تتزايد التحذيرات في الأوساط الاقتصادية داخل مدينتي سبتة ومليلية من تأثير تراجع المبادلات التجارية عبر المعابر، رغم الإعلان المشترك بين المغرب وإسبانيا بشأن فتح مكتبين للجمارك التجارية في الثغرين المحتلين. وجاء الاتفاق بشأن فتح مكتبين للجمارك التجارية في إطار إعلان مشترك بين الحكومتين، دون أن تتطور مخرجاته إلى تفعيل منتظم على الأرض. ففي سبتة، سُجّلت عمليات عبور محدودة، بينما ظل الوضع في مليلية متقلبًا، بين إعادة فتح جزئية وإغلاق مفاجئ دون انتظام مستقر. وتعتبر فعاليات مهنية في المدينتين أن الوضع الحالي لا يعكس التوقعات التي رافقت إعلان إعادة فتح المعابر، مشيرة إلى أن المبادلات المرتبطة بنقل البضائع وتجارة المسافرين والخدمات اللوجستية لم تستعد إيقاعها السابق، في ظل غياب جدول زمني واضح لتفعيل دائم للمسار الجمركي الجديد. في المقابل، تواصل السلطات المغربية تدبير محيط المدينتين وفق منظور سيادي، من خلال فرض ضوابط ميدانية تشمل نوعية البضائع وكميات الحمولة ومسارات الدخول، دون أن تُصدر أي إعلان رسمي بخصوص طبيعة العلاقة التنظيمية أو مستقبل العبور عبر نقطتي سبتة ومليلية. ويخضع العبور التجاري في سبتة لشروط دقيقة تشمل الترخيص المسبق والمرور عبر مسالك محددة، فيما يظل النشاط الجمركي في مليلية خاضعًا لإيقاع متغير، ما تعتبره جهات مهنية مؤشرًا على غياب التنسيق الفعلي أو اختلاف في تقدير الصيغ التطبيقية بين الجانبين. ويطالب فاعلون محليون بتوضيحات إضافية من الحكومة الإسبانية حول مآل الاتفاق، كما يعبرون عن الحاجة إلى فهم أفضل لطبيعة المقاربة المغربية، خاصة في ما يتعلق بتنظيم المبادلات واستئنافها. غير أن الجانب المغربي لا يُبدي أي تفاعل علني، ويواصل تنزيل مقاربته التنظيمية بشكل تدريجي دون تصعيد أو تعليق رسمي، مع المحافظة على التحكم الكامل في وتيرة العبور ونمط التراخيص، بما ينسجم مع خياراته السيادية في تدبير المجال الحدودي. وفي غياب إطار تفاوضي معلن، تسود حالة من الترقب في أوساط المهنيين داخل سبتة ومليلية، بينما يظل مستقبل العلاقة التنظيمية رهينًا بإرادة سياسية غير معلنة، وواقع ميداني تُعيد الرباط تشكيله وفق مقاربتها الخاصة.