الأولى.
ويأتي هذا الصمت الرسمي في الوقت الذي تتواصل فيه المسيرات الشعبية والوقفات الاحتجاجية في مختلف المدن المغربية رفضاً للتطبيع وتنديداً بمخاطره على فلسطين أولاً، وعلى المغرب نفسه ثانياً، لتكشف المفارقة الصارخة بين موقف الشارع المتشبث بالثوابت الوطنية والسيادية وبين صمت مؤسسات الدولة أمام "مخططات شيطانية" تستهدف تحويل "قضية الصحراء" إلى ورقة ابتزاز في حسابات إقليمية ودولية. في ما يلي مضمون المقال: نشر موقع "إسرائيل ناشيونال نيوز" يوم 2 شتنبر 2025، مقال رأي مثيراً للجدل للكاتب والباحث السياسي رافائيل كاسترو، يقترح فيه إعادة توطين سكان غزة في أقاليم الصحراء ، باعتبارها – وفق تعبيره – "الحل الواقعي والمستدام" لمعاناة الفلسطينيين والأزمات الأمنية المرتبطة بغزة. ويعرض كاسترو، وهو محلل سياسي مستقل تخرّج من جامعتي "ييل: الإسرائيلية والجامعة العبرية في القدسالمحتلة، رؤية تقوم على أن الوضع في غزة "غير قابل للاستمرار"، وأن إعادة توطين سكانها البالغ عددهم نحو مليوني نسمة في إقليم واسع، قليل السكان (نحو 600 ألف نسمة) وغني بالموارد الطبيعية مثل الفوسفاط، الثروة السمكية، والطاقة الشمسية، قد يشكّل "فرصة تاريخية" لتغيير المعادلة. المقال يرى أن البدائل الأخرى لتوطين الفلسطينيين غير واقعية: مصر ترفض استقبالهم في سيناء، الأردن ولبنان مثقلان باللاجئين، دول الخليج غير مستعدة سياسياً وديموغرافياً، والغرب (أوروبا والولايات المتحدة) يرفض استقبال موجات جديدة من اللاجئين. بناءً عليه، يعتبر أن المغرب "الوجهة الأكثر مصداقية" نظراً لدوره في لجنة القدس، ولسياساته الدبلوماسية المرنة، وللاعتراف الأميركي في 2020 بسيادته على الصحراء الغربية. ويعدد كاسترو "الفوائد" التي قد يجنيها المغرب من هذا السيناريو: ترسيخ السيطرة الديمغرافية في الصحراء وإضعاف مطالب جبهة البوليساريو. تعزيز المكانة الدولية عبر تصوير المغرب ك"منقذ للفلسطينيين". تنمية اقتصادية بفضل قوة عمل غزية تنشط الزراعة، السياحة، وصناعات الفوسفاط والصيد البحري. ضمانات أمنية عبر إبعاد تهديد غزة عن إسرائيل وتقليص توظيف إيران للملف. كما يشير الكاتب إلى أن إسرائيل ينبغي أن تدعم هذا السيناريو بخبراتها في مجالات مثل الري بالتنقيط، تحلية المياه، الطاقة الشمسية وتطوير السياحة، من خلال شراكات مع المغرب. ويرى أن ذلك سيكون "استثماراً استراتيجياً" يخدم المصالح المشتركة، لا مجرد إحسان. ويخلص المقال إلى أن إعادة توطين سكان غزة في الصحراء يمكن أن تمنح المغرب مكاسب سكانية وتنموية، وتوفر لإسرائيل تخفيفاً لضغط أمني مزمن، وتمنح المجتمع الدولي "خطة عملية" لأحد أعقد الملفات. ويذهب أبعد من ذلك باقتراح أن منح واشنطن امتيازات تجارية للمغرب قد يحوّل هذا السيناريو إلى "معجزة اقتصادية مغربية".