الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية يثمن الاعتراف الأممي بمغربية الصحراء ويدعو لتسريع التنمية والاستثمار في الأقاليم الجنوبية    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    المنتخب الوطني يجري حصة تدريبية مفتوحة امام وسائل الاعلام المعتمدة بملعب طنجة الكبير    وسط مطالب بحريتهم.. أحكام الإدانة في حق شباب "جيل زد" متواصلة وصدور عقوبات بديلة في تازة    حموشي يتقلد وساما إسبانيا رفيعا    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يستأنف تداريبه استعدادا لسدس عشر كأس العالم    انطلاق لقاءات التشاور حول الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة بولاية طنجة    (فيديو) بنسعيد يبرر تعين لطيفة أحرار: "كانت أستاذة وهل لأن اسمها أحرار اختلط على البعض مع حزب سياسي معين"    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    الكشف عن الكرة الرسمية لكأس أمم إفريقيا المغرب 2025    الدون "كريستيانو رونالدو" يعلن عن موعد اعتزاله    كيف أصبح صنصال عبئاً على الديبلوماسية الجزائرية؟    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    كريم زيدان يعلن عن تفاصيل وشروط استفادة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة من دعم المشاريع    اقتراب منخفض جوي يجلب أمطارًا وثلوجًا إلى المغرب    لتعزيز جاذبية طنجة السياحية.. توقيع مذكرة تفاهم لتطوير مشروع "المدينة المتوسطية"    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    مجلس القضاء يستعرض حصيلة 2024    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين الوصول إلى جميع الوسائط الحديثة المشتركة    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعرض تجربة الذكاء الاصطناعي في منصة "SNRTnews" بمعرض كتاب الطفل والشباب    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوية و الديمقراطية في الدستور الجديد
نشر في لكم يوم 05 - 07 - 2011


فعل وردود أفعال:
الفعل : عمل لجنة المانوني من خلال أحد أعضاءها: محمد الطوزي :" العمل على مشروع الدستور الجديد كان قد طال موضوع الدولة المدنية"(1)
رد الفعل : " جلالة الملك يعلم جيدا أن أباء و أجداده ليس الشيوعيين المتطرفين الذين نصروهم في بناء هذه الدولة قبل أربعة قرون، وليس العلمانيين هم الذين نصروهم ، وليس دعاة الفساد والإفساد والمجاهرة وليس عملاء فرنسا الذين مازالوا يحرصون على مصالح فرنسا..."(2)
الفعل : " رد الفعل على رد الفعل: " تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس منظمة التوحيد والإصلاح تتجاوز الحق المشروع في التعبير عن الآراء والمواقف بخصوص مشروع الدستور قيد المراجعة لتصل إلى حد استعمال خطاب يرتكز على العنف اللفظي والرمزي والقذف والتجريح ضد الأشخاص الطبيعيين والمعنويين المعبرين عن مواقف مغايرة لمواقفهم... أنّ تنصيص الدستور المغربي على المغرب بلدا مسلما عوض إسلامية الدولة، هو أمر طبيعي ينسجم مع الحقيقة السوسيوثقافية للمغرب، لأنّ الإسلام هو دين الأغلبية، ولأن الإيمان العقائدي لا يعبّر عن موقف المؤسسات بل هو إيمان الأشخاص والأفراد من المواطنين الذين يخضعون جميعهم للقانون داخل المؤسسات العمومية، في مساواة تامة فيما بينهم بغضّ النظر عن ألوانهم أو أنسابهم وأصولهم أو معتقداتهم أو لغاتهم، وعلى الدولة الديمقراطية بمؤسساتها وقوانينها رعاية حقوق الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينية المختلفة، وحمايتهم من أي اعتداء أو تسفيه أو ميز."(3)
الفعل محمد الطوزي :" بعد الضغوطات التي مارستها حركة التوحيد والإصلاح، وتهديدات بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وتصريحات قيادي بارز في حزب الاستقلال، أدى للتراجع عنها"... "ضعف رد القوى التقدمية والحداثية، التي كان يفترض أن تضغط لفرض عدم التراجع عن تلك المطالب".." الامازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية".." لكن المعارضة التي لاقتها هذه الصيغة فرضت ضرورة تعديلها بعد اللجوء إلى التحكيم الملكي الذي ارتأى بأن يتم الاعتراف بالأمازيغية كما ورد في الخطاب الملكي ليوم التاسع من شهر مارس والتكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة" (4)
رد الفعل – أحمد عصيد : "كان صعبا على قوى التقليد والمحافظة في النظام والأحزاب السياسية، أن تقبل بدون تحفظ مبدأ ترسيم الأمازيغية الذي ظهر الميل إليه من طرف أغلبية القوى المدنية والسياسية التي تقدمت بمقترحاتها للجنة الدستور. وكان لا بدّ من اللجوء في اللحظات الأخيرة إلى العبارات الملتوية للصياغة القانونية التي تشبه الألغام التي يمكن استعمالها عند الحاجة ، كما تمّ بالنسبة لكل الحقوق والحريات الأخرى، فالأمازيغية لغة رسمية للدولة، ولكن بشكل يوهم بأنها لغة رسمية ثانوية، مع قانون تنظيمي قد يمنح أعداءها الفرصة لعرقلة وظائفها الحيوية مستقبلا."(5)
الفعل : "التعديل تم من طرف محمد معتصم، مستشار الملك باتصال مع الأحزاب السياسية، وخاصة حزب العدالة والتنمية"..."لاجدال في القول بأننا مسلمون وأن الإسلام جزء من هوية المغرب، لكن على مستوى الدولة لا أعتقد أنه من المفيد أن تكون المرجعية الدينية أساسية في التدبير، لأنه في هذه الحالة من سَنُحَاسِب؟".."التفكير السياسي حول الاختيار المجتمعي ليس واضحا لدى الفاعلين السياسيين المغاربة.. كما أن المشروع المجتمعي لم يكن حاضرا في شعارات ولافتات الحراك الشبابي، ورد الفعل الوحيد كان من ائتلاف عدد من الجمعيات أصدرت بيانا يدافع عن الهوية الحداثية".(6)
وبعد ذلك ردود الأفعال ليس بالشكل المطلوب والمنتظر من طرف الساعين لإشعال نار المعركة حول الشق الهوياتي في الدستور من أجل تمرير الشق الديمقراطي دون نقاش حقيقي .
لماذا افتعال المعركة بين الهوية والديمقراطية؟
الديمقراطية في مضامين الوثيقة الدستورية الجديدة طرحت نفسها مند تشكيل اللجنة المكلفة بذلك ، ليس من الناحية المسطرية ، كما يقول أنصار المجلس التأسيسي ، ولكن من حيث تشكيلة لجنة المانوني و ومكوناتها ، حيث طغى عليها التيار العلماني ، الذي ليس في صالحه إدخال إصلاحية جوهرية على الدستور بما يسمح بجعله دستورا ديمقراطيا، و حيث تم إقصاء التيار الإسلامي أو المحافظ من أية تمثيلية فيها . والآن بعد خروج الوثيقة مشروع الدستور ، وطريقة إخراجها و اطلاع الهيئات السياسية عليها ،شفويا في البداية ، وغير نهائية في المرة الثانية ، قد برهن - بما ليس فيه شك - أن جعل التيار العلماني مهيمنا على تشكيلة اللجنة ، و أن تغييب التيار الإسلامي ، الرسمي والحركي والسياسي ، كان مقصودا ، ويهدف بالأساس إلى جعل مشكل الهوية مطية لخلق وتفجير صراع بين التيارين (العلماني والإسلامي) ، من أجل إلهاء بعضها ببعض ، والهاء القوى الحية في المجتمع من وراءها بذلك الصراع المفتعل ، حتى يتم تمرير الشق التدبيري-الديمقراطي من الدستور ، الذي لا يرقى إلى مستوى طموح الشعب المغربي وقواه السياسية والمدنية.
فالمستشار الملكي محمد المعتصم ، لما قدم " الدستور الشفوي" لآلية المتابعة المكونة من الأحزاب السياسية والهيئات النقابية ، عرض فقط الشق التدبيري و الديمقراطي من الدستور دون الشق الهوياتي، مما خلق اعتقادا لدى زعماء بعض الأحزاب السياسية، و بعض الكتاب العامين للنقابات ، بان الشق الهوياتي من الدستور لم يمسسه أي تغيير، و أنه باق على ما هو عليه، كما هو في دستور 1996، باستثناء ترسيم الامازيغية ، وبعد ذلك فوجئ الجميع بأن تغييرا جوهريا قد وقع في الشق الهوياتي ، حيث اعتبر المغرب في ديباجة المشروع الجديد ، بلدا مسلما ، بدل المغرب دولة إسلامية ، كما تم التنصيص على حرية المعتقد ، بشكل يسمح بوجود الأقليات الدينية ، بشكل منظم في المغرب، إلى جانب تجريد اللغة العربية من أية حماية دستورية و قانونية رغم التنصيص عنها رسمية.
هذا التغيير الجوهري بالزيادة في جرعة العلمنة في الجانب الهوياتي ، صاحبه ضعف في حقن المشروع الجديد بالمزيد من الديمقراطية في الشق التدبيري من الدستور، بما يستجيب لطموحات القوى الحية في المجتمع. فباستثناء إشراك رئيس الوزراء في بعض صلاحيات الملك ، و التنصيص على الارتقاء بالسلطة القضائية إلى مستوى سلطة ثالثة ، وضمان استقلالها عن الحكومة، إلى جانب ما سجل من ايجابية في الديمقراطية المحلية ، بتمكين الشعب من الانتخاب المباشر للمجالس الجهوية و الإقليمية، بالاضافة الى التنصيص على الحريات والعديد من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ليس هناك ما يشكل إضافة نوعية على مستوى دمقرطة الوثيقة الدستورية ، بما يجعلها تؤسس لتوزيع عادل ومتوازن للسلطة . حيث بقيت المؤسسة الملكية مهيمنة على صناعة القرار السياسي (الفصل 47 من المشروع).
و لما كان القائمون على هذه الإصلاحات واعين بالأهمية التي سيحظى بها الشق التدبيري من المشروع الدستوري من النقاش و النقد، وبأن أنظار المهتمين والمراقبين ستركز بالضبط على منسوب الديمقراطية في هذا الجانب، الذي لم يكن في المستوى المطلوب والمرغوب ، خاصة بالنسبة للقوى الحية الديمقراطية والإسلامية، قاموا بمحاولة افتعال المشاكل في الشق الهوياتي من المشروع، مما سيجعل الإسلاميين ، (باعتبارهم القوة الكبيرة القادرة على تحريك الشعب) ، يركزون على مشاكل الهوية لإرجاعها إلى ما كانت عليه في الدستور السابق ، ومقابل ذلك سيضطرون إلى تقديم تنازلات في الشق الديمقراطي. خاصة إذا علمنا أن الإسلاميين هم المؤهلين تنظيميا و سياسيا للاستفادة من نتائج دمقرطة الدستور، ومن كل توزيع عادل للسلطة في الوثيقة الدستورية، في الوقت الذي ستكون في النخب العلمانية ، خاصة المتحلقة منها حول مراكز صناعة القرار ، ومنها العناصر المشكل للجنة عبد اللطيف المانوني ، أكبر الخاسرين من كل دستور ديمقراطي، فهذه النخبة هي التي تستفيد بالدرجة الأولى من الصلاحيات الواسعة والفائض الكبير من السلطة الذي يوفر الدستور السابق للمؤسسة الملكية ، التي تقوم بتشكيل العديد من اللجن والمجالس الاستشارية ، و بتعيين أفراد هذه النخبة العلمانية فيها، بمقتضيات الفصل التاسع عشر من الدستور القديم ، والمادة 42 من الدستور المقبل. ومادام الأمر كذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه، ومن الطبيعي ، ألا تنتج هذه اللجنة إلا وثيقة تستجيب لمصالحها الفئوية أكثر مما تستجيب لتطلعات الشعب المغربي وقواه الحية. إذن فهذا النقاش الهوياتي في هذه الظرفية(بعيد إخراج المشروع الى الوجود) كان مفتعلا ، و تقوده بعض العناصر التي شاركت من خلال لجنة المانوني ، من أجل التغطية عن عجزها عن صياغة وثيقة دستورية ديمقراطية ، لذلك حاول كل من محمد الطوزي(الأستاذ الجامعي ، والباحث في علم السياسة ، وعضو لجنة المانوني) في تصريحه لجريدة الأحداث المغربية ، و أمينة بوعياش(رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وعضو لجنة المانوني) في حوارها مع جريدة أخبار اليوم ، أن ينحرفوا بالنقاش العام ، الذي كان يجب أن يركز على منتوج اللجنة ، الهزيل ديمقراطيا في الوثيقة، هؤلاء أرادوا توجيه أنظار الفاعلين السياسيين والمدنيين الى الشق الهوياتي ، حيث صرح الطوزي بأن" العمل على مشروع الدستور الجديد كان قد طال موضوع الدولة المدنية"، و أضاف " بعد الضغوطات التي مارستها حركة التوحيد والإصلاح، وتهديدات بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وتصريحات قيادي بارز في حزب الاستقلال، أدى للتراجع عنها".(7) وكان الطوزي يتمنى أن تنخرط الأطراف السياسية العلمانية في هذا الصراع الإيديولوجي ، الذي لا نتائج عملية من وراءه ، حيث قال : "ضعف رد القوى التقدمية والحداثية، التي كان يفترض أن تضغط لفرض عدم التراجع عن تلك المطالب". وحتى يتمكن الطوزي من إقحام بعض الفعاليات الامازيغية العلمانية ، بدورها في الصراع و إثارة الضجيج حول الهوية ، وإبعادهم عن القضية المركزية في الدستور وهي الديموقراطية أشار أستاذ علم السياسة " بأن الامازيغية قد تم التنصيص عليها بداية بالصيغة التالية: "بالأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية»، قبل أن يعقب: " لكن المعارضة التي لاقتها هذه الصيغة فرضت ضرورة تعديلها بعد اللجوء إلى التحكيم الملكي الذي ارتأى بأن يتم الاعتراف بالأمازيغية، كما ورد في الخطاب الملكي ليوم التاسع من شهر مارس" (8)، وهذا ما تلقفه العلماني الأمازيغي أحمد عصيد ، و جعله محور مقالاته وتصريحاته وحواراته و محاضرته، أينما حل وارتحل، منجزا بذلك المهمة التي خطط لها دهاقنة لجنة المانوني ، على أحسن ما يرام. وسارت أمينة بوعياش على نفس طريق الطوزي ، مما يبين بأن هذه الخرجات الصحفية كانت مبرمجة ومخططة لها، وتستهدف إثارة الصراع والضجيج حول الشق الهوياتي ، لتمرير الشق التدبيري الضعيف ديمقراطيا ،حيث قال رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان : "لاجدال في القول بأننا مسلمون وأن الإسلام جزء من هوية المغرب، لكن على مستوى الدولة لا أعتقد أنه من المفيد أن تكون المرجعية الدينية أساسية في التدبير، لأنه في هذه الحالة من سَنُحَاسِب؟"(9). أمينة بوعياش بدورها انتظرت اندلاع المعركة بين العلمانيين و الإسلاميين ، كما خطط لها في لجنة المانوني ، لذلك عبرت عن خيبة أملها في عدم قيام التيار العلماني بمهمته ودوره كما برمجة ذلك، باستثناء ما قام بيت الحكمة لصاحبته خديجة الرويسي، التي غالبا ما لا تتحرك إلا عندما تتلقى الإشارات من "الجهات المعلومة" ، لذلك عبرت أمينة بوعياش عن أسفها وخيبة أملها لغياب "ردود فعل قوية على مواقف حزب العدالة والتنمية من موضوع الهوية، وأقرت بأن هذا التعاطي أثبت بأن "التفكير السياسي حول الاختيار المجتمعي ليس واضحا لدى الفاعلين السياسيين المغاربة.. كما أن المشروع المجتمعي لم يكن حاضرا في شعارات ولافتات الحراك الشبابي، ورد الفعل الوحيد كان من ائتلاف عدد من الجمعيات أصدرت بيانا يدافع عن الهوية الحداثية". وهذا المسار هو الذي اتخذتها وسائل الإعلام العمومي ، و على القناة الثانية ، التي عملت من خلال بعض برامجها التركيز على هذا الجانب الهوياتي ، جاعلة منه محورا لنقاشاتها.
الغريب في الأمر هو كيف انطلت هذه الخدعة على العديد من المراقبين والباحثين والسياسيين ، الذين انخرطوا في هذا المعركة المفتعلة ، مركزين كتابتهم على التدخلات التي قامت بها العديد من الأطراف في مرحلة ما بين تسليم مشروع الوثيقة الدستورية من طرف لجنة المانوني، وبين وصولها إلى يدي الملك، مركزين عن الجانب ألهوياتي، مسلطين سهام نقدهم على الأطراف التي يتوهمون تدخلها، غافلين عن الفاعل الرئيسي، وهو لجنة المانوني التي لم تستطيع العناصر المكونة لها ، صياغة وثيقة دستورية ديمقراطية في مجال توزيع السلطة ، هذه العناصر، التي لا تكل ولا تمل - قبل وصلها إلى موقع الفعل والعمل في اللجنة - من الحديث والدندنة حول الديمقراطية والحداثة السياسية، مسجلة بذلك مفارقة غريبة بين خطابها وممارستها ، معبرة عن عقمها وإفلاسها الحقيقي، الذي جعلها تبحث لنفسها عن فتات المصالح في مواقع القرب من مراكز القرار، لذلك كانت حريصة على صياغة وثيقة دستورية تضمن لها تسييج ذلك المجال الشاسع من السلطة لفائدة المؤسسة الملكية، التي ستكون في حاجة إلى خدمات هذه النخب المفلسة سياسيا وفكريا لتدبيره، بعيدا عن المشاركة و المراقبة الشعبية، كما تقتضي القواعد والأعراف الديمقراطية المتعارف على إنسانيا.
الهوامش:
-1- محمد الطوزي في حوار مع جريدة الأحداث المغربية ليوم 20يونيو 2011-06-25
-2- عبد الإله بنكيران في تجمع خطابي بمدينة تمارة يوم الأحد 12 يوينو2011-06-25
-3- بيان بيت الحكمة بتاريخ 14 يونيو 2011، بيت الحكمة جمعية ترأسها خديجة الرويسي ، عضو المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة
-4- محمد الطوزي في نفس الحوار السابق
-5- أحمد عصيد – ترسيم الامازيغية المكاسب والمعيقات –مقال في موقع
لكمhttp://www.lakome.com/opinion/49-authors/5947-2011-06-24-13-56-13.html
و أحمد عصيد هو من كتيبة العلمانيين المكلفين بمهمة مناوشة واستفزاز التيار الإسلامي، بمناسبة أو بدون مناسبة، في إطار تحالف علماني نشأ مباشرة بعد أحداث16 ماي 2003 الى جانب كل من: جمال براوي و عبد الكريم الأمراني و رضى بنشمسي كإعلاميين ، و خديجة الرويسي ، وسعيد الكحل و سمير أبو القاسم و محمد كلاوي و عبد اللطيف أكنوش والقائمة طويلة، بقيادة رجل الداخلية القوي أنذاك فؤاد عالي الهمة ، وقد تمت مكافئتهم على ذلك ، بتوزيعهم كأعضاء في المجالس الإدارية للعديد من اللجن والمجالس الاستشارية كالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والمعهد الملكي للثقافة الامازيغية و المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي..، ومنهم من تم الاستعانة من خدماته من طرف جهاز الأمن الوطني ، كالدكتور عبد اللطيف أكنوش.
-(6)- أمينة بوعياش في حوار تريح لجريدة أخبار اليوم المغربية ليوم الخميس23يونيو2011
-(7)- محمد الطوزي نفس المرجع السابق
-(8)- نفس المرجع
- 9- أمينة بوعياش نفس المرجع السابق
-10- نفس المرجع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.