تصدرت مدينة طنجة قوائم "الطوندونس" على الإنترنت في الصين هذا الصيف، بعدما بدأ عرض الموسم الجديد من البرنامج التلفزيوني الشهير "المطعم الصيني" على قناتي "هونان" و"مانغو"، لتجد المدينة المغربية نفسها فجأة في قلب نقاش واسع بين ملايين المستخدمين. وقدمت الحلقات، التي صورت في طنجة في الربيع الماضي تحت عنوان "ريادة الأعمال في افريقيا"، صورا من أسواق المدينة وأزقتها وأطعمتها التقليدية، لكنها في العمق أعادت وصل حاضر طنجة بماض بعيد على طريق الحرير البحري، مستحضرة رحلات البحار الصيني وانغ دايوان إلى طنجة سنة 1330 وزيارات ابن بطوطة إلى الصين قبل ستة قرون. وتشير معطيات الإنتاج، التي أوردتها مصادر متخصصة، إلى أن البرنامج أثار 1393 موضوعا رائجا وأكثر من 200 مقطع فيديو تجاوز كل منها 10 آلاف إعجاب. وبدأ هذا الزخم الرقمي ينعكس على الأرض، إذ سجلت وكالات سفر محلية ارتفاعا في استفسارات السوق الصينية بنسبة تقديرية بين 18 و22 بالمئة منذ أواخر يوليوز مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويقول فاعلون في القطاع السياحي إن هذا الاهتمام لا يقتصر على حجوزات محتملة، بل يفتح الباب أمام شراكات ثقافية وتجارية، بينما يرى خبراء في الإعلام أن طنجة تستفيد من شكل جديد من "الدبلوماسية الناعمة" يحول الترفيه إلى أداة للترويج الحضاري. وقد وثق البرنامج، الذي صور على مدى 21 يوما بمشاركة نجوم صينيين بارزين مثل هوانغ شياومينغ وشين يويه، تجربة حقيقية لإطلاق مطعم صيني في قلب طنجة، حيث واجه المشاركون تحديات الإدارة وجذب الزبائن. وجعل هذا المزج بين الطبخ وريادة الأعمال طنجة تبدو للمشاهدين الصينيين أكثر من مجرد محطة سياحية، بل فضاء للتلاقي والابتكار، ما يعزز موقعها كبوابة استراتيجية بين القارات.