تتواصل محاولات العبور البحري نحو مدينة سبتةالمحتلة، حيث يخوض عدد من الشباب والقاصرين المغاربة مغامرات فردية ليلا، مستخدمين وسائل بدائية، في مسارات محفوفة بالمخاطر ومحمّلة بتبعات انسانية وقانونية شديدة الوطأة. والتقطت مقاطع مصوّرة خلال الايام الماضية اظهرت مجموعات صغيرة تتسلل عبر البحر، بينما وثّقت مصادر محلية في سبتة تدخلات متكررة للحرس المدني الاسباني، كان ابرزها توقيف قارب مطاطي قبالة الشاطئ، وسط حديث عن حالة وفاة واحدة على الاقل، لم تؤكدها اي جهة رسمية حتى الآن. وفي الجانب المغربي، تسجّل تحركات امنية يومية تتوزع بين الرصد البحري والتدخلات البرّية في محيط مناطق العبور التقليدية، خصوصا بين الفنيدق وبليونش. هذه التحركات تجري بعيدا عن الاضواء، كجزء من مقاربة ميدانية تراهن على الفعالية اكثر من التفاعل الاعلامي. وافاد مصدر ميداني بان توقيفات متفرقة جرت خلال هذا الاسبوع في اوساط مرشحين للهجرة غير النظامية، بينهم قاصرون تم رصد تحركاتهم قبل الوصول الى الساحل، مشيرا الى ان بعض المحاولات تنظم في شكل فردي دون شبكات واضحة، مستندة الى دعوات رقمية متداولة في منصات مغلقة. وتزامنا مع هذه التطورات، تشهد المناطق المحاذية لمدينة سبتة منذ مطلع يوليوز استنفارا امنيا مكثفا امتد الى المحاور الطرقية والنقاط الساحلية والغابات المجاورة للفنيدق وبليونش، في اطار خطة موسمية ترمي الى الحد من محاولات التسلل الفردي والجماعي الى المدينةالمحتلة. وتشمل هذه الاجراءات تعزيز المراقبة البرية والبحرية، وضبط التحركات داخل المسالك الجبلية والمساحات الغابوية، الى جانب تشديد المراقبة على وسائل النقل العمومي والخاص لمنع استخدامها في تسهيل عمليات العبور. ويرتبط هذا التحرك برصد تطور ملحوظ في انماط الهجرة، سواء من طرف مغاربة او مهاجرين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء، وسط تنامي دور شبكات تنشط في تجنيد وتحريك الافراد عبر وسائل متغيرة، ما دفع المصالح الامنية الى تفعيل مسارات تحقيق ومتابعة زجرية باشراف من النيابة العامة المختصة، تشمل كل من يشتبه في تورطه في تنظيم او تسهيل عمليات الهجرة السرية. وتسجّل هذه المحاولات في سياق موسمي يشهد عادة ارتفاعا في حركية الهجرة، لكنها اتخذت هذه السنة منحى اكثر اندفاعا، بفعل تداخل عوامل اجتماعية مع تأثير المحتوى الرقمي الذي يعيد انتاج "وهم العبور الناجح" دون اكتراث للمخاطر الفعلية. وفيما تتوالى تغطيات اعلامية اسبانية تتحدث عن "ضغط غير مسبوق"، تواصل السلطات المغربية تنفيذ تدخلات ميدانية دون الانجرار الى سجالات التصعيد، في وقت تؤكد فيه مصادر غير رسمية ان التنسيق الامني مع الطرف الاسباني لم ينقطع، ويشمل مراقبة السواحل والمسالك المحتملة. وترى فعاليات محلية في الشمال المغربي ان هذه التحركات الفردية، التي يغلب عليها الطابع الاندفاعي، لا تعبّر عن فراغ امني بقدر ما تكشف هشاشة اجتماعية وتراكمات من انغلاق الافق، داعية الى مقاربة شاملة توازن بين المراقبة الصارمة والحلول التنموية الواقعية. وتعيد هذه الوقائع الى الواجهة الاسئلة المرتبطة بالبدائل الممكنة داخل المناطق القريبة من سبتة، خاصة ان جزءا كبيرا من المرشحين للهجرة ينتمون الى اوساط شابة لم تعد تتفاعل مع التحذير، بل مع صور قصيرة تبث عبر شبكات التواصل، تصوّر البحر كطريق عبور سهل، لا كفصل مأساوي محتمل.