داخل المستودع المركزي للحافلات بطنجة، تسود حركة دؤوبة تشبه خلية نحل، حيث يسابق تقنيون وسائقون الزمن لوضع اللمسات الاخيرة على أسطول جديد كليا، يستعد للنزول الى الشوارع لتدشين تجربة نقل حضري بمواصفات عالمية، قبل ايام قليلة من انطلاق عرس الكرة الإفريقية. وتصطف العشرات من الحافلات الحديثة التي تحمل الهوية البصريه الجديدة للمدينة، في انتظار إشارة الانطلاق الرسمية. وتعكف فرق تابعة لشركة "إيصال المدينة"، المشغل الجديد للقطاع، على إجراء فحوصات دقيقة لانظمة المحركات والمكابح، واختبار تجاوب الأجهزة الإلكترونية التي جهزت بها شركة "طنجة موبيليتي" هذه المركبات قبل تسليمها للخدمة. ويؤكد منير ليموري، رئيس مؤسسة التعاون بين الجماعات "البوغاز" وعمدة مدينة طنجة، ان هذا التحول "لا يقتصر فقط على تجديد الاسطول، بل يمثل ارساء لنموذج تدبيري جديد يقطع مع ممارسات الماضي". ويضيف ليموري، الذي تشرف مؤسسته على تفويض القطاع ومراقبته، ان "الاولوية القصوى الان هي ضمان انتقال سلس للمهام بين الشركة المنتهية ولايتها والمشغل الجديد، لتفادي اي ارتباك في تنقلات المواطنين وضيوف المغرب خلال فترة البطولة". وفي ساحة التدريب، يتلقى فوج من السائقين توجيهات مكثفة حول قيادة الحافلات الجديدة من طراز "كينغ لونغ" و"يوتونغ". ويختلف المشهد هنا عما اعتاده السائقون سابقا؛ فالمركبات الجديدة تعتمد نظام قيادة معزز بالتكنولوجيا، وشاشات تحكم ترتبط بمركز قيادة مركزي يراقب كل شاردة وواردة. ويوضح ليموري في هذا الصدد ان "الاستثمارات الضخمة التي رصدت لاقتناء هذا الاسطول عبر شركة طنجة موبيليتي، تهدف الى توفير خدمة عمومية تحترم كرامة المرتفقين"، مشددا على ان "تجربة الكان ستكون اول اختبار حقيقي لنجاعة هذه المنظومة الذكية التي نراهن عليها لسنوات قادمة". ولا تقتصر الاستعدادات على المستودع، بل تمتد الى شوارع طنجة، حيث بدأت "إيصال المدينة" تسيير رحلات تجريبية لضبط توقيت الرحلات بدقة، خاصة على الخطوط الحيوية التي ستربط مطار ابن بطوطة ومحطة القطار فائق السرعة بالملعب الكبير، وهي الشرايين التي ستضخ دماء الجماهير في قلب الحدث الرياضي. وتبدو طنجة عبر هذا الأسطول عازمة على تقديم وجه حضاري يعكس تطور بنيتها التحتية. ويختم ليموري تصريحه بالتأكيد على ان "نجاح هذا الورش هو جزء من التزام المدينة بتقديم افضل صورة عن المغرب، سواء خلال هذا الاستحقاق القاري او في افق كأس العالم 2030".