طيلة ثلاث ساعات من الزمن، لم يفتُر حماس المشاركين في احتجاجات ” يوم الغضب ” ، مساء اليوم الأحد بتيزنيت ، إذا ظلّت حناجر المتظاهرين تصدح بشعارات مستنكرة ومنددة بالأوضاع التي آلت اليها مدينة الفضة ، و التي قال عنها المحتجين الغاضبين، أنها غير مُستساغة وفيها نوع من ” الحكرة ” و تتجسد في مختلف القطاعات ومختلف مناحي الحياة العامة بالمدينة . المسيرة الاحتجاجية التي دعت إليها الهيئات الحقوقية والنقابية والجمعوية والسياسية وشباب الحراك بتيزنيت، شهدت مشاركة مجموعة من الأحزاب السياسية و التنظيمات النقابية و الحقوقية و الجمعوية بالمدينة . ووجه العشرات من المحتجين في ” يوم الغضب ‘ و الذين انطلقوا من أمام ساحة مسجد السنة و سط مدينة تيزنيت ، وجابوا بعض الشوارع الرئيسية للمدينة ، انتقادات لاذعة إلى المسؤولين بمختلف مناصبهم بالمدينة ، معتبرين أنّ المدينة صارت مرتعا و ميدانا للبرامج والسياسات الفاشلة الاقصائية والتهميشية والاستغلالية لطاقات الإقليم ومقدراته، مُطالبين مختلف الهيئات الديموقراطية للوقوف صدا منيعا في وجه أي سياسة من هذا القبيل أو أي إجهاز لحقوق المواطن التيزنيتي . وردد المشاركون في المسيرة شعارات من قبيل ” تيزنيت يا جوهرة خرجو عليك الشفَّارة “، ” علاش جينا و احتجينا حُقوقنا لي بغينا “، “إِزْرْفَان أُفْكَّان أَفْنْمَّاغ أدِيلِين”،” الشعب يريد رحيل المزبلة ” .. ورسموا في شعاراتهم و لافتاتهم صورة قاتمة عن المدينة و طالبوا بضمان على الأقل القسط الأدنى من الحقوق في القطاعات المختلفة . وقبل اعلان المنظمين اختتام احتجاجات ” يوم الغضب ” ، تمت تلاوة بيان بإسم الهيئات الحقوقية والنقابية والجمعوية والسياسية وشباب الحراك ،و التي اعلنت فيه هذه الأخيرة ، أنها جسدت هذا الشكل النضالي الذي أطلقت عليه “يوم الغضب” ، بسبب أوضاع وصفتها بأنها ” لا تطاق، عنوانها التهميش والإقصاء والحكرة، تتجسد في مختلف القطاعات ومختلف مناحي الحياة العامة بالمدينة”. وتحدث البيان عن بعض هذه الأوضاع المتمثلة في” تردي الخدمات الصحية من نقص حاد في الأطر الطبية،خاصة بقسم الولادة، وعدم تعويض الأطر الطبية المنتقلة أو المتقاعدة بباقي الأقسام، بالمستشفى الإقليمي والمستوصفات القروية، وما يمثله ذلك من تعريض حياة المواطنات والمواطنين للخطر، في مس خطير بالحق في العلاج والتطبيب”. وأشار ذات البيان كذلك إلى “تردي وتراجع الخدمات الجماعية و التي حصرها في مشاكل منها : النظافة (تراكم الأزبال والنفايات في الشوارع…) ، و ضعف الإنارة العمومية وغياب الصيانة، بالإضافة إلى انتشار الكلاب الضالة، وغياب تام للتواصل مع مكونات المجتمع المدني والساكنة وضعف الدعم المخصص للجمعيات…،و تعثر مجموعة من المشاريع الحيوية بالمدينة ( المحطة الطرقية، الحي الصناعي، المعهد الموسيقي…)”. ومن بين الأوضاع المتردية أيضا التي جاءت في البيان ، “استفحال معدلات العطالة والبطالة المقنعة بالإقليم في ظل غياب تام لمشاريع تنموية حقيقية كفيلة بامتصاص واستثمار الطاقات الهائلة للشباب بالإقليم”. ولم يفت لبيان “يوم الغضب” أن يشير إلى” تدهور الوضع الأمني بالمدينة والإقليم مما حولهما إلى معبر آمن ومؤمن للتهريب،وارتفاع نسبة الجريمة في ظل غياب أية حكامة أمنية ناجعة ووقائية”.
و في السياق نفسه ، أشار البيان إلى “استمرار الدولة في نهجها لسياسة التفقير والتهميش والتهجير تجاه السكان الأصليين عبر تشجيع الرعي الجائر وحماية عصابات الرعاة الرحل، وترهيبهم والاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم، فضلا عن توطين الخنزير البري ونزع الأراضي من ملاكها الأصليين تحت ذريعة تحديد الملك الغابوي بناء على ظهائر تعود إلى الحقبة الاستعمارية وذلك بمباركة من المخزن وأذياله، وتشجيع انتشار مافيا العقار بالإقليم”. وأردف البيان ذاته ، إلى اشكالية “تكريس التمييز والإقصاء ضد الهوية والثقافة واللغة الأمازيغية بالإقليم، مقابل تشجيع الاستلاب الثقافي والهوياتي، وانتشار أفكار التطرف والعنصرية”. وفي مجال التربية و التعليم ، قال البيان أن المسؤولين بالمدينة ينهجون “سياسة تفكيك المدرسة العمومية وتسليعها والزج بالتلاميذ في مغامرات التوجيه غير الواضحة الأفق- البكالوريا المهنية نمودجا-، وغياب التعامل بالجدية اللازمة مع ملف النواة الجامعية بالإقليم بعيدا عن المزايدات والتوظيفات السياسوية.” بيان يوم الغضب ، رصد أيضا في المجال البئيي ، سعي المسؤولين بالمدينة إلى “جعل منطقة أولاد جرار مستودعا ومقبرة للمواد السامة والخطيرة على صحة الإنسان والبيئة، بعد فشل توطين مشروع المحطة الحرارية بالمدينة، وما تلاه من برمجة عشوائية للمطرح الإقليمي دون دراسة تأثيره على البيئة ضدا على إرادة ساكنة المعدر الكبير، مع التذكير بالتأثيرات السلبية لمناجم منطقة تافراوت على صحة واستقرار الساكنة والفرشة المائية والبيئة”. وانتقد ذات البيان كذلك ، “تحويل الفضاء العام بالمدينة إلى بنية استقبال عشوائية للمهاجرين السريين والمرضى النفسيين، وتوطينهم في الفضاءات العامة دون تمكينهم من أدنى الخدمات الاساسية ، وفقا لما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان” وفي ملف الباعة الجائلين ، سجل البيان” الإرتجالية في تدبيره وعدم اقتراح حلول عادلة وشجاعة لهذا الملف بشكل ينصف هذه الفئة ويحافظ على حقوق التجار القارين ولايمس بجمالية الفضاء العام بالمدينة مع مراعاة ضرورة تمتيع كافة التجاربإجراءات ضريبية عادلة ومنصفة بوصفها أساسا لأي اقلاع اقتصادي حقيقي”. و بخصوص الحريات العامة بالإقليم، أشار بيان ” يوم الغضب ” إلى “منع أنشطة الهيئات الحقوقية المدنية والنقابية ،ورفض تسلم الملفات القانونية وتسليم وصولات ايداعها،والتضييق الممنهج على المنابر الإعلامية الحرة، وحرية والرأي والتعبير”. وفي الأخير ذكر البيان ذاته ،” استفحال ظاهرة الزبونية والمحسوبية في جل الإدارات والمرافق العمومية بالمدينة والإقليم وغياب النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص”. وختاما ،شدد البيان على أن مواطنات ومواطني الإقليم سيرفعون على الدوام صوتهم بالرفض وسيقفون بالمرصاد أمام كل المخططات الفاشلة التي تستهدفهم، و مواجهتها عبر برامج نضالية نوعية وحضارية غير مسبوقة ، معلنين تضامنهم مع كافة المعتقلين السياسيين و معتقلي الحركات الإجتماعية ( الريف ، جرادة ، بوعرفة ..) مطالبين بإطلاق سراحهم .