قيادي بحماس: ما نقبلو حتى هدنة بلا وقف دائم للحرب فغزة    رئيس أساقفة القدس المطران عطا الله حنا يوجه رسالة إلى مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي الدكالي    قاتل والده بدوار الغضبان يحاول الانتحار بسجن سيدي موسى بالجديدة    فيتنام تسجل درجات حرارة قياسية فأبريل    بطولة انجلترا: إيبسويتش تاون يعود للدوري الممتاز بعد 22 عاما    جائزة ميامي للفورمولا واحد : فيرستابن يفوز بسباق السرعة    لشكر ينتقد "عقلية العنف" لنظام الجزائر ويطالب الحكومة بالعناية بجهة درعة    السعودية حكمات بالحبس 11 العام على مناهل العتيبي غير حيت دعمات حقوق المرا.. و"امنيستي" كتطالب بإطلاق سراحها    بوركينافاسو تشيد بالمبادرة الأطلسية الإفريقية التي أطلقها جلالة الملك    اللعابا د فريق هولندي تبرعو بصاليراتهم لإنقاذ الفرقة ديالهم    رئيس بلدية لندن العمّالي صادق خان ربح ولاية ثالثة تاريخية    أخبار سارة لنهضة بركان قبل مواجهة الزمالك المصري    طنجة .. لقاء يبرز أهمية المنظومة القانونية للصحافة في تحصين المهنة والمهنيين    من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟    توقعات أحوال الطقس ليوم الأحد    إدارة المغرب التطواني تناشد الجمهور بالعودة للمدرجات    فيلم "من عبدول إلى ليلى" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    موريتانيا حذرات مالي بعدما تعاودات الإعتداءات على مواطنيها.. ودارت مناورات عسكرية على الحدود    قمة منظمة التعاون الإسلامي.. الملك يدعو إلى دعم الدول الإفريقية الأقل نموا    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل أسرى وإسقاط حكومة نتنياهو    أسواق أضاحي العيد ملتهبة والمغاربة أمام تغول "الشناقة"    لمجرد يقطع صمته الطويل..قائلا "أريد العودة إلى المغرب"    إبراهيم دياز يتوج رفقة ريال مدريد ببطولة الدوري الإسباني    القضاء يدين سائحا خليجيا بالحبس النافذ    التوقيع على ثلاث اتفاقيات للتنمية المجالية لإقليمي تنغير وورزازات    طنجة.. محاميون وخبراء يناقشون رهانات وتحديات مكافحة جرائم غسل الأموال    إبراهيم دياز يهدي ريال مدريد لقب الليغا الإسبانية بهدف خرافي    دراسة.. نمط الحياة الصحي يمكن أن يضيف 5 سنوات إلى العمر    افتتاح معرض يوسف سعدون "موج أزرق" بمدينة طنجة    تعاون مغربي إسباني يحبط تهريب الشيرا    فرنسا.. قتيل وجريح في حادث إطلاق نار في تولوز    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الداخلة    تعيينات جديدة فال"هاكا".. وعسلون بقى فمنصب المدير العام للاتصال    مادة سامة تنهي حياة أربعيني في تزنيت    "دعم السكن" ومشاريع 2030 تفتح صنابير التمويل البنكي للمنعشين العقاريين    كأس الكونفدرالية الافريقية .. طاقم تحكيم كيني يدير مباراة نهضة بركان ضد الزمالك    الوكالة الحضرية لتطوان تواصل جهود تسوية البنايات غير القانونية    هل تبخر وعد الحكومة بإحداث مليون منصب شغل؟    106 مظاهرات في عدة مدن مغربية لدعم غزة والإشادة بالتضامن الطلابي الغربي    سيناريو مغربي ضمن الفائزين بالدعم في محترفات تطوان    صناديق الإيداع والتدبير بالمغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها لمواجهة تحديات "المتوسط"    بطل "سامحيني" يتجول في أزقة شفشاون    مهرجان الدراما التلفزية يفتتح فعاليات دورته ال13 بتكريم خويي والناجي (فيديو)    صندوق الإيداع يشارك في اجتماع بإيطاليا    انتهى الموضوع.. طبيب التجميل التازي يغادر سجن عكاشة    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقطيع الانتخابي... ماذا تغير؟
نشر في محمدية بريس يوم 10 - 11 - 2011

لم يعد يفصلنا عن الانتخابات التشريعية المقبلة سوى أياما معدودات، ومع استكمال مجمل النصوص المنظمة لهذه الانتخابات التي تتميز بخصوصية الظرف السياسي المحلي والإقليمي الذي تمر فيه،
فإن التساؤل الذي يؤرق البال دائما هو ماذا تغير؟ ما الجديد الذي جاءت به هذه النصوص لتجيب عن تطلعات الشعب والشباب في بناء بلد تسوده الديمقراطية الحقيقية؟ هل نحن فعلا بصدد انتخابات تم إعداد جميع المقومات القانونية والتنظيمية والسياسية لكي تُشكل محطة ننتقل فيها من عهد التحكم إلى عهد الديمقراطية.
تعد عملية تحديد الدوائر الانتخابية من أهم العمليات الانتخابية السابقة ليوم الاقتراع فهي قضية سياسية بالدرجة الأولى، إذ شكلت مجالا للنقاش في شتى بلدان العالم، ففي إسبانيا مثلا كانت هذه القضية محط جدال واسع تطور إلى درجة التنصيص على حدود الدوائر الانتخابية في دستور البلاد إذ نصت المادة 68 من الدستور الإسباني على جعل الإقليم دائرة انتخابية، وذلك للحيلولة دون تغييرها إبان الانتخابات وقد نجحت هذه السياسة في إسبانيا مما ساهم في تجاوز هذا الموضوع الذي كان دائما محط صراع.
ويقوم التقطيع بدور حاسم في رسم نتائج الانتخابات من منطلق كون تحديد معايير تقسيم الدوائر، يكون عاملا مؤثرا بشكل كبير في النتائج، ففي إطار نظام انتخابي تنافسي وديمقراطي يمنح التقطيع لمختلف المرشحين حظوظا متساوية للفوز بالمقاعد تبعا لعدد الأصوات التي حصلوا عليها، في المقابل يمكن أن يستخدم التقطيع كأداة لصالح أحزاب سياسية معينة أو مرشحين معينين، كما يمكن أن يستعمل من طرف النظام السياسي لخلق التوازن السياسي الذي يريد، أو لرسم خريطة سياسية متحكم فيها، ومن هنا تنبع خطورته وأهميته.
يعد مبدأ التمثيل المتساوي من أهم مبادئ التقطيع، ويقتضي ضمان تمثيل كل دائرة مهما كان عدد سكانها، كما يقتضي مراعاة التوازن الديمغرافي بين الدوائر من حيث عدد السكان، لكن هذا المبدأ لا يفرض في نفس الوقت وجود مساواة مطلقة بين الدوائر الانتخابية طالما أن النائب بالبرلمان لا يمثل الدائرة التي انتخب فيها فقط بل يمثل مجموع البلاد، ولكن على الرغم من ذلك، لا يمكن انطلاقا من روح الديمقراطية، التسامح اتجاه التشويهات التي تفقد التصويت دلالته. فإذا كانت هذه التشويهات مقبولة من وجهة نظر النظام التمثيلي، فهي لا تعتبر كذلك من وجهة نظر مبدأ المساواة وعمومية الاقتراع المكرسان دستوريا.
ويختلف تطبيق هذا المعيار من دولة إلى أخرى حسب الثقافة السياسية السائدة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، قضت المحكمة العليا بأن شرط الحماية على قدم المساواة يعتبر مشروع تقسيم الولاية لدوائر في انتخابات الكونغرس غير دستوري، لأنه أخفق في تحقيق المساواة بين الناخبين في كل دائرة، فتفاوت صغير يصل إلى 0,6984 في المائة يعتبر غير دستوري لأنها تخضع لمبدأ فرد واحد صوت واحد، فهي لا تعترف بالمعيار الجغرافي كأساس، المهم أن يمثل كل نائب نفس عدد السكان بمعنى أن تحمل الأصوات بشكل أو بآخر قيمة متساوية.
في المقابل نجد أن النموذج الفرنسي هو أكثر براغماتية إذ اعترف بعوامل أخرى إلى جانب العامل السكاني، فقرار المجلس الدستوري الفرنسي لسنة 1986م أكد معايير تجديد الدائرة الانتخابية التي تضمنت مبدأ أن "اختلاف السكان في نطاق الدائرة الواحدة يجب أن لا يتعدى 20 في المائة من متوسط الدائرة".
في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب لم تكن دائما قواعد الشفافية والتنافس الديمقراطي هي ما يحكم التقطيع الانتخابي، بل تحكمت فيه رهانات الظرفية السياسية وذلك ابتداء من هيمنة السلطة التنظيمية، خاصة وزارة الداخلية، على مختلف مراحل إنجازه، مرورا بعدم وضوح المعايير المتحكمة في التقطيع بل شبه غيابها وصولا إلى عدم خضوعه إلى أي مراقبة قبلية أو بعدية سواء سياسية أو قضائية.
وتجلت الخروقات بشكل كبير في عملية توزيع المقاعد على الدوائر، ففي آخر انتخابات تشريعية لسنة 2007، لم يخل التقطيع من سلبيات واضحة، إذ لم يتم احترام المساواة الديمغرافية بين الدوائر، ففي دائرة عين السبع الحي المحمدي مثلا، التي تضم 249772 ناخب تم تمثيلها ب3 مقاعد برلمانية، في حين نجد أن دائرة النواصر تضم 93122 ناخبا تم تمثيلها بنفس عدد المقاعد، رغم كونها أصغر من الدائرة الأولى بحوالي ثلاث أضعاف، نفس الملاحظة تثار بالنسبة لدائرة بن مسيك التي تضم 158881 ناخبا تم تمثيلها بمقعدين بينما دائرة الحي الحسني تضم 150954 ناخبا وتم تمثيلها ب 3 مقاعد برلمانية وهذا ما يكرس عدم مساواة واضحة بين المتنافسين.
في نفس الانتخابات تمت مراجعة تقطيع حوالي 27 دائرة، وأصبح العدد الإجمالي للدوائر هو 95 دائرة عوض 91، والملاحظ أن بعض الدوائر صارت خليطا بين منطقة حضرية وأخرى قروية، وهوما يطرح التساؤل حول ما إذا كان هذا الخلط مندرج في إطار استراتيجية الضبط والتحكم القبلي عبر استعمال الخزان الانتخابي للمنطقة القروية وهو خزان مهيأ للتصويت على اختيارات محددة من طرف السلطة.
كما تم تقليص عدد المقاعد في كثير من الدوائر الانتخابية، وخاصة في المدن الكبرى (الرباط، مراكش، الدار البيضاء، فاس) حيث تم إلغاء كل الدوائر التي لها 5 مقاعد ما عدا دائرة ورزازات، وأصبح عدد الدوائر التي تضم بين مقعدين وثلاثة مقاعد 68 دائرة.
فالتحكم في التقطيع الانتخابي وإرادة تحجيم المعارضة والتقليص من عدد مقاعدها ظهر بوضوح في هذه الانتخابات من خلال إعادة تقطيع الدوائر التي حصلت فيها المعارضة في انتخابات 2002م على مقعدين، حيث تم استخدام التقطيع الانتخابي كآلية للتحكم القبلي في الانتخابات وإضعاف حظوظ المعارضة المتمركزة في المدن، والحد من قوتها الانتخابية والاستمرار في الحد من تنافسية الانتخابات.
الآن، ومع مصادقة مجلس الحكومة على مرسوم التقطيع الانتخابي الذي أعدته وزارة الداخلية نجد أن لا شيء تغير على مستوى هذا التقطيع نفس النفس التحكمي والمهيمن لازال مسيطرا ، ففي الوقت الذي كنا ننتظر تطوير نمط الاقتراع عن طريق توسيع الدوائر الانتخابية وجعلها على الأقل مكونة من 5 دوائر ، نجد أن اختيار الدولة ذهب في اتجاه تقطيع انتخابي يكرس نمط الاقتراع الفردي عن طريق جعل أكثر من نصف الدوائر(54 من أصل 81 دائرة) يتراوح عدد مقاعدها ما بين مقعدين وثلاثة مقاعد في تكريس واضح لاستمرار فلسفة نمط الاقتراع الفردي التي تركز على الأعيان وأصحاب المال.
إن المحاولة المحتشمة لوزارة الداخلية لتطوير التقطيع الانتخابي انسجاما مع المبادئ التي نص عليها القانون التنظيمي لمجلس النواب بالتقليص من عدد الدوائر من 95 في 2007 إلى 81 في 2011، وكذا رفع عدد المقاعد بالنسبة لبعض الدوائر حيث تتوفر 27 عمالة وإقليم على مابين 4و6مقاعد، لم تذهب إلى مداها ولم تنجح بسبب تغليب معيار جعل العمالة والإقليم أساس التقسيم في حين أغفل بشكل كبير المعيار الديمغرافي وهو ما أعطى تفاوت كبير بين الدوائر في استمرار لتكريس نفس تجربة 2007 وبالتالي استمرار منطق التحكم القبلي وتكريس خيار "السلطوية الانتخابية".

بثينة قروري
رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.