ارتفاع مخزون سد عبد الكريم الخطابي بإقليم الحسيمة بعد التساقطات المطرية الأخيرة    المعارضة بمجلس المستشارين تنسحب من الجلسة العامة وتطلب من رئيسه إحالة مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على المحكمة الدستورية    مسؤولية الجزائر لا غبار عليها في قضية طرد 45 ألف أسرة مغربية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت بعدد من مناطق المملكة    أمطار وثلوج تنعش منطقة الريف وتبعث آمال موسم فلاحي واعد بعد سنوات من الجفاف    السلطة القضائية تنضم إلى PNDAI    "كان المغرب".. المنتخب الجزائري يتغلب على السودان (3-0) في أولى مبارياته في دور المجموعات    وهبي: الحكومة امتثلت لملاحظات القضاء الدستوري في "المسطرة المدنية"    مخطط التخفيف من آثار موجة البرد يستهدف حوالي 833 ألف نسمة    كأس إفريقيا للأمم 2025.. الملاعب المغربية تتغلب على تقلبات أحوال الطقس    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    توقيف شخص بحوزته أقراص مهلوسة وكوكايين بنقطة المراقبة المرورية بطنجة    "ريدوان": أحمل المغرب في قلبي أينما حللت وارتحلت    كأس إفريقيا للأمم 2025 .. منتخب بوركينا فاسو يحقق فوزا مثيرا على غينيا الاستوائية    قضية البرلماني بولعيش بين الحكم القضائي وتسريب المعطيات الشخصية .. أسئلة مشروعة حول الخلفيات وحدود النشر    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    توفيق الحماني: بين الفن والفلسفة... تحقيق في تجربة مؤثرة    المخرج عبد الكريم الدرقاوي يفجر قنبلة بمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي ويكشف عن «مفارقة مؤلمة في السينما المغربية»        وفاة رئيس أركان وعدد من قادة الجيش الليبي في حادث سقوط طائرة في تركيا    شخص يزهق روح زوجته خنقا بطنجة‬    نص: عصافير محتجزة    وزير الصحة يترأس الدورة الثانية للمجلس الإداري للوكالة المغربية للدم ومشتقاته    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة    الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة من الدعم    بنسعيد: الحكومة لا تخدم أي أجندة بطرح الصيغة الحالية لقانون مجلس الصحافة    روسيا تعتزم إنشاء محطة طاقة نووية على القمر خلال عقد    المغرب في المرتبة الثامنة إفريقيا ضمن فئة "الازدهار المنخفض"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    الاقتصاد المغربي في 2025 عنوان مرونة هيكلية وطموحات نحو نمو مستدام    الحكومة تصادق على مرسوم إعانة الأطفال اليتامى والمهملين    الأمطار لم توقّف الكرة .. مدرب تونس يُثني على ملاعب المغرب    بول بوت: العناصر الأوغندية افتقدت للروح القتالية    انفجار دموي يهز العاصمة الروسية    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب تايوان    كأس إفريقيا بالمغرب .. مباريات الأربعاء    فرنسا تندد بحظر واشنطن منح تأشيرة دخول لمفوض أوروبي سابق على خلفية قانون الخدمات الرقمية    عجز ميزانية المغرب يقترب من 72 مليار درهم نهاية نونبر 2025    فدرالية الجمعيات الأمازيغية تهاجم "الدستور المركزي" وتطالب بفصل السلط والمساواة اللغوية    مواجهات قوية للمجموعتين الخامسة والسادسة في كأس إفريقيا    انتصارات افتتاحية تعزز طموحات نيجيريا والسنغال وتونس في كأس إفريقيا    الأمطار تغرق حي سعيد حجي بسلا وتربك الساكنة    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا متجاوزا 4500 دولار للأونصة    "الهيلولة".. موسم حجّ يهود العالم إلى ضريح "دافيد بن باروخ" في ضواحي تارودانت    طقس ممطر في توقعات اليوم الأربعاء بالمغرب    بكين وموسكو تتهمان واشنطن بممارسة سلوك رعاة البقر ضد فنزويلا    عاصفة قوية تضرب كاليفورنيا وتتسبب في إجلاء المئات    كأس أمم إفريقيا 2025.. بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية فضية من فئة 250 درهما ويطرح للتداول ورقة بنكية تذكارية من فئة 100 درهم    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها        الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير عن وضعية المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا بالمغرب
نشر في الشرق المغربية يوم 22 - 07 - 2013

تعاني المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا بالمغرب و في مختلف المجالات الاقتصادية الصناعية والتجارية والخدماتية من مشاكل وإكراهات كبيرة تتمثل على الخصوص في عدم القدرة على مواكبة التطورات التكنولوجية ومعايير ومتطلبات إدارة الجودة الشاملة الهادفة إلى تحسين وتطوير اداء المقاولة بصفة مستمرة والرفع من إنتاجيتها بأقل التكاليف والتأقلم مع الشروط التي تفرضها اليات وميكانزمات السوق فضلا عن ما تتسم به من الهشاشة والضعف في مواجهة المنافسة غير الشريفة والشرسة جدا من طرف المقاولات الأجنبية بفعل غياب آليات كافية لحماية المقاولات الوطنية وغياب الرقابة على السلع والبضائع والمنتجات المستوردة وخاصة من بعض البلدان كتركيا والصين ... بحيث يتم حاليا اغراق السوق الوطنية وبشكل غير مسبوق بأنواع مختلفة من البضائع تكون في غالب الأحيان ارخص من السلع والمنتجات الوطنية.
ومن جانب اخر تقوم بعض الشركات الاجنبية بنهج اساليب ملتوية للظفر بالصفقات والمشاريع العمومية عبر اتباع أساليب حرق الأسعار والدخول في منافسة غير شريفة في المناقصات للحصول على المشاريع بأقل الأسعار وبأية طريقة همها تحقيق ارباح بكلفة اقل بمواصفات وجودة اقل وبأقل ما يمكن من اليد العاملة الرخيصة.
كما أن نسبة هامة من هذه الشركات الأجنبية المحظوظة والتي تتلقى دعما كبيرا وتستفيد من امتيازات وتسهيلات وقروض وتحفيزات سخية من جهات سياسية وإدارية وبنكية بعضها لم تستطيع مواصلة انجاز وتنفيذ المشاريع والوفاء بالتزاماتها اتجاه قطاعات وإدارات عمومية وتتخلى برهة وفي نصف الطريق عن اتمام العملية كما وقع لدى عدة قطاعات منها على سبيل الحصر مشروع الطريق السيار الرباط -البيضاء و بعد ان تكون مثقلة بالديون والأعباء المالية للبنوك وما يمكن ان يترتب عن ذلك من مشاكل وضياع مصالح الدولة والمواطنين.
فالمقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا ظلت تواجه ومند سنوات مشاكل متراكمة ومزمنة، بسبب انخفاض وضعف و تراجع حجم مشاريع الاستثمارات التي كانت تطرحها القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والتي انخفضت بحوالي 50% عما كان عليه الوضع قبل حوالي ثلاثة سنوات وكذلك الحال انخفض حجم مشروعات البنية التحتية والمشاريع والاستثمارات التي تقوم بها الجماعات المحلية وشركات التدبير المفوض التي تعطل عنوة استثماراتها ضدا على دفتر التحملات وبتواطئ مع بعض مسؤولي الجماعات المحلية ومجالس المدن .
ومما زاد من تعميق أزمة المقاولات المغربية وخاصة منها الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا القرار الحكومي الأخير القاضي بالتقليص من ميزانية الاستثمار العمومي لسنة 2013 ب15 مليار درهم و هو القرار الذي ستكون له بلا شك على المدى القريب والمتوسط تأثيرات جد سلبية على المقاولة الوطنية بحيث ستضطر هذه الأخيرة على التضحية بالعمال والقيام بالتسريح الجماعي او التقليص من ساعات العمل للتخفيف من العجز المزمن الذي تعاني منه بسبب ثقل المنظومة الضريبية من جهة والركود الاقتصادي من جهة ثانية علاوة على المنافسة القوية للاقتصاد غير المهيكل والسلع المهربة التي يتهافت المواطنون على شرائها لكونها رخيصة رغم الشكوك التي تحوم حول جودتها.
و مما لاشك فيه أن الأزمة التي تعاني منها المقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا قد ازدادت استفحالا مع توقيع المغرب لعدد من اتفاقيات التبادل الحر خاصة مع تركيا التي ابرمت في 7 أبريل 2004 بأنقرة وما ترتب عنها من اختلال على المستوى التجاري وإغراق السوق الوطنية بالمواد والمنتجات التركية . فرغم ما تشكله هذه الاتفاقيات من خطورة وكذا انعكاساتها على قطاعات كبيرة من الاقتصاد المغربي خاصة ادا أخدنا بعين الاعتبار عدة تجارب لبعض الدول المماثلة على المستوى الاقتصادي. إذ أن اتفاقية التبادل الحر بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك على سبيل المثال لا الحصر والتي لم تكن قط متوازنة ولا عادلة كانت لها نتائج كارثية على المكسيك حيث تم تسجيل إفلاس 28 ألف مقاولة صغيرة ومتوسطة. وفقدان 1.8 مليون فرصة عمل.فان هده الاتفاقيات لم تجني منها بلادنا شيء يذكر.
وفي نفس السياق وبناءا على المعطيات المتوفرة سجلت بلادنا عجزا بينا في المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي الذي وصل إلى ما يقارب 150 مليار درهم، وعجز مع الولايات المتحدة الأمريكية وصل إلى 18 مليار درهم، وعجز مع تركيا الذي وصل الآن إلى 5.2 مليار درهم وهو عجز في ارتفاع مستمر وعجز مع الدول العربية الثلاث في اطار اتفاقية أكاد ير مع تونس ومصر والأردن الذي وصل الى 3.6 مليار درهم.
الملاحظ اليوم أن المغرب لم يستفد بشكل جيد من هذه ألاتفاقيات ولم نسجل اية قيمة المضافة والحصيلة الآن هي غير مطمئنة فهناك عجز بارز في المبادلات التجارية للمغرب مع هذه الدول المعنية بهذه الاتفاقيات. بل انعكاساتها السلبية على المقاولة الوطنية وتفاقم العجز في الميزان التجاري مما أدى اﻟﻰ ﺧﻨﻖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وبالتالي الى شلل المقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة وإغلاق بعضها أ وانخفاض طاقتها الإنتاجية مما تسبب في اخر المطاف الى تدمير الاقتصاد الوطني وارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وما يصاحب ذلك من ماسي اجتماعية.
ان ما يقع اليوم بالمغرب من فوضى السوق وشرعنة اغراقه بالبضائع المستوردة أو حتى المهربة بدء يتهدد بشكل ملحوظ المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا في وجودها وديمومة إنتاجيتها وخدماتها وهو ما سيؤثر سلبا وبشكل مطلق على التشغيل وخلق فرص الشغل للعاطلين من شبيبتنا وعلى عملية النمو بشكل عام. فاليوم يتم اغراق السوق الوطنية بمنتجات وسلع وبضائع مختلفة في اطار اتفاقيات للتبادل الحر ورفع الحواجز الجمركية و في اطار ما سمي بسياسة الانفتاح وقدتم بالفعل فتح الباب على مصرعيه للإغراق التدريجي للسوق الوطنية بمواد مستوردة من الخارج وبأسعار اقل الى درجة ان نسبة كبيرة من التجار الصغار والمتوسطين يتم افقارهم و ودفعهم للإفلاس وإغلاق محلاتهم الصغيرة بسبب مزاحمة ومنافسة شرسة لشركة تركية مثال " بيم" التي تبيع المواد الغذائية تم الترخيص لها باحتلال حتى الدروب والأزقة لمزاحمة "البقالة "المغاربة في المدن وغدا في البوادي تنبت فيها بشكل ملفت النظر دون مراعاة ما يمكن ان يسببه ذلك لهؤلاء التجار الصغار الدين يعدون بمئات الآلاف .
تزايد حدة هذه المشاكل أدت الى اغلاق العديد من الشركات والمشروعات الصغيرة التي لم تستطع مجاراة ما يحدث في السوق, كما انها أدت الى افلاس البعض الآخر أوتورط أصحابها في مشاكل مالية بسبب:
* الركود الاقتصادي والتجاري
* المنافسة غير المتكافئة والشرسة
* عدم القدرة على اداء القروض البنكية وفوائدها المرتفعة .
* ضعف القدرة الشرائية للمواطنين
* معاناة الشركات والمقاولات الوطنية من تأخير الحصول على مستحقاتها وديونها على الدولة وبالتالي عدم قدرتها على سداد التزاماتها المالية اتجاه الأبناك المدينة.
* فشل كل البرامج الحكومية مثل برنامج « مساندة « وبرنامج « امتياز « ومقاولاتي ، من أجل مساعدة أصحاب المشاريع على إنشاء مقاولاتهم الصغرى أو المتوسطة ومواكبتهم في بناء مشاريعهم .لكن العكس هو ما يقع اليوم .فعدد كبير من المقاولين الشباب متابعون أمام المحاكم ومهددون بالسجن .مع الأسف ان اغلب المخططات والالتزامات و وتوصيات عشرات المؤتمرات والندوات لم تجد طريقها للحل والتنفيذ رغم الوعود الكثيرة من قبل المسئولين الحكوميين
فنحن اليوم امام غياب سياسة ورؤية حقيقة فعالة ومندمجة لتأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة و تعزيز قدرتها التنافسية وقدرتها على الصمود امام التحديات المطروحة ولولوج الأسواق الخارجية . وأمام غياب ارادة فعلية في التخفيف من انعكاسات القروض البنكية والضرائب المختلفة التي تثقل كاهل المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا والتجار والحرفيين والمهنيين .
الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للمقاولات الصغرى والمتوسطة
فجدير بالذكر ان المقاولات الصغرى والمتوسطة بالمغرب وهي مقاولات تشعل أقل من 200 عامل ولها رقم مبيعات دون 75 مليون درهم وحتى الصغيرة منها جدا( تشغل عامل او عاملين على الأكثر) تحتل مكانة استراتيجية في عملية التنمية الوطنية كما تحتل مساحة هامة من النسيج الاقتصادي الوطني ب ما يقارب 95 في المائة من مجموع المقاولات الصناعية وتساهم بنسبة 40 في المائة من الانتاج و 40 في المائة من الاستثمار الوطني منها 30 في المائة في قطاع التجارة و 40 في المائة من قطاع الخدمات .كما أن المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا تشغل نسبة 60 % من اليد العاملة .و تنتشر هذه المقاولات عبر التراب الوطني وتتمركز خاصة في خط ما الدارالبيضاء - طنجة حيث تضم الدار البيضاء لوحدها 41 في المائة من المقاولات و توجد 9 في المائة بجهة طنجة- تطوان ونفس النسبة بجهة الرباط سلا و 9 بجهة مكناس -فاس وما يقارب 33 في المائة موزعة على باقي الجهات .
ورغم اهميتها وثقلها الاستراتيجي في عملية التنمية وفي التلاحم الاجتماعي وخلق فرص الشغل فأنها تظل هشة وضعيفة امام التحديات ولا تتوفر على الوسائل التي تمكنها من مواجهات الصدمات الاقتصادية والمالية الكبرى وليست لها القدرة على مواجهة المنافسة الشرسة وخاصة في غياب اجراءات حكومية مواكبة لها للتصدي للهزات الاقتصادية في عالم تطبعه قوانين وتأثيرات العولمة والنيوليبرالية المتوحشة .وحتى البنوك الوطنية لم تعد تثق في المقاولات الصغرى والمتوسطة وتبالغ كثيرا في الحصول على الضمانات مقابل الموافقة على منحها قروضا وبالمقابل تتعامل نفس البنوك بسخاء مع الشركات والمستثمرين الأجانب و تقدم لهم كافة التسهيلات الائتمانية المطلوبة.
لكنها تظل مع ذلك بعيدة عن كل البعد عن الاجتهاد والابتكار والتطور وتحديث الياتها وعقلنة تدبيرها وتطوير امكاناتها البشرية والتقنية بل لازالت تعاني من وجود اختلالات داخلية و من تقادم هياكلها وطرق تدبيرها و ضعف التأطيرالتقني والجودة هاجس البعض منها يظل الربح السريع و لا تولي الاهتمام الكافي بالعنصر البشري وتكوينه واحترام الحد الأدنى من القوانين المنظمة للشغل والعلاقات المهنية وهو ما يستوجب عاجلا مراجعة طرق تدبيرها وتسيرها وضرورة انخراطها الارادي في النسيج الاقتصادي الوطني بشكل أفضل مما هي عليه الآن.
بدائل للخروج من الأزمة المركبة
فإيمانا من المنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للتجار والحرفيين بأهمية ودور المقاولات الصغرى والمتوسطة كمحرك حقيقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية و كفاعل ضروري لتحقيق التنمية المستدامة.
وإدراكا منا بخطورة هذه الوضعية التي اضحت تهدد الشغيلة المغربية في استقرار الشغل نظرا لما تعاني منه المقاولات الصغرى والمتوسطة من منافسة شرسة تهددها بالإفلاس فضلا عن ثقل نظام ضريبي غير عادل .
ولتحقيق أهداف الخروج من هذه الدوامة والأزمة المقلقة التي تعاني منها المقاولة الوطنية لابد من التوفر على ارادة سياسية حقيقية للإصلاح وتأهيلها الفعلي وتقوية قدراتها التنافسية والتصديرية ومن تم القيام بالإجراءات الوقائية والتحفيزية والتدابير الادارية والقانونية لتطويرها في اتجاه خلق مناعة للاقتصاد الوطني .
لذلك ندعو الحكومة لتتحمل مسؤولياتها في اتخاذ ا كافة الوسائل والإجراءات الوقائية العاجلة لحماية الصناعة الوطنية والمحلية عبر :
* تقديم الدعم والتحفيز الكافي للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا و النهوض بأوضاعها من خلال وضع مجموعة من البرامج الممولة والمساعدة والمواكبة لها و تأمينها ضد المخاطر ودعمها للانخراط الجماعي في نظام للتامين الاجتماعي وإشراكها الفعلي في كل المخططات الاقتصادية والاجتماعية من خلال ممثليها الحقيقين والمنتخبين ديمقراطيا .
* وضع آليات حمائية واضحة وشفافة وقانونية ضد الاستيراد غير المشروع المتمثل في الإغراق أو الاستيراد المكثف الذي يهدد بإلحاق الضرر بالإنتاج الوطني .
* العمل على تنشيط وانعاش السوق الوطنية بمقاربات اقتصادية وتجارية جديدة فعالة و القطع مع السياسات الترقيعية والارتجالية والبرامج التقليدية التي ابانت عن عدم جدوها وفشلها في تحريك العجلة الاقتصادية وفي اتخاذ قرارات حاسمة في حماية المنتوج الوطني .
* منح الأسبقية للشركات والمقاولات الوطنية وخاصة الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا في المشاريع العمومية حسب نوعية وحجم الصفقات
* عدم تأخير سداد الدفعات المستحقة للمقاولين من اجل اتمام تنفيذ المشاريع المبرمجة والتي اضحت مشكلة مزعجة وعلى الحكومة احترام التزاماتها اتجاه المقاولات الوطنية خاصة اننا نعيش ظاهرة خطيرة تتمثل في تأخير حصول المقاولين على مستحقاتهم المالية لفترات طويلة تصل في بعض الاحيان لأكثر من سنة او سنتين بسبب اساليب ادارية بيروقراطية وأحيانا الارتشاء مما يتسبب في تأخير الشركات في تسليم المشاريع وتحملهم غرامات تأخير كبيرة او دفعهم للإفلاس .
* ضرورة محاسبة الشركات التي تتأخر في إتمام تنفيذ المشاريع العمومية ولا تحترم مقتضيات مدونة الشغل , وتمتنع الحكومة على منحها مشاريع جديدة قبل ان تنتهي المشاريع التي بحوزتها, وأن يكون هناك تنسيق بين الوزارات والمؤسسات العمومية لمعرفة الشركات المقصرة في أعمالها ويتم تبادل المعلومات بهذا الصدد بين القطاعات الحكومية ضرورة ان يقدم أي مقاول يدخل في أي مشروع شهادة أو براءة ذمة بأنه ليس لديه أية مخالفات في تنفيذ المشاريع السابقة التي قام بتنفيذها وعدم مخالفة القوانين والقرارات المنظمة لقانون الشغل
* مراجعة النظام الضريبي على الشركات ونسبة الفوائد البنكية وأسعار الماء والكهرباء التي تزيد في اثقال كاهل المقاولات بأعباء مالية جديدة.
* وضع نظام جديد عادل ومنصف وشفاف لتوزيع المشاريع العمومية على الشركات والمقاولات الوطنية بعيدا عن نظام المناقصات الغير العادل المعمول به اليوم في ظل المنافسة الشديدة من قبل الشركات الاجنبية التي لها حق المشاركة والتي تجعل مقاولاتنا غير قادرة على مواجهة قوة منافستها.
خلاصة
ان النسيج الاقتصادي الوطني يعاني من مشاكل لا حصر لها أدخل بدورها المقاولات الصغرى والمتوسطة في نفق مظلم من الصعوبة بمكان الخروج منه في ظل الاختيارات المتبعة وبالتالي فالوضع الحالي يفرض بالضرورة :
* الاسراع بمراجعة اتفاقيات التبادل الحر مع تركيا ومحاربة التهريب وتهريب العملة والإعفاءات الضريبية وإدماج الاقتصاد غير المهيكل في منظومة جديدة فعالة متضامنة وعادلة للاقتصاد الوطني القادر على خلق فرص شغل قارة ولائقة والعمل على تقييم كل الاتفاقيات المبرمة في اطار التبادل الحر وبناء استراتيجية وطنية للحد من العجز في المبادلات التجارية.
* وضع سياسة وطنية اقتصادية ومالية وتجارية مندمجة متضامنة واجتماعية وفعالة من خلال القيام بتشخيص الاختلالات والمشاكل والمعوقات التي تعاني منها المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا والتجار والحرفيين واتخاذ كل التدابير والإصلاحات الضرورية لتجاوزها والرفع من قدرتها على المنافسة وفي خلقها لمناصب الشغل وضمان حضور المنتجات الوطنية ذات الجودة العالية في السوق الوطنية والخارجية من خلال وضع استراتيجية وطنية للتصدير تتحمل فيها الدولة المسؤولية الأولى والرئيسية بما يسمح بحماية النسيج الصناعي المحلي.
* تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية الموجهة للمقاولة وتأهيلها عبر تحفيزات جبائية وتقديم برامج تكوينية للمقاولين والمشرفين على التدبير الاداري والمالي والإنتاجي ومصالح الجودة وتعزيز قابلية تطبيق التدابير المتخذة وتوجيهها نحو خلق الثروات وفرص الشغل
* تحسين تنافسية وقدرة المقاولات الصغرى والمتوسطة في مجال الاستثمار والتمويل والبحث عن آليات تواكب التطور التكنولوجي وشروط التجارة العالمية والبيئية والصحية .
* اعادة النظر في القوانين المرتبطة بالتجارة بالجملة وبالتقسيط وحماية المنتجات الوطنية وتشجيعها وخاصة المواد الغذائية المغربية والملابس وأتأت وأدوات التجهيز المنزلي من المنافسة الخارجية
* إيجاد حلول سريعة خاصة بالقوانين المتعلقة بالقروض والفوائد البنكية وتيسيرها والعمل على إخراجها لحيز التنفيذ في اقرب الآجال
* تخفيض الضريبة على المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا و على التجار الصغار والمتوسطين والحرفيين والمهنيين أو إعفائهم حسب الحالات وتمكين الشركات الوطنية من ولوج الصفقات العمومية بنسبة 50 في المائة .
* تحقيق شعار "استهلاك ما هو صنع محلي" من اجل حماية الصناعة الوطنية والحفاظ على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية والمالية العمومية وعلى الشغل اللائق واستقراره عبر تقوية قدرات عرض الاقتصاد المغربي وتنافسيته، مع العمل على حث المغاربة على استهلاك المنتجات والمواد المحلية من أجل التقليص من الواردات و وعدم الاستمرار في الاعتماد على الخارج وهو ما يستدعي تطوير وتوفير الانتاج الوطني وتحسين جودته وجعل عرض منتجاتنا يستجيب لحاجيات المواطنين كما وكيفا .
الرباط في 17 يوليوز 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.