الرجاء يضم خالد علوي لثلاثة مواسم    وفاة صالح الباشا تحزن الأوساط الفنية    دراسة تكشف أكبر فجوات الأجور في تسع دول غربية متقدمة    الشرع: إسرائيل تسعى لاستهداف استقرار سوريا ولا نخشى الحرب    وسيط المملكة: تجاوب رئاسة الحكومة مع التوصيات في تصاعد ملحوظ    الأهلي القطري يتعاقد مع اللاعب المغربي أيوب عمراوي ل 3 مواسم    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    الحسيمة .. افتتاح المعرض الجهوي للفلاحة بمشاركة 40 تعاونية    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    61 قتيلاً في حريق مركز تسوق بالعراق    القضاء الفرنسي يفرج عن جورج إبراهيم    بينهم أطفال.. إسرائيل تقتل 17 فلسطينيا في غزة منذ فجر الخميس    إنصاف العالم القروي وتنميته من أسس الدولة الاجتماعية    انخفاض جماعي للمؤشرات الرئيسية في افتتاح بورصة الدار البيضاء    رحيل الأسطورة أحمد فرس.. والملك محمد السادس ينعي "أحد النجوم الكبار" لكرة القدم المغربية    غرفة العمليات تؤجل عودة بيلينغهام والكلاسيكو هدف محتمل    ارتفاع أسعار النفط بدعم من انتعاش الطلب والبيانات الاقتصادية الأمريكية    تحذيرات من تسونامي بعد زلزال قوي يضرب ألاسكا وزلزال متزامن يهز الفلبين    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    لفضحها الإبادة.. منظمة مغربية تدعم ترشيح ألبانيز لجائزة نوبل للسلام    وفاة أربعيني غرقاً بشاطئ غير محروس نواحي الحسيمة    تدشين توسعة مصنع "ستيلانتيس" لصناعة السيارات بقيمة أزيد من مليار أورو بالقنيطرة        إسبانيا بين مشروع سانشيز وتهديدات "فوكس" .. الهجرة في قلب المعركة    تاحيف يتعاقد مع أم صلال القطري    المدافع معالي ينتقل إلى نادي الزمالك    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    حادثة سير خطيرة قرب "بيت الصحافة" بطنجة تُخلّف إصابتين بليغتين    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    الشارع الإسباني يرفض خطاب الكراهية ويدعم التعايش مع الجالية المغربية    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    توقيف فرنسي مبحوث عنه دوليا في الدار البيضاء    النيابة العامة: معتصم خزان بني ملال لم يُبلغ سابقا عن شكوكه بوفاة والده    القضاء يدين قاتل معلمة أرفود بثلاثة عقود من السجن    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تباشر مناقشة تفاصيل مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    وفاة الوزير والسفير السابق عبد الله أزماني خلال عطلة بأكادير    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم أحمد فرس        الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    ارتفاع طفيف في أسعار الغازوال واستقرار في البنزين بمحطات الوقود بالمغرب    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    رحلة إلى قلب الفلامنكو في مسرح رياض السلطان بطنجة    كلمة .. وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة...    بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    وزارة الثقافة الفرنسية: المغرب خزان فني في ازدهار مستمر    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابْنُ الحَرام..
نشر في تازا سيتي يوم 06 - 05 - 2014


فاطمة الافريقي

كنتُ نسخةً طبق الأصل منه، أو أكاد أكون، خصوصا حين أضحك، كنت أشبهه جداًّ، الكل كان يقول ذلك منذ كنت طفلاً، إلاَّ هوَ، فقد كان مصراًّ على إنكار أبوته لي أمام الجميع.

كان رجلا جذابا، لم تقدر أمي البهية على مقاومة سحر نظراته إليها كلما مرت من أمام ورشته وهي عائدة من معمل الخياطة، كان صدى تنهيدته الملتهبة يتسلل بين عروقها كمخدر، أُغرمَ بها مع سبق الإصرار، أغرمت به بدون أن تمتلك سلطة القرار، التقيا كثيرا في الحدائق، شربا شايا في مقاهي الضاحية، عاهدها على الزواج على رمل البحر، تشابكت أكفهما تحت الظل، فاستسلما كأي بشر للهيب الشهوة، وذاقا معًا وبنفس القَدْر من فاكهة الحبِّ المحرمة.
وكأي رجل نذل، تنكرَّ لوعوده المعسولة حين انطفأ لهيب العشق، ترك أمي مكسورة ومليئة بالثقوب، ومضى دون أن ينتبه إلى وجود روحي غير المرئية بين أحشائها، كنت هناك في بداية التشكُّل كورم خبيث.
وككُلِّ حكايات الحب المحرَّم، خرج هو ناصع البياض من المغامرة اللذيذة، وتلطخت أمي بالفضيحة.
وككُلِّ الرجال، ظل هو بريئا، وأدان المجتمع أمي.
وككُلِّ المظلومين على هذه الأرض، بقيت أنا، ذلك الولد غير المرغوب فيه الذي يدفع حساب الرغبة المسروقة التي اقترفها رجل وامرأة قبل أن أولد.
هكذا نحن الرجال، أو بعضنا، أو ربما جُلُّنا؛ نراود النساء بكل مغريات العشق، نخدرهن بعسل الكلمات، نقبل أكفهن كأميرات، نغرقهن بالورد الأحمر، نذوب أمامهن من لوعة الشوق، نعدهن بعرس أسطوري، نهيئ بمكرٍ طقوسا رومانسية للقبلة الأولى، وحين يستسلمن لنا في لحظة ضعف إنساني، لا نغفر لهن زلة السقوط.
وهكذا كان أبي، أقصد، هكذا كان الرجل الوحيد الذي لمس أمي في الحياة، لم يتقبل أن يرتبط بامرأة سلمته نفسها بلا عقد زواج، اعتبرها امرأة ساقطة وسهلة وملكا مشاعا، في الوقت الذي كانت أمي تؤمن بكل سذاجة بقدسية الحب وسموه الروحي على الأوراق الشرعية.
أمام هيئة المحكمة، كان مزهوا بنفسه وهو ينكر الحب ويعترف بالزنا، «نعم عاشرتها بإرادتها»، قال للقاضي: «نعم مارسنا الفساد، لكن هذا الطفل ليس ابني»، هذا ما قاله أبي المفترض بصوت عال وهو ينظر إلي بعينيه العسليتين.. كم تشبهان لون عينيّ! لاحظت ذلك لما أختلست النظر إليه وأنا أجلس مكوماً بجوار أمي بقاعة المحكمة.
بعد سنين بطيئة من التيه بين قاعات المحاكم، يبدو أنني لم أعد ولدا مجهول النَّسب، لقد أنصفني القضاء بعد أن أثبتت التحاليل الجينية أنني فعلا ابنه البيولوجي، أصبحت بقوة القانون أحمل اسمه العائلي، وأصبح يمنحني نفقة شهرية، لكنه لن يقدر على منحي الحب ولن أقدر أنا أيضا.
رغم كل الحب الذي أكنه لأمي، لم أقدر أن أغفر لها خطيئة وجودي.. ليتها أجهضتني، ليتها شربت أعشابا سامة لأصير قطعا من دم يتقيؤها جسدها كالفضلات، ليتني كنت جثة في قمامة أو وجبة للكلاب، ليتني لم أعرف، ليته لم ينكر، ليتها انتحرت، ليتني لم أكن، ليتنا كنا الثلاثة في مجتمع آخر يقدر الإنسان لأنه وُجد، ولا يحاسبه عن كيف وُلد.
ربما صِرت اليوم ابن أبي على الأوراق الرسمية، لكن هذا لم يغير من عمق إحساسي بالمهانة، لقد ظلت أمي في عيون الناس زانية، وسأبقى في نظرهم دائما «ابن الحرام».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.