حلّ المغرب في المرتبة ما قبل الأخيرة على مستوى إفريقيا من حيث امتلاك حسابات النقود المحمولة، بنسبة لا تتجاوز 12 بالمائة من السكان البالغين، وفق تقرير صادر عن شبكة "أفروباروميتر" البحثية في دجنبر 2025، في نتيجة تبرز فجوة لافتة بين المملكة وبقية مناطق القارة التي تشهد توسعاً سريعاً في الخدمات المالية الرقمية. ويشير التقرير، الذي شمل 35 دولة إفريقية واستند إلى بيانات الجولة العاشرة من استطلاعات "أفروباروميتر" المنجزة خلال 2024 و2025، إلى أن المغرب يتقاسم أدنى مرتبة في هذا المؤشر مع تونس، في وقت تجاوز فيه متوسط امتلاك حسابات النقود المحمولة على مستوى القارة 60 بالمائة، وبلغت النسبة 92 بالمائة في كينيا و89 بالمائة في الغابون و88 بالمائة في غانا.
وتأتي هذه النتائج في وقت تتزايد فيه رهانات الدول الإفريقية على توسيع الإدماج المالي كأداة لتعزيز تعبئة الموارد الداخلية وتقليص الاعتماد على التمويل الخارجي، وسط انتقادات متصاعدة من قادة القارة لوكالات التصنيف الائتماني الدولية، وسعي الاتحاد الإفريقي إلى إرساء بدائل قارية، من بينها وكالة التصنيف الائتماني الإفريقية التي تقرر أن يكون مقرها في موريشيوس في 2025، وفق ما أشار إليه التقرير. وعلى خلاف ضعف انتشار النقود المحمولة، يظهر المغرب أداءً أقرب إلى المتوسط القاري فيما يتعلق بالحسابات البنكية التقليدية، إذ يمتلك 38 بالمائة من البالغين حسابات بنكية، مقارنة بمتوسط إفريقي يبلغ 37 بالمائة. غير أن التقرير يرى أن هذا التوازن النسبي لا يعوض محدودية الولوج إلى الخدمات الرقمية التي أصبحت، في معظم أنحاء القارة، المدخل الرئيسي للإدماج المالي. ويعزو التقرير هذا التفاوت إلى عوامل تنظيمية وسياقية، تشمل الأطر القانونية، ونماذج الأعمال المعتمدة في قطاع الدفع عبر الهاتف المحمول، إضافة إلى اعتبارات ثقافية ودينية في بلدان شمال إفريقيا ذات الأغلبية المسلمة، مثل المغرب، حيث قد يحدّ التحفظ إزاء الفائدة البنكية من الإقبال على بعض الخدمات المالية، حسب تحليل أفروباروميتر. وبحسب التقرير، فإن محدودية الإدماج المالي الرقمي في المغرب تطرح تحديات على مستوى تعبئة الادخار المحلي، إذ يؤكد الباحثون أن المشاركة الواسعة للأفراد في الأنظمة المالية الرسمية والرقمية تمثل شرطاً أساسياً لتطوير أسواق رأس المال الداخلية، وتمويل الميزانيات العمومية، وتقليص الهشاشة أمام تقلبات التصنيف الائتماني الخارجي. ويأتي ذلك في سياق إقليمي يشهد تباينات حادة، حيث تسجل منطقة شمال إفريقيا أدنى متوسط لامتلاك حسابات النقود المحمولة عند 26 بالمائة، مقابل 67 بالمائة في شرق إفريقيا و70 بالمائة في وسط القارة، وفق بيانات التقرير. ويرى معدو الدراسة أن هذه الفجوة تعكس اختلافات عميقة في البنية التحتية الرقمية والسياسات العمومية، أكثر مما تعكس خصائص الأفراد فقط. ويستند تقرير "أفروباروميتر" إلى مقابلات مباشرة مع ما بين 1200 و2400 شخص بالغ في كل بلد، بهامش خطأ يتراوح بين +/-2 و+/-3 نقاط مئوية، وقد أُنجزت الأشغال الميدانية في المغرب خلال الفترة ما بين فبراير ومارس 2024، ما يمنح النتائج طابعاً راهناً، بحسب التقرير. ويرى محللون، استناداً إلى معطيات "أفروباروميتر"، أن التحدي المطروح أمام المغرب لا يقتصر على رفع نسب الولوج إلى الخدمات المالية، بل يشمل أيضاً تكييف هذه الخدمات مع حاجيات الفئات الهشة، ولا سيما الشباب والنساء وسكان العالم القروي، في ظل التحولات الرقمية التي تعيد تشكيل القطاع المالي في إفريقيا. ويخلص التقرير إلى أن مستقبل السيادة المالية الإفريقية، بما في ذلك المبادرات القارية الرامية إلى إصلاح منظومة التصنيف الائتماني، سيظل مرتبطاً بمدى قدرة الدول على إدماج مواطنيها في الأنظمة المالية الرسمية والرقمية.