ستبقى الحياة دائما تجمع بين الخير و الشر.. بين الطيبة و الخبث.. بين الحكمة و الغباء.. فلا يمكن لصفة أن تكون ثابتة كائنة بذاتها إلا بتواجد ضدها و نقيضها. مناسبةُ هذه المقدمة هي قراءتي لتدوينةٍ نشرها الأستاذ العزيز جمال الغازي على صفحته الفايسبوكية و التي أثار فيها معنى النبل و الحكامة، و شرح فيها معنى الحياد الإيجابي و التوسط في الخير و الإصلاح. و بما أن التدوينة كانت ناجحة بامتياز، فقد أشاد بمضمونها العديد ممن وضعوا لها إعجابا أو تعليقا. و طبعاً، فأنا أيضا كنتُ واحدا من المعلقين رغم يقيني المسبق بأن الأستاذ جمال الغازي أشهرُ من نار على عَلم باعتباره سليل أسرة أدب و ثقافة و نضال. و بما أن أعداء الخير لا يشتهون رؤية مثل هذه التدوينات الهادفة من جهة، و بما أن الله تعالى يقول من جهة أخرى في سورة المنافقين: { وإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }، فقد توهّمَ أحد مرضى النفوس أنه المقصود بين السطور، و أنه المعني مما ورد، فأبدعَ بخبثه في كتابة تعليق تافه مثل تفاهته يُكنّ فيه السب و القذف لمختلف الفعاليات الجمعوية و الاجتماعية و الإعلامية ناعتاً إياها بالمستغِلين و المسترزقين و الباحثين عن مصالحهم الشخصية. الغريب في الأمر أن مريض القلب و العقل هذا لا يُسمن و لا يُغْني من جوع.. فهو من فصيلة البشر الذين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، و من فصيلة الذين يضرون و لا ينفعون. هذا التافه الذي لا يجيد سوى القذف في أعراض الناس وسط أي مجلس كان حتى فرَّ منه جلساؤه الذين طالما حاولوا نصحه و توجيهه. كيف يمكن لهذا الناقص دينا و عقلا أن يتهم الذين نجدهم اليوم يقدمون مختلف مبادرات التضامن و التكافل خصوصا و نحن نعلم حساسية الظروف التي تمر منها بلادنا من جراء الفيروس المنتشر. هؤلاء الذين ينتقص منهم المغفل الجاهل هم من تراهم يؤازرون فقراءنا و يساعدون مرضانا و يقفون إلى جانب سلطاتنا لنشر الأمن و الطمأنينة بين المواطنين. تُرى ماذا قدَّم هذا المتهور لتصل به الوقاحة إلى درجة تبخيس جهود الآخرين؟؟ ماذا أبدعَ هذا الخسيس لتصل به الدناءة إلى درجة اتهام النزهاء و الشرفاء؟؟ شخصيا أرى أن عجزه في الإتيان بأي شيء جميل هو الذي جعله يُسفّهُ كل ما يراه جميلا، و أن الإهمال الذي يتلقاه لسوء نواياه هو الذي جعله يطعن في نوايا الجميع. حَقّاً، مازال يعيش بيننا من هم أشد ضررا و خطورة من الجائحة التي تجند لها العالم أجمع. فاللهم إنا نسألك أن تهدي أمثال هؤلاء مثلما نسألك أن ترفع عنا الوباء و البلاء.