النواب يصادق في قراءة ثانية على مشروع قانون مالية 2026    الخليج يجدد الوفاء للمغرب: القمة ال46 تدعم الوحدة الترابية وتحتفي ب"عيد الوحدة"    من يعرقل فتح خطوط جوية جديدة بمطار الحسيمة؟    الرباط ومدريد ترسّخان شراكة استراتيجية... وبوريطة: العلاقة أصبحت نموذجاً بين ضفّتي المتوسط    ماكرون يصف الحكم على صحافي فرنسي في الجزائر بأنه "ظالم"    مدينة الخبر تستعد لليلة الحسم في نهائيات PFL MENA    بوريطة في حوار مع وكالة إيفي يؤكد التحول الحاسم في قضية الصحراء: لا أحد قال إن تقرير المصير يعني الاستفتاء    مجلس جماعة أكادير يعقد دورة استثنائية    مصرع سيدة وإصابة آخرين في حادثة سير ضواحي تنغير    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأحمر    نادي اتحاد طنجة يقدم المدرب الإسباني بيبي ميل ويستعرض تقدم تنزيل رؤية الفريق        استئنافية مراكش تُنصف صُنّاع "انت باغية واحد" في نزاع العائدات الرقمية مع "ديجي فان"    التوفيق: 1500 إمام إفريقي تلقوا التأهيل في المغرب خلال 10 سنوات    مراجعة مدونة الأسرة.. من نزال الفضاء العام إلى "حصان طروادة"!    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    سعر النحاس يقفز لمستوى قياسي وسط تفاؤل التوقعات ومخاوف الإمدادات    قمر اصطناعي أوروبي يرصد المشاهد الأولى للثلوج بالأطلس الصغير    مبيعات الإسمنت تتجاوز 71 مليون طن    قصيدةٌ لِتاوْنات المعْشوقة.. على إيقاع الطّقْطُوقة!    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    كأس العرب.. مدرب منتخب قطر يوجه تحذيرا صارما إلى سوريا وفلسطين            أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    باقتراح من بوعياش... التحالف العالمي ينكب على تحديات وفرص الذكاء الاصطناعي والفضاءات الرقمية وأثرها على فعلية الحقوق    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    الغلوسي يكشف معطيات جديدة حول "شبكة فساد منظمة" مرتبطة ببرنامج مراكش الحاضرة المتجددة    استقرار أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية    النيجيري ويليام تروست-إيكونغ يعلن اعتزاله الدولي    ترقب مغربي لما ستسفر عنه قرعة مونديال 2026 اليوم بواشنطن    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    كيوسك الجمعة | 72% من المغاربة يتصدقون بأموالهم لفائدة الجمعيات أو للأشخاص المحتاجين    المنتخب المغربي للتايكوندو ينتزع ميدالية ذهبية في بطولة العالم لأقل من 21    بوريطة يؤكد أن التعاون المغربي-الإسباني بلغ مستوى "غير مسبوق"    التنسيق النقابي في قطاع الصحة يعلن وقفات احتجاجية وطنية ويدعو إلى مقاطعة انتخابات "المجموعة الترابية" طنجة تطوان الحسيمة    مدرب عمان: جودة المغرب الفردية والجماعية تجعلهم منافسا قويا    "المثمر" يواكب الزيتون بمكناس .. والمنصات التطبيقية تزيد مردودية الجَني    لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    ‪المغرب وإسبانيا يعززان تعاون الصيد    اعتقال المعارض التونسي أحمد نجيب الشابي    مقتل "أبو شباب" إثر "ضربات كليلة" في غزة بعد شجار داخلي مع مجموعته    شهادة في حق الفنانة خلود البطيوي بمناسبة تكريمها في الدورة 14 للجامعة السينمائية بمكناس    أشادت إسبانيا بالإصلاحات التي قام بها المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذا بالمبادرات الملكية من أجل إفريقيا    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب        بين الراي والراب الميلودي... Wrapped 2025 يرصد التحولات الموسيقية بالمغرب    ماكرون قلق بعد سجن صحافي بالجزائر    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على هامش عمليات رد الاعتبار لمدينة أسفي
نشر في آسفي اليوم يوم 09 - 09 - 2009


مدخل أولي:
عند أقدام المحيط الأطلسي ، تقف رابطة بتاريخها العريق ، وحمولته الموغلة في القدم ، صامتة في وجه الأعاصير ، تتألم بفعل طمس هويتها ، و التهميش الذي يطالها ، و كأنها تسير إلى الانقراض ، بهد أن عرفناها حاضرة للمحيط كما لقبها ابن خلدون و هي التي كتب عنها لسان الدين ابن الخطيب ، ووقف على أعتابها عقبة بن نافع زمن الفتح الإسلامي ،اسمها حسب رواية العديدين من المنارة التي تعني –سفو- أو من المصب الذي يعني – أسيف- فكانت أسفي المدينة الشاطئية التي تعاقبت عليها أقوام عدة، و ارتبطت شهرتها على مر التاريخ بالبحر وصيد السردين و الصلصال ، و الكيماويات و معامل التصبير ،وفن العيطة الحصباوية والحركة التصوفية ، والحركية العمالية ... إنها المدينة التي يراد لها أن لا تكون ، فطال التهديم أهم منابرها الثقافية و الجمعوية –دار الشباب – علال بن عبد الله و برج – كدية العفو- و –الصقالة - - و النادي البحري – و الجزء الأكبر من –حي تراب الصيني – حيث مدرسة النهضة كأول مدرسة مقاومة زمن الاستعمار الفرنسي .. و هاهو قصر البحر
بشموخه وذكرياته وذاكرته وعشقه الكبير للبحر ،يسير نحو الانقراض بفعل الإهمال وغياب الاهتمام ... مدينة غابت مساحاتها الخضراء، و انتشرت بها ثقافة الاسمنت التي نبتت بناياتها العقارية كالفطر في كل الأرجاء و في تشويه لجماليتها و إعدام لضوئها الطبيعي... هذه هي المدينة التي عاش على أرضها على مر العصور اليهود و المسلمون في تمازج و تألف و اختلاط ووئام ، متجاورين جنبا إلى جنب وفي احترام و تسامح تامين، وهو ما جعلها تختلف عن العديد من المدن المغربية على مستوى الحي الخاص باليهود ، المعروف باسم –الملاح- و الذي لم يتواجد بها إطلاقا ، إن لم نقل أنها لم تكن في حاجة لوجوده ، ما دام سكانها من يهود و مسلمين قد قرروا الالتحام بينهم كمغاربة دون عقدة أو خلفية .
على هامش عمليات رد الاعتبار للمدينة :
مدينة أسفي ، ومن جراء التهميش الذي تعيشه و غياب الاهتمام من طرف المجالس التي تعاقبت عليها ، و لم تفكر في رقيها و تنميتها ، و إعادة الاعتبار إليها ، وبعد أن عاشت العديد من معالمها التهديم و المسح و نكران الجميل ، هاهي جل مقابرها اليوم تعيش النكبة ، و نخص بالذكر هنا مقبرة – اليهود المغاربة – الرابضة على التل المطل على وادي –الشعبة – و تل الخزف في اتجاه المدينة القديمة ، و كأنهما في حوار سرمدي/وجودي ، وهي التي تجاور مدرسة –محمد الغياتي – التي كانت تسمى في السابق -مدرسة اليهود – هذه المقبرة التي أصبح المفسدون يتسللون إليها و يعيثون فيها فسادا ، و ألواح رخام قبورها تضيع و تضيع أهم تجهيزاتها ، أشياء كثيرة تقع هنا دون ان ينتبه إليها المعنيون بالمجال ، ما دامت تشكل جانبا من تراث المدينة وشهادة حية على التعايش الذي كان يسم طبيعة العلاقة التي سادت بين اليهود و المسلمين ردحا كبيرا من الزمن ، و ما دامت تتواجد بمكان له إستراتيجيته و حمولته ، و يوجد في الجهة المقابلة لدار السلطان –بيروعراب – البناية الأثرية التي تحتوي على قصر الباهية و المتحف الوطني ، للخزف و مندوبية وزارة الثقافة بالإقليم ، و على بعد أمتار قليلة من مقبرة المدينة القديمة –سيدي منصور- .إن هذا الإهمال الذي يطال هذه المقبرة قد سبقه فعل أخر مس مقبرة- لالة هنية الحمرية- التي أصبحت مجموعة من العمارات و البنايات المختلفة الإشكال و الألوان ، وقد تسلل إلى ملكيتها مجموعة من المقاولين الذين كانوا على عهد قريب أعضاء بالمجالس البلدية المنوط بهم مسؤولية نهضة هذه المدينة ، و حماية ثراتها وحضارتها ... مقبرة -لالة هنية الحمرية- و للتذكير و أثناء عمليات الحفر عثر بها على مجموعة من الخنادق و المقابر الجماعية و الآثار المعمارية ، وقيل ساعتها أنها كانت مقبرة فوق مقبرة ، و كان من المفروض أن تخضع للتنقيب الأثري حتى تكون شهادة تاريخية أخرى تنضاف إلى شهادات حية على أن المدينة بالفعل حاضرة للمحيط ، إلا أن المسؤولين آنذاك فكروا في طمس المعالم و إحاطة الأمر بنوع من السرية، و بين عشية و ضحاها كان ما كان ، فأصبحت المقبرة عمارات و بنايات سكنية. مقبرة أخرى تعرف بمقبرة –سيدي أبيه –يجري النقاش حولها الآن. و يتحدث الكثيرون و العارفون بخبايا الأمور عن محاولة اغتيالها و جعلها مشروعا عقاريا ، وهي التي كانت صالحة لدفن المسلمين حتى منتصف الخمسينات القرن الماضي و توجد بجانب تلة الخزف المطلة على التلة التي توجد بها مقبرة اليهود المغاربة و هدا هو الأخر يفضح المستور و يبين لكل من أراد الدليل على إن أماكن دفن المسلمين في الماضي كانت قريبة من أماكن دفن اليهود كما أن اليهود يسكنون بجانب المسلمين في الأحياء و أحيانا في نفس المساكن.
على هامش الهامش :
مدينة بحمولتها و تراثها الغزير و عطاءات رجالها الاوفياء وكرامات تصوفتها و نضالات إنسانها تصرخ اليوم في وجه العابتين الدين يهتمون بالمظاهر الجوفاء و الأنانيات الضيقة ويعتبرون عمليات رد الاعتبار للمدينة عمليات مظهرية تمس الشكل و لا تمس الجوهر: تمس السطح و لا تمس العمق يضيع معها الإنسان و يتيه بعد أن فقد المكان ذاكرته و هويته وأصبح كل شيء هنا يضيع في الضياع و تشويه ينمو على انقاد تشويه و كأن البحر أمواجه لا تعرف غير الهدم وأسوار المدينة بلا جدوى. و لا أهمية للمقابر و الأبراج و القصور والتاريخ و التراث في زمن يحكمه منطق الاسمنت :فلا غرابة إن استفقنا ذات صباح من نومنا و قيل لنا أن أضرحة رجالات المدينة و زواياها لم تعد صالحة للتواجد.فمنطق العصر يفرض تحويل كل المدينة إلى بنايات إسمنتية متعددة الأشكال و الألوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.