في سياق الورش الوطني لتعميم التغطية الصحية الشاملة، الذي يعد أحد مرتكزات الدولة الاجتماعية، لا يزال عدد من العمال في القطاع الخاص محرومين من هذا الحق الدستوري بسبب تملص أرباب العمل من أداء الاشتراكات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، رغم اقتطاع حصة العمال من أجورهم. هذا ما أكده الحسين اليماني، الكاتب الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمحمدية، في تصريح له، توصلت "رسالة24" بنسخة منه، مبرزا حجم المفارقة بين الخطاب الرسمي والتطبيق العملي. وأوضح اليماني أن هذا الوضع يؤدي إلى حرمان الأجراء وعائلاتهم من التغطية الصحية، ويتركهم في مواجهة تبعات صحية واجتماعية قاسية تصل في كثير من الأحيان إلى حدود العجز أو الوفاة، خاصة في ظل الأجور الهزيلة وانعدام البدائل. كما أشار إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعمد إلى توقيف الحقوق بشكل آلي بمجرد توقف تحويل الاشتراكات من قبل المشغل، دون مراعاة لكون العامل ملتزم بمساهمته، مما يفاقم من حجم الحيف. وضرب اليماني مثالا بما يتعرض له العاملات والعمال بمجموعة "الكتبية" بالمحمدية، الذين حرموا من التغطية الصحية منذ أكثر من ثلاث سنوات وسط وضع اجتماعي مترد يتمثل في تأخر صرف الأجور، وغموض مستقبل الشركة التي تواجه صعوبات مالية. وأضاف المتحدث أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قامت بعدة تدخلات لدى الجهات المعنية بما في ذلك مفتشية الشغل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والسلطات المحلية غير أن الوضع ما يزال على حاله ما يعكس غياب رقابة صارمة وإرادة حقيقية لحماية حقوق العمال. وتساءل اليماني بمرارة عن مسؤولية الدولة في هذا الوضع، مستغربا كيف يتم اقتطاع مساهمات العمال دون أن تضمن لهم التغطية الصحية، داعيا إلى ضرورة تفعيل مبدأ "الحق التلقائي" في الاستفادة من التغطية الصحية، مع تحميل المسؤولية الكاملة للمشغلين الممتنعين عن أداء واجباتهم، من خلال تفعيل المساطر الزجرية ووسائل الإكراه القانونية. وختم اليماني بالتأكيد على أن الشعارات المرتبطة بالدولة الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع ما لم يتم ضمان احترام حقوق الأجراء، وفي مقدمتها الحق في الصحة، باعتباره أحد أسس العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.