على بُعد أيام من انطلاق خدمة نقل حضري جديدة في طنجة، بدأ العد التنازلي لتدشين أسطول "حافلات البوغاز"، الذي يُعد الأول من نوعه في تاريخ المدينة الذي يلبي متطلبات الولوج بالكامل، ما يضع حدا لسنوات من إقصاء الفئات ذات الاحتياجات الخاصة من وسائل النقل الجماعي. ومن المقرر أن تبدأ الحافلات الجديدة، من فئة المركبات المنخفضة الأرضية، العمل في دجنبر 2025. وتتميز حافلات "البوغاز" بتجهيزات متكاملة تضمن الولوج الآمن والمباشر دون عوائق، وتشمل منحدرات آلية للكراسي المتحركة، فضاءات داخلية موسعة ومهيأة، وحدات إرشاد سمعي وبصري، ومقابض موزعة وفق معايير الاستعمال المستقل. ووصف مصدر في مؤسسة التعاون بين الجماعات "البوغاز" المشروع ب"التحول القيمي" الذي يُعيد تعريف مفهوم الخدمة العمومية، مؤكدا أن كل وحدات الأسطول الجديد تتوافق مع المعايير التقنية للولوج التي حددتها وزارة الداخلية في البرنامج الوطني للنقل الحضري 2025–2029. ويتألف الأسطول الذي يفوق 470 حافلة، من إنتاج شركة يوتونغ (Yutong) الصينية، وهو جزء من مشروع مشترك تموله الجماعات الترابية ومجلس جهة طنجة–تطوان–الحسيمة، وتشرف عليه شركة التنمية المحلية "طنجة موبيليتي". تُظهر مشاهد التدريب الجارية حالياً داخل المستودعات اختبارات دقيقة لمدى مطابقة المنحدرات للمعايير، وتفاعل السائقين مع نظام المساعدة في النزول والصعود. ويؤكد مهندسون مشرفون على المشروع أن هذه العناصر تُعد مكوناً أساسياً في البنية التشغيلية، وليست مجرد إضافات تقنية. وفي الأحياء المرتفعة بالمدينة، حيث مثّلت درجات الحافلات حاجزا فعليا أمام فئات واسعة من الساكنة، يُنتظر أن يُعيد هذا التغيير رسم علاقة الناس بالحافلة، ليس فقط كوسيلة نقل، بل كفضاء عمومي مستعاد ومتاح للجميع. وفي حال احترام دفاتر التحملات في المراحل القادمة، ستصبح طنجة من أوائل المدن المغربية التي تُفعل مبدأ "الولوج الشامل" في مجمل شبكتها الحضرية للنقل الجماعي بالحافلات، ضمن تحول يُحسب للسياسة المحلية في بعدها الاجتماعي، بعد سنوات من النقد الشعبي لفشل النماذج السابقة في دمج الفئات الهشة ضمن منظومة النقل.