عرفت منافسات الدورة التاسعة عشرة للبطولة الاحترافية المغربية لكرة القدم ، لقاء هاما جمع الفريقين الكبيرين الاتحاد الرياضي لطنجة و الرجاء البيضاوي بملعب ابن بطوطة الكبير ، و قد أسفر هذا الحوار الرياضي عن فوز الرجاء بهدفين لهدف واحد ، ليصبح في رصيد الرجاء 38 نقطة ، أما الاتحاد فقد توقف رصيده عند 30 نقطة . إلى هنا يمكن القول بأن هذه النتيجة لا تثير أي استغراب ، مادامت الهزيمة عنصرا من عناصر اللعبة الكروية ، فهناك عديد من النوادي الدولية الرفيعة تتعرض للهزيمة على قواعدها و أمام جماهيرها الغفيرة ، و الذي لا يتقبل الهزيمة في المجال الرياضي عليه أن يعيد النظر في فهمه للرياضة كممارسة فنية ، تروم تجسيد قيم المحبة و الأخوة و التسامح قبل أي شيء آخر غير أن ما أثار انتباهنا بعد انتهاء هذه المقابلة ، تلك " الحوارات و التعليقات " غير المهنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المعنية بقضايا الرياضة . و الواقع أنه من حق أي كان أن يعبر بحرية تامة عن آرائه إزاء ظاهرة اجتماعية أو سياسية أو رياضية .. شريطة الالتزام بأخلاقيات الحوار، و تجنب مظاهر التعصب و العنف اللفظي . إن الفوز الذي حققه أشبال محمد فاخر في قلعة الاتحاد الرياضي لطنجة كان فوزا مستحقا ، و بالتالي فنحن مطالبون بتهنئة الرجاء لما قدمه من عرض فني مقنع ، و نتمنى له مزيدا من النجاح في باقي المقابلات ، غير أن هذا لا يعني أن الاتحاد كان غائبا فنيا عن هذا اللقاء ، بل إنه أدى مباراة رجولية و قوية ، لكن العياء لحق بجل اللاعبين في الدقائق الأخيرة ، ربما بسبب كثرة المقابلات ، مما منعهم من إتمام أدائهم المعود ، و ترك المجال للفريق الأخضر لإحراز الفوز ، خاصة أمام أعداد كبيرة من الجماهير البيضاوية التي أشعلت المدرجات بمساندة حماسية تستحق التقدير . لكن هذا لا يعني أن نصمت عن بعض المظاهر التي لعبت ضد طموحات النادي الطنجوي ، أقلها عدم الاستفادة من الأخطار السالفة ، من قبيل الحفاظ على نتيجة الفوز في أكثر من مقابلة ، و الركون إلى الدفاع دون أي مبرر ، و عقم الهجوم حيث أصبح المدافعون يسجلون الأهداف بدل المهاجمين ، و غالبا عبر الضربات الثابتة ، فضلا عن المبالغة في الحفاظ على الكرة ، و كثرة الأخطاء في عملية تسليم و تسلم الكرة ، و الافتقاد إلى التركيز و النضج الفني أمام حراسة مرمى الخصم ، كل ذلك إلى جانب غياب الجماهير التي كانت سندا لفارس البوغاز في السنوات الأخيرة . و عليه فهذه الهزيمة لا يتحملها اللاعبون وحدهم ، بل كذلك المدرب المقتدر السيد عبد الحق بنشيخة ، و الجمهور الذي فضل المقاطعة " دفاعا " عن الكرامة ، و الحقيقة التي يجب أن نضعها أمام أعيننا ، أن الجمهور الكروي الجاد لا يمكن أن يتخلى عن فريقه مهما كان الثمن ، و كم كان محزنا أن نرى ملعب ابن بطوطة شبه فارغ من الجماهير الاتحادية المشهود لها بالتألق . إن بقاء فارس البوغاز منافسا على المراتب المحترمة وطنيا و إفريقيا يستدعي تكاثف جهود جميع الأطراف و المعنيين بشأن الاتحاد ، الذي يرمز إلى نخوة و مجد مدينة نحبها إلى أقصى الحدود .