فلك ف عرقوبك: فالك في عرقوبك. الفال هو الكلام الذي يسمعه الإنسان من غير قصد، فيتفاءل به إن كان حسنا، ويتشاءم منه إن كان قبيحا. يقوله بعض المتشائمين – علانية أو خفية – ردا على الشخص الذي يسمعون منه كلاما يتشاءم منه، ويزعمون أن قول هذه الكلمة يرد الشؤم على المتكلم به. والفأل الحسن يسر به كثير من الناس، والضعف البشري يشمل جميع الطبقات، حتى العالمة والذكية. ويذكر أصحاب السيرة النبوية، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعجبه الفأل وبعضهم يقول: الله يجعل فلك ف عرقوبك. والعرقوب، ينطق بعينه مفتوحة، وهي في الفصحى مضمومة. فلس د الجاوي كيبخر تطاون: فلس من الجاوي يبخر تطوان. والجاوي، نسبة إلى جاوة، هو نوع من الصمغ اليابس الذي يتبخر به، وكيبخر، أي يحرق فيملأ الجو برائحة طيبة في ذوق بعض الناس. وتطاون، بتشديد الطاء مع تحريك التاء والواو، هو الاسم الشعبي لمدينة تطوان، التي ألف هذا الكتاب في أمثالها الدارجة، يقال عندما يذاع خبر، فينتشر بسرعة ويعم جميع الأوساط، وهو الطبقات في هذه المدينة الهادئة المحافظة. وجاوة، المنسوب إليها الجاوي، جزيرة واقعة في الجنوب الشرقي من قارة آسيا، ومنها ومن جزيرة سومطرة التي هي أكبر منها، ومن غيرهما من الجزر تتكون الآن جمهورية إندونيسيا، التي هي في عصرنا هذا من أكبر الدول الإسلامية في العالم. وفلس، كلمة عربية كانت تطلق على قطعة صغيرة من العملة المتداولة، وقد انقرض استعمالها في عهد الحماية الأجنبية. ويا حبذا لو ذكرت الحكومات العربية، وجامعة الدول العربية أن لنا لغة شريفة عريقة، يجب علينا الاعتزاز بها، فتلغي كلمات الجنيه والليرة والريال والروبية، والقرش والفرنك، والبسيطة والمليم، وتحيي كلمات الدينار والدرهم والفلس، فيكون الدينار هو أساس المعاملة، والدرهم هو عشر الدينار، والفلس هو جزء من مائة جزء من الدرهم، وذلك ما يقابل الفرنك والمليم… إلخ. هو اقتراح نزيه، لا نستبعد أن يوفق الله الأبرار من رجال أمتنا العربية الماجدة لتحقيقه، كمظهر من مظاهر الوحدة العربية. ولقد أحسنت حكومة العراق عندما أحيت كلمتي الدينار والفلس، كما أحسنت حكومات الأردن وليبيا وتونس باستعمال كلمة الدينار، وحكومة المغرب باستعمال الدرهم. وإنا نرجو من الله سبحانه، أن يبعد عن القادة داء الأنانية بجميع أصنافها، وأن يهديهم للاتفاق، ولو على المظاهر الأدبية التي لا ضرر منها على أحد من خلق الله. ويظهر أن هذا المثل مستعمل في عدة جهات، ففي مجموعة وسترمارك رقم (1437) بعد قولهم: فلس د الجاوي كيبخر طنجة. العنوان: الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية (الجزء الرابع) للمؤلف: محمد داود تحقيق: حسناء محمد داود منشورات باب الحكمة (بريس تطوان) يتبع...