في سابقة خطيرة تنتهك أبسط قواعد القانون الدولي الإنساني، أقدمت قوات كومندوس تابعة للبحرية الإسرائيلية على اعتراض سفن مدنية كانت في طريقها إلى قطاع غزة، ضمن قافلة تضامنية تهدف إلى كسر الحصار المفروض على السكان المدنيين. تم اقتحام هذه السفن في عرض البحر، واعتقال عشرات النشطاء من جنسيات مختلفة، في سلوك لا يمكن وصفه إلا بالقرصنة البحرية، وهو ما يُجرّمه القانون الدولي بوضوح. من بين المختطفين، نشطاء مغاربة، بينهم عزيز غالي، الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ونائب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان. ورغم الإفراج عن عدد من المحتجزين الأجانب تحت ضغط دولي، لا يزال غالي ورفيقه قيد الاعتقال في ظروف غامضة، دون معرفة مكان احتجازهما، ودون تمكينهما من الضمانات القانونية التي تكفلها الاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة. لكن الأخطر من هذا كله، هو صمت السلطات المغربية، الرسمي والمؤسساتي، تجاه اعتقال مواطنين مغاربة في خرق صارخ لكل القواعد الدبلوماسية والأعراف القانونية. فوفقًا للقانون الدولي، فإن لكل دولة الحق، بل الواجب القانوني والسيادي، في حماية مواطنيها داخل وخارج حدودها، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو مواقفهم الفكرية. ويؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق كل إنسان في الحماية من الاحتجاز التعسفي، كما تلزم اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية الدول باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة مواطنيها المعتقلين في الخارج، بما في ذلك زيارتهم، تأمين محامين، والتدخل الدبلوماسي العاجل. وفي الوقت الذي كان يُنتظر فيه موقف رسمي حازم، فوجئ الرأي العام المغربي بسلوكيات غريبة وغير أخلاقية من بعض الجهات التي تدّعي الانتساب إلى المجتمع المدني، إذ خرجت جمعيات غير معروفة – وربما مسيّسة – ببيانات صادمة، تطعن في وطنية عزيز غالي، وتُحرّض الاحتلال عليه، بل وصلت الوقاحة ببعض المدونين إلى الشماتة في معاناة مواطن مغربي، لا يزال مصيره مجهولًا، وقد يكون عرضة لسوء المعاملة أو التعذيب، كما أفادت تقارير صحفية دولية موثوقة. إن التباين السياسي أو الفكري لا يمكن أبدًا أن يكون مبررًا للتخلي عن مبدأ حماية المواطن، ولا يُعقل أن يُمنح الاحتلال الإسرائيلي غطاءً داخليًا مغربيًا لشرعنة احتجاز ناشط مغربي مدني، كان في مهمة سلمية إنسانية، هدفها كسر الحصار عن شعب يُذبح يوميًا بدم بارد. ليس من الأخلاق ولا من الوطنية – بأي مقياس – أن يتحول بعض المغاربة إلى أدوات تحريض على مواطنين في قبضة قوة احتلال تنتهك القوانين الدولية. دستور المملكة المغربية، يقر بشكل واضح في عدد من الفصول بالتزام الدولة بحماية حقوق المواطنين، كما يمنع المس بحقوق الإنسان ويلزم الدولة بحمايتها. فما بالك إذا تعلق الأمر باختطاف واحتجاز قسري من طرف دولة تحتل شعبًا كاملًا؟ إن سكوت الدولة المغربية، في هذه الحالة، يُعد إخلالًا بواجباتها القانونية والدبلوماسية، وقد يفتح الباب أمام ممارسات خطيرة تمس كرامة المواطنين المغاربة، وتشجع دولًا أخرى على التساهل في حقوقهم. المطلوب الآن وبشكل عاجل، أن تتحرك وزارة الشؤون الخارجية، وممثليات المغرب بالخارج، لمطالبة الاحتلال بالإفراج الفوري عن عزيز غالي ورفيقه، وتأمين سلامتهما الجسدية والنفسية، وفتح تحقيق في ما تعرضا له من معاملة مهينة أو تعذيب، وفقًا لمبادئ اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها المملكة المغربية. إن استمرار احتجاز مواطنين مغاربة دون تحرك رسمي واضح، ودون حملة تضامن وطنية صادقة، يعري هشاشة النظام الحقوقي المغربي، ويطرح أسئلة مؤلمة حول معنى الانتماء والمواطنة. لا ينبغي أن يتحول الانقسام السياسي إلى سبب لتبرير الشماتة، أو تمرير مواقف تصب في مصلحة الاحتلال. الدولة المغربية اليوم أمام اختبار حقيقي: إما أن تكون نصيرة لحقوق مواطنيها، تحركها المبادئ لا الحسابات الضيقة، أو أن تتركهم لمصيرهم في يد الاحتلال، وهو ما سيبقى وصمة في سجلها الحقوقي والسياسي. فهل ستنتصر الدولة للمغاربة… أم تصمت إلى حين؟ لدي يقين كبير انها تتحرك بطريقتها الخاصة دون أن تعلن عن ذلك للرأي العام الوطني لاعتبارات دبلوماسية خاصة في علاقتها باسرائيل ولدي يقين اكبر أن السلطات الامنية والقضائية في المغرب لن تسمح بالممارسات الصبيانية التي من شأنها إثارة القلاقل في البلد من طرف بعض الأطراف التي لا تعي ماذا تفعل ولا تحسب عواقب تصرفاتها. لجوء الحقوقي عزيز غالي إلى مناشدة سلطات بلاده المغرب سلوك حضاري وينم عن وعي ووطنية صادقة ولا يمكن التعاطي معه كتعبير عن الضعف مهما كان الاختلاف مع هذا الرجل او مع غيره قائما حول القضايا السياسية. التشطاء المغاربة الذين شاركوا في اسطول فك الحصار عن قطاع غزة المحاصر تصرفوا وفق ما تمليه عليهم قناعاتهم الحقوقية والانسانية ولكن تعامل الدولة المغربية مع مواطنيه مؤطر بالدستور والقانون والعلاقة التعاقدية التي تربط الحاكم بالمحكوم! الذين سارعوا إلى التشفي في نشطاء مغاربة يوجدون في قبضة الاحتلال اساؤوا للشرف المغربي ولم يستوعبوا أن الوطنية والانتماء للوطن اكبر من مواقف سياسية تحتمل الخطأ وتحتمل الصواب والا ما العلاقة بين وجود شخص في قبضة كيان محتل ومارق وينتهك حقوق الانسان ويبيد النساء والأطفال بدم بارد وبين مواقفه من التطبيع ونزاع لصحراء المغربية ونصرة المقاومة في لبنان واليمن والعراق وغيرها من الدول! عزيز غالي ورفيقه في الأسر مواطنين مغربيين ومن واجب الدولة والمجتمع تكثيف الجهود لعودتهما آمنين إلى وطنهم الأم لأن الوطن اكبر من الجميع وفوق الجميع وأغلى من كل شيء ولدي يقين تام أن الملك محمد السادس بوصفه رئيسا للدولة لن يرضى باهانة اي مواطن مغربي مادام انه هو الضامن الحقوق والحريات داخل المملكة وخارجها لان الرابطة التي تربط اي مواطن مغربي بوطنه اكبر من ترهات التافهين في الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي!