بعد أسابيع من التعليق المؤقت للأنشطة التجارية عبر المعبر الجمركي الرابط بين مدينة الفنيدق ومدينة سبتةالمحتلة، تُعيد الرباط التأكيد على أن تدبير نقاط التماس مع الثغرين المحتلين يخضع لمنطق سيادي صرف، لا يمكن فصله عن معادلة الأمن والمصلحة الوطنية. ورغم انطلاق تشغيل المعبر التجاري بشكل محدود في وقت سابق من العام، فإن النشاط توقّف في مرحلة لاحقة، في خطوة تندرج ضمن الصلاحيات السيادية الكاملة التي تحتفظ بها الرباط في تدبير نقاط التماس مع الثغرين المحتلين، بعيدًا عن أي ترتيبات يمكن أن تُفهم كتطبيع لواقع استعماري قائم. - إعلان - ويأتي هذا التطور في سياق حساس، يتقاطع فيه البعد السيادي مع الاعتبارات الميدانية المرتبطة بإدارة نقاط الاتصال مع مناطق ما تزال تخضع لاحتلال أجنبي. ومن المنظور المغربي، فإن التعامل مع سبتة ومليلية لا يتم بمنطق العلاقات الدولية الثنائية، بل ضمن مقاربة استثنائية، تنبع من كون المدينتين تقعان فوق تراب مغربي غير مسترجع. ولا ترى المملكة أي إلزام قانوني أو سياسي يُحتّم تحويل هذه النقاط إلى معابر دائمة أو فضاءات تجارية مستقرة، باعتبار أن كل ما يصدر عنها في هذا الإطار، يبقى في خانة القرارات السيادية القابلة للمراجعة أو الإلغاء في أي وقت. ومنذ الشروع في إعادة تنظيم العلاقة الاقتصادية مع محيط سبتة سنة 2020، سعت الرباط إلى تقليص الاعتماد على مسالك غير رسمية، وتعويضها بتنمية مهيكلة في المناطق المجاورة للثغر المحتل، ما أثمر مشاريع ميدانية في الفنيدق والمضيق ومرتيل. ويقرأ مراقبون قرار تعليق النشاط التجاري من هذه الزاوية، كحلقة في مسار مغربي متواصل لفكّ الارتباط الاقتصادي الرمزي مع واقع الاحتلال. في المقابل، تتعالى من الجانب الإسباني دعوات لتثبيت ما يُسمّى ب"الجمارك التجارية الدائمة" وتحويلها إلى نقطة عبور منظمة مع المغرب، في مسعى تعتبره الرباط محاولة لفرض منطق تطبيعي مرفوض، يُسوّي بين الثغرين المحتلين وباقي دول الجوار ذات السيادة. وترفض الرباط الخوض في مقارنات من هذا النوع، وتعتبر أن أي نقاش حول "التعامل بالمثل" يفتقر إلى الأساس القانوني، لأن الوضعية القانونية لسبتة ومليلية غير قابلة للتطبيع، ولا تدخل ضمن منطق الشراكات الدولية أو الاتفاقيات الجمركية متعددة الأطراف. ويُجمع متابعون للشأن الحدودي على أن التعامل المغربي مع معابر سبتة ومليلية سيظل مشروطًا باعتبارات سيادية صارمة، تمنع تحويلها إلى أدوات تأبيد لواقع استعماري، أو إلى بوابات تدرجية للاعتراف بشرعية الاحتلال القائم.