أوضح فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن المغرب قطع "مرحلة فاصلة" في التعاطي مع البرامج الاجتماعية، مشيراً إلى أن الحكومة انتقلت "من أوراق إدارية إلى منظومة تعتمد على التحليل والدقة وتقديم مجموعة من المعايير"، مؤكداً أن هذا التحول "ينطلق من قانون سنة 2018" الذي أسس لبناء سجل اجتماعي موحد أكثر موضوعية. ورد ذلك في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب ليوم الاثنين 8 دجنبر الحالي، حيث أفاد لقجع أن نظام السجل الاجتماعي الموحد يستند إلى خصوصيات مجالية دقيقة، حيث "يؤخذ بعين الاعتبار التنقيط وفق 35 متغيراً في الوسط الحضري و28 متغيراً في العالم القروي".
وبلغة الأرقام، أبرز الوزير أن هذا النظام مكّن "إلى غاية نهاية شهر نونبر من منح الدعم لثلاثة فاصل مليون أسرة"، أي ما يمثل "42 في المائة من مجموع الأسر المغربية"، موضحاً أنّ عدد المستفيدين بلغ "12.6 مليون شخص". وشدّد على أنّ أهمية هذا الورش لا تنحصر في الأرقام فحسب، بل في "التحيين المنتظم للمعطيات" واعتماد التكنولوجيا الحديثة لضمان "توزيع عادل للدعم المباشر" وفق تعبيره. وفي ردّه على الانتقادات المرتبطة بإقصاء بعض الفئات، ومنها الأرامل والأشخاص في وضعية إعاقة، أكد الوزير أن الحكم على النظام ينبغي أن يكون "بموضوعية أكبر"، لأنه "مشروع ملكي أمر به صاحب الجلالة"، مضيفاً أنّ المعايير المعتمدة تقوم على "38 متغيراً في العالم الحضري و28 في العالم القروي"، وأن الهدف الأساسي هو الوصول إلى "12.4 مليون مغربي يستفيدون من الدعم"، وهو ما تحقق بالفعل. وأقرّ الوزير بأن المنظومة تحتاج إلى "مراجعة وتطوير وتصحيح" لأنها، كما قال، "عمل إنساني أساسي" يقوم على القراءة والتحليل والتحيين المستمر، وأن الانتقال من الوثائق الورقية إلى قاعدة بيانات وطنية "أمر يسمح بالتصحيح المستقبلي". وفي ما يتعلق بتأثير الدعم الاجتماعي المباشر على الأسر، شدّد الوزير على أن هذا الورش يُعدّ تجسيداً فعلياً للتوجيهات الملكية، وأن الحكومة تشتغل منذ ثلاث سنوات على "ترجمة هذا الإصلاح على أرض الواقع". وأشار إلى أن الشق الأول يتعلق "بالتصحيح المتواصل لضمان العدالة المثلى"، أما الشق الثاني فيتمثل في تقييم أثر الدعم على الأطفال والنساء والأسر الهشة، سواء على مستوى التمدرس أو الولوج للعلاجات الصحية. وكشف أن الهدف من إحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي هو "مواكبة الأسر المستفيدة وتحديد الأثر الاجتماعي والاقتصادي للدعم"، بما يسمح بقياس قدرة هذه الأسر على "الاندماج الاجتماعي وخلق فرص أخرى للعيش الكريم". وعند إثارة النواب لمسألة تغيّر المؤشر بسبب استهلاك بسيط، مثل تعبئة الهاتف أو أداء فاتورة الأنترنت، أوضح الوزير أنّ هذه الحالات "قد تقع فعلاً"، لكنه شدد على أن المقاربة العامة للنظام "بما لها وما عليها" حققت نتائج ملموسة مكّنت "12.4 مليون مغربي من الاستفادة"، وأن "27 مليار درهم تُضخ اليوم داخل هذه الأسر"، مضيفاً أنّ المعيار الحالي، رغم اعتماده 38 متغيراً في المدن و28 في القرى، "يحتاج باتفاق الجميع إلى المراجعة والتتبع لمعالجة الحالات الاستثنائية". وأكد الوزير أن النظام، رغم نواقصه، مكّن من تحسين توجيه الدعم مقارنة بالسابق، قائلاً: "لا يمكن أن نقول اليوم إن وجود بعض النواقص يعني أن النظام لا يعطي النتائج"، مشيراً إلى أن اللوائح "موجودة وشفافة"، وأن العمل متواصل "للوصول إلى العدالة المثلى في التوزيع". وقد شهدت الجلسة نقاشات مكثفة حول ضرورة تحسين الاستهداف، ومعالجة الفوارق المجالية، وتفادي فقدان بعض الطلبة لمنحهم الجامعية بسبب تغيّر المؤشر. كما دعا عدد من النواب إلى إعادة النظر في توحيد مبلغ الدعم دون مراعاة خصوصيات المناطق الجبلية والقروية، معتبرين أن المعيار الحالي "لا ينسجم دائماً مع الواقع المعيشي". وفي ختام التفاعل، حرص لقجع على التأكيد بأن الحكومة منفتحة على جميع الملاحظات، وأن عملية الإصلاح ستستمر على أساس "التحيين والتصحيح المستمرين"، لافتاً إلى أن بناء الدولة الاجتماعية "مسار طويل" يتطلب وقتاً وتراكماً، وأن الدقة المنشودة في تحديد الفقر "ستتحقق بشكل تدريجي مع نضج المعطيات وتحسن تقنيات التحليل".