بعد خيباته المتراكمة .. النظام الجزائري يفتح جبهة جديدة ضد الإمارات    في خطوة رمزية خاصة .. الRNI يطلق مسار الإنجازات من الداخلة    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    برشلونة يهزم بلد الوليد    منتخب "U20" يستعد لهزم نيجيريا    العثور على ستيني جثة هامدة داخل خزان مائي بإقليم شفشاون    إسرائيل تستدعي آلاف جنود الاحتياط استعدادا لتوسيع هجومها في قطاع غزة    من الداخلة.. أوجار: وحدة التراب الوطني أولوية لا تقبل المساومة والمغرب يقترب من الحسم النهائي لقضية الصحراء    الوداد يظفر بالكلاسيكو أمام الجيش    جلالة الملك يواسي أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي    الناظور.. توقيف شخص متورط في الاتجار في المخدرات وارتكاب حادثة سير مميتة وتسهيل فرار مبحوث عنه من سيارة إسعاف    حقيقة "اختفاء" تلميذين بالبيضاء    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    البكاري: تطور الحقوق والحريات بالمغرب دائما مهدد لأن بنية النظام السياسية "قمعية"    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع خديجة الرياضي حول العمل الحقوقي بالمغرب
نشر في صحراء بريس يوم 04 - 07 - 2011


http://aljazeeratalk.net/node/8145
محمد لبيهي - الجزيرة توك - المغرب
نظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ندوة تكريمية تم من خلالها عرض قراءات متنوعة لمجموعة من الأساتذة والحقوقيين و المعتقلين السابقين لآخر إصدارات الجمعية وهو سيرة ذاتية من أدب السجون بعنوان: " تزمارة 234 " لمؤلفه الفلسطيني ذي الأصل المغربي محمد مصدق بن خضراء الممثل الحالي لجبهة التحرير الفلسطينية بالجزائر، و الذي كان مناضلا في صفوف المقاومة الفلسطينية قبل أن يصبح في سنة 1985 أول مختطف ينزل معتقل تمارة السري و لمدة ثمان سنوات رهيبة...
و قد أنكرت الحكومة المغربية وجود هذا المعتقل طاعنة بذلك في شهادات نزلائه السابقين..و جاء تصريحها إثر قمع المسيرات الاحتجاجية التي نظمتها حركة 20 فبراير للمطالبة بكشف الحقيقة وفتح تحقيق قضائي حول جرائم المعتقل السري و محاسبة المسؤولين عنها.
و على هامش الحفل التكريمي، التقينا السيدة "خديجة رياضي" رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، و أجرينا معها حوارا ملونا تناول ملفات حقوق الإنسان، و حركة 20 فبراير، وآخر المستجدات المتعلقة بالاستفتاء على الدستور و قضايا صحافة المواطن.
الجزيرة توك: السيدة خديجة رياضي نشكرك على قبول الاستضافة و نرحب بك في هذا اللقاء التواصلي مع الجزيرة توك..و أبدأ معك بسؤال: ما موقفكم في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من قرار إغلاق مكاتب الجزيرة بالمغرب خاصة بعد الإعلان عن التعديلات الدستورية الجديدة التي تنص على ضمان حرية الصحافة وعدم تقييدها بأي شكل من أشكال من أشكال الرقابة القبلية؟
بدوري أوجه لكم جزيل الشكر في الجزيرة توك على اللقاء التواصلي ... في ما يخص قرار إغلاق مكاتب الجزيرة فهو نقاش سابق للتعديلات الدستورية الحالية، و قد جاء في سياق التضييق و الحصار الذي تعاني منه الصحافة المغربية المعروفة باختلاف خطها التحريري عن المواقف الرسمية للدولة سواء في القضايا الوطنية أو الدولية.
و نحن سبق لنا أن نددنا بهذا القرار التعسفي و عبرنا عن تضامننا مع صحفيي الجزيرة، و طالبنا الدولة المغربية بالتراجع عن هذا القرار، كما تابعنا المحاكمة التي تعرض لها مدير مكتب الجزيرة بالمغرب الأستاذ الراشدي..و أعتقد أن مثل هذه القرارات التعسفية هي التي جعلت مرتبة المغرب تتراجع في قائمة الدول التي تحترم حرية الصحافة حسب تقارير مجموعة من الهيئات الدولية.
الجزيرة توك: بم تفسرون محدودية التعاون والتنسيق بين المنظمات الحقوقية بالمغرب ونظيراتها في الدول العربية، هل الأمر راجع لواقع الحريات ببلداننا أم لأسباب أخرى؟
صحيح أن المنظمات الحقوقية العربية عموما هي أقل تأثيرا بالمقارنة مع المنظمات الدولية و الجهوية كالمتوسطية والأوربية و غيرها، إلا أن ذلك لا يقلل من وزن الجهود المشتركة في إطار التنسيق العربي حول العمل الحقوقي كالتنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان التي تضم تقريبا 24 هيئة مغاربية بما فيها الرابطة الليبية لحقوق الانسان التي تعمل بالمنفى، و هناك أيضا المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي تضم العديد من الهيئات.. و كل هذه المنظمات تصدر التقارير و البيانات و تحاول جاهدة أن تقدم عملا متميزا..
إلا أنه في الواقع، مازالت تنتظرنا جهود و أدوار كبيرة لنقوم بها من أجل تعزيز العمل الحقوقي العربي المشترك خاصة و أن المنطقة العربية تعيش اليوم في ظل ثورات شعبية و انتفاضات كبيرة و هي تواجَه بممارسات خطيرة ضد الإنسانية و بجرائم إبادة تورطت فيها الأنظمة العربية الديكتاتورية ضد مواطنيها..و هذا ما يفرض على المنظمات العربية أن تقوم بأدوارها تجاه هذه الخروقات و كذلك المنظمات الدولية لأن حقوق الإنسان تبقى حقوقا كونية عالمية لا تميز بين الشعوب.
الجزيرة توك: الأستاذة خديجة رياضي وجه بارز في الصفوف الأمامية لمسيرات حركة 20 فبراير المطالبة بالتغيير في المغرب..و قد تعرضت للإعتداء من طرف قوات التدخل يوم 21 فبراير..و نقلت الى المستشفى في حالة إغماء..برأيك هل تستحق هذه الحركة الشبابية كل هذه التضحية و المجازفة؟
في الحقيقة الوجه البارز ليس خديجة رياضي، لكنها وجوه هؤلاء الشباب الذين بهرونا بهذا الحضور القوي، و هذا المستوى الرفيع، و هذه القدرة العجيبة على تحريك و تعبئة الشارع المغربي بهذا الشكل الوحدوي أساسا الذي عجزت عنه الحركة الديمقراطية بالمغرب.
أما ما تعرضت له فهو جزء بسيط مما تعرض له العديد من المناضلين و المدافعين عن حقوق الإنسان و خصوصا الشباب و لا يمكننا إلا أن نستحضر روح الشهيد الشاب كمال عماري الذي وهب حياته دفاعا عن الحرية و الكرامة والعدالة الاجتماعية لأجل الشعب المغربي و هو مناضل كان حاضرا باستمرار في تظاهرات الحركة..
و نذكر كذلك الشاب كريم الشايب بمدينة صفرو الذي صورته كاميرات الفيديو و هو يضرب بقوة و همجية من طرف البوليس الى أن نقل الى المستشفى و فارق الحياة..و لا ننسى كذلك الشبان الخمسة بمدينة الحسيمة الذين مازلنا ننتظر التحقيق في أسباب و فاتهم..!
الجزيرة توك: استطاعت حركة 20 فبراير أن تجمع و لأول مرة أبرز الأطياف المغربية المتناقضة عقديا وأيديولوجيا و أعني اليسار و الإسلاميين..و ردا على ذلك سارع الخطاب الرسمي للحكومة و الكثير من وسائل الإعلام الى تحذير المواطنين من خطر ركوب الإسلاميين على موجة الاحتجاجات، و شجعت الدولة لذلك خروج بعض المتظاهرين المؤيدين للدستور و هم يحملون لافتات تجرم جماعة العدل و الإحسان وتصفها برأس الأخطبوط ،أنتم في اليسار عموما ومن خلال حصيلة عمل التنسيقيات، ما رأيكم في هذا التوصيف الإعلامي الرسمي ؟
أولا نحن في الجمعية لا ننسق مع أي حزب سياسي و لم ننسق مع جماعة العدل و الإحسان، نحن نقف الى جانب أعضاء هذه الجماعة عندما يتعرضون لإنتهاكات لحقوق الإنسان كما نقف الى جانب كل من يتعرض لهذه الخروقات بغض النظر عن معتقداته الدينية أو الأيديولوجية أو السياسية أو غيرها..
و يبقى أن حركة 20 فبراير هي التي رفعت هذه المطالب الشعبية وكل من اتفق مع تلك المطالب التحق بالحركة و تجاوب مع نداءاتها بالخروج الى الشارع..و جمعيتنا كانت ضمن أول الهيئات التي دعمت الحركة و أعلنت أنها ستكون الى جانبها في الشارع، و كانت هناك هيئات أخرى بما فيها أعضاء و عضوات جماعة العدل و الإحسان، ولم يكن الخروج حكرا على أحد وكل من يريد دعم الحركة فقد التحق بصفوفها..
و بالفعل استعملت الدولة خطابا لتخويف الناس من احتواء هذه الحركة الشبابية من طرف الإسلاميين وهذا الخطاب جاء بعد أن فشلت الدولة في ضرب مصداقية هؤلاء الشباب فقبل أن تتكلم عن احتواء الإسلاميين فقد سارعت الى وصف الحركة بأنها مخترقة من طرف البوليساريو أو توجهها أيادي أجنبية، و أن بين صفوفها مسيحيين و ذلك للمس بعقيدة المسلمين المغاربة الى غير ذلك من محاولات التشويش و ضرب الحركة..
و عندما فشلت الدولة في هذا المستوى ، لجأت الى محاولة الاحتواء السياسي عبر لجوء بعض الأحزاب إلى استمالة هؤلاء الشباب لاستخدامهم في خططها السياسية وقد رصدت لهذا الغرض إمكانيات كبيرة لكنها باءت بالفشل مما جعل الدولة تلجأ الى القمع و المواجهة الدموية مع المتظاهرين، ولما فشلت الدولة في ذلك أصبح يقال أن هناك احتواء من طرف الإسلاميين و من طرف اليسار المتطرف وكل ذلك إنما هو راجع إلى خوف الدولة من إجماع كل مكونات المجتمع المغربي على أمر واحد و هي التي طالما لجأت إلى سياسة الفرقة بين المغاربة، فقد لجأت في السابق الى ضرب اليسار بالإسلاميين لإضعاف اليسار، و هي اليوم عندما تقوت الحركة الإسلامية تريد أن تعكس المواجهة لضرب الإسلاميين..
ونحن في الجمعية رفضنا دائما الدخول في هذه اللعبة، وحرصنا على التعامل المبدئي مع الجميع في إطار عملنا الحقوقي الذي يستنكر كل الانتهاكات الحقوقية ويساند ضحاياها، و يدين كل من صدرت عنه كيفما كانت الجهات المسئولة.
الجزيرة توك: دعت حركة 20 فبراير الى مقاطعة التصويت على الدستور المعدل، و قد وصفت لذلك بالعدمية وخرق الإجماع، و إثارة الفوضى في البلد..لماذا هذا الموقف المتشائم من الدستور إذن؟
الحركة هي من يجيب عن هذا التساؤل..لكن بالنسبة لموقفنا في الجمعية، رغم أننا لم ندع الى المقاطعة و لا الى التصويت بلا أو بنعم لأننا جمعية حقوقية و لا يحق لنا الدعاية لمواقف سياسية، إلا أننا أصدرنا بيانا وضحنا فيه موقفنا من الدستور، ونحن نتقاسم مع حركة 20 فبراير تقييمها له باعتباره دستورا غير ديمقراطي وفيه الكثير من الأمور المنافية للمعايير الكونية لحقوق الإنسان يطول شرحها..
لكن أركز هنا على أهم مطالبنا كحقوقيين و هو مسألة سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية، إلا أن المشروع الجديد يحمل الشيء و نقيضه وذلك لكون الديباجة تنص على سمو المواثيق الدولية الحقوقية على التشريعات الوطنية لكنها في الوقت نفسه تشترط ألا تتعارض مع الدستور والقوانين!
و هذا أعتبره كلاما لا معنى له.. جاء فقط لذر الرماد في العيون..و نفس الشيء بالنسبة لمسألة المساواة بين النساء و الرجال في إطار ثوابت المملكة لكن هذه الثوابت هي التي جعلت المغرب يتحفظ دائما على المساواة في الحقوق المدنية بين الرجل والمرأة..و قد نصت التعديلات على العديد من الحقوق مقارنة مع الدستور الحالي، وقد نعتبر هذا تطورا، لكن لم يضع الدستور أي ضمانات لاحترامها في الواقع..فهي إذن لمجرد التسويق لدى الرأي العام الداخلي و الخارجي.
يبقى استقلال القضاء هو أهم الضمانات لكن الدستور لا ينص على ذلك باعتبار أن الملك رئيس السلطة التنفيذية و المتحكم في السياسات الإستراتيجية للبلاد.. هو نفسه من يرأس سلطة القضاء برئاسته للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و تعيينه العديد من أعضائه، وهو كذلك رئيس المحكمة الدستورية و يعين الكثير من أعضائها، بالإضافة الى أن الملك نفسه هو رئيس المجلس الأعلى للأمن ونحن نعرف أن الأجهزة الأمنية هي المصدر الأساسي للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان هذا بالإضافة الى تعزيز السلطة الدينية للملك و ذلك بدسترة المجلس الأعلى للإفتاء و إعطائه مهمة الإفتاء الرسمي..
كذلك باستطاعة الملك حل البرلمان و إعفاء الوزراء من مهامهم..فليس هناك إذن أي فصل للسلط الذي يميز دولة الحق و القانون وعليه فلا مجال للحديث عن أي ضمانات لحقوق الإنسان.
الجزيرة توك: في ما يتعلق بملف الصحراء، سبق لجمعيتكم أن أصدرت تقريرا حول تداعيات مخيم أكديم إيزيك الاحتجاجي بالعيون ووصف التقرير بأنه الأكثر صدقية و عمقا في التوصيف و التحليل مقارنة مع تقرير لجنة التقصي البرلمانية و تقارير بعض الجمعيات المغربية الأخرى..لكن وكما تعلمون لم تخمد نيران المخيم حتى عرفت العيون حملة اعتقالات طالت الكثير من الشباب الصحراوي، وقد أفرج مؤخرا عن آخر مجموعة بعد اتهامات خطيرة وجهت إليها وما تزال مجموعة كبيرة بسجن سلا لم يحسم أمرها بعد..ما تفسيركم للارتباك في معالجة هذا الملف؟ و هل قامت جمعيتكم بأي تقص حول المعتقلين الصحراوين بسجن سلا و معاناة عائلاتهم جراء تكاليف السفر و الإقامة المكلفة بمدينة سلا؟
في ما يخص التقرير الذي أنجزناه كنا قد اعتمدنا معايير معروفة للتقصي و حاولنا الإنصات الى كافة الأطراف التي كانت مستعدة لإفادة الجمعية بالمعلومات الضرورية..و المهم هو ما خرج به التقرير من توصيات حول احترام حقوق الإنسان بالمنطقة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للمواطنين، و احترام المدافعين عن حقوق الإنسان بالمنطقة كيفما كانت مواقفهم و آراؤهم و احترام حرية الرأي و التعبير بشكل مطلق كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، و يسرنا أننا كنا ضمن شبكة تنسيقية لجمعيات أخرى دعت إلى تشكيلها العصبة المغربية لحقوق الإنسان و قد وقفنا على نفس الخروقات و الانتهاكات التي وقفت عليها جمعيتنا.
و نشير الى أنه سبق و أن قمنا بتقصي الأوضاع بالمنطقة سنة 2005 و رصدنا الكثير من الانتهاكات و حالات الاعتقال السياسي بالعيون التي وقعت إثر الأحداث خاصة، و ذلك بتتبعنا الأوضاع مركزيا و كذلك محليا من خلال فروع الجمعية بمدينة العيون و مدينة السمارة.
و نحن كجمعية لم ندخل في الصراعات السياسية بين الأحزاب ولكن اعتبرنا أن المسؤولية في أحداث العيون تتحملها السلطة المحلية و كذلك المنتخبين المحليين في تدبير ملفات السكن والشغل.. و اعتبرنا أن ذلك راجع الى غياب الديمقراطية المحلية و عدم التزام الدولة في ما تصادق عليه من اتفاقيات لا تنزلها على أرض الواقع في ما يخص سياساتها العمومية أو المحلية.
هذا كما دعمنا مطلب بعض الهيئات الدولية التي تطالب بأن تكون هناك آلية دولية لمراقبة حقوق الإنسان في المنطقة بأكملها ونحن في ما يخص موقفنا من النزاع القائم حول الصحراء نرفض أي انتهاك لحقوق الإنسان كيفما كان مصدره.
و في ما يخص موضوع السجناء تعرفون أنه منذ تأسيس المندوبية العامة للسجون و ترأسها من طرف بن هاشم، فقد وقعت لنا معه خلافات في طريقة التدبير..كما سبق و أن تهجم علينا كمدافعين عن حقوق الإنسان، و هو لذلك يمنع كليا زيارة الهيئات الحقوقية للسجون و قد قالها علانية في العديد من المناسبات..لذلك لم نتمكن من زيارة المعتقلين لكننا في تواصل مع عائلاتهم التي تزورنا خاصة عند وقوع أي قضايا تتطلب تدخل الجمعية.
و سبق لنا أن تتبعنا أوضاعهم و طالبنا بعدم انتهاك حقهم في المحاكمة العادلة و الإسراع بها و معاملتهم داخل السجن بشكل لائق وفق المعايير الدولية لمعاملة السجناء، وطالبنا أيضا بإطلاق سراح العديد من النشطاء الذين اعتقلوا بسبب نشاطهم الحقوقي، كما اعتبرنا حالة المعتقلين المحالين على المحكمة العسكرية وهم مدنيون، انتهاكا صارخا لحقوق هؤلاء و نحن نرفضه تماما، كما نرفض ما تقوم به إدارة السجون من معاقبة عائلات الصحراويين و غيرهم لارتباطها بذويها المسجونين.
الجزيرة توك: في المغرب تتفاوت الهيئات و المنظمات الحقوقية على مستوى الاستقلالية عن التوجه الرسمي للدولة، هل يجوز برأيك أن يكون هناك حمائم وصقور على حساب شأن إنساني حساس كحقوق الإنسان؟
بالنسبة لنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المسألة كلها تتمحور حول سؤال: على أية مرجعية نعتمد كجمعيات حقوقية؟
بالنسبة لجمعيتنا فنحن نعتمد على مرجعية واحدة هي المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، فعندما نحاسب الدولة أو ننتقد سياساتها فنحن ننطلق من شيء واحد: إلى أي حد الدولة المغربية تطبق و تحترم ما تصادق عليه من اتفاقيات دولية لحقوق الإنسان؟ ولا نعتمد أية معايير أخرى أو نعتمد على خصوصيات معينة ولا نريد أن تستعمل الخصوصيات الثقافية أو غيرها كسياسة أو مبرر للحد من حقوق الإنسان، لهذا السبب طالما اعتبرت جمعيتنا أنها جمعية متشددة و عدمية و لا ترى الجوانب الايجابية بل الجوانب السوداء فقط، و قد اتهمنا بالتطرف و الخروج من الجانب الحقوقي الى السياسي.
لذلك نجد أنفسنا في نفس الموقع الى جانب المنظمات المعترف بمصداقيتها ومهنيتها دوليا كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس وتش وفرونت لاين ديفاندرز التي تتابع حقوق الإنسان بالمغرب.. فنحن لا نخرج عن المرجعية الكونية لحقوق الإنسان لكننا نتعرض لحملات شعواء كما وقع في السنة الماضية عندما تم توقيف أشغال البرلمان بعدما انتهينا من مؤتمرنا واتهمنا بأننا ندعم البوليساريو، و بأن لنا مواقف سياسية غير وطنية الى غير ذلك من الاتهامات التي وجهت إلينا..إلا أننا نعتبر كل ذلك لا يهم و ما يهمنا هو الى أي حد نحن نحترم المرجعية الحقوقية وندافع عنها كما هو متعارف عليها دوليا دون تقديم أية تنازلات.
الجزيرة توك: في ختام هذا اللقاء الأستاذة خديجة، لو طلب منك مراسلو الجزيرة توك الشباب كلمة حول أهمية و آفاق التعاون المشترك بين الإعلاميين و الحقوقيين في ظل ما يعرفه العالم العربي من ثورات شعبية ماذا ستقولين؟
أنا أعتقد أن الصحافة كانت دائما بالنسبة لنا رافدا من روافد الحركة الحقوقية، ونحن نعتبر أن الصحفيين هم أيضا حقوقيون خاصة المتشبعون بالثقافة الحقوقية و الذين يتابعون و يدعمون ضحايا حقوق الإنسان، وقد كنا من أكبر المتضررين من قمع الصحافة المستقلة لأنها هي المجال و المنفذ الذي يوصل صوتنا الى القراء و المواطنين..و كلما تقلصت هذه الصحافة المستقلة كلما تقلصت إمكانية التواصل بيننا و بين المواطنين و المواطنات.
من جهة أخرى فنحن نحيي الشباب في المنطقة العربية لأنه خلق المعجزات فبينما كنا نعتقد أن الشباب يفكرون فقط في الهجرة ولهم مشاكل خاصة بهم ولا يهتمون بالسياسة كشباب السبعينيات..إذا به العكس هو الذي ظهر لنا.. فقد حقق الشباب مالم نستطع تحقيقه من قبل، و بشكل خاص الصحفيون الشباب بالمغرب الذين لهم دور قوي في حركة 20 فبراير وخاصة من خلال الصحافة الإلكترونية، التي تقاوم التعتيم الذي تمارسه الدولة على الحركة في المغرب وربما على أخبار الثورات العربية الأخرى.
و أريد أن أنوه بما للصحافة من أدوار دائمة ليس فقط من خلال فضح الواقع، لكن من خلال تنوير و توعية المواطنين بحقوقهم و حثهم على النضال من أجل الحصول عليها.
الجزيرة توك: الأستاذة خديجة رياضي، في ختام هذا اللقاء أشكرك جزيل الشكر على هذه الإفادات و أرجو لك مستقبلا حقوقيا موفقا بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.